الأستاذ محمود محمد طه: ابونورة / عادل عبدالعاطي في نقد النقد

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 03-28-2024, 12:44 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2020-2023م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
09-04-2021, 06:21 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الأستاذ محمود محمد طه: ابونورة / عادل عبدالعاطي في نقد النقد






                  

09-04-2021, 06:21 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: ابونورة / عادل عبدا� (Re: عبدالله عثمان)

    في نقد النقد : عادل عبد العاطي والفكرة الجمهورية (1)
    بقلم سعد عبدالله أبونورة
    مقدمة :
    نشط عادل عبد العاطي مؤخرا في كتابة مقالات ينقد فيها الفكرة الجمهورية، وليس هنالك أي اعتراض من الناحية المبدئية أن يقوم أي شخص بنقد الفكرة الجمهورية، بل إن الجمهوريين أنفسهم يرحبون بذلك أشد الترحيب.
    كرر الجمهوريون قولهم مراراً وتكراراً بأن معظم الناقدين للفكرة الجمهورية – خصوصاً من مواقع الفكر السلفي – لا ينقدون الفكرة الجمهورية كما هي، بل ينقدون فكرة أخرى من تصوراتهم الخاطئة، فهم حين أعماهم الغرض عن توخي الموضوعية، لجأوا إلى التخريج، وبتر نصوص الفكرة، ولي عنق النصوص، وإخراجها من سياقها الموضوعي، بل وتقويل الفكرة ما لم تقله، حتى يتحقق لهم غرضهم في تشويه الفكرة الجمهورية. وقد رد الجمهوريون على ذلك رداً مفحماً في حينه ووقته.
    إن الفكرة الجمهورية فكرة جدلية، وسجالية، تتوخى الموضوعية في طرحها، وكان لها فضل الريادة في ترسيخ أركان النقاش، والندوات، في الجامعات، والمنتديات العامة، والشوارع. يتجاوز أدب الفكرة المكتوب والمنشور أكثر من ثلاثمائة كتاب، وكتيب، ومنشور. وهي فكرة قد طرحت قضايا الفكر والوجود التي تهم الإنسان المعاصر وقدمت أخطر الأجوبة على أخطر الأسئلة الوجودية القلقة . ولقد فتحت أركان نقاش الفكرة الجمهورية أبواباً فكرية جديدة في الجامعات والمعاهد وجادت بمذاقات عذبة، مما جعل الطلاب يتركون محاضراتهم و يتعلمون منها علماً جديداً حاراً من منجمه لم يعهدوا مثله في العنت ألأكاديمي الذي كان يلقيه عليهم أساتذتهم .. سمع الطلاب بإفتتان ولأول مرة عن (الإنسان الكامل) و(دياليكتيك العبد والرب) و(إطلاق القيد وقيد المطلق) و(وإلغاء التعارض بين العقل الواعي والباطن) و(فض الكبت عبر منهاج العبادة). ثم أنها قامت بتنزيل هذه المعارف من الأروقة الأكاديمية العليا في الجامعات والمعاهد إلى الشارع، حيث رجل الشارع المغمور الذي هب من سبات نومه وهو يبحث عن نفسه وعن حريته. لقد أضفت الفكرة الجمهورية الكثير من الحيوية على الحياة الثقافية والسجالية والفكرية والنقدية في السودان في الفترة ما بين بداية السبعينات إلى منتصف الثمانينات، ولا زالت تقوم بهذا الدور .
    لقد تنبه بعض المثقفين السودانيين، من مواقع اليسار والفكر العلماني، إلى جدة وغرابة وحيوية الفكرة الجمهورية، وأنها قد طرحت الدين في مستوى قامة العصر، متجاوزة بذلك الفكر السلفي، الذي تقاصرت قامته عن تحديات العصر، مما جعل الكثير من الناس ينفرون عن الدين . ولقد التزم بعض هؤلاء المثقفين بالفكرة الجمهورية، واحتفظ البعض الآخر بصداقته للفكرة الجمهورية مع احتفاظهم بمسافة نقدية كافية تتيح لهم نقد الفكر الجمهورية، مثل د. عبد الله بولا . نحن لا نطلب من المثقفين العلمانيين ألا ينقدوا الفكرة الجمهورية، ولكننا نطلب منهم الالتزام بالموضوعية حين يفعلون ذلك .
    لاحظ بعض أعضاء منبر سودانييز أونلاين، ومن ضمنهم بعض العلمانيين مثل كمال عباس، أنه قد سبق لعادل عبد العاطي محاولة نقد الفكرة الجمهورية سابقاً في بداية هذه الألفية . وكان ينهج في نقده ذلك بروح موضوعية، احتفظ فيها بروح الاحترام للفكرة الجمهورية مع المحافظة على مساحة نقدية تتيح له نقد الفكرة الجمهورية دون التورط في العداء المشحون بالغبينة . وقد قام د. عمر القراي بالرد عليه بشكل هادئ وموضوعي في حينه .
    مما قاله عادل عبد العاطي في مفالاته عن الفكرة الجهورية في بداية هذه الألفية والتي نشرت في موقع سودانيز أونلاين (إن الاستاذ محمودمحمد طه ؛ وغض النظر عن الاختلاف او الاتفاق مع اجتهاداته الفكرية والدينية ؛ وغض النظر عن تقييمنا لمجموعة من مواقفه السياسية ؛ يبقى معبرا رئيسيا لكرامة الفكر والمفكرين فى السودان . ومثالا حيا ابد الدهر ؛ للشجاعة المرتبطة بالوعى ؛ ورمزا متميزا عن الانتهازيين من الساسة والمفكرين ؛ والذين يبدلوا مواقفهم كما يبدلوا ملابسهم ؛ ويذبحوا المبادى الغالية على اعتاب السلطة ؛ وينكسروا امام جهل الجمهور او تحريضات الجهلة او عنف الخصوم . ان محمود على غرابة افكاره وعلى جراة تجديده وعلى اشكالية مواقفه الاجتماعية والسياسية ؛ قد وجد الاحترام والتقدير من العديد من مفكرى السودان والعالم ؛ فلم يكن غريبا ان يكتب عنه الشاعر الفذ محمد المهدى المجذوب ؛ عند اعتقاله الاول فى كوبر ؛ ممجدا لصمود محمود ؛ ومستنكرا ان تضم جدران كوبر الضيقة تلك الهامة الفارعة ؛ ولم يكن غريبا ان يكتب الاستاذ عبدالله الطيب ؛ وهو من هو من من سلفية الافكار والمواقف ؛ قصيدة رثاء حارة ينعيه فيها بعد استشهاده ؛ ولم يكن غريبا ان يرفعه فى سلم التقدير درجات قادة اليسار الماركسى فى السودان ؛ وهو الذى نقدهم – فكريا – بصورة جذرية ؛ كما لم ينقدهم احد فى السودان ؛ حيث شبه الاستاذ محمد ابراهيم نقد استشهاده ببطولة فرسان القرون الوسطى ؛ وباستشهاد ود حبوبة وابطال النضال الوطنى . وليس غريبا ان يستلهم تراثه ومواقفه وشخصه ؛ العديد ممن لا تربطهم بالفكر الجمهورى صلة ؛ وتربطهم بالاستاذ محمود الف صلة وصلة) . ومما قاله أيضاً (إن اغتيال الاستاذ محمود ؛ الشيخ البالغ من العمر 77 عاما ؛ واحد مؤسسى وقادة الحركة الوطنية السودانية ؛ وواحدا من ابرز المفكرين السودانيين ؛ ماساة دامية على جبين عصرنا؛ وعلامة لا تقبل الجدل على الانحطاط الاخلاقى والعجز الفكرى والجبن السياسى لمناهضيه من السلفيين ونظام نميرى . فقد تميز الاستاذ محمود ؛ على عكسهم ؛ فى طول حياته ؛ بسعة الافق والتسامح الشخصى مع مناهضية ؛ والحوار الراقى والجدل الفكرى مع اطروحاتهم ؛ والنشاط السلمى والبعد عن اى مظهر للعنف ؛ فى ظل التمسك التام بافكاره ومبادئه ؛ رغما عن سؤء الفهم العام وتشويهات السلفيين لها. ومارس حياة متقشفة زاهدة ؛ ولم يستفد من دعم مناصرية وايمانهم المطلق بشخصة ورسالته ؛ فى جلب مكسب مادى لشخصه ؛ كما انه وطوال سنوات تاييده ومسايرته لمايو لم يسع الى مكسب مادى من ذلك التاييد وتلك المسايرة ؛ وحين اتت محاكم النظام الجائرة بحكم مصادرة مملتكاته ؛ لم يجد المنفذون ما يصادرون غير سرير خشبى شعبى –عنقريب- وبضع بروش ؛ ومنزل مبنى من المواد البلدية – الطين والجالوص - ؛كان فى حقيقته بيتا للجماعة اكثر منه ملكا شخصيا للاستاذ ؛ وحزمات من الكتب والمخطوطات احرقوها فى شوارع الخرطوم ؛ فى ممارسة اعادت للاذهان تجارب النازية فى حرقها للكتب ؛ كمظهر اعمى للعداء الثقافة والفكر والعجز عن الحوار) . ومما قاله عادل عبد العاطي في بوست باسم " عدد جديد من مدارات في ذكرى استشهاد الأستاذ محمود" نشر في سودانيز أونلاين بتاريخ 19 يناير 2003م وهو يشير لخطاب الأستاذ محمود للدكتور توريز بوديت (أعتقد ان الخطاب المذكور سابق لاوانه بنصف قرن على الاقل ؛ ولا تزال بعض مفاهيمه جريئة ومتقدمة حتى بمعايير اليوم . اعتقد كذلك ان فى كتابات الاستاذ الاولى كثير من العبقرية وسبق الاحداث ؛ واتمنى ان اعود لتفصيل ذلك فى احد الايام) – الخطوط تحت الكلمات من وضعي .
    لقد تغيرت نبرة (Tone) عادل عبد العاطي في مقالاته الأخيرة من موقع النقد الهادئ الموضوعي للفكرة الجمهورية المتسم بروح التسامح مع الاحتفاظ بمساحة نقدية من الفكرة الجمهورية إلى نبرة عدائية مشحونة بالغبينة الشخصية . ماهو الدافع، وما هي الغبينة للأستاذ محمود والفكرة الجمهورية، التي دفعت عادل عبد العاطي للتخلي عن اللهجة الهادئة التي كان ينقد بها الفكرة الجمهورية للتمادي لعنف العبارة وعدم الاحترام في الحديث عن الأستاذ محمود والفكرة الجمهورية، وهو الذي كان يقول بأن كتابات الأستاذ بها الكثير من العبقرية وسبق الأحداث وأنه أحد أبرز المفكرين السودايين وقد وجد الاحترام والتقدير من العديد من مفكرى السودان والعالم !!!!!!!!
    لقد وجد عادل عبد العاطي نفسه في ورطة كبيرة أمام مجموعة من مستنيري منبر سودانيز أونلاين الذين لاحظوا أن عادل الذي كان يطرح نفسه كليبرالي ومفكر علماني قد ارتد في نقده للفكرة الجمهورية الحالي من الطابع الموضوعي الذي اتسمت به كتاباته الأولى، إلى منهج نقدي يتوسل بنفس وسائل السلفية الدينية في مسرح لا يحظى فيه إلا بإعجاب وتصفيق السلفيين في المنبر . وعندما شعر بالحرج من موقفه الجديد لجأ إلى التبريرات الفطيرة الساذجة التي ساقها لتبرير هذا التحول في الموقف . فأفرد بوست جديد يرد به على كمال عباس، قال فيه ((لانهاء هذا النقاش الخص موقفي في التالي:

    ١/ موقفي من افكار محمود ومن الجمهوريين كان دائما نقديا، وأن كان النقد وقتها حادبا الا انه اليوم غير حادب. .
    ٢/ حدبي على الجمهوريين وقتها والدفاع عن محمود كان نتيجة لأن النظام ظلامي، ورغم أنه لم يكن يضطهدهم بشكل مباشر إلا أنهم كانوا بشكل غير مباشر مضطهدين وتم رفض تسجيل حزبهم ولم تكن لهم الحرية الكاملة في التبشير وممارسة دينهم، ومن منطلق دعمي لحرية الدين والفكر كان موقفي حادبا.
    ٣/ كان هناك أمل عندي - ولو صغير - أن يتطور الجمهوريين والشيوعيين الخ في اتجاه إيجابي ويتركوا العقائدية والطائفية السياسية، ومن هنا كانت مناشداتي لهم بالتطوير والتغيير، مع تحديد ما رأيته خاطئا في مناهجهم وممارساتهم، ولكن الايام إثبتت أنهم لم يتطوروا وغالبا لن يتطوروا، كما أن الطابع الطائفي والسلفي لهم قد تأكد أكثر .
    ٤/ انضم الجمهوريون ( أو قل بعضهم ) لحكومة البرهان - حميدتي - حمودك الإجرامية التسلطية، ويشاركون بشكل واسع فيها، ومن هم خارج السلطة لا يقفون ضدها بشكل قوي، وبذلك يعيدون أسوأ التجارب في تاريخهم بدعم الديكتاتوريات .
    من كل هذا يتضح أنه ليس هناك انقلاب جذري في مواقفي النقدية عن الجمهوريين، كما زعمت انت في عدة بوستات، وانما استمرار فيها وأن كان بشكل أكثر راديكالية ووضوحا ودون مجاملة)) .
    النقطتان التبريريتان الأوليتان، لن نقف عندهما كثيراً، ولقد اثبتنا لعادل أنه كان يقف موقفاً نقدياً موضوعياً من الفكرة الجمهورية في الماضي، ولكننا نعينا عليه التحول الإنقلابي في منهج نقده وإنزلاقه لدائرة الغبينة والعداء والتحامل غير الموضوعي، كما أوضحنا أعلاه .
    في النقطة التبريرية الثالثة يريد عادل عبد العاطي للجمهوريين أن يطووروا أفكارهم وفقاً لما يرى هو، وليس وفقاً لمقتضيات فكرتهم . وإذا كان عادل عبد العاطي نفسه يرى أن بعض كتابات الأستاذ محمود فيها ( كثير من العبقرية وسبق الاحداث)، فلماذا ينكر على الجمهوريين قناعتهم بأن الفكرة الجمهورية لا تزال تستجيب لمقتضيات وقتنا الحالي، من حيث حاجة الفرد للحرية الفردية المطلقة وحاجة المجتمع للعدالة الاجتماعية الشاملة. وأن التطوير في الفكرة الجمهورية يكون عبر منهجها ومنطقها الداخلي، وليس عبر إقحام مناهج من خارجها .
    في النقطة التبريرية الرابعة والتي ينعى فيها عادل عبد العاطي على مجموعة صغيرة من الجمهوريين إنضمامهم لحكومة ( البرهان - حميدتي - حمودك الإجرامية التسلطية)، هو يعلم أن هذه المجموعة أصغر من أن تعتبر أنها تمثل التيار الرئيسي للجمهوريين الذي يضم الأغلبية . ثم هو يعلم أن هذه المجموعة الصغيرة لها فقط تمثيل في تحالف قوى الحرية والتغيير وليس لها وزير واحد يمثلها في الحكومة التنفيذية . والأعجب من ذلك كله، أن جناحاً كاملاً من حزب عادل الليبرالي بقيادة رئيسة الحزب ميادة سوار الذهب، وفي خيانة سافرة حتى للقيم الليبرالية الي يدعو لها الحزب، كان قد سقط في جب الغول والتحق بنظام الإنقاذ، بكل ديكتاتوريته وقمعه للحريات وفساده وسلوكه الإجرامي وطاحونة الدم والموت والأحزان الذي ظل يدير بها السودان طيلة ثلاثة عقود . وقد سبق ذلك أن عادل عبد العاطي كان قد أعلن عزمه الترشح لرئاسة الجمهورية منافساً لعمر البشير ضمن إطار نظام الإنقاذ نفسه ووفقاً لشروطه . هذه ورطة نقدية لا يصح فيها إلا أن نهدي لعادل عبد العاطي قول السيد المسيح، عليه السلام (أَخْرِجْ أَوَّلًا الْخَشَبَةَ مِنْ عَيْنِكَ، وَحِينَئِذٍ تُبْصِرُ جَيِّدًا أَنْ تُخْرِجَ الْقَذَى مِنْ عَيْنِ أَخِيكَ) – إنجيل متى 5:7.

    يتواصل نقد النقد في الحلقات القادمة .

                  

09-04-2021, 06:27 PM

كمال عباس
<aكمال عباس
تاريخ التسجيل: 03-06-2009
مجموع المشاركات: 17056

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: ابونورة / عادل عبدا� (Re: عبدالله عثمان)
                  

09-05-2021, 08:39 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48584

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: ابونورة / عادل عبدا� (Re: كمال عباس)

    سلام يا عبدالله والتحية للأخ العزيز سعد أبو نورة

    كتابة هادئة وموثقة ومسبوكة.

    نتابع

    مع رجاء وضع كل الحلقات في هذا البوست.

                  

09-05-2021, 02:08 PM

كمال عباس
<aكمال عباس
تاريخ التسجيل: 03-06-2009
مجموع المشاركات: 17056

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: ابونورة / عادل عبدا� (Re: Yasir Elsharif)

    معليش
    المقصود سعد أبو نورة وليس المعز أبونورة كما ورد في مداخلتي في أعلاه
                  

09-10-2021, 02:02 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: ابونورة / عادل عبدا� (Re: كمال عباس)

    2

    في نقد النقد : عادل عبد العاطي والفكرة الجمهورية (2)
    الإتهامات المضللة بالإسلاموعروبية وغيرها
    بقلم سغد عبدالله ابونورة
    في الإتهامات المضللة التي ساقها عادل عبد العاطي للفكرة الجمهورية بأنها تنتمي لأيدولوجيا الإسلاموعربية ، يوجد احتمالان أما أن عادل عبد العاطي لم يقرأ الأدب المكتوب للفكرة الجمهورية بالقدر الكافي ، أو أنه قرأه إلا أنه اتجه لتضليل القارئ .. كلا الاحتمالين يجرد عادل عبد العاطي من صفة الموضوعية كناقد . إن أي قارئ جيد لفكر الأستاذ محمود محمد طه ، يعلم بأن محور هذا الفكر هو (الانسان) من حيث هو إنسان ، وهو فكر يتجاوز مرحلة (البشرية) ، بشرية عالم اليوم المتصارعة حول مفاهيم الدين والعرق والهوية والعنصر ، إلى مرحلة (الانسانية) التي لا يتفاضل فيها الناس بالعنصر والعرق والدين ، وإنما بموهبتي (القلب السليم والعقل الصافي) واللتين هما حظ كل إنسان من حيث هو إنسان وهي الفطرة التي فطر الله الناس عليها جميعاً من حيث هم ناس ، قبل أن تقوم ثقافات المجتمع البشري المختلفة بتشكيل وعيهم (كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه) .. فالفكرة الجمهورية وبشكل صارم ضد أي مفاهيم قومية أوعنصرية ، سواء كانت من جانب اليهود أو العرب أو غيرهم .. ويكفي استشهاداً في هذا الأمر وصف الأستاذ محمود في كتابه (مشكلة الشرق الأوسط) للعرب بأنهم ((يحاربون بالعنصرية العربية ، العنصرية الاسرائلية "الصهيونية" .. يهود يحاربون يهوداً!)) ويضيف الأستاذ محمود قائلاً في نفس الكتاب ((أمام عودة الإسلام عقبات كثيرة، نذكر منها إثنتين: دعوة القومية العربية، والدعوات السلفية الى الإسلام: فأما القومية العربية فقد أسلفنا طرفا من الحديث عنها، وقلنا أنها دعوة عنصرية في وقت خلّفت البشرية فيه الدعوات العنصريات وراءها، وأخذت تستقبل عهد الصراع الفكـري، والمذهبي. ويزعم أنصار هذه الدعوة أنها ليست عنصرية بحجة أنها دعوة لا تستعلي بعنصريتها على أحد، ولا هي تدعو لاضطهاد العنصريات الأخريات. وأمرهم في هذا جد يسير، فكونها لا تذهب في شطط العنصرية الى هذا الحد البشع لا ينفي عنها كونها عنصرية.. وقد ينفي عنها كونها عنصرية متطرفة.. ونحن لا نريد الدعوات العنصريات وان كانت موزونة، ومعتدلة وذلك لأنها لا تقوم على مذهبية)) كتاب مشكلة الشرق لأوسط ـ الفصل السابع .

    يشكل هذا النص قطيعة جذرية مع أي فكر عروبي أو اسلاموعروبي أو سلفي. فعند الأستاذ محمود لا يوجد أصلاً شئ يسمى القومية العربية ، فهو ينقد هذا المفهوم بقوله (( والحق ان ليس للعرب فلسفة الا فلسفة تقوم على أديم الاسلام، فاذا زعم دعاة القومية العربية لها انها وحدة الثقافة ووحدة التاريخ ووحدة اللغة فقد وجب ان يذكروا ان العرب لم يكونوا شيئا مذكورا قبل الاسلام، فهم لم يكن لهم ثقافة، ولم يدخلوا التاريخ قبل ان يكونوا مسلمين، و كانت لغتهم لهجات قبلية متفرقة لم تتوحد الا بعد ان جاء القرآن بلغة قريش فوحدها – فالاسلام هو الذي أعطى العرب الثقافة، وهو الذي أعطاهم اللغة، وهو الذي جعل لهم تاريخا يذكر، اذا ذكرت تواريخ الامم)) ـ كتاب مشكلة الشرق الأوسط ـ الفصل الثالث ..
    وهنالك نص في غاية الجلاء والسطوع في موقف الجمهوريين من القومية العربية والتزامهم بأفريقية السودان ذكره الأستاذ محمود في محاضرة باسم (الدستور الإسلامي المزيف) ألقاها الأستاذ محمود في دار الحزب الجمهوري – امدرمان في شهر مارس 1969م قال فيها : (العنصرية غلط.. الوقت دا وقت المذاهب.. الإقليمية أقرب للمذهبية من العنصرية.. السودان بلد افريقي.. بل الحقيقة عمله كبلد أفريقي أعظم من عمله كبلد عربي.. نحن كبلد أفريقي مع أفريقيا يمكن أن نكون نقطة الوصل بين القارة المظلمة والعالم المشرق المتحضر.. نحن عندنا خصائص حقيقية يمكنا أن تخلينا نلعب دور كبير جدا في النقطة دي.. قولنا انه السودان بلد عربي أو جزء من الأمة العربية سير خطأ.. ودا ما هسع بيقال مثلا في مصر او في سوريا أو في العراق في النهضات الأخيرة القايمة على القومية العربية.. نحن بنعتقد انه القومية العربية دعوة خاطئة في وقت خاطئ.. العنصرية انهزمت زمان.. كان يمكن زمان أن تربط بيها الناس.. لكن وقت العالم هسع بقى على كتلتين التنازع بيناتهم مذهبي.. ثم نحن أصحاب مذهبية ان نترك مذهبيتنا وننشغل بعنصرية في وقت العنصرية خلفناها.. البشر خلفوها كلها!! يبقى انصراف مضر بالعرب..السودان إذن بلد أفريقي.. يلعب دوره في التكتل الأفريقي بالصورة دي ويخدم غرضه) .
    لماذا تعامت نظرة عادل عبد العاطي النقدية عن هذه النصوص في كتابات الأستاذ محمود وأقواله المسجلة ؟ وماذا نفعل بقوله : (إن قراءة بسيطة لوثاثق النشاط السياسي الجمهوريين في كل مراحلهم ، توضح أنهم حزب عروبي بحت، عن أي حزب عروبي اخر، بل قد تكون عروبيتهم اقوى من باقي تلك الأحزاب) . ولماذا اتجه لتضليل القراء عن حقائق موجودة ومسطرة في كتب الأستاذ محمود ومحاضراته المسجلة .
    يتخذ عادل عبد العاطي من حقيقة أن الأستاذ محمود والجمهوريين قد كتبوا الكثير عن مشكلة الشرق الأوسط كخلفية لإتهامهم بالاهتمام بالإنتماء لعالم العرب وعدم اهتمامهم بالقارة الأفريقية . هل يعلم عادل عبد العاطي بأن الأستاذ محمود هو أول من دعا لخروج السودان من جامعة الدول العربية .هل يمكن لعادل عبد العاطي أن يغير رأيه هذا إذا عرف ما غاب عنه أن أول سجن تعرض له الأستاذ محمود أثناء حكم المستعمر الانجليزي كان بسبب دفاعه عن قضية جنوب السودان . في مقال كتبه د. عبد الله الفكي البشير ونشره عبد الله عثمان في منبر سودانيز أونلاين بتاريخ 13 اغسطس 2021م ورد فيه : (لم يكن موقف الحزب الجمهوري من عضوية السودان في جامعة الدول العربية موقفاً طارئاً أو لحظياً، وإنما كان رأياً مؤسساً ينطلق من رؤية ثاقبة، كانت مستصحبة لمكونات السودان وتاريخه، وهي تخاطب مستقبله. فقد ظل موقف الحزب الجمهوري برئاسة محمود محمد طه، منذ أربعينات القرن الماضي، رافضاً لعضوية السودان في جامعة الدول العربية. ففي الوقت الذي كانت فيه الأحزاب السودانية تنادي بضرورة الانتماء لجامعة الدول العربية، بل بعضها يرى بأن تمثيل السودان في الجامعة العربية يعني اعترافاً ضمنياً باستقلاله، أصدر الحزب الجمهوري في يوم 6 ديسمبر 1946 بياناً، بعنوان: "حزب الأمة والجامعة العربية"، جاء فيه: "ترى بعض الأحزاب والجماعات السودانية، أن من الاعترافات الضمنية بالسودان كدولة هو تمثيله في جامعة الدول العربية"، رفض الحزب الجمهوري هذه الرؤية وأوضح بأنها رؤية تعقد وضع السودان بما ينطوي عليه من تداخل في تركيبته، فأوضح الحزب، قائلاً: "إننا شعب مركب من عنصرين مختلفين، وهما في نفس الوقت متداخلان". ثم بيَّن البيان بأن انتماء السودان لجامعة الدول العربية يثير في النفوس فكرة الاختلاف، ويعمق التفرقة، كما أن الانتماء للجامعة ليس هو بالوسيلة المثلى لتحقيق الوحدة، وإنما "الوسيلة المثلى لتمكين أواصر وحدة هذين العنصرين، هي أن نبتعد عما من شأنه أن يثير في النفوس فكرة الاختلاف هذه". ثم بيَّن البيان أن مصلحة السودان الوطنية تقتضي مراعاة مكونات الشعب السوداني، فهو ليس بالشعب العربي، برغم روابطه مع العرب، وإنما هو خليط من عناصر مختلفة، قائلاً: "نعم هناك أواصر تاريخية تربطنا بالعرب، ولكن إذا قارنا بين المصلحة الوطنية التي ربما نجنيها من اتصالنا بالجامعة العربية،... وبين الضرر الذي ربما يحدث لوجدنا كفة الخسارة هي الراجحة".
    ذهب البيان محذراً من مآلات المستقبل، خاصة في ظل سياسات التفرقة التي اتبعتها الإدارة الاستعمارية تجاه جنوب السودان، ومن خلال إنشائها للمجلس الاستشاري لشمال السودان، يقول البيان: "الشيء الملموس هو أن الحكم الحاضر، قد مهد لأن يجعل لجنوب هذا القطر مزاجاً وطابعاً مبايناً لمزاج وطابع الشمال، بتطبيق أسلوب تعليمي ذي لون معلوم، وبوضع العراقيل في سبيل الاتصال المباشر بين الشطرين، وبإنشاء مجلس استشاري يمثل الشمال ولا يمثل الجنوب!! كل ذلك بغية التفرقة!! فكيف إذن، نتصل بالجامعة العربية في مثل هذه الظروف". ثم أشار البيان إلى ضرورة التفكير بدافع المصلحة الوطنية الشاملة، ومستقبل السودان، عند تكييف علاقاته بما يقتضيه الموقف والظروف، والحرص على وحدة السودان.
    أوضح أمين محمد صديق (1911- 1980)، سكرتير الحزب الجمهوري، في مذكراته قصة هذا البيان "حزب الأمة والجامعة العربية"، فكتب، قائلاً: "بينما كان المصريون يوجهون حزب الأشقاء، ويسوقونه لوحدة وادي النيل خوفاً وطمعاً، كان الإنجليز يحتضنون حزب الأمة ويوجهون سياسته وفقاً لأغراضهم ويجعلون منه ترياقاً ضد الحركة التي تساند مصر والحركات الوطنية كلها.. فلما قويت الحركة الموالية لمصر، أوعزوا إلى حزب الأمة أن يتقدم بطلب إلى الجامعة العربية لقبول السودان كعضو مستمع بالجامعة أسوة بالجزائر.. وكان في ظاهر هذا الطلب، إذا تم، اعتراف ضمني من دول الجامعة بحق السودان في أن يكون دولة لها كيانها.. وقد وضح للحزب الجمهوري الخطر الكامن وراء هذا الطلب، والذي ربما يتخذه الإنجليز ذريعة فيوجهون الجنوبيين للمطالبة بالانضمام للوحدة الأفريقية، فأصدرنا المنشور التالي [حزب الأمة والجامعة العربية]". (مذكرات أمين محمد صديق، ص 42- 43).
    ها هو عادل عبد العاطي يتهم الجمهوريين بالكذب في موضوع أن الأستاذ محمود هو أول سجين سياسي ، وأنهم قد ذكروا ذلك في كتابهم (معالم في طريق الفكرة الجمهورية) والذي تم نشره في سبعينات القرن الماضي !!! يقول عادل عبد العاطي في ذلك (يردد الجمهوريون فرية أخرى مفادها أن زعيمهم محمود محمد طه هو أول سجين سياسي في تاريخ الحركة الوطنية) .. (الشاهد أن هذه المقولة هي مقولة كاذبة تماما ، فالحركة الوطنية السودانية ممتدة منذ قدم التاريخ، وقد كان بها الكثير من السجناء قبل محمود . وحين لا يقدم الجمهوريون تعريفهم للحركة الوطنية السودانية ، فأننا نتمسك بالتعريف العلمي الذي يراها تمتد في صيغتها الحديثة منذ تاريخ ١٨٩٨، اي بداية الاحتلال الإنجليزي المصري للسودان وبدايات المقاومة الوطنية السودانية ضده . وهكذا ارخ المؤرخون هذه الحركة على الأقل).هذا رجل واثق من نفسه ومستيقن من ما لديه من وثائق وكتابات عن تاريخ السودان المعاصر بأن الجمهوريين قد اختلقوا هذه الكذبة !!! ماذا سيكون موقف عادل عبد العاطي لو اثبتنا له أن عبارة (الأستاذ محمود هو أول سجين سياسي) ليس مصدرها الجمهوريين ، وإنما مصدرها الصحف السودانية في الأربعينات. الصحف السودانية هي أول من أطلق تعبير أن الأستاذ محمود محمد طه أول سجين سياسي في البلاد من وكان ذلك في 18 يونيو 1946 . يُمثل قيام مؤتمر الخريجين عام 1938 عند الكثير من المؤرخين انطلاق الحركة الوطنية الحديثة (للمزيد أنظر كتاب د.عبد الله الفكي البشير، "صاحب الفهم الجديد للإسلام محمود محمد طه والمثقفون: قراءة في المواقف وتزوير التاريخ"، دار رؤية للنشر، 2013، ص 383- 388).

    عندما أشتد نشاط الحزب الجمهوري عبر المناشير، والخطب في الأماكن العامة ضد المستعمر. تم اعتقال الأستاذ محمود فى يونيو من عام 1946م، وتم تقديمه الى المحاكمة، حيث خُيّر بين السجن لمدة عام ، أو إمضاء تعهد بعدم ممارسة العمل السياسي فاختار السجن دون تردد. وما أن دخل الأستاذ محمود السجن إلا وغطت الصحف المحلية في الخرطوم خبر محاكمة الأستاذ محمود ورفضه توقيع التعهد وتفضيله للسجن.

    كما نشرت صحيفة الرأي العام في عددها رقم (378) بتاريخ 27 يونيو 1946م هذا الخبر والذي ينسف الإتهام المضلل لعادل عبد العاطي بأن الجمهوريين قد اختلقوا كذبة (الأستاذ محمود أ,ل سجين سياسي) :

    ( صدر أمس البلاغ الرسمي عن معاقبة رئيس الحزب الجمهوري بالزنزانة والأكل الناشف لأنه رفض العمل كما رفض الوقوف لضابط السجن ... فما بال حكومة السودان تعامل أول سجين سياسي في البلاد معاملة مجرم خطير من قطاع الطرق فتعاقبه بالزنزانة والأكل الناشف) . كان الأستاذ محمود بذلك أول سجين سياسي بعد ثورة 1924م. (للمزيد أنظر عبد الله الفكي البشير، كتاب صاحب الفهم الجديد للإسلام محمود محمد طه والمثقفون: قراءة في المواقف وتزوير التاريخ، دار رؤية للنشر، 2013، ص 383- 388) .

    عندما ينكر عادل عبد العاطي حتى الأرشيف القومي السوداني (جريدة الرأي العام مثالاً في النص الوارد أعلاه) والذي وصف الأستاذ محمود بأنه (أول سجين سياسي) ، لا يمكن إلا أن نقول إن ذلك يشكل تحاملاً وخروجاً عن الحقائق الموضوعية .

    لقد خلا سجل الحركة الوطنية منذ قيام مؤتمر الخريجين عام 1938 من التضحية والمواجهة للاستعمار في سبيل قضية جنوب السودان، ولم يكن هناك سوى الأستاذ محمود محمد طه فهو السجين الوحيد في العهد الاستعماري في سبيل مسألة جنوب السودان. كانت الإدارة الاستعمارية قد اتخذت تجاه جنوب السودان سلسلة من السياسات المتعسفة، والقرارات بإنشاء المؤسسات الدستورية والإدارية، التي كانت تنطوي على تعميق الفوارق بينه وبين الشمال، وتحمل في داخلها بذور الانفصال، بل منها ما يكاد يُعلن عن الانفصال. فإنشاء المجلس الاستشاري لشمال السودان، في منتصف الأربعينات من القرن الماضي، لم يكن سوى اعلان سافر عن الفصل المبكر لجنوب السودان، إلا أنه لم يجد المناهضة بالمستوى المطلوب، يقول الأستاذ محمود محمد طه: إن الإنجليز نواياهم مبيتة لفصل الجنوب، ولذلك أنشأوا المجلس الإستشارى لشمال السودان، فنواياهم كلها كانت من أجل فصل الجنوب. فوراً قرر الحزب الجمهوري برئاسة الأستاذ محمود محمد طه مواجهة الإدارة الاستعمارية في سبيل مسألة جنوب السودان. يصف الأستاذ محمود محمد طه المواجهة، فيقول: "وبقت مواجهتنا للإستعمار البريطانى عنيفة جداً إلى حدود أسطورية". تمثلت المواجهة في اصدار المناشير والبيانات ومخاطبة الناس في الشوراع والمقاهي وفي الأسواق وفي التجمعات وأمام أبواب السينما، ويوضح الأستاذ محمود محمد طه الغرض من كل ذلك، قائلاً: "كنا بنستفز الناس بالجنوب". استمر الحزب الجمهوري في تصعيد المواجهة والمناهضة للمجلس الاستشاري لشمال السودان، في سبيل"مشكلة الجنوب" التي أراد الانجليز فيها عزل جنوب السودان عن شماله فأخذنا في اصدار المنشورات وقد سبب أحدهما سجني في سنة 1946". حكي الأستاذ محمود محمد طه قصة المنشور الذي أصدره من أجل قضية جنوب السودان، ومناهضة المجلس الاستشاري، والذي أقتيد بموجبه للسجن، قائلاً: (فى مسألة الجنوب خرج سفر شديد اللهجة، وردت فى مقدمته عبارة مثل: "هذا نذير من النذر الأولى، ستليه أخر، تتنزى بالدم وتتطاير بالشرر" فكانت اللهجة عنيفة جدا، ومشى فى الاتجاه هذا.. المناشير كانت تحمل الروح هذه.. ترجمت الحكومة الاستعمارية واحد من المناشير وقدمته لقاضى جنايات الخرطوم، طلبنى أولاً، فقال: هذا المنشور يهدد الأمن فهل هو صادر من الحزب الجمهورى، وهل أنت مسئول عنه؟ أجبت بالإيجاب، قال لى: طيب، راح نشوف.. بعدين خرجت منه بعد يومين طُلبت للمرة الثانية فكان الحكم أنى أنا أمضي تعهد شخصي بعدم الكلام فى السياسة أو أسجن سنة.. فأنا رفضت مسألة التعهد الشخصى . فاقتدت للسجن بهذا السبب.. المنشور كان بيهاجم المجلس الإستشارى لشمال السودان وبهاجم القانون اللى صنعه المجلس) . (للمزيد أنظرد. عبد الله الفكي البشير، كتاب : محمود محمد طه وقضايا التهميش في السودان، دار باركود للنشر، 2021، ص 207- 216).

    إن سجن الأستاذ محمود الأول في سبيل قضية الجنوب ودعوته المبكرة لعدم الإنتماء لجامعة الدول العربية منذ الأربعينات لهما أكبر دليل على اهتمام الجمهوريين بقضايا القارة الأفريقية ومن خلال إنتمائهم للسودان نفسه كبلد أفريقي .

    يتواصل نقد النقد في الحلقات القادمة .
                  

10-04-2021, 09:29 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48584

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: ابونورة / عادل عبدا� (Re: عبدالله عثمان)

    في نقد النقد : عادل عبد العاطي والفكرة الجمهورية (3) الإتهام المضلل بالسرقة من البهائية


    10:25 AM October, 03 2021

    سودانيز اون لاين
    عبدالله عثمان -
    مكتبتى
    رابط مختصر



    يلخص عادل عبد العاطي إتهامه للفكرة الجمهورية بأنها قد سرقت أفكارها من الديانة البهائية في خاتمة مقاله عن نفس الموضوع بقوله (وقد يسأل البعض لماذا استخدمنا مصطلح سرقة ولم نطرح مصطلح تأثر أو اقتباس. واقول هنا أن الحمهوريون يدعون أن فكرتهم جديدة كل الجدة وغير مسبوقة ،كما ان محمود محمد طه والجمهوريون لم يشيروا قط لمراجعهم الفكرية ومصدر أفكارهم ، وفي ظل هذا التطابق الكبير فإن الأمر يصبح سرقة ادبية لا غير) . ولو أحسن عادل عبد العاطي الإطلاع على الفكرة الجمهورية والديانة البهائية ، لما تورط في هذا الزعم .
    رجعت لمقال عادل عبد العاطي عدة مرات – حتى لا اظلمه – ووجدت أنه قد أغفل أو تغافل عن مجرد الإشارة إلى أن البهائية كدين جديد لا علاقة له بالإسلام ، لها كتابها المقدس الجديد ويسمى (الأقدس)، وله نهجه في العبادة، وله شريعته، في العقوبات، والمعاملات (راجع كتاب "الشيعة" الصادر عن الأخوان الجمهوريين والتي صدرت طبعته الأولى في فبراير 1983م – يمكن قوقلة الكتاب في موقع الفكرة الجمهورية) . في حين أن الفكرة الجمهورية تستمد كل علمها من (القرآن) وتعتقد بأنه كتاب الوجود الخالد الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه . يقول الأستاذ محمود محمد طه (أمران مقترنان، ليس وراءهما مبتغى لمبتغٍ، وليس دونهما بلاغ لطالب: القرآن، وحياة محمد.. أما القرآن فهو مفتاح الخلود.. وأما حياة محمد فهي مفتاح القرآن.. فمن قلد محمداً، تقليداً واعياً، فهم مغاليق القرآن.. ومن فهم مغاليق القرآن حرر عقله، وقلبه، من أسر الأوهام.. ومن كان حر العقل، والقلب، دخل الخلود من أبوابه السبعة) – راجع كتاب "اسئلة وأجوبة" الجزء الثاني لمؤلفه الأستاذ محمود محمد طه .
    ومن حيث منهاج العبادة في البهائية فإن (الصلوات عند البهائية تسع ركعات حين الزوال، والبكور، والآصال، والقبلة هي شطر مقامه في عكا، وقد أبطل صلاة الجماعة، إلاّ على الميت.. والحج إنما هو لمقامه بعكا، أو لمقام الباب.. والصوم عندهم 19 يوما، وقد جعل عدد الشهور 19 شهرا، وعدد أيام الشهر 19 يوما) راجع كتاب "الشيعة" الصادر عن الأخوان الجمهوريين).. على عكس منهاج العبادة المتبع في الفكرة الجمهورية والذي يقوم بكل تفاصيله على إتباع (طريق محمد) . إن مجرد تبني البهائية لكتاب مقدس جديد غير القرآن يبطل أي زعم زعمه عادل عبد العاطي بأن الفكرة الجمهورية قد سرقت أفكارها من البهائية . لماذا تسرق الجمهوريون أفكاره من كتاب البهائيين (الأقدس) وهي تستمد علمها من كتاب (القرآن) والذي هو (قدس الأقداس). وعن حقيقة القرآن كنص مقدس يقول الأستاذ محمود محمد طه (حقيقة القرآن .. ما هي؟؟ هي العلم المطلق .. وعندما تأذن الله أن يسرع الإنسان في معرفة المطلق نزله من الإطلاق إلى القيد، فكانت، في قمة القيد، الإشارة، وفي قاعدة القيد العبارة .. فأما العبارة فهي (الكلمة العربية) .. وأما الإشارة فهي (حرف الهجاء العربي) وأما حقيقة القرآن فهي فوق الإشارة، وفوق العبارة .. ولقد قال تعالى في ذلك: (حم * والكتاب المبين * إنا جعلناه قرآنا، عربيا، لعلكم تعقلون * وإنه، في أم الكتاب، لدينا، لعلي حكيم) فاما قوله: (حم) فإشارة .. وأما قوله: (والكتاب المبين) فعبارة .. وكذلك قوله: (إنا جعلناه قرآنا، عربيا، لعلكم تعقلون ..) فإنه عبارة تفيد العلة وراء تقييد المطلق .. وأما قوله: (وأنه، في أم الكتاب لدينا، لعليّ حكيم ..) فإنما هو عبارة، تفيد، بقدر طاقة العبارة، عن حقيقة القرآن .. وحقيقة القرآن لا تعرف عن طريق القراءة، وإنما تعرف عن طريق الممارسة في تقليد المعصوم، عبادة وسلوكا، وهو ما سمي، في أخريات الأيام، بالتصوف) .
    وفقاً للفكرة الجهورية فإن كل ما أرادت السماء أن توحيه لأهل الأرض قد استقر بين دفتي المصحف ، لذلك فإن البشرية ليست في حاجة إلى كتاب جديد . هذه نقطة جوهرية في الفرق بين الفكرة الجمهورية والبهائية تجعل كل محاولة يقوم بها عادل عبد العاطي للربط بينهما بل والزعم بأن الفكرة الجمهورية قد سرقت أفكارها من البهائية ، إنما هي أمر يتجاوز المنطق و لايقوم على أي شواهد علمية مسددة . وسوف نتابع أدناه تفنيد النقاط الأخرى التي أوردها عادل عبد العاطي كدليل على سرقة الفكرة الجمهورية أفكار البهائية .
    يقول عادل عبد العاطي (يعتقد البهائيون بعدم انقطاع الرسالات والنبؤات والرجال المربين؛ ورغم انهم نشأوا كطائفة اسلامية الا انهم ما لبثوا ان انفصلوا كدين جديد يعتبر كل من الباب وبهاء الله من مؤسسيه او انبيائه- الجمهوريون ايضا لهم راي مشابه إن الاسلام يتكون من رسالتين أحدها فصلت في القرن السادس والثانية اجملت واتى القرن العشرون لتفصيلها ؛ وان الرسالة الثانية لها رسول هو (رجل آتاه الله الفهم عنه من القرآن ، وأذن له في الكلام ..) وبما إن مفصل الرسالة الثانية هو محمود وهو الذي تكلم وادعى الفهم عن القرآن فهو رسول هذه الرسالة الثانية. السؤال الذي يطرح نفسه الى اي درجة يمكن اعتبار الجمهورية كالبهائية دين جديد منفصل عن الدين الذي تطور منه؟؟) .
    لا يمكن أبداً اعتبار الفكرة الجمهورية دين جديد انفصل عن الدين الذي تطور عنه ، لأن الفكرة الجمهورية لم تدع إلى كتاب مقدس جديد أو نبي جديد ، كما فعلت البهائية . وقطعاً فإن الفكرة الجمهورية لا تعتقد مطلقاً كما يعتقد البهائيون (بعدم إنقطاع الرسالات والنبؤات) بالشكل الذي فهمه عادل عبد العاطي ، حيث أن لدى الفكرة الجمهورية ضوابطها في مقاربة موضوع النبوة والرسالة والتي تتسق مع نصوص القرآن والحديث النبوي . فإن النبوة بمعنى التلقي من الله عن طريق الوحي الملائكي قد تم ختمها بصريح نص قرآني لا مرية فيه (مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَٰكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا) . والسر في ختم النبوة أن كل ما أرادت السماء أن توحيه لأهل الأرض قد استقر بين دفتي المصحف ، فليس هنالك أي أمر مستأنف من هذه الناحية . وقد إنفتح بذلك أمام البشر التلقي الكفاحي من الله عن طريق القرآن . ووفقاً لنصوص القرآن فإن البشرية موعودة بمجئ رسول (المسيح المحمدي) يظهر الإسلام على كل الأديان (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) ويحقق السلام في الأرض . وجاءت الأحاديث النبوية الشريفة لتفصل في هذا الأمر مثل (لو لم يبق من عمر الدنيا إلاّ مقدار ساعة ، لمد الله فيه ، حتى يبعث رجلا من آل بيتي يملأ الأرض عدلا كما ملئت ظلما وجورا) . ما يهمنا هنا أن موضوع (عدم إنقطاع الرسالات والنبؤات) ليس معلقاً في الهواء بالصورة التي ذكرها عادل عبد العاطي عن البهائيين ، وإنما هو محكوم بنصوص القرآن والحديث . فالنبوة بمعنى التلقي من الله عن طريق الوحي الملائكي قد ختمت بنبي الإسلام المعصوم . هذا لا يعني بالطبع بأن السماء قد تخلت عن أهل الأرض ، وإنما يعني بأن وسيلة إتصال أهل الأرض بالسماء تتم عن طريق التلقي الكفاحي من القرآن . عليه فإن النبوة قد ختمت ولكن الرسالة لم تختم ، بما أورنا من النصوص أعلاه عن مجئ المسيح المحمدي كرسول يدعو لأصول القرآن (يَوْمَئِذٍۢ يَتَّبِعُونَ ٱلدَّاعِىَ لَا عِوَجَ لَهُۥ ۖ وَخَشَعَتِ ٱلْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَٰنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا) .
    يقول عادل عبد العاطي (واحدة من مباديئ البهائية الرئيسية هي (التحرّي الشخصي للحقيقة وترك التقليد والتبعية) وربما سرق منهم الجمهوريون هذه الفكرة وعدلوها في ما يسمي بالشريعة الفردية وهي السير في التقليد حتى الوصول للاصالة والصلاة والعبادات الخاصة بكل فرد وأن يأخذ الإنسان كفاحا عن ربه) . إن فكرة الفردية هي فكرة جوهرية وأساسية في القرآن مثل (وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا) ومثل (لَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَٰدَىٰ كَمَا خَلَقْنَٰكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍۢ) ومثل (إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا * لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا * وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا) .
    كما أن التحري الشخصي للحقيقة وارد في الآية القرآنية (اتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) ووارد في الحديث النبوي (إنما أنا قاسم ، والله يعطي .. .. ومن يرد به الله خيراً يفقهه في الدين.. ولا تزال هذه الأمة قائمة على أمر الله، لا يضرهم من خالفهم، حتى يجيء أمر الله) والحديث النبوي (من عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعلم) . في الفكرة الجمهورية فإن النبي المعصوم هو معلم الشريعة والطريقة ، في حين أن الله هو معلم الحقيقة ((علم أسرار الألوهية)).. فمعرفة الحقيقة أو ما أسماه عادل عبد العاطي بـ (التحرّي الشخصي للحقيقة) تتحقق للفرد العابد عبر وسيلة التقوى ، وهذا الفهم مؤسس بصورة عتيدة في القرآن والحديث النبوي مما أوضحنا في النصوص الواردة أعلاه . فلماذا يأخذ الجمهوريون هذا الفهم من البهائية؟ .
    يقول عادل عبد العاطي (وقد يسأل البعض لماذا استخدمنا مصطلح سرقة ولم نطرح مصطلح تأثر أو اقتباس. واقول هنا أن الحمهوريون يدعون أن فكرتهم جديدة كل الجدة وغير مسبوقة ،كما ان محمود محمد طه والجمهوريون لم يشيروا قط لمراجعهم الفكرية ومصدر أفكارهم ، وفي ظل هذا التطابق الكبير فإن الأمر يصبح سرقة ادبية لا غير) .. أنظر لهذا التحامل غير الموضوعي (كما ان محمود محمد طه والجمهوريون لم يشيروا قط لمراجعهم الفكرية ومصدر أفكارهم) . في الحقيقة أن الفكرة الجمهورية يقوم أمرها على صريح العبارة وليس الإشارة .. وهي قد صرحت بلسان حالها ومقالها بأن مصدرها القرآن .. فهل يستقيم مثلاً أن تسرق الفكرة الجمهورية من البهائية وكتابها (الأقدس) واللذين برزا في القرن التاسع عشر ، بينما هي (الفكرة الجمهورية) قد استمدت علمها من القرآن المنزل في القرن السابع . وهو علم جديد كل الجدة وغير مسبوق . يقول الأستاذ محمود (إن ما جئت به هو من الجدة بحيث أصبحت به بين أهلي كالغريب وبحسبك أن تعلم أن ما أدعو إليه هو نقطة إلتقاء الأديان جميعها، حيث تنتهي العقيدة ويبدأ العلم، وتلك نقطة يدخل منها الإنسان عهد إنسانيته، ولأول مرة في تاريخه الطويل..) وإلا فليخبرنا عادل عبد العاطي ، على سبيل المثال ، من اين استمدت الجمهورية أو سرقت فكرة التفريق بين مقام الاسم (الله) ومقام الذات !!! وهل فرق أحد قبل الأستاذ محمود بين هذين المقامين .
    يقول عادل عبد العاطي (من اسس البهائية ( إطاعة الحكومة واجبة في كل الامور إلا في انكار العقيدة.) – ربما من هذا ايضا اخذ الجمهوريين تقيتهم حيث سكتوا عن عبود طوال 6 سنوات وايدوا نميري خلال 13 عاما ولم يعترضوا عليه الا عندما صادم عقيدتهم التي ترفض الشريعة المدرسية) . إن مقولة إطاعة الحكومة أو ولي الأمر واجبة ، مقولة سلفية ، ولها جذورها في تاريخ الصراعات الدينية والسلطوية داخل ما يسمى بالخلافات الإسلامية (بنو أمية وبنو العباس) ، حين إنحاز الفقهاء لحكام عصرهم . وقد رأينا كيف قام الفقهاء ورجال الدين السلفيون بترديد هذه المقولة عندنا في السودان ، في إنحيازهم لحكم عمر البشير . إن الأستاذ محمود والجمهوريين قد كانوا أصلب من قاوم الظلم ، منذ نضالهم ضد المستعمر الإنجليزي . وحين تآمر السلفيون في عام 1968م على الأستاذ محمود فيما عرف بمحكمة الردة ، رد عليهم بقوله (لقد كنت أول وأصلب من قاوم الإرهاب الاستعماري في هذه البلاد .. وقد فعلت ذلك حين كان القضاة الشرعيون يلعقون جزم الإنجليز وحين كانوا في المناسبات التي يزهو فيها الاستعماريون يشاركونهم زهوهم ويتزينون لهم بالجبب المقصبة المزركشة التي أسماها لهم الاستعمار (كسوة الشرف) وتوهموها هم كذلك فرفلوا فيها واختالوا بها وما علموا أنها كسوة عدم الشرف ولكن هل ينتظر منهم أن يعلموا؟ سنحاول تعليمهم .. والأيام بيننا .. اما امركم لي بالتوبة عن جميع أقوالي فإنكم أذل وأخس من أن تطمعوا في .. وأما إعلانكم ردتي عن الإسلام فما اعلنتم به غير جهلكم الشنيع بالإسلام وسيرى الشعب ذلك مفصلاً في حينه .. هل تريدون الحق ايها القضاة الشرعيون؟ انكم اخر من يتحدث عن الإسلام فقد افنيتم شبابكم في التمسح بأعتاب السلطة من الحكام الانجليز والحكام العسكريين ، فأريحوا الإسلام ، وأريحوا الناس من هذه الغثاثة) .. وسوف نخصص حلقة من هذه الحلقات للحديث عن موقف الفكرة الجمهورية من الأنظمة الوطنية التي حكمت بعد جلاء الاستعمار وذلك بغرض تفنيد إتهام الجمهوريين بالتقية وطاعة الحكومات التي أشار إليها عادل عبد العاطي أعلاه .
    يقول عادل عبد العاطي (من أسس الديانة البهائية (ردم الهوة الساحقة بين الفقر المدقع والغنى الفاحش وايجاد الحل الروحي للمسألة الاقتصادية.) – من هنا غالبا اقتبس محمود محمد طه فكرة الاشتراكية الديمقراطية والتي ربطها مع الحرية الفردية المطلقة. هذا كله سوًقه محمود باعتباره هو الاسلام ، اي قدم حل روحي آخر لقضايا اجتماعية دنيوية) . لقد تحدثت الفكرة الجمهورية عن مفهومي الاشتراكية والديمقراطية بشكل علمي ، وليس مجرد الفهم المعمم مثل ما أورد عادل عبد العاطي أعلاه (من أسس الديانة البهائية (ردم الهوة الساحقة بين الفقر المدقع والغنى الفاحش وايجاد الحل الروحي للمسألة الاقتصادية) . وقدمت الفكرة الجمهورية تعريفاً علمياً لكل من الاشتراكية والديمقراطية (انظر كتاب الرسالة الثانية من الإسلام) . فلماذا يقتبس الأستاذ محمود محمد طه فكرة الاشتراكية والديمقراطية من البهائية ، خاصةً أن ما قدمته الفكرة الجمهورية من تعريف علمي لهما يتجاوز غموض الطرح البهائي عن ردم الهوة بين الفقر والغنى . ثم إن الفكرة الجمهورية استمدت أفكارها الخاصة بالديمقراطية والاشتراكية من القرآن ومن ثقافة العصر (انظر كتاب الرسالة الثانية من الإسلام)
    يقول عادل عبد العاطي (من اسس الديانة البهائية ( المساواة في الحقوق والواجبات بين المرأة والرجل (جناحي طير الإنسانية) فبدون هذه المساواة لا يرتقي هذا الطير إلى معارجه السامية.) – نجد ايضا محاولة لطرح المساواة بين الجنسين في الفكرة الجمهورية الا انها محاولة عرجاء حيث تقوم على التلفيق فتسمح مثلا بتعدد الزوجات للضرورة مع زعم محمود ان الاصل هو الزواج الفردي. البهائيون هنا اكثر تقدما عن الجمهوريين الذين يظنون ان المراة اقل قدرا من الرجل حتى على المستوى الوجودي، فهي في سيرها تجاه مرحلة الاصالة عليها أولا ان تصل لمقام الرجل ثم تسير بعد ذلك لمرحلة الأصالة). سوف نفرد حلقة في ردنا على عادل عبد العاطي عن موضوع المرأة ، نرد بها على نقده لموقف الفكرة الجمهورية تجاه قضية المرأة . ولكننا هنا نكتفي بالرد على عباراته أعلاه عن سماح الفكرة الجمهورية بتعدد الزوجات للضرورة . هل قرأ عادل عبد العاطي النص الآتي من كتاب (خطوة نحو الزواج في الإسلام) عن الضرورة الملجئة للتعدد (ينص في العقد أنه لا يصح تعدد الزوجات إلا لضرورة قصوى، كالعقم، أوالمرض الذي لا يرجى منه شفاء، مثلاً .. ولا يقع إلا بعد إستئمار الزوجة المضرورة، وإلا بعد تدخل الحكمين، اللذين عليهما أن يراجعا الزوج، إذا رأيا ذلك .. وللزوجة أن تطلق نفسها إذا لم تقبل في زوجها مشاركة) .. إن الأصل في الزواج وفقاً لكتاب (خطوة نحو الزواج في الإسلام) هو عدم التعدد ، وأن تكون العصمة في يد الزوجة كما هي في يد الزوج . لذا فإن الحالات الشاذة مثل العقم أوالمرض الذي لا يرجى منه شفاء هي حالات شاذة ، تؤكد القاعدة العامة لعدم التعدد أكثر مما تنفيها . ثم ما هو رأي عادل عبد العاطي في ما أشار له عضو منبر سودانيز أونلاين (مازن سخاروف) بأن مؤسس الديانة البهائية نفسه قد عدد وتزوج أكثر من إمرأة ؟ . كما أن عقد الزواج حسب كتاب (خطوة نحو الزواج في الإسلام) يحفظ للمرأة حقها في ممارسة حق العصمة وطلب الطلاق إذا لم تقبل في زوجها مشارك. إن حديث عادل عبد العاطي عن أن المرأة في (في سيرها تجاه مرحلة الاصالة عليها أولا ان تصل لمقام الرجل ثم تسير بعد ذلك لمرحلة الأصالة) ، هو تخبط وسوء فهم للفكرة الجمهورية ، فمن أين أتى عادل عبد العاطي بهذا الفهم . وكما أسلفنا سوف نرد عليه في حلقة كاملة تخصص لقضية المرأة .
    يقول عادل عبد العاطي (من أسس الديانة البهائية (الإيمان والاعتراف بوحدانية الخالق و وحدة الالوهية، وبوحدة البشرية، وبأن أصل الأديان ومنبعها واحد.) – وحدة البشرية ووحدة الالوهية هي تعبير ملطف عن وحدة الوجود والتي أيضا يؤمن بها الجمهوريون وان كانوا لا يقولون بها بشكل واضح. هذا التشابه بالتأثر بالصوفية وأفكارهم عن وحدة الوجود مع عدم الجهر بهذه الفكر يمكن أن يكون عاملاً مشتركاً أو فكرة مسروقة من البهائية). لقد تحدثت الفكرة الجمهورية عن وحدة الوجود بشكل اتسم بالوضوح وارتقت بهذا المفهوم إلى قمة شماء لم تبلغها كتابات الأقدمين . أما قوله (هذا التشابه بالتأثر بالصوفية وأفكارهم عن وحدة الوجود مع عدم الجهر بهذه الفكر يمكن أن يكون عاملاً مشتركاً أو فكرة مسروقة من البهائية) . من أين لعادل عبد العاطي عدم جهر الفكرة الجمهورية بوحدة الوجود ، وكيف عرف أن الفكرة الجمهورية تؤمن بوحدة الوجود إذا لم تكن قد جهرت بها . وإذا كان هنالك سرقة لفكرة (وحدة الوجود) أليس من الأولى أن تسرقها الفكرة الجمهورية من التصوف الإسلامي ، والذي كان له وجود قبل الديانة البهائية !!
    يقول عادل عبد العاطي (من مباديء الديانة البهائية (تأسيس محكمة عالمية لفصل الخصومات بين الدول.) – ربما من هذه تم اخذت الطائفة الجمهورية فكرتها عن الحكومة العالمية). الفكرة الجمهورية لم تأخذ فكرتها عن الحكومة العالمية من مجرد إشارة غامضة في مبادئ البهائية عن محكمة عالمية لفصل الخصومات بين الدول ، و، وإنما أخذتها من اعتبارات حكم الوقت وذلك للأسباب التالية :
    أولاً : الإسلام كدين هو دين كوكبي يخاطب كل البشر من حيث هم بشر ، وقد بشر بأنه سيقيم في الأرض دولة للعدل تنصف المستضعفين (نُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ فِى ٱلْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ ٱلْوَٰرِثِينَ) .
    ثانياً : لقد توحد العالم اليوم جغرافياً ، حيث أن (تقدم المواصلات الحديثة، الذي يحاول باستمرار أن يلغي الزمان والمكان، قد جعل هذا الكوكب أضيق من أن تعيش فيه بشرية منقسمة على نفسها شاكة السلاح متحاربة). لذا فإن العالم يحتاج إلى نظام كوكبي يحقق السلام في الأرض .
    ثانياً : إن العالم اليوم يحتاج إلى فلسفة اجتماعية قادرة على حل التناقض الرهيب والمريع بين الطاقات الكبيرة للمجتمع الكوكبي الراهن وعجز أنظمته الاجتماعية عن استيعاب هذا الطاقات ، وهو حل كما أسلفنا لن يتوفر إلا لفلسفة تملك أن توفق بين حاجة الفرد للحرية الفردية المطلقة وحاجة الجماعة للعدالة الاجتماعية الشاملة ، بالشكل المطروح في الفكرة الجمهورية ، وهو ما عجزت عن تحقيقه كل من الرأسمالية والاشتراكية في تجلياتها التاريخية المعروفة .
    كل النقاط المذكورة أعلاه ، تستوجب قيام حكومة عالمية في المستقبل تحقق السلام في الأرض ، وتحل التناقض بين الفرد والجماعة ، تحقيقاً للبشارات الدينية واليوتوبيا الأرضية التي حلم بها الفلاسفة والشعراء والفنانون وذوو الحس الإنساني الرفيع منذ أن نشأ الإنسان في الأرض .

    يتواصل نقد النقد في الحلقات القادمة .
                  

10-12-2021, 06:26 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48584

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: ابونورة / عادل عبدا� (Re: Yasir Elsharif)

    Quote: في نقد النقد : عادل عبد العاطي والفكرة الجمهورية (4) – (أ) نظرة عادل عبد العاطي السطحية لقضية المرأة


    12:14 PM October, 11 2021

    سودانيز اون لاين
    سعد عبد الله أبو نورة-سلطنة عمان
    مكتبتى
    رابط مختصر


    في نقد النقد : عادل عبد العاطي والفكرة الجمهورية (4) – (أ)

    نظرة عادل عبد العاطي السطحية لقضية المرأة



    كما وعدنا في الحلقة الماضية أن نفرد حلقة من حلقات نقد النقد لقضية المرأة ، وسوف تكون هذه الحلقة من جزئين ، نتناول في الجزء الأول قضية المرأة على المستوى الوجودي والعرفاني ، ونتناول في الجزء الثاني المواضيع المتعلقة بالمساواة بين الرجل والمرأة في المجتمع .

    من الناحية العرفانية فإن عملية الخلق قد كانت عملية تنزل للذات الإلهية المطلقة من الإطلاق إلى القيد ، والتي تحكيها الآية الكريمة (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) . أشار الأستاذ محمود طه إلى هذه النفس الواحدة في كتاب (تطوير شريعة الأحوال الشخصية) بقوله (وهذه النفس الواحدة هي، في أول الأمر، وفي بدء التنزل، نفس الله، تبارك وتعالى - هي الذات القديمة التي منها تنزلت الذات الحادثة، وتلك هي الإنسان الكامل (الحقيقة المحمدية).. والإنسان الكامل هو أول قابل لتجليات أنوار الذات القديمة - الذات الإلهية- وهو، من ثم، زوجها.. وإنما كان الإنسان الكامل زوج الله لأنه إنما هو في مقام العبودية.. ومقام العبودية مقام انفعال، في حين أن مقام الربوبية مقام فعل.. فالرب فاعل، والعبد منفعل.. ثم تنزلت من الإنسان الكامل زوجته.. فكان مقامها منه، مقامه، هو، من الذات.. فهي منفعلة، وهو فاعل.. وهذا هو، في الحقيقة، مستوى العلاقة ((الجنسية)) بين الرجل والمرأة) . كما أشار إلى مراتب تنزلات الذات الإلهية بقوله ((والله، من صرافة ذاته، تنزل لخلقه ليعرفوه في ثلاثة منازل، أو قل ثلاث مراتب: مرتبة الإسم، ومرتبة الصفات، ومرتبة الأفعال.. وبالأفعال برزت السموات والأرض، ومن فيهن، إلى حيز المحسوس – فمرتبة الإسم مرتبة الإنسان الكامل.. ومرتبة الصفة مرتبة الإنسانة الكاملة، ومرتبة الفعل مرتبة الوجود الخارجي المحسوس) – الكتاب الثاني من سلسلة رسائل ومقالات للأستاذ محمود محمد طه .

    حاول عادل عبد العاطي أن يناقض هذا التصور العرفاني لعملية الخلق ، مدعياً حرصه على مساواة المرأة بالرجل ، حتى في المسائل التي تتعلق بحقائق الوجود ، وذلك بقوله (إن كل هذا التصور ذكوري. فالآية تتحدث عن نفس واحدة ولكنها لا تحدد نوعها، كما إن كلمة زوج في اللغة العربية يمكن ان تعني زوج او زوجة. إن تخريجات محمود عن الذات القديمة وزوجها الانسان الكامل تؤدي لأن تكون هناك زوجة للإنسان الكامل وهي امرأة. أي ان الانسان الكامل هنا هو ذكر. والشاهد انه بمنطق محمود فإن الذات القديمة هي مجهولة وفوق الصفات والاسماء؛ فكيف ذكّرها محمود، ثم لماذا ذكّر الانسان الكامل، وكلمة الانسان أيضا تعني المرأة والرجل؟هذا التفسير مع توسله بالمصطلحات الصوفية، إلا انه يدور في نفس نمط التفكير الذكوري الذي يقول ان المرأة أقل من الرجل ولا يمكن أن تبلغ مقامه) . من الذي قال بأن (المرأة أقل من الرجل ولا يمكن أن تبلغ مقامه) ؟ ها هو عادل عبد العاطي يجاوب نفسه بنفسه ويورد في نفس الفقرة المذكورة أعلاه قول الأستاذ محمود محمد طه (يقول محمود محمد طه (وأما قوله (وللرجال عليهن درجة) فلا يعني أن مطلق رجل أفضل من مطلق أمرأه وانما يعني أن على قمة هرم الكمال البشري رجلا تليه امرأة هي قرينته تكاد تتخطى بذلك كل من عداه من الرجال) . فإذا كانت هنالك إمرأة هي من الكمال بالشكل الذي وصفها الأستاذ محمود محمد طه بقوله الوارد أعلاه (فمرتبة الإسم مرتبة الإنسان الكامل.. ومرتبة الصفة مرتبة الإنسانة الكاملة) ، وأن هذه المرأة (تكاد تتخطى بذلك كل من عداه من الرجال) ، فإن ذلك يعني بأنه لا يوجد أي قيد على المرأة في أن ترتقي درجات الكمال مثلها مثل الرجل وأن تتخطى الرجال . أما أن قمة الكمال يقف عليها رجل هو (الإنسان الكامل) ، فهذه حقيقة دينية توحيدية لا يمكن فهمها بالمنطق الشكلي لعقل المعاش العلماني ، وإنما يدركها عقل المعاد الديني المؤدب بأدب الشريعة والحقيقة ، فإذا اعترض عليها عادل عبد العاطي ، واصر أن يكون على قمة هرم الكمال إمرأة ، فعليه أن يوضح لنا المنطق الذي جعل المرأة تقف على قمة هرم الكمال دون الرجل . إن مغالطة عادل عبد العاطي هنا هي مجرد مغالطة شكلية ، فإذا زعم ـ في حرصِ يحسده عليه غلاة دعاة النسوية (Feminism) ـ بأن المرأة أولى من الرجل بأن تستوي على عرش الكمال ، سيتصدى له أيضاَ من يخالفونه في ذلك ، ويصبح الأمر مجرد (غلاط شكلي) بين أنصار المرأة وأنصار الرجل . إن عادل عبد العاطي ، كما أسلفنا ، ينطلق من فهم علماني شكلي لقضايا الجندر والمساوة بين الرجل والمرأة تغلب عليه أجندة الصراع اليومي للحركات النسوية ، ثم هو يريد تصعيد هذه الأجندة اليومية للمجالات المتعلقة بفلسفة الوجود .

    يلجأ عادل عبد العاطي – دون جدوى - في معارضته لفكر الأستاذ محمود محمد طه حول المرأة إلى أقوال السادة الصوفية ، فيقول (وحتى حينما يرى ابن عربي ان المرأة خرجت من الرجل؛ فهو يرى انه خرج عن أنثى، حيث يرى إن الذات نفسها هي انثى، ولذلك فإن الرجل دائما مدرج بين أنثيين- أنظر إليه يقول:
    (فإذا الرجل مدرَج بين ذاتٍ ظَهَرَ عنها وبين امرأةٍ ظهرتْ عنه. فهو بين مؤنَّثين: تأنيث ذات وتأنيث حقيقي، كآدم مذكَّر بين الذات الموجود عنها وبين حواء الموجودة عنه. فكن على أيِّ مذهب شئت، فإنك لا تجد إلا التأنيث يتقدَّم، حتى عند أصحاب العلَّة الذين جعلوا الحقَّ علَّة في وجود العالم – والعلَّة مؤنثة)) . وهو قد غابت عنه الدلالة الرمزية لنص الشيخ الأكبر محي الدين بن عربي . اسمع له وهو يقول (وحتى حينما يرى ابن عربي ان المرأة خرجت من الرجل؛ فهو يرى انه خرج عن أنثى، حيث يرى إن الذات نفسها هي انثى) !!! . أنظر كيف يبهت عادل عبد العاطي ابن عربي نفسه فيقول أنه (يرى إن الذات نفسها هي انثى ) .ففي حين تحدث ابن عربي عن تأنيث الذات الإلهية في النص أعلاه وصفه بأنه (تأنيث ذات) ، وحين تحدث عن تأنيث المرأة وصفه بأنه (تأنيث حقيقي) ذلك أن الشيخ الأكبر إبن عربي يدرك بأن الذات الإلهية فوق الأسماء وفوق الصفات وتقصر عنها الإشارة ، فلا يمكن وصفها بالذكورة ولا بالأنوثة ، كما جاء في القرآن (سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ) . إن الدلالة الرمزية لتأنيث الذات الإلهية التي عجز عن إدراكها عادل عبد العاطي في نظرته التبسيطية لحقائق الوجود ، اشار لها الأستاذ محمود محمد طه بقوله (فالوجود المحسوس صورة خارجية، لصورة داخلية، في النفس البشرية.. وهذه الصورة الداخلية هي، في المرأة، كما هي، في الرجل.. ولكنها، في المرأة، موجودة على صورة أكثر سذاجة منها، في الرجل، وبذلك فهي أقرب إلى (الصرافة) التي تنزلت منها (الذات) إلى مرتبة (الإسم) – مرتبة الإنسان الكامل – ومن ههنا جاء تغني الصوفية بسلمى، وليلى، ولبنى، وهم بذلك إنما يريدون إلى الكناية عن الذات الإلهية) – الكتاب الثاني من سلسلة رسائل ومقالات .

    يستدل عادل عبد العاطي بابن عربي وبأبي يزيد البسطامي وذي النون المصري قائلاً (ونكشف تأخر محمود والجمهوريين حتى عن كبار الصوفية مثل محي الدين بن عربي وأبي يزيد البسطامي وذي النون المصري الخ الذين أقروا بحق المرأة في الولاية وفي كل المقامات) لكي يشير إلى أن الفكرة الجمهورية لا تؤمن بترقي النساء لمقامات الأولياء . لقد قعد استضعاف المرأة تاريخياً في الماضي بها عن تحقيق الولاية بشكل جماعي ، ولم تبرز ولاية المرأة إلا للبعض القليل من صالحات النساء ، كما أشار الحديث النبوي (كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا أربعة، آسية بنت مزاحم امرأة فرعون ومريم ابنة عمران وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد) . وحقيقة الأمر أن الفكرة الجمهورية قد بشرت جمهور النساء بأرفع المقامات في المستقبل ، حيث قال الأستاذ محمود محمد طه في صفحة الإهداء من كتاب تطوير الأحوال الشخصية (إلى أكبر من استضعف في الأرض،ولايزال..إلى النسـاء..ثم إلى سواد الرجـال،وإلى الأطفـال..بشراكم اليوم!! فإن موعود الله قد أظلكم..((ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض، ونجعلهم أئمة، ونجعلهم الوارثين)).. إن الموعود الديني الذي تبشر به الفكرة الجمهورية جمهور النساء كمستضعفات هو تحقيق إمامتهن في الأرض (اقرأ الولاية) ، بشكل جماعي لم يسبق له مثيل في التاريخ البشري . وهذا هو التحرر الحقيقي للمرأة وإنعتاقها من عهود جهلها واستضعافها .

    يلاحظ أن عادل عبد العاطي في معرض معارضته للفكرة الجمهورية يستدل بأقوال السادة الصوفية وعلى رأسهم الشيخ الأكبر محي الدين بن عربي . وقد غاب عن عنه أن الفكرة الجمهورية تكن الكثير من الاحترام للسادة الصوفية وتعتبرهم سلفاً صالحاً لها . وقد أشار الأستاذ في كتاب (من دقائق حقائق الدين) وهو يخاطب الشيخ أبو زيد محمد الأمين الجعلي إلى ذلك بقوله (حقاً إنني لكثير الإعزاز للشيخ الأكبر إبن عربي وكثيره لجميع السلف الصالح، كبار الصوفية منهم، بشكل خاص) . إلا أن الفكرة الجمهورية ، ووفقاً لمقتضيات حكم الوقت ، تعتبر تطوراً على التصوف . وحين يردد عادل عبد العاطي أقوال ابن عربي التقدمية حول المرأة ، نود أن نؤكد له أن ابن عربي وكبار الصوفية قد تجاوزوا الفهم السلفي المتخلف للمرأة من الناحية العرفانية ، ولكنهم لم يتجاوزوه من حيث شريعة المجتمع السائدة في وقتهم ، والتي كانت محكومة بالشريعة الإسلامية ، والتي كانت حقوق المرأة فيها تتمثل في السماح للرجل بزواج الأربعة ، كما أن شهادة المرأة إنما هي على النصف من شهادة الرجل ، وأن حظها من الميراث هو نصف حظ الرجل .

    هنالك موضوع يتعلق بالتحامل غير الموضوعي ، دون أي وجه حق ، لعادل عبد العاطي ضد الأستاذ محمود وضد الفكرة الجمهورية يلاحظه القارئ في كل سطر من سطور مقالاته ، وقد امتشق حسام نقده الهدام لكي يجرد الفكرة الجمهورية من أي فضيلة .. فعنده أن الآستاذ محمود ليس أول سجين سياسي في الحركة الوطنية وأن الفكرة الجمهورية تسرق أفكارها من الديانة البهائية ، وأن هنالك جذورخرافية تكمن في تحيز الأستاذ محمود محمد طه ضد المرأة ، وأن الفكرة الجمهورية متخلفة في موقفها من قضية المرأة مقارنة بآراء السادة الصوفية ... الخ . هو دائماً يقف موقف الضد بإزاء الفكرة الجمهورية بدون أي مبرر موضوعي . ونسأل للمرة الثانية ، ما هو سر الغبن الشخصي لعادل عبد العاطي والعداء المستحكم الذي وسم النقد الذي يقوم به للفكرة الجمهورية . هذه نقطة مهمة رأينا أن نتوقف عندها قبل مواصلة الحديث في هذا المقال .

    تحدث عادل عبد العاطي عن تجربة أوائل البشر (آدم وحواء) في جنة عدن والمعصية التي أدت إلى طردهم من هذه الجنة . وكالعادة ، كما بينا أعلاه ، اتسمت آراؤه بالسطحية والتبسيط والفهم المخل للدلالات الرمزية لقصة آدم وحواء . فهو يقول (فمن اين اخذ محمود خرافته اذن عن اغواء حواء لآدم؟ اخذها من سفر التكوين الاصحاح الثالث؛ وهي رواية خرافية طفولية تتحدث عن إله لا يعرف شيئا ويسأل عن البديهيات ثم بعد ذلك هو اناني يرفض للبشر ان يأكلا من شجرة المعرفة ثم من شجرة الحياة حتى لا يصبحا عارفين وحيين كحياة الآلهة. ولا شك ان كون سر المعرفة والحياة الأبدية توجد في ثمار تؤكل هي من قبيل التفكير البدائي الخرافي، ناهيك عن تحيز كاتب العهد القديم الواضح ضد المرأة في هذه القصة، والذي لم يجاريه فيه القرآن).

    أنظر لهذه العبارة المتحاملة المتعالمة (فمن اين اخذ محمود خرافته اذن عن اغواء حواء لآدم ؟ اخذها من سفر التكوين الاصحاح الثالث) . فالعلم عنده يؤخذ عبر قراءة كتب الآخرين ،مثل ما أخذ هو من غيره. هو لا يؤمن بأن يكون المفكر وتراً وأن يطرق طريقاً بكراً ، ومن ثم يكون له علمه الخاص به عبر منهج التقوى (واتقوا الله ويعلمكم الله) .

    وحيث أن عادل عبد العاطي لا يمتلك الأدوات المنهجية العلمية لتأويل أو فك شفرة الرواية الخاصة بمعصية آدم وحواء ، كما ورد ذكرها في القرآن وفي سفر التكوين ، فقد تقاصر إدراكه عند حدود الفهم الظاهري التبسيطي للمعصية . فإن المعصية عنده هي مجرد الأكل من شجرة معرفة الخير والشر ، ثم هو إمعاناً في سطحية هذا الفهم يقول (ولا شك ان كون سر المعرفة والحياة الأبدية توجد في ثمار تؤكل هي من قبيل التفكير البدائي الخرافي) . وبمعنى آخر فهو قد جعل من عجزه عن الفهم فضيلة يتباهى بها متهماً الرواية الدينية عن المعصية بالتفكير البدائي الخرافي!!

    وحقيقة الأمر أن آدم وحواء في جنة عدن قد كانا في مرحلة نمو نحو الكمال ، ولم يبلغا الكمال بعد ، كما أن حواء قد كانت زوج آدم في الحقيقة ، لأنها انبثاق نفسه السفلى، عنه خارجه .. ولكن الله أراد له أن تكون زوجه في الشريعة. وقد أمرهما الله أن لا يأكلا من شجرة معرفة الخير والشر (ولا تقربا هذه الشجرة)، وكان ذلك بداية الشريعة . فإذا أطاعا هذا الأمر التشريعي والتزما به لحين وصولهما لمرحلة الكمال ، فإنه يحق لهما أن يأكلا من شجرة الحياة والتي ترمز للكمال . إن الفهم الظاهري للرواية الدينية حول المعصية يشير إلى أن المعصية تمثلت في الأكل من شجرة معرفة الخير والشر ، وهذا ما فهمه عادل عبد العاطي . أما حقيقة الأمر فإن الشجرة هي العلاقة الجنسية ، والتي وقعت بين آدم وحواء ، قبل أن يؤذن لهما بذلك . وكما أسلفنا بأن حواء هي زوج آدم في الحقيقة ، وكان من المفترض بهما أن يبلغا مرحلة الكمال ، حتى تصبح حواء هي زوجته في الشريعة . يقول الأستاذ محمود محمد طه في كتاب (القرآن ومصطفى محمود والفهم العصري) مخاطباً د. مصطفى محمود (ونحن نرى معك أن الشجرة هي العلاقة الجنسية، ولكننا لا نرى رفض القول بأن الشجرة هي المعرفة، ذلك بأن الله لم ينه عن العلاقة الجنسية، وإنما نهى أن تكون تلك العلاقة بغير شريعة .. إن آدم هو زوج حواء في الحقيقة، لأنها انبثاق نفسه السفلى، عنه خارجه .. ولكن الله أراد له أن تكون زوجه في الشريعة) (فكأن القول بأن الشجرة هي شجرة المعرفة يستقيم مع القول بأن الشجرة هي اللذة الجنسية .. فاللذة الجنسية غير محرمة داخل الشريعة، وإنما هي محرمة خارجها – هي غير محرمة إذا أخذت بحقها – وحقها يقتضي معرفة الحرام، والحلال) .كما أشار الأستاذ محمود محمد طه إلى هذا الموضوع في سلسلة كتاب (كتاب أسئلة وأجوبة – الكتاب الأول) فقال (هذه الشجرة يمكن أن تكون أي شجرة.. المهم أنه قد وقع عليها التحريم، والتحريم حكم شرعي، فليس هناك شيء هو في عينه حرام، وعندما خالف آدم الأمر بالتحريم إنما أخطأ لأنه اختار إرادته هو عن أمر ربه، ولذلك فقد غوى.. فعندما كان آدم طائعاً لله لم يكن يعرف الشر، فهو في الخير المطلق، وعندما اختار نفسه عن ربه تورط في الشر.. وسميت الشجرة التي أكل منها شجرة معرفة الخير والشر ــ وعندنا أن الشجرة التي أكل منها آدم هي شجرة التين، فإن شجرة التين، حسياً، ترمز إلى النفس الأمارة.. وترمز إلى الزوجة ــ حواء ــ ولذلك فإن المعصية، بالأكل منها، تداعت إلى اتصال آدم بحواء جنسياً، قبل أن يؤذن له، فتكون له، بذلك الإذن، زوجاً شرعية، حلالاً طيبة . وإذن فالمعرفة ليست خطيئة، وإنما الخطيئة، الجهل، وهو هنا يتمثل في مخالفة أمر الله ــ "وعصى آدم ربه، فغوى") .

    إن الرواية الدينية للمعصية كلها رمزية وتحتاج لعقل مستحصد عبر منهج العبادة لفك شفرتها وفق منهج التأويل. وإذا نظرنا لبعض عناصر هذه الرواية الأخرى ، سنجد ما يؤكد رمزيتها . فعلى سبيل المثال تم الرمز للشيطان بالحية ، وأي شخص عاقل يدرك أن الحية لا تتكلم ولا تغري . كما أورد سفر التكوين أن عاقبة الأكل من الشجرة هي الموت (وَامَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ فَلا تَاكُلْ مِنْهَا لانَّكَ يَوْمَ تَاكُلُ مِنْهَا مَوْتا تَمُوتُ) .. وقد أكل آدم وحواء من الشجرة ولم يموتا !! فالموت المشار إليه هنا ليس هو الموت الحسي ، وإنما هو رمز للموت الروحي المتمثل في البعد عن الله بعد القرب والذي كان حظ آدم وحواء قبل الخطيئة . وقد اشار القرآن إلى هذا المعنى من الموت الروحي (أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا ۚ كَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) . فالموت الروحي هو نفسه الظلمات المشار إليها في الآية .

    يتضح مما ذكرنا أعلاه عن قضية المرأة على المستوى الوجودي والعرفاني ، أنه لا يوجد أي قيد في الفكرة الجمهورية على تطور المرأة من الناحية العرفانية ، ولها أن تتنسم أرفع المقامات الدينية بما في ذلك مقام مرتبة الصفة ، مرتبة (الإنسانة الكاملة) .

    يتواصل نقد النقد في الحلقات القادمة .

                  

10-13-2021, 05:57 AM

محمد الزبير محمود

تاريخ التسجيل: 10-30-2010
مجموع المشاركات: 5698

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: ابونورة / عادل عبدا� (Re: Yasir Elsharif)

    Quote: في حين أن الفكرة الجمهورية تستمد كل علمها من (القرآن) وتعتقد بأنه كتاب الوجود الخالد الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه

    أين ذكر القرآن ان الانسان يترقى ليكون الله ؟؟
    أين ذكر القرآن ان الانسان الكامل سيحاسب الناس يوم القيامة ؟؟؟
    أين ذكر القرآن ان الانسان يمكن ان يكون أصيلا ويترك تقليد النبي ؟؟؟
    أين ذكر القرآن ان ابليس والمشركين سيخرجون من النار ويدخلون الجنة ؟؟؟
    أين ذكر القرآن ان المسيح المحمد سيجيئ بالرسالة الثانية في القرن العشرين ؟؟؟
    أين ذكر القرآن ان الانسان يأخذ شرعه من الله مباشرة ؟؟؟؟؟؟؟
    ما زال الجمهوريون يشيعون في الناس ان دينهم يقوم على القرآن في حين ان دينهم كله يناقض القرآن الكريم والسنة المطهرة ويقوم فقط على نقولات من الفكر الصوفي يعتقد محمود ان الله اعطاه فهما خاصا للقرآن ليفهمه كما يشاء ..
    محمود كان اسيرا للفكر الصوفي الفلسفي ولم يزد عما قاله اسلافه المتصوفة كثيرا سوى ما يتعلق بتطوير التشريع .....
    تحياتي لكم جميعا
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de