لم يكن الطيب مصطفى ظاهرة عابرة ولدت بمحض صدفة لقد كان نتاجا طبيعيا لتلاقي وتلاقح وتوالد وامتزاج عناصر تكوين معينة اول هذه العناصر هو تكوينه الفطري وطبيعة خلقه البشري الطبيعي الذي خلقه به وعليه الله، لذ ان كل كائن حي يولد وهو يحمل في ثنايا تكوينه سمات وخصائص بعينها، هي التي تؤسس لاحقا كل ما يحيط بتكوينه وخلقه واخلاقه وميوله ورغباته الخ كل تلك الصفات والخصائص البيولوجية والنفسية والاجتماعية
وهنا وفي حالة الطيب مصطفي تحديدا، يمكن لأي ناظر ان يستشف ويستبصر ثم يدرس ويحلل ويقارن بين كل معطياته ونتاج أفعاله وتصرفاته واقواله الخ، ليصل إلى صورة واضحة عن نوعية وطبيعة شخصية الطيب مصطفى
العامل الثاني هو الظرف والماعون الزماني الذي عاش فيه الطيب مصطفى، بكل ما في هذا الظرف او الوقت، وما يهم هنا تحديدا، هو فترة حكم ما يسمى بالحركة الاسلامية او ما أسمت به نفسها "الانقاذ" فهذه هي الفترة التي سمع وعرف الناس فيها شخصا اسمه الطيب مصطفى، بكل ما كان بمثله و يتمثله ويقوم به من أدوار فعلية وقولية والمحرك الأساسي في هذه الفترة هو سلطة تنظيمه الممسك بالسلطة، وهو ما اتاح له ومكنه من القيام بما كان يفعل ويقول ويمكن كذلك إضافة عنصر مؤثر وفاعل ثالث، ضخ دعما سلطويا ومعنويا فوق العادة، وهو صلة وقرابة الطيب مصطفى برأس السلطة المتحكمة في البلاد، ولك أن تتخيل معني ان تكون من اهل رئيس او ملك او زعيم اي دولة في ما يطلق عليها دول العالم الثالث، مهما بعدت او قربت وشيجة القربى تلك، فما بالك ان كانت في دولة مثل السودان،وما بالك ثانية، ان كانت صلة رحم ودم وزمالة في تنظيم عقائدي
ما فعله وما قاله الطيب مصطفى لم يأت من فراغ او كان نتيجة انفعال شخصي فقط، بل كان اضافة لذلك، تعبيرا عن عما يعتمل في فكر وروح كل تلك الجماعة، والذي وجد متنفسا ومخرجا من لدن شخص مثل الطيب مصطفى واذا أخذنا مثلا موقفه الشوفيتي المتطرف والاخرق من قضية جنوبنا الحبيب، فسوف لن نجد افضل واحسن من الطيب مصطفى ليعبر عن رأي ورؤية ونظرة واشواق اهل ذلك التنظيم فاضافة الي مكنوناته العنصرية الشخصية الداخلية التي امتلأ بها حد الفيضان، فهو يصطحب معها رؤية ونظرة التنظيم ايضا
فالجنوب وأهل الجنوب كانوا في نظر تلكم الطغمة، هو وهم، اي الجنوب واهله، العقبة الكاداء والصخرة القوية الصماء التي يمكن أن تحول بينهم وبين ان يخلوا لهم الجو لإقامة وفرض انموذجهم المشوه لسودان لا يشاركهم فيه غيرهم في سرقة ثروات اهله وخيراتهم الكثيرة، ليستاثروا بها وحدهم دون غيرهم باسم الدين والشريعة فالدين والشريعة العقيدة هي امضى سلاح واقوى وسيلة يمكن بها اقتياد قوم بسطاء تسكرهم وتسكتهم كلمات الدين وخطب التدين من حيثما جاءت هم يعرفون ذلك ويدركون قوته وسطوته في إسكات الناس، وكله حق اريد به باطل الباطل، وهذا يعرفونه ايضا
اذن ما كانوا ليستطيعو سرقة البلاد والعباد باسم الدين طالما ظل الجنوب وبقى جزءا من هذا الوطن المكلوم، كانوا ايضا على وعي بهذه الحقيقة، اذن لابد من بتر واستئصال هذا الجزء مهما كلف، فلا شيء يمنعهم من تحقيق أحلامهم وتجسيد امنياتهم باكتناز الذهب والفضة وكتابة آيات الدين وأحاديثه وسننه وشرائعه بدم وعرق اهل السودان البسطاء الانقياء
ومن افضل مم الطيب مصطفى لينبري ويقف في أول الصفوف منافحا ومجاهدا ومحاربا بكل استماتة الجشع وقوة الحرص ليكون هو وأهله وعشيرته ما لم يكن ممكنا حتى في أقصى مخيلاتهم مجرد الحلم بجزء يسير منه وقد فعلوها، هو وابناء اخته أشقاء رئيسهم، ولو اسعفهم الوقت قليلا لاصبحوا مثل ال روتشلد غو روكفلر هم وغيرهم من زبانية المكر والكذب والمتاجرة بدين الله القويم
عامل مؤثر اخر وربما كان أشد وقعا في بلورة شخصية الطيب مصطفى، وهو مقتل ابنه في حربهم التي كانوا يجاهدون الكفار فيها الكفار هم أهل الجنوب، اهل وأصحاب الارض الحقيقيون، والذين أصبحوا واضحوا وامسوا اغرابا يشوهون وجه وجمال سودان الطيب مصطفى وعبد الرحيم حمدي ومن هم على شاكلتهم المشوة، الا إنهم هم الغرباء ولكن لا يفقهون قتل ابنه في حربهم المقدسة في محاولتهم لابادة اهل جنوب السودان، بل اهل السودان كله شئنا ام أبينا وابنه ومن كان معه، لم يكونوا يقاتلون عدوا غازيا، ولم يكونا يدافعون عن أرض الوطن، بل كانوا يقاتلون من أجل تنظيمهم وحركتهم وزعيمها، زعيمها الذي افترق وشق عصا جماعته حين اختلفوا في قسمة الغنائم التي حازوها وغنموها من رعيتهم، وزعيمهم الذي قال عمن قتلوا في تلك الحرب المقدسة، ومن ضمنهم ابن الطيب مصطفى، انهم قد ماتوا محض جيف وفطائس وهو الذي كان يزفهم ببركته إلى حور الجنان الغين
ربما شكل موت الابن للطيب مصطفى وخلق فيه ولديه مقتا وكراهية لكل ما هو جنوبي او له صلة بالحنوب، وكأن الجنوبيين قد تسوروا بيته ذات ليل او نهار وتسللوا الي داخله ليقتلوا ابنه
هذا الشعور بالتأكيد وقطعا مبرر وله ما يفسره على المستوي الانساني والبشري والغريزي والطبيعي
ولكن اسقاط كل ذلك الحزن ومرارة الفقد على أمة باكملها من الاشياء التي لن تجد لها مبررا عقلانيا رشيد
نسأل الله السميع الغفور، الحكم العدل
ان يريه سوءاته اولا ويبصره بها ويحاسبه يعاقبه بها وعليها كيفما كان حساب الخالق العليم
ثم
يشمله بعد ذلك برحمته التي تتجاوز كل مخطئ ومسيئ
05-17-2021, 07:48 PM
طلحة عبدالله طلحة عبدالله
تاريخ التسجيل: 09-14-2007
مجموع المشاركات: 18040
كتب الباشمهندس يحيى قباني في بوست مجاور: ((لم يترحم علي حميد عند وفاته و كتب و اكتفى بجملة واحدة : ( مصرع حميد ) ..
و قبلها احتفى بوفاة محمد وردي مهنئين بعضهم قائلين ( بلا و انجلا ) ..
و غيرهم و غيرهم .. و لا ننسى اساءاته للدوش بعد وفاة الدوش بسنوات ..
و لن ننسى الذبائح الاحتفالية بفصل الجنوب ..
اما العنصرية فحدث و لا حرج ..
لم يحسب ان الدوائر تدور و سيأتي يوما لن يترحم عليه احد .. و سيأتي اليوم الذي يستريح من عنصريته البشر ..
و من عجائب القدر .. انه اول من انكر تأثير الكرونا .. ثم اخذته الكرونا نفسها ..
الطيب مصطفى .. اسمع ان كنت تسمع .. و ليسمع من هم امثالك:
لم و لن ينسى الشعب السوداني حميد و لا محمد وردي و لا عمر الدوش ..
و لكن انت ستصبح نسيا منسيا ..
لانو انحن البنقرر .. ( مين الحي و الميت مين ) ..)) مصرع الطيب مصطفى .. بلا و انجلا ..مصرع الطيب مصطفى .. بلا و انجلا .. ــــــــــــــ وهذا ما كان قد كتبه الطيب مصطفى في الانتباهة:
Quote: رأيت بعض صحافيي الغفلة يحتفون بتافهين وتافهات ويسوِّدون بسيرتهم الصفحات. أحدهم شيوعي متشاعر ــ وهو قريبي بالمناسبة ــ قالت له زوجه: (يا أنا يا العرقي) فقال لها: (العرقي) فكان أن ليّف العرقي كبده ومات! وآخر.. سمَّوه شاعر الشعب وهل يحتفي الشعب السوداني المسلم ويمنح اسمه لشيوعي لا يصلي؟! وكثير من الزبد الطافي على صفحة حياتنا يعطِّل مسيرنا ويملأ حياتنا بؤساً وتعاسة!
ـــــــــــــ وهذا ما قاله الشاعر الإنسان محجوب شريف للطيب مصطفى قبل حوالي 9 سنوات، بعد أن قال الأخير قولا غير لائق بحق الشاعر الراحل عمر الطيب الدوش، وبحق الشاعر حميد، وبحق الشاعر محجوب نفسه.
تنبش حي وميت سكاكينك تسنها بالكراهية معلم تنتج الكربة وتدي الفتنة ماهية تدس في إيدا كبريتة بخيت وسعيد عليك إنك مكانك من ذوي القربى وعندك من كراسي السلطة مسند للرفاهية مالك ومال قريبك ساكن التربة؟؟ منو البسرق عشم ميت أمام الله والحكمة الإلهية؟؟ يمين الله كاتب حر نسيج وحده ومن طبعو الفروسية وأصدق من ملامح طفلة وسط اللمة منسية عصافير الكلام ركت تحت شهقة غنا الفواح مع الموجة الصباحية أدى الود وشال الود وجمّل للحزن ممشى لا كذّب ولا غشّ وما منو الضمير طشّ وما شنّق بريق الشهرة من فوق راسو طاقية أبسط من حرف كسرة ومن بذرة ومن نقاع سبيل يوماتي تشرب منو تحت النيمة قمرية كذلك لم يكن يوماً هوين قابلاً للكسر والذلة...
أما العبد لله إذا ما عارف أعرفني من غير الله ما خايف ولا شايف هنالك من يهد حيل الثبات فيني ويخوفني فما خجلان ولا نادم وما متوجس الإحساس من القادم لا طعّان ولا لعّان ولا فاحش ولاني بذئ ولا نسناس وما بجرح مشاعر الناس وأنبل من حليب السترة ما عبّت مشارب كاس أدوسا محاكم التفتيش بأعلى الصوت علانية تخربش في مسام الروح وتتجسس علي النية بسوء الظن والمكرِ ضميري لم يكن يوماً من الأيام ولد مكري شبر والله في البكري ولا الفلل الرئاسية وطن حدادي مدادي ما بنبنيهو فرادي ولا بالضجة في الرادي ولا الخطب الحماسية وطن حدادي مدادي قد شفناهو يتقسم ذبائح وإنت تتبسم لديك الخضرة تتفحم وتصبح في الأيادي عصي وأوتاداً بلا خيمة وصحراءً بلا غيمة...
05-18-2021, 01:01 PM
أبوذر بابكر أبوذر بابكر
تاريخ التسجيل: 07-15-2005
مجموع المشاركات: 8610
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
أبوذر بابكر
طلحة عبدالله
Yasir Elsharif
Ahmed Yassin
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست