"آمال حسن".. أمي وغربة العالم

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-07-2024, 05:38 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2020-2023م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-15-2021, 05:02 PM

عبد الحميد البرنس
<aعبد الحميد البرنس
تاريخ التسجيل: 02-14-2005
مجموع المشاركات: 7114

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
"آمال حسن".. أمي وغربة العالم






                  

07-15-2021, 05:03 PM

عبد الحميد البرنس
<aعبد الحميد البرنس
تاريخ التسجيل: 02-14-2005
مجموع المشاركات: 7114

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: andquot;آمال حسنandquot;.. أمي وغربة العالم (Re: عبد الحميد البرنس)

    الأهرام العربي/ عدد الغد ١٧/٧/٢٠٢١
                  

07-17-2021, 05:50 AM

عبد الحميد البرنس
<aعبد الحميد البرنس
تاريخ التسجيل: 02-14-2005
مجموع المشاركات: 7114

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: andquot;آمال حسنandquot;.. أمي وغربة العالم (Re: عبد الحميد البرنس)

    حتى بعد أن يتقدموا في العمر، حتى بعد موت الأبّ نفسه، يظلّون أشقاء وشقيقات. عند رحيل الأمّ فقط، يتحول هؤلاء بمعنى ما إلى أقارب.

    كذلك بدأت أشعر بغربة العالم، حتى في وجوده الأليف ذاك، لما ماتت أمّي في أحد المستشفيات، على إثر صراع طويل مع جملة أمراض دفعتني للتفكير في إمكانية فقدانها قبيل رحيلها فعليّاً عن الحياة. سألت وقتها صديقي الشاعر المصري البارز الذي سبق أن اختبر للتو فداحة فقدان الأمّ عما يبدو عليه الوضع. قال: "احساس بانك معلق في فراغ. وان مفيش مكان في العالم ممكن ترجع له بعد تعب".

    مع أنني عركت أحزان المنفى وأوجاع الغربة لا سيما الخفيّة منها بأشياء كما الحركة، أو الانشغال بعملِ شيءٍ ما أو آخر، إلا أن ألم رحيل أمّي أبداً لم يخفّ بداخلي، حتى من بعد مرور أشهر "الآن" على رحيلها، وكل هذا الدأب الحميم سعياً وراء حاجيات أسرتي الصغيرة هنا، بمدينة ساحل الذهب، في أستراليا. أحياناً، أتساءل في نفسي: "هل حدث أن صار هذا الألم عصيّاً هكذا على الزوال لأنني كنت أبكي رحيلها، ولا أزال، بعينين جافتين، كما الصخر على أطراف صحراء منتصف نهار قائظ؟ أم أن ما يحدث أمر أشبه بمعرفة الأشجار لمصيرها حين يجتث الموت منها الجذور أسفل الأرض؟ من الواضح هنا أنني أحاول الالتفاف حول سعير الألم بالاستعارة والتيه في شعرية اللغة أو مفاتن المجاز بينما الموت نثر لا ظلال له وما باطنه إلا كظاهرة: فراق نهائيّ، أبديّ، لا تلاقٍ بعده.

    مرة، في أواخر ثمانينيات القرن الماضي، قابلت أمّي بالصدفة في أحد مواقف الخرطوم عصر أحد الأيام، وكنت وقتها حديث عهد بالغربة، وقد مضت عليَّ أشهر لم أكن أعلم خلالها على وجه اليقين "أين سيكون مطرح رأسي الليلة"؟ حيث تفرّقت أيامي تلك قبل نحو العام تقريباً من هجرتي طالباً إلى مصر، ما بين بيوت ومنازل أقارب وأصدقاء ومعارف وداخليات أولئك الطلبة الفقراء. وكانت أمّي قد قدمت خلال ساعات نهار اليوم نفسه من كوستي، مسقط رأسي، تلك المدينة جنوبي العاصمة الخرطوم الطِيبةُ أكثر ما يميزها. أذكر هنا أن أمّي قررت المبيت في ذلك اليوم لدى بعض الأقارب. وكنت مقرراً أن أطرق باب بيت أحد الأصدقاء. لم يكن كلانا يرغب أن يثقل على الناس ضيفاً بالتواجد معاً في نفس المكان. لاحظتْ أمّي في الأثناء أنني كنت أخفق في اللحاق بأكثر من عربة نقل جماعي ذاهبة في طريقي. أخذت تضحك كعادتها بمحبة. ثم عزمت بصورة عمليّة على أن تعلّمني كيف أزاحم جيوش الناس في الموقف على اللحاق بإحدى الحافلات. ولا أدري حتى الآن كيف وجدت أمّي الوقت لحظتها كي تهديني نظرتها الظافرة تلك وهي تضع قدمها بالداخل ويداها تمسكان بمقبضي سلّم الباص بقوة. كما لو أنها تقول وأمواج الركاب الآخرين تدافع من تحتها: "هكذا يا عبده تؤخذ هذه الدنيا غلابا".

    لم يسعف أمّي الوقت كي تخبرني أثناء وقوفنا العابر ذاك في المحطة أنّها قرأت في كوستي أولى قصصي المنشورة في صحف العاصمة الخرطوم على وجه الاطلاق. وكانت قد فهمت تماماً أن أحداث القصة مستوحاة من سيرتها الذاتيّة. "يابسة الكفين". كان عنوان تلك القصة.
    كانت الدنيا (فضاء الاختبارات المتجددة) تتقلب بنا كما سائر خلق الله الآخرين، فيحال الوالد قسرياً للمعاش، أو يفقد وظيفته أكثر من مرة.

    كما لو أن كل ما هناك يتكاتف ضدك.

    في مثل تلك الأحوال، تبدأ رحلة أمّي أمال حسن عمر الأمين الدول سربل كاشمتود على وجه الخصوص، فكنت ترى الكرة الأرضية تلك على رأسها والمحيط درعها والجبال قدميها، وهي تكافح على نحو يوميّ لا يلين قطُّ في سبيل لقمة العيش. وقد كانت هكذا لقمة على التحصيل عصيّة تلك الأيام. وما قد تقوم أنت وقتها بتأمّله في نهاية المطاف وهو هناك على المائدة، ليس الطعام العنيد، بل المعجزة!

    قبيل رحيل أمّي، كنت أدردش، عبر الماسينجر، مع بنت أحد أصدقائي القدامى في القاهرة، وكنت قد شهدت ولادتها أواخر تسعينيات القرن الماضي، لما سألتني سؤالاً لفرادته الكونيّة المطلقة تلك قمت بتضمينه لاحقاً في سياق الجزء الثاني من ثلاثية "التقدميّ الأخير"، قائلة:

    "هل الذكريات من الموجودات، أم المفقودات"؟؟

    ثم حدث أمر شديد الغرابة في أعقاب وفاة أمّي.

    دُفِنَت بمقابر القوز العامة في كوستي في قبر مجاور تماماً لقبر أبي. رغم أن ما يفصل بين موتيهما العقد ونصف العقد. كان أبي يكبرها بذلك أو نحوه. بدا لي هذا من كتاب الحبّ بصورة ما رومانسياً: أن تستمر علاقة ارتباطهما الأبدي وتمتد إلى ما بعد حدود هذا العالم.

    الغربة والمنفى يضاعفان الإحساس بالخسارة.

    تلك إحدى الحقائق التي تعلّمتها من خلال مواصلة العيش خارج الوطن لأكثر من ثلاثة عقود. إذ يطوّر المرء أشياء في الأثناء للتأقلم على وضعية كونه وحيداً وإن ترنح أو سقط لا يسنده أحد ما الأغلب. من ذلك التوقع المبكّر جداً لما قد يحدث في ظلّ واقع يتناقص فيه الأمل. وقد حدث ذلك عند بداية هذه الألفية الثالثة. كنت أتأمل أحوالي داخل شقتي ذات الغرفة الواحدة في أحد أحياء القاهرة الفقيرة، لما وجدتني أقوم بتدوين عبارة لا شك أنها من قسوةِ قعرِ الجحيم نفسه بمكان: "تلك اللحظة التي يصير فيها قلب الأمّ تحت التراب من حجر"!
                  

07-17-2021, 11:22 AM

الشيخ سيد أحمد
<aالشيخ سيد أحمد
تاريخ التسجيل: 07-14-2008
مجموع المشاركات: 2725

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: andquot;آمال حسنandquot;.. أمي وغربة العالم (Re: عبد الحميد البرنس)

    Quote: إذ يطوّر المرء أشياء في الأثناء للتأقلم على وضعية كونه وحيداً وإن ترنح
    أو سقط لا يسنده أحد ما الأغلب. من ذلك التوقع المبكّر جداً لما قد يحدث في ظلّ واقع يتناقص فيه الأمل.


    روعه.

    تسلم يا برنس.
                  

07-17-2021, 01:15 PM

عبد الحميد البرنس
<aعبد الحميد البرنس
تاريخ التسجيل: 02-14-2005
مجموع المشاركات: 7114

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: andquot;آمال حسنandquot;.. أمي وغربة العالم (Re: الشيخ سيد أحمد)

    دمتم الشيخ أخي
                  

07-17-2021, 03:40 PM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22492

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: andquot;آمال حسنandquot;.. أمي وغربة العالم (Re: عبد الحميد البرنس)

    مع أنني عركت أحزان المنفى وأوجاع الغربة لا سيما الخفيّة منها بأشياء كما الحركة، أو الانشغال بعملِ شيءٍ ما أو آخر، إلا أن ألم رحيل أمّي أبداً لم يخفّ بداخلي، حتى من بعد مرور أشهر "الآن" على رحيلها، وكل هذا الدأب الحميم سعياً وراء حاجيات أسرتي الصغيرة هنا، بمدينة ساحل الذهب، في أستراليا. أحياناً، أتساءل في نفسي: "هل حدث أن صار هذا الألم عصيّاً هكذا على الزوال لأنني كنت أبكي رحيلها، ولا أزال، بعينين جافتين، كما الصخر على أطراف صحراء منتصف نهار قائظ؟ أم أن ما يحدث أمر أشبه بمعرفة الأشجار لمصيرها حين يجتث الموت منها الجذور أسفل الأرض؟ من الواضح هنا أنني أحاول الالتفاف حول سعير الألم بالاستعارة والتيه في شعرية اللغة أو مفاتن المجاز بينما الموت نثر لا ظلال له وما باطنه إلا كظاهرة: فراق نهائيّ، أبديّ، لا تلاقٍ بعده.

    ****

    لله درك يا برنس
    جعلت سحب الاحزان تتجمع وتتلبد منذرة بتلك التي اتحاشاها وخصوصا ام الملأ
    الحزن يقف كخلفية صورة
    بل كلحن حزين يصاحب موقف يجبر الدموع على الانهمار دونما نحيب

    غايتو


    دمتم
                  

07-17-2021, 04:16 PM

عبد الحميد البرنس
<aعبد الحميد البرنس
تاريخ التسجيل: 02-14-2005
مجموع المشاركات: 7114

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: andquot;آمال حسنandquot;.. أمي وغربة العالم (Re: ابو جهينة)

    أنا نفسي (عزيزنا أبو جهينة)، لما عدت وقرأت ما كتبت، بكيت. لا لأن كتابتي قد عبرت عن مقدار الأسى في داخلي نوعاً ما، بل لأنه لم يكن لدي ما أعبر به عن حزني على فراق أمي سوى الكتابة، فتأمل!
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de