من مخازي الأخوان المسلمين: يغدرون بداؤود يحيي بولاد

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-01-2024, 05:14 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2020-2023م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-07-2021, 05:37 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
من مخازي الأخوان المسلمين: يغدرون بداؤود يحيي بولاد






                  

03-07-2021, 05:38 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من مخازي الأخوان المسلمين: يغدرون بداؤود � (Re: عبدالله عثمان)

    حكاية داؤود بولاد (1)
    عبد المحمود نور الدائم الكرنكي
    كان ذلك قبل دخول الجامعة، عندما تعرفت لأول مرة على الراحل داؤود بحي بولاد، في داخلية (بركة) في البركس بجامعة الخرطوم. كان داؤود حينها في السنة الثانية بكلية الهندسة. كان التعارف في غرفة الأخ الهادي أحمد خليفة، أحد عباقرة السياسة الطلابية والمسئول السياسي حينها لتنظيم الحركة الإسلامية بجامعة الخرطوم. كان الهادي بمثابة العقل السياسي الذي يستشيره الراحل أحمد عثمان مكي رئيس اتحاد طلاب جامعة الخرطوم. كان الهادي يده السياسية اليمنىَ. مثل أحمد عثمان والهادي ثنائية رائعة. من الغرائب ذلك المستقبل السياسي لم يمنح أحمد عثمان والهادي ما كان يليق بمواهبهما وقدراتهما السياسية مثلما فعل ذلك المستقبل ذاته بإمكانات ومواهب الحاج بابا وفتحي خليل ومحمد عبد الله جار النبي وآخرين. بالقرب من غرفة الهادي أحمد خليفة في داخلية (بركة)، كانت غرفة تحرير صحيفة (آخر لحظة) اليومية الناطقة بلسان الحركة الإسلامية. كان نجوم (آخر لحظة) في النصف الثاني من الستينات هم أحمد إبراهيم الطاهر (رئيس البرلمان) وعوض الكرنكي. أما نجوم (آخر لحظة) في تلك الأيام (أغسطس 1973م) فقد كان بابكر حنين وزهير الكارب ومحمد النجومي. هؤلاء عمالقة افتقدتهم الصحافة السودانية. في غرفة الهادي أحمد خليفة التقيت داؤود يحيى بولاد لأول مرة. بعد التعارف بدا لي داؤود بشوشاً ودوداً متواضعاً. تلك الصفات الجميلة كانت تخفي تحتها حِسَّاً فكاهياً لطيفاً وكرماً وأناقة وعاطفة سياسية تزيد عن الحد أحياناً. بعد دخول الجامعة في سبتمبر 1974م التقيت داؤود مرات قليلة متباعدة في غرفة تحرير (آخر لحظة) حيث كان يأتي لتسليم مقاله.
    كان داوؤد من كتاب (آخر لحظة) غير الراتبين. مثله مثل أحمد محمد عمر (المحامي في مدينة الدمام بالسعودية) والمهندس المعماري سعد الدين الذي صمم مسجد القصر الجمهوري على شارع الجامعة. هؤلاء كذلك عمالقة صحفيون افتقدتهم الصحافة السودانية. مثلما افتقدت سيد أحمد الحسن (المهندس) وبكداش الذي تفرَّغ للتصوف وقناة ساهور وإذاعة الكوثر.
    كان حينها يتم تحرير (آخر لحظة) في غرفة في الطابق الثالث بداخلية كسلا. الغرفة عبارة عن (مخزن) يقع في نهاية الطابق الثالث من الناحية الشرقية. في مقابل داخلية كسلا كانت تقع إلى الشمال منها داخلية القاش، حيث يوجد مسجد البركس في الجزء الشرقي من طابقها الأرضي. وأمام ذلك المسجد كان يوجد مسجد البركس القديم. يذكر أن الدكتور على الحاج محمد كان أول من رفع الأذان في داخليات البركس. كان مسجد البركس في شرق الطابق الأرضي لداخلية القاش يعج بالمصلين في صلاة الفجر كما يعج بحلقات التلاوة وحلقات التعارف من بعد. كان يتم تحرير (آخر لحظة) في (مخزن) داخلية كسلا في الطابق الثالث. لكن عندما يقرأ طلاب الجامعة الصحفية في اليوم التالي في مقهى النشاط، كانوا يجدون مكتوباً بالخط العريض (آخر لحظة يصدرها مكتب صحافة الاتجاه الإسلامي). كنت أقول مازحاً للأخ يحيى حسين بابكر (رئيس صندوق دعم الولايات) كان ينبغي أن يكتب (آخر لحظة يصدرها مخزن صحافة الاتجاه الإسلامي). ثم تعرفت أكثر على داؤود بولاد عند انتخابات اتحاد الطلاب في 12/ديسمبر 1974م، حيث قاطع الانتخابات كل من الشيوعيين وحزب الأمة. وتلا في ندوة في مقهى النشاط ممثل حزب الأمة (عبد الرسول النور) سورة النصر وكان الطلاب يستمعون إلي (إذا جاء نصر الله والفتح) على خلفية تحالف مقاطعة الانتخابات القائم بين الشيوعيين وحزب الأمة. فدعا ذلك التجاني سراج بخطابته الفكهة إلى القول في ندوة بمقهي النشاط (أنصر الله والفتح مع الشيوعيين؟). فضحكت كل جامعة الخرطوم. هدفت أحزاب المقاطعة من الشيوعيين وحزب الأمة إلى إعاقة الانتخابات بعدم حصولها على النصاب القانوني أى أكثر من 50% بصوت واحد. ثم جاءت نتيجة الانتخابات تعلن عن مشاركة 54% من الطلاب في الانتخابات وفوز الحركة الإسلامية بكل مقاعد الاتحاد. كان ذلك الفوز ليس بمستغرب لأن قدرات الطلاب الإسلاميين كان لا تقارن بغيرهم. كما أن العضوية الملتزمة لتنظيم الحركة الإسلامية كانت تبلغ حينها ألف طالب. عدد طلاب الجامعة حينها كان (8) ألف طالب.
    فازت الحركة الإسلامية بانتخابات اتحاد طلاب جامعة الخرطوم. كان داؤود يحيى محمد بولاد على رأس قائمة مرشحي الحركة الإسلامية. كان على رأس الأربعين (فارساً) الفائزين.
    في عشية الانتخابات، وفي ندوة ضخمة، تحدث أحمد عثمان مكي بكاريزمته الساطعة مخاطباً الطلاب (أقدم إليكم اليوم أربعين فارساً)، في إشارة إلى المرشحين للمجلس الأربعيني لاتحاد الطلاب. كان داؤود بولاد هو الفارس رقم (1)...
    نواصلق
                  

03-07-2021, 05:47 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من مخازي الأخوان المسلمين: يغدرون بداؤود � (Re: عبدالله عثمان)

    من صوت الهامش كتب حماد وادي سند الكرتي

    الوحشية في مقتل بولاد

    الاسم: مهندس/ داوود يحي بُولاد
    تاريخ الميلاد: الأول مِن يناير مِن العام 1952م
    بَدأتْ حَركة القائِدْ المناضِلْ داوود يحي بولاد بين الأعوام 1989م-1990م، كانت البِداية سريّة لِلغاية ومِن ثمّ خرجت إلى العلنْ، كما يرويها لنا، الأُستاذ/سيف نصر، باعتباره شاهِد عيان.
    يقُول الأُستاذ/ سيف نصر: أنّ المهندِس/ داوود بُولاد يحيى، كان مِن الطُلابْ المتفوقين، وكان سِياسِياً مُحنكاَ، وناجِحاً وذلِك مُنذُ أنْ كان طالباً بِجامِعة الخرطُوم، ومِمّا يدُل على ذلِك، أنّهُ، فاز باتحاد طُلاب جامعة الخرطُوم لدورتين مُتتاليتين.
    يُعتبر المُهندس/ داوود يحي بولاد، مِن طُلاّبْ الحَركة الإسْلاميّة ومِن المشاركين الأساسيين في انقلاب 1989م (الجبهة الإسْلاميّة – ثورة الإنقاذ الوطني التي أطاحتْ بالصادِق المهدِى)، ويردف الأُستاذ/سيف نصر قائِلاً: عِندما نجحت ثورة الإنقاذ بالإطاحة بِحكُومة الصادِق المهدى، كان مِن المفترض على الأقلْ، أنْ يتقلّد، بولاد، منصب حَاكِم دارفُور، ولكن تمّ تهميشه بِقدر كبير، حيثُ عرضُواْ عليهِ الذهاب إلى الولايات المُتحدة الأمريكيّة، لدراسة الماجستير، ولكِن الغرض مِن البِعثة الدراسيّة كان الإبعاد وليس الدراسة، ومن ثمّ قرر بولاد التمرد على النِظام العنصري، وقرر الانضمام الى الحَركة الشعبية لتحرير السّودان، بقياد الدكتُور / جون قرنق، ومِن ثمّ تمّ ابتعاثه إلى دارفُور لِتكوين نواة حركتهِ، حيثُ كان بُولاد القائد السياسي، وعبد العزيز الحِلو، القائِدْ العسكري.
    ظروف إغتيال القائِد المهندِس/ بولاد :يُذكر أنّ، بوُلاد أُصِيب بِخيبة أمل مِنْ أبناء جلدته، وذلِك عِندما ذَهبَ إلى دارفُور، ظنّاً منهُ أنّ المعسكرات سوف تكون ملِيئة بالأفراد، إلاّ أنّه وجد المعسكرات خاويّة تَماماً فقرر الدخُول إلى عُمق نِيالا لِحثْ النّاس لِلخروج والعمل ضِد النِظام العُنصرى، وأثناء مروره بِالطريق قابل أحد الأشخاص، فطلبَ منهُ المُساعدة، فَما كان مِن الشخص إلاّ أنْ يستضيفهُ فِى منزلهِ، طلب بولاد مِن صاحِب المنزل أنْ يشترى لهُ بعض الأغراض، ذهب الرجُل وأثناء سيره، قابل الأُستاذ/جعفر عبد الحكمْ، الذى كان معلم مرحلة متوسطة فِى ذلِك الوقت، فتجاذب أطراف الحدِيث مع مستضيف بُولاد، حيثُ أخبره بِأنّ بوُلاد موجُود فِى منزلهِ، ومِن الجدير بالذّكر أنّ الحكُومة السُّودانيّة، كانت قدْ عرضتْ مبلغ ملايين الجنيهات لِمن يُدلِى بأى معلُومات عنْ بولاد، فما كان من جعفر عبد الحكم، إلاّ ليبلغ السُلطات الأمنية، بِمكان بولاد طمعاً فِى المال ولو كان على حِساب دماء الأبطال، فحاصرتْ القوات الحكوميّة المنزل وألقتْ القبض عليهِ، تمّ تعذيبه أشدّ التعذيب، ومن ثمّ تمّ دهسه بِدبابة.(شهادة الأُستاذ/ سيف نصر/ عبد العزيز الحلو/ عميد/ عبد العزيز النور).
    إنّ السيّد/ جعفر عبد الحكم، الذى ينتمِى إلى قبيلة الفُور، هو الذى قام بالتعاون مع حكُومة المُؤتمر الوطنِى لِتعذيبْ وإغْتيال إبنْ جلدتهِ، إنّ الأمر يدعُواْ إلى التقزُزْ، فِى سيبل حفنة مِن الدولارات، يقُود، جعفر عبد الحَكم، أُستاذ المرحلة المُتوسطة، حُثالة البشر، مصاصي الدماء مِن قوات الأمن إلى المنزل الذى كان يختبِىءْ فِيه، المناضل داوود يحى بولاد.( فسئلوا الأستاذ/ سيف نصر، لِكى تعلمُواْ المزيد عن ظروف إغْتيال المناضِل / مهندِس/ داوود يحيى بولاد).
    إنّ شهادة الأُسْتاذ/سيف نصر، يدحضْ كُل الرويات التي كانت تنسب مقتل مهندس/ يحى بولاد، إلى القبائِل العربيّة . إنّ أفراد ينتمُون إلى قبيلة الفُور، الذى ينتمِى لها المهندس، هُم الذين قامُواْ بِكشف مكان اختبائه وقامُواْ دون إسْتحياء بِتسليمهِ إلى الطيب سِيخه، فما كان منهُ إلاّ أنْ قام بِتعذيبه أشدّ العذاب، ومن ثمّ قتلهُ بدمٍ باردْ.
    لمزيد من التفاصيل يرجى مراجعة هذا البحث:

                  

03-07-2021, 05:55 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من مخازي الأخوان المسلمين: يغدرون بداؤود � (Re: عبدالله عثمان)

    داؤد بولاد: هَذرُ العذارَى وفقه الأسَارَى ... بقلم: مصطفى عبد العزيز البطل

    نشر بتاريخ: 27 كانون2/يناير 2010
    التفاصيل
    الزيارات: 7236
    غربا باتجاه الشرق



    mailto:[email protected]@msn.com

    (1)

    نشرت صحيفة " الاحداث" مؤخراً على مدى أسابيع متوالية سلسلة من حلقات بعنوان (حكايات داؤد بولاد)، بلغت فى العدد عشراً، كتبها الاستاذ عبد المحمود نور الدائم الكرنكى. وقد وجدتُ فى مطالعة تلك الحلقات فائدةً جمّة، كما وجدت فى قراءتها ايضاً متعةً لا تدانيها متعة. وان كانت شخصية وسيرة داؤد بولاد، الكادر الاسلاموى الحركى المنظم، الذى انقلب على عقبيه فانضم الى الحزب الاتحادى الديمقراطى فى مقتبل العام ١٩٨٧، ثم الى الحركة الشعبية لتحرير السودان فى مقتبل التسعينات، حيث خدم كقائد عسكرى فى صفوفها حتى جرت واقعة أسره، ومأساة قتله فى ذروة (رقصة هياج)، على النحو الذى فصّله الكاتب والذى سنتطرق له فى حينه؛ نقول لئن كانت شخصية الرجل وسيرته هى المحور الناظم والعمود الرئيس لتلك الحلقات، الا أن جانباً مقدراًً مما كتب الكرنكى انصب على توصيفٍ رفيع وتوظيفٍ بديع لبعض أوجه حياة وممارسات وذكريات الطلاب والطالبات من عناصر الحركة الاسلاموية فى جامعة الخرطوم، خلال تلك الحقبة الخصيبة التى كان فيها الكاتب، ورصيفه الأسير القتيل، طلاباً ينهلون المعارف من غدير تلك المؤسسة العلمية الرائدة.

    (2)

    أضحكتنى رواية الكرنكى – كما جاءت فى احدى الحلقات – عن تعلق بعض طالبات التنظيم ببعض الطلاب الاسلامويين تعلقاً عاطفياً بلغ حد تأليف بعض الطالبات لاغنيات يتشببن فيها بطلاب معينين، من قيادات الحركة، ممن أسروا قلوب العذارى الاسلامويات. ولكننى كدت استلقى على قفاى تماماً عندما قرأت فى حلقة اخرى كيف ان احدى الطالبات ضبطت طالبة اخرى وهى تنزع من قلب مادة ورقية دعائية مثبتة على الحائط، صورة طالب اسلاموى معين، سماه الكاتب باسمه، من المرشحين لانتخابات اتحاد الطلاب، اشتهر عنه انه كان فارس احلام العديد من الطالبات. انتزعت الطالبة الاسلاموية الصورة وادخلتها على عجل فى حقيبتها الخاصة، ولكن سوء حظها مكّن طالبة اخرى من ان تضبطها متلبسة، مما جعل الاولى تتضرع اليها متوسلة: (عليكى الله أسترينى يا ابتسام)، فوافقت ابتسام وتمت السترة!

    وبحسب الكرنكى فأن بعض الطلاب الاسلامويين كانوا يشببون بدورهم بالعذارى من اسلامويات الجامعة، فيسعون الى الدخول الى قلوبهن من أبوابها، ويعرضون عليهن الاقتران على سنة الله ورسوله، او على الاقل الموافقة على الخطبة حتى يأذن الله للمتحابين بالتخرج والاستعداد لأعباء الحياة المشتركة. فإذا صادف الطلب هوى عند الفتاة الاسلاموية أجابت الطالب من فورها الى مطلبه فأكتملت سعادته واستتب هناؤه. أما اذا كان الطالب دون طموح الفتاة، او ممن لا يرقى الى قلبها او يوافق عقلها، فأرادت ان تتخلص منه باسلوب مهذب وكريم فإن ردها يكون: (خلاص خلينى استخير). تعنى بذلك ان يتركها الطالب حتى تصلى صلاة الاستخارة ثم تحزم أمرها. وكان الاجماع، المستند الى رصيد متراكم من الخبرات والتجارب، قد انعقد فى معسكر الطلاب على أن العبارة الدالة على الرغبة فى الاستخارة اذا مرقت من ثغر الاسلاموية المتمنعة فى مواجهة الاسلاموى العاشق فإن ذلك يكون بمثابة السهم، أو "الشاكوش"، الذى يجتث آماله من الجذور ويلقى بها من حالق.

    ولكن دعنا من ذكريات الكرنكى الساخرة وتداعياته الهاذرة، فأغلب عذارى السبعينات فى جامعة الخرطوم، حيث تمركزت الحلقات، تثاقلت عليهن تكاليف الحياة اذ اصبحن أُمهات، وكثير منهن يزحفن بخطىً واثقة نحو جيل الجدّات، ان لم يكنَّ قد صرن جدّات بالفعل، لا يرجون من دنياهن غير العفو والعافية. كما ولج الكرنكى نفسه، هو وأضرابه من طلاب الزمان الذاهب، ولوجاً رفيقاً الى مراحل الشيخوخة الباكرة، وأحسب انهم ما عادوا ينظرون الى ذلك الماضى المتنائى الا بمقدار ما ينتزعون من براثنه ابتسامةً سريعة او ضحكةً عابرة يمسحون بها صهد الحياة ويستعينون بها على وعثائها، وهم يهمهمون: (ألا ليت الشباب ...)!

    (3)

    بيد أن الذى وقفت عنده ملياً عند قراءتى للحلقات، هو ما جاء فى متنها من رصدٍ محكم وتسجيلٍ دقيق للفصل الأخير فى حياة الراحل المرحوم داؤد بولاد. وكتابة الكرنكى فى هذا المضمار تتميز عن غيرها من حيث أنها تصدر عن رجلٍ عليم، تكتسب روايته سلطتها من كون الكاتب لاعبٌ أصيل ذى قدم راسخ فى معسكر العصبة المنقذة، التى كتبت بيديها سيناريو المشهد النهائى فى حياة هذا الرجل ذو السيرة الجدلية المثيرة.

    أبان الكرنكى ان بولاد كان أصلاً موضع ريبة فى دوائر الحركة، وأن جهات تنظيمية داخل الجبهة الاسلامية القومية اتهمته بأنه الكاتب الفعلى لمقال كانت صحيفة "دير شبيغل" الألمانية قد نشرته عام ١٩٨٦، عن خطط الاسلامويين للانقضاض على السلطة. كما أن قيادياً فى نظام الانقاذ، من الثقات، عيّنه الكرنكى، أفاده عام ١٩٩٣ ان بولاد كان قد أقام علاقات مع (الامريكيين)، وانه التقى بمسئولين فى السفارة الامريكية فى كل من زمبابوى والقاهرة. وبعد ان تناول بالعرض ملابسات لقاء بولاد بالعقيد جون قرنق وانضمامه لحركته، وما تلا ذلك من افتراعه لجبهة عسكرية ضد حكومة الانقاذ وقيادته جحافل مسلحة فى مسيرة عسكرية من بحر الغزال الى جبل مرة، وصولاً الى الفصل الخاتم حيث وقع بولاد أسيراً فى يد القوات الحكومية. كتب الكرنكى:(جاء والى الولاية لمشاهدة القائد الأسير. كان الوالى الدكتور الطيب ابراهيم محمد خير، الشاعر الودود، عضو اتحاد طلاب دورة ٧٤/ ٧٧ برئاسة داؤد بولاد نفسه.. تعطلت لغة الكلام بين "الأخوين المسلمين".. ظل الطيب ابراهيم وبولاد ينظران الى بعض نظرة صامتة استمرت خمسة عشر دقيقة).

    ثم يمضى الكرنكى فى عرض المعلومات التى بحوزته بشأن مصير بولاد، ليصل بنا الى حيث يثبّت ويعضّد تعضيدا تفصيلياً ما كان قد تردد فى الماضى فى طوايا أحاديث متناثرة، من أن عناصر الانقاذ قامت بقتل الأسير دون محاكمة، لا عسكرية ولا مدنية. وواقعة قتل الأسير هى التى استوقفتنى فى الرواية كلها. حيث ان تلك الواقعة تستولد أسئلة لا حصر لها وفى طليعتها، بطبيعة الحال، السؤال التالى: ما هو المسوغ الشرعى او المستند الفقهى الذى ارتكز اليه والى دارفور الاسبق وزمرته من عناصر الحركة الاسلاموية فى قتلهم لرجلٍ أسير وقع تحت أيديهم، واصبح فى ذمتهم، وانتفى خطره على الدولة والنظام؟ وهو سؤال يستمد مشروعيته ومصداقيته من كون الوالى وزمرته ينتمون الى جماعة استولت على السلطة بذريعة تحكيم شرع الله.

    وشرع الله، الذى يفترض انه المرجعية الحاكمة، كامل الإبانة فى أمر حقوق الأسير، وشديد الوضوح فى شأن حرمة دمه. ولو أن الوالى وزمرته يهتدون بهدى الله وناموسه فإن التشريع الاسلامى بشأن الأسرى تضمنته عدد من آيات الذكر الحكيم، الذى هو المصدر الاول للتشريع فى الاسلام، وثبتت قواعدة السنة المطهرة قوليةً، وفعليةً، وتقريرية. جاء فى محكم التنزيل:( يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّمَن فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الأَسْرَى إِن يَعْلَمِ اللهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) " الانفال/ الآية ٧٠". بل يوصى الاسلام بإطعام الأسير قبل المسلم: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا) " الانسان الاية ٨". وفى الأثر عن النبى الكريم:( استوصوا بالأسارى خيراً) "الطبرانى/المعجم الكبير". والحكم الأصلى فى مصير الأسرى يقرره القرآن الكريم بقوله تعالى: (فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا) "محمد /الآية ٤". وقد أشار الطبرى الى اقوال بعض الفقهاء بنسخ هذه الآية إلاّ انه ردّ هذه الاقوال جميعاً اذ قرر أن: (الصواب من القول عندنا فى ذلك ان الآية محكمة غير منسوخة)، واستدل على ذلك بفعل رسول الله فيمن صار أسيرا بيده من أهل الحرب. وجاء فى "بداية المجتهد" لابن رشد: (لا يجوز قتل الأسير، وحكى الحسن بن محمد التميمى انه إجماع الصحابة). بل ان شريعة الاسلام تذهب الى ما هو ابعد من ذلك، حيث تمنع تعذيب الأسير للادلاء بمعلومات عن العدو، (وقد قيل للإمام مالك: أَيُعذَّبُ الأسيرُ إن رُجِيَ أن يدلَّ على عورة العدوِّ؟ قال: ما سمعت بذلك) " السهيلي: الروض الأنف، 3/58، وابن كثير: تفسير القرآن العظيم، 4/68 ". وفى الفصل الرابع من رسالة الباحث عطية سلامة للدكتوراه بكلية الحقوق بجامعة الاسكندرية، ١٩٨٧:(الأصل فى الشريعة أنه لا يجوز قتل الأسير لمجرد أنه أسير، وذلك استنادا الى الآية الكريمة التى تحصر مصير الأسرى بالمن والفداء).

    وغنىٌّ عن البيان، انه الى جانب ما اشتملت عليه أحكام الشريعة الاسلامية من نهى عن قتل من وقع من الاعداء فى أيدى المسلمين، فإن القانون الدولى العام يرتب حقوقاً للأسير أثبتتها المواثيق الدولية تضمن مكانة الاسير وحقوقه التى يتمتع بها بموجب هذه الأحكام مثل عدم محاكمته، وعدم تعرضه للتعذيب، وتلقى علاج طبى كامل، والاتصال بأقربائه وغير ذلك من الحقوق. وبحسب ميثاق جنيف الثالث لعام ١٩٤٩ فإن داؤد بولاد تنطبق عليه صفة الاسير انطباقاً كاملاً اذ ان الميثاق حدد ثلاثة تعريفات لمصطلح المقاتل الشرعى الذى تنسحب عليه صفة الاسير ومنها (المقاتل فى جيش لكيان سياسى يدار كدولة ولو كان غير معترف به). ومعلوم ان الحركة الشعبية لتحرير السودان كانت قد أقامت دولتها فى المناطق المحررة، وكانت تديرها على هذا الاساس، وان لم تعترف بها حكومة الانقاذ المركزية.

    (4)

    ومهما يكن من أمر فإننا نقدر للقيادى الاعلامى الاسلاموى عبد المحمود الكرنكى، ونحمد له حمداً كثيراً انه لم يداور او يناور، ولم يتمحك او يتلكك، وهو يتعرض لواقعة – ولعلنا نقول جريمة – قتل الاسير داؤد بولاد بالمخالفة لاحكام الشريعة الاسلامية وقواعد القانون الدولى فدوّن الوقائع بحذافيرها، وأظهر ادانته لها، ووصف واقعة القتل بأنها تمت فى وسط "رقصة هياج". كما أنه – ونحمد له ذلك ايضاً - أدان حملة الاغتيال المعنوى المُحكمة التدبير التى لحقت بذيول الاغتيال الحسى، اذ أشاع الاسلامويون عن الأسير القتيل انه عند حمل جثته من موقع القتل وجدت على رقبته قلادة تحمل الصليب كناية عن تنصره وارتداده عن عقيدة الاسلام. كما اذاعوا عنه أنه كان عند أسره يرافق ويعاشر "إمراة صديقة" لم تكن له بزوجة. فضلاً عن ذائعات اخريات. وقد أدهشنى، بقدر ما أعجبنى، ان الكرنكى وافته الشجاعة فلم يكتف بفضح ورد الدعاوى الكاذبة الملفقة التى ألحقها بالرجل عامدين متعمدين رفقاء درب أمسه القريب، بل أدان الحركة الاسلاموية بكاملها، ونسب اليها انه كان لها، بحسب كلماته: (وجهٌ أسود تنبعث منه اشعاعات خفية لتدمير سمعة غير المرغوب فيهم تنظيمياً). انظر وتأمل، يا رعاك الله، جلال هذه الحكمة التى صدع بها الكرنكى فى لحظة تجلٍّ وهو يتهيأ لإماطة اللثام عن صفحة، ظلت عبر الحقب مستورة، من تاريخ الحركة:( فى اشانة السمعة، مهما كان المتهم بالزور شهيراً فإن عدد الذين لا يعرفونه عن كثب يزيد عن عدد الذين يعرفونه عن كثب. لذلك يجب على الذين يعرفون الحقيقة أن يتكلموا، لأن المعارف فى أهل النُهى ذمم، لأن الحقيقة أمانة وكتمانها خيانة).

    مضى الكرنكى قدماً، بذات الروح، فأثبت أن هناك عدداً من "حادثات الافك" فى حركة الاخوان المسلمين تحتاج الى مجلد. ولأمرٍ ما استنكف الكرنكى ان يدوّن أسماء من استهدفتهم أحاديث الافك هذه صراحةً، بيد أنه ذكر أشهر الأسماء ولكن بالاحرف الاولى، وسجلها هكذا: (التسريبات الغامضة ضد الراحل الدكتور "م. ع. ب"، والدكتور "ع .أ .ب"، والعالم العابد الفقيه "ح .ن"، والراحل داؤد بولاد. حيث لا يصدق انسان محترم تلك التسريبات "الاخوانية". تلك التسريبات عزف منفرد على الدقنجة). لم أعرف ما تعنيه لفظة "الدقنجة"، ولكننى أزعم اننى تمكنت من فك شفرة واحد من الأسماء المرمزة، وهو اسم الراحل الدكتور محمود برّات، الذى كان استاذاً بكلية التربية بجامعة الخرطوم، وكانت له خلافات مبدئية وعقدية مع شيخ الجماعة الدكتور حسن الترابى، سارت بذكرها الركبان. واعلم يقينا، كما يعلم كثيرون غيرى، انه كان واحداً من ضحايا آلة الاغتيال المعنوى الاسلاموى، التى ظلت تلاحقه وتستهدفه فى نهاية السبعينيات وبدايات الثمانينيات استهدافاً محكم التصويب، حتى أظل الناس يومٌ غائمٌ حملوا فيه العالم الجليل برّات على آلةٍ حدباء الى مستقره الاخير.

    (5)

    ومهما يكن فإن اسلوب مناهضة الخصوم داخل التنظيمات العقائدية بتوظيف استراتيجيات إغتيال الشخصية من الممارسات الفاشية داخل كثير من التنظيمات العقيدية. وللحزب الشيوعى السودانى، بغير شك، سهمٌ وافر وسجلٌ حافل فى هذا المضمار، يبدأ دفتر مشتملاته من شبهة الاختلال العقلى وينتهى بمسبة الشذوذ الجنسى. وتمر الصفحات بين هذا وذاك بمحطات اخرى مثل الانتهازية والتصفوية والرخاوة الفكرية، وما شاكلها من مصطلحات القتل المعنوى. والثابت بشهادة عدد من قادة الحركة الاسلاموية ان تنظيمها اقتبس عبر تاريخه الطويل كثيرا من مناهج عمل الحزب الشيوعى. ومن بين هؤلاء الدكتور غازى صلاح الدين الذى كان قد أدلى، فى زمنٍ مضى، بحديث مستفيض للتلفزيون السودانى، أماط فيه اللثام عن أن الحركة الاسلاموية نقلت عن الحزب الشيوعى بعضاً من الاستراتيجيات والاساليب والممارسات ووظفتها لصالحها. ولابد ان "اغتيال الشخصية" كنهج ووسيلة لتحييد الخصوم وتحجيم خطرهم وإضعاف أثرهم السياسى كان واحداً مما انتحلته الحركة من بيئة الشيوعيين السودانيين. ولكن السعى لاغتيال رجل اغتيالاً معنوياً، بعد قتله ومفارقته الحياة فعلياً، وذلك باختراع الروايات الوهمية والصاقها بجثته، وإذاعة الذائعات الملفقة وترويجها بعد مماته، بما فيها ذائعة الردة عن الاسلام، ربما بلغت فى الشطط والجموح والسفه مبلغاً غلب فيه الحوار شيخه!

    ومشروع قتل الكادر الاسلاموى داؤد بولاد قتلاً معنوياً، بعد تصفيته حسياً، يُعد من المشروعات القلائل التى اجتمع عليها الفصيلان المتفاصلان للحركة الاسلاموية. وربما كان مرد ذلك هو ان واقعة القتل وبادرة التشهير تمتا بعلم ومباركة زعيم التنظيم إبان وحدته، فلم يعد الى التنصل من عارها سبيل او مخرج. وكان من بين تورطوا فى ذلك الشغَب الأثيم الصديق الراحل العزيز المرحوم محمد طه محمد أحمد، قبيل مراجعاته الكبرى، وانفتاحه النبيل على جميع التيارات التى ادمن معاداتها فى الماضى، وشروعه فى اعادة تقويم ممارساته الصحفية ومواقفه الفكرية والسياسية. وفى كتابه الذى صدر، عن دار مدارك، بدايات هذا الشهر من عامنا الجديد ٢٠١٠، بعنوان ( الحركة الاسلامية السودانية: دائرة الضوء- خيوط الظلام)، كتب الاستاذ المحبوب عبد السلام، أحد أبرز القيادات السياسية والاعلامية لحزب المؤتمر الشعبى يشير الى الأسير القتيل:(.. كما جاء اسمه فى رأس قوائم المتعاونين مع جهاز الأمن المايوى إبان حكم النميرى بعد أن قامت لجنة تصفية جهاز أمن الدولة بتسليم وثائق الجهاز لديوان النائب العام).

    ولم استغرب لزعم المحبوب، فقد سمعت ذات الحديث من قبل من فم الحصان نفسه كما يقول الفرنجة. وكان اسم بولاد قد ورد فى جلسة جمعتنى بالشيخ حسن الترابى، وذلك بعد وقت قليل من توارد أنباء مصرع الرجل. وقد أفاض الشيخ الترابى على مسمعى تفصيلات عن ذات الرواية التى كتبها المحبوب، ثم أضاف الشيخ اليهما روايتين اخرتين. اولاهما ان بولاد لم يكن فوق الشبهات من حيث الأمانة والخلق، وانه حوّل لمنفعته الشخصية بعض موارد التنظيم، ومنها على وجه التخصيص سيارة لاندكروزر، وذلك إبان توليه مهامه الحزبية فى اقليم دارفور. وثانيتهما انه كان رجلاً مريباً له أجندته الخطيرة المثيرة التى يحاول تمريرها مستغلاً صلاته السياسية، وانه فى هذا السبيل سبق أن قدم للشيخ الترابى قائمة بأسماء ضباط فى القوات المسلحة ألحّ على ضرورة فصلهم من الخدمة العسكرية بزعم انه يملك معلومات موثوقة عن ضلوعهم فى التآمر ضد الحكومة.

    (6)

    غير انه وبعد تأمل واستمزاج كل هذه المزاعم، التى لا يخالجنى شك فى انها تندرج تحت لافتة القتل المعنوى كما قرر الكرنكى، فإن سؤالا واحدا يظل يطرح نفسه وباصرار، ويطلب اجابته عند المتكثرين الذين أهالوا الاتهامات على قبر الأسير القتيل بغير حساب وبغير فطنة: صحيح ان حزب الجبهة الاسلامية كان من أول التنظيمات التى حصلت واطلعت على قوائم المتعاونين مع جهاز أمن الدولة المايوى عقب انتفاضة ابريل. وكانت صحفها، وبصورة أخص صحيفة (الوان) توظف وثائق الجهاز وتستخدمها فى ابتزاز الخصوم السياسيين والتشهير بهم، مثلما فعلت فى حالة الصحافى سيداحمد خليفة، الذى أراد حزب الجبهة تنحيته عن دائرة الصحافة وجبرة خوفاً من تكتل مجموعات الشايقية خلفه، مما قد يضعف فرص فوز الدكتور حسن الترابى الذى كان قد اعلن ترشيحه للبرلمان عن تلك الدائرة. وكانت (الوان) قد استبقت العملية الانتخابية بنشر مراسلات، من وثائق الجهاز، بين الصحافى المرشح سيدأحمد خليفة واللواء كمال حسن احمد نائب رئيس جهاز أمن الدولة، توحى بأن الاول كان على صلةٍ ما بالجهاز. ومعلوم ان حزب الجبهة كان يملك عددا من العملاء الناشطين والكوادر الفاعلة فى العديد من الاجهزة الحساسة. وقد كان على رأس هؤلاء من الواقفين على أمر الجهاز ووثائقه ضابط برتبة عقيد فى القوات المسلحة، حمل آنذاك بوجه رسمى صفة "نائب رئيس لجنة حصر وتصفية جهاز أمن الدولة". وقد عُرف هذا الضابط بين زملائه ابان توليه هذه المهمة فى العام ١٩٨٥ باسم العقيد عمر حسن. ولكنه بات فى يومه هذا وهو يحمل اسماً اكتمل بدره، وصفةً اخرى، تتقطع دونها دونها الرقاب: المشير عمر حسن احمد البشير رئيس الجمهورية!

    قلنا ان هناك سؤالاً واحداً يظل يطرح نفسه بإصرار. وهو يطرح نفسه مستنداً الى خلفية المعلومات التى اوردناها فى الفقرة الطويلة السابقة. اذا كانت الجبهة الاسلامية القومية كانت قد علمت حقاً وصدقاً عقب سقوط نظام النميرى، وتصفية جهاز أمن الدولة، وكشف أسماء المتعاملين معه فى منتصف العام ١٩٨٥، أن الأسير القتيل المهندس داؤد بولاد كان قد خان عهد جماعته وتورط فى العمالة لجهاز أمن الدولة المايوى، وامتلكت الدليل على ذلك كما يزعم المحبوب وشيخه وغيرهم، فلماذا وعلى أى أساس وتحت أية حيثيات قام الشيخ الترابى وحزب الجبهة الاسلامية، بعد عام كامل من كشف أسماء المتعاملين مع جهاز أمن الدولة، بتقديم الأسير القتيل لشعب دارفور، فى منتصف العام ١٩٨٦ ، مرشحاً عن الحزب فى انتخابات الجمعية التأسيسية للديمقراطية الثالثة عن دائرة نيالا، أكبر وأهم الدوائر الجغرافية فى دارفور؟! ولماذا كلفته رسمياً بالاشراف على الاقليم وعهدت اليه ووضعت تحت إمرته الموارد البشرية والمادية الخاصة بالتنظيم، وهى تعلم أنه خائن، خان التنظيم وباع أسراره، وتواطأ مع أجهزة أمن النميرى، التى كانت قد قعدت للاسلامويين، قبيل الانتفاضة، كل مرصد ولم تهدأ بالاً حتى أودعت كل قياداتهم فى غيابات السجون، بمعونة مفترضة من الأسير القتيل؟!

    لماذا ولى الشيخ الترابى، وهو أمير الجماعة، خائناً علقت فوق جبينه تهمة الخيانة، على شيعته من عضوية الحركة فى اقليم دارفور، ولماذا زكاه لأهل نيالا لينتخبوه ويجعلوه على رأسهم، ويفوضوه ممثلاً عنهم فى البرلمان القومى؟ ألم يكن الترابى قد علم ان الأمير مكلفٌ شرعاً بأداء الأمانات الى أهلها، ومقتضى ذلك وفقاً للسياسة الشرعية فى الاسلام هو أن يولى ويوظف القوى الأمين؟ أم ان دارفور كانت قد عدمت الأقوياء الأمناء، فصارت القوة والأمانة عند أهلها نسبية؟ أيجوز أن أمير الجماعة لم يكن قد سمع بحديث الرسول الكريم، كما رواه ابن عمه عبدالله بن عباس، ونقله البخارى ومسلم: (من استعمل رجلاً من عصابة، وفى تلك العصابة من هو أرضى لله منه فقد خان الله وخان رسوله وخان المؤمنين)؟!

    (7)

    ولسنا نعرض هذه التساؤلات المهالك ونفتح تلك الصفحات الحوالك ونحن نرجو من ورائها خيراً كثيراً. أول ما يقبض النفس ويثقل الفؤاد أنه حتى وان نحّينا ملف بولاد جانباً، فإن سجل العصبة المنقذة فى تصفية الخصوم بوجوه غير مشروعة، تجافى القواعد المستقرة دينياً، وتنافى الاحكام المرعية وضعياً، سجلٌ قاتمٌ مروّع تذهل فى حضرته كل مرضعة عما أرضعت. ولا سبيل للعصبة المنقذة لتجاوز هذا السجل الأغبر والقفز من فوقه، دون معالجات جذرية ترد المظالم وتصون الحقوق وتحفظ القيم وتعزز الكرامات. وكنا فى ماضٍ لنا قريب، قد دعونا العصبة الى مثل ذلك، ثم وقفنا جنباً الى جنب مع قوىً أصيلة داخل الوطن، دعت الى انفاذ مبادئ العدالة الانتقالية على سُنة الحقيقة والانصاف والمصالحة. تأسياً بالدول المنيعة الوديعة التى ثابت الى رشد الديمقراطية بعد دهور الغيبوبة، وآبت الى حياض العفة السياسية والسلام الاجتماعى بعد تطاول الاغترابٍ.

    وها نحن فى يومنا هذا نعود معادنا ونرجع مرجعنا فندعو العصبة المنقذة من جديد الى ان تهتدى بهدى الحقيقة والانصاف والمصالحة، فتبين للناس مَن مِن رجالها قتل الأسير المهندس داؤد بولاد، بغير رخصةٍ شرعية ودون مظلة وضعية، وماذا عساه يكون موقفها العدلى من تلك الجريمة النكراء، من حيث كونها الحفيظة على الدستور والقانون، ثم تقوم الى مقام الانصاف فترد لأهل الأسير القتيل حقوقه وحقوقهم، ماديةً ومعنوية، وترشدهم الى قبره فيزينونه بشاهدٍ وحصىً وزرع وماءٍ وزيارة. ثم تسعى من بعد مع الساعين فى طريق الصلح والصلاح على نهج التائبين المستنصحين. ولا يهولن العصبة المنقذة، ولا يفزعنّها اصطفاف الصفوف المتراصة ممن وقعت عليهم مظالمها عبر الحقب، ودارت عليهم دوائرها بالشبهات والريَب، فتسترخص المخارج وتشق عليها العزائم. فلا عاصم لها اليوم، ولا عاصم لها غداً، من استحقاقات العدالة الانتقالية ومتطلباتها. وقديماً قيل: لا بد مما ليس منه بدٌّ. (أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا، إذ آوى الفتية إلى الكهف فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمةً وهيّء لنا من أمرنا رشَدا).

    عن صحيفة "الأحداث" ٢٧ يناير ٢٠٠٩
                  

03-07-2021, 06:03 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من مخازي الأخوان المسلمين: يغدرون بداؤود � (Re: عبدالله عثمان)

    كل بولاد وكل كرنكي يتآمر


    يتعرّض د. عمر القراي، وكذلك الصحفي الأستاذ فيصل محمد صالح وكثير من النشطاء لمحاكم تفتيش جائرة وذلك بسبب نهوضهم للدفاع عن البطلة صفية اسحق والتي تعرّضت للإعتصاب على ايدي أفراد من جهاز الأمن كما ادلت هي بشهادتها والتي نشرت في الأسافير وسارت بها الركبان.
    من الواضح ان هذا النظام المتهالك، وقد ضاقت عليه الدوائر، يظل يبحث عن "كبش فداء" يظن واهما انه بذبحه سيخيف كل الشرفاء عن قولة الحق ليظل النظام سادرا في غيه، متماديا في باطله الذي أحال نهار أهل السودان الى ليل بعدما أذاقوه الأمرّين ولكن هيهات هيهات فقد استبشر شيخهم الترابي منذ ثلاثة عقود بثورة الخمينس قائلا "قد ذكّرنا الخميني يجزيه الله خيرا أن كل نظام قهري لا يمكن أن يثبت أو يدوم مهما كانت القوة التي تدعمه" .. وتلك هي الحال فليهيء سدنة هذا النظام البئيس لأنفسهم مهربا في يوم ستضيق به عليهم الأرض بما رحبت وإنا لنراه قريبا.
    هذا التنظيم الدخيل على أعراف وتقاليد ودين، بل و"رجولة" أهل السودان، قد نشأ في أحضان المخابرات البريطانية التي موّلته عن طريق هيئة قناة السويس لتخدّم ب "تنظيمهم السري" أغراضها "القذرة" ابان تواجدها في مصر. فبدأ التنظيم عهده باراقة دماء الخازندار وغيرهم وهم يهتفون (فليعد للدين مجده أو ترق منا الدماء)، وظلوا كذلك على طول المدى ولا هدف لهم غير السلطة على أجساد وجماجم المسلمين.
    لقد ظل الأستاذ محمود محمد طه يحذّر على طول المدى من خبث والتواء هذا التنظيم الدخيل الذي يتمسح زورا وبهتانا باسم الإسلام وليس له من الإسلام ولا قلامة ظفر. ولسوء التربية وطباع النفاق التي يورثها هذا التنظيم لأفراده يتواتر قول الأستاذ محمود محمد طه عنهم (أنهم يفوقون سوء الظن العريض) ويرد حديث آخر عن توبة الأخ المسلم وعودته لجادة الطريق أنه مثل الإناء الذي ولغ فيه الكلب (لا يتطهر الا أن يغسل سبع مرات إحداهن بالتراب) ... وقد رأينا كل ذلك، ليس في تعاملهم مع الآخر وحسب، وإنما حتى في تعاملهم مع بعضهم البعض عندما "يختلف اللصان"!!! فها هو اليوم فقط يحدثنا أحد كوادر عنفهم (عمار محمد آدم) عن اقالة عثمان الهادي مدير شركة شيكان للتأمين "بعدما تزوج زوجته الرابعة"!! ولا يخفى على أحد الهمز واللمز في الإشارة للزوجه الرابعة هذه. ويعرف أهل السودان ان المجلس الخاصة لهذا التنظيم سيء التربية كلها تقوم على مثل هذا "القيل والقال" واتهامتهم لبعضعم البعض بما يعف القلم عن ايراده.
    حكى الأستاذ مجذوب محمد مجذوب، أحد أقدم كوادرهم والذي تركهم بعد حين ليصبح تلميذا للأستاذ محمود محمد طه، أنهم عندما كانوا أخوانا مسلمين ذهبوا للسيد علي يستميلونه لدعوتهم فرد عليهم : ((يا أبنائي هذه دعوة إلى فتنة: عيشوا الاسلام في بيوتكم))
    وبسبب من هذه الفتنة، فلعله معلوم للجميع كل الخزايا التى ارتكبوها في قتل وسفك دماء المسلمين من أهل السودان بدءا بحادثة التاسع والعشرين من رمضان والتي قال عنها المحبوب عبدالسلام المحبوب أن من قتل فيها من صف الضباط أضعاف أضعاف من قتل من الضباط، مرورا بالأيفاع الذين قتلوهم في العليفون وغيرها وقد يحدثنا الصحفي المقيم بالبحرين خالد ابو أحمد والذي انسلخ من تنظيمهم بآخرة كيف أنهم كانوا يصورون اشخاصا بعينهم ثم يكون هؤلاء الأشخاص أول من يقتل في "ساحات الفداء" برصاصات من الخلف ليصيروا وقودا لبروبغاندا "ساحات الفداء"، مهرا من دم رخيص، لينعم السادة الذين لا يزورون أحراش الجنوب ولا في الأطلس، ليظلوا قابعين في قصورهم في الخرطوم مع النساء مثنى وثلاث ورباع في قصور لا تجف مياه برك سباحتها بينما تموت بري من العطش!!!!
    من أبرز آيات نفاق هؤلاء القوم أنهم لا يتجرأون الا على من يحسبونه ضعيفا، فقد ظل ديدنهم على عهدنا بجامعة الخرطوم لا يتجرأون الا على من لا يحملون سلاحا وقد حدثنا محمد طه محمد أحمد كيف أن صلاح غوش والدرديري محمد أحمد كانا يطوفان أقبية الجامعة ل "يؤدبا" من يختلي من الطلاب بالطالبات!!! كانوا يتهيبون التنظيمات المسلحة مثل تنظيمات الأخوة من جنوب السودان "مع أنهم نصارى أو لا دينيين" ولكنهم يتجرأون لعى الجمهوريين لأنهم يدعون بالحسنى ولذلك فقد شهدنا متكرر اعتداءآتهم على أركان الجمهوريين وأفراد الجمهوريين والجمهوريون يقيمون الصلاة ويرفعون الآذان ولكننا شهدنا ذات القوم يؤدون التحية صباح مساء لسلفاكير المسيحي في قصرهم الجمهوري لأنه ذا شوكة تحرسه قوة السلاح!!!
    كتب عبدالمحمود نورالدائم الكرنكي مقالا عن زعيمهم داؤود يحي بولاد (قتلوه هم أنفسهم بآخرة بعدما حدثنا محمد طه محمد أحمد أنه تنصّر!!!)، كتب الكرنكي مقالا ينضح بقلة الحياء، بل والبذاءة عن أيامهم بجامعة الخرطوم أراد أن يبيع لنا به كونهم تنظيما لا يؤمن بالعنف ولكن "كذبة المنبر" هذه البلغاء لا تجوز على أحد الا من في مثل غبائهم وقلة حيائهم .. في تآمرهم المستمر على أرواح الناس كتب الكرنكي (وفي مرة أخرى قال داؤود بولاد في جنحة عاطفية سياسية جارفة بقاعة ال (OLT) بكلية العلوم، وذلك في إجتماع للفعاليات التنظيمية (الإخوانية) بجامعة الخرطوم في نوفمبر 1979م، حيث كان يجري التداول حول كيفية التعامل مع (دالي) والجمهوريين، قال داؤود بولاد بعاطفية الجارفة يجب أن نرميهم من كبري النيل الأزرق في نهر النيل، وذلك بعد أن أذاق (دالي) الإخوان المسلمين العذاب بسخرياته اللاذعة لكن علا صوت العقل في اجتماع الفعاليات الإخوانية، ولو صدر في ذلك الإجتماع قرار تنظيمي يؤيد ما اقترحه بولاد، لأمسك داؤود بولاد ب أحمد المصطفى دالي وقذف به من كبري النيل الأزرق الى النيل، تصحبه الأناشيد العرفانية (دار ريّا ... يا حسنها دار ريّا .. ساقت البسط والسرور اليّ)..!
    انظروا الى هذا الإلتواء والكذب الصرّاح الذي يضخون في آذاننا صباح مساء!! هو عندي، كذب من لا يؤمن بأي قيمة عليا في هذه الحياة بل ولا يؤمن بالله وها هم، كرة وأخرى يريدون أن يطبقوا ذات هذه الخطة البولادية البئيسة على الشرفاء من أهل بلادي، يعتمدون في ذلك على استجاشة عاطفة أهل السودان الإسلامية فيصورون الأمر لهم وكأنه معركة بين "فسطاط الحق" و"فسطاط الكفر" ويستصرخونهم أن الإسلام في محنة ومتآمر عليه و"يا خيل الله اركبي" ولكن "خيل الشيطان" قد ساخت أرجلهاK ولن يجدون لها علفا هذه المرة باذن الله وليذهب هذا التنظيم البئيس اليوم قبل الغد الى مزبلة التاريخ غير مأسوف عليه وليعش أهل السودان الشرفاء في وفرة من العزة والمنعة وما ذلك على الله بعزيز
    --
    عبدالله عثمان
    وذو الشوق القديم وان تعزى مشوق حين يلقى العاشقينا
                  

03-07-2021, 06:07 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من مخازي الأخوان المسلمين: يغدرون بداؤود � (Re: عبدالله عثمان)

    حكاية داؤود بولاد... مزامير داؤود في الحارة التاسعة


    دورة اتحاد طلاب جامعة الخرطوم 74/1975م، برئاسة داؤود يحيى بولاد امتدت من ديسمبر 4791م حتى أغسطس 1977م. حدث ذلك بسبب انقلاب عسكري مفاجئ في 5/ سبتمبر 1975م، قاده المقدَّم حسن حسين عثمان. وفشل الإنقلاب وسعى الرئيس نميري لاستغلال حادثة الإنقلاب لتعطيل العمل السياسي في جامعة الخرطوم، وفرض تنظيم (الإتحاد الإشتراكي السوداني) . فكان أن أرسِلت وحدات الجيش في 8/ سبتمبر 5791م لمحاصرة جامعة الخرطوم، وإلقاء القبض على الطلاب الناشطين في تنظيم الحركة الإسلامية. وحوصرت الجامعة وتمَّ تفتيش داخليات الطلاب غرفة غرفة. وتم إلقاء القبض على عدد زاد على السبعين من الناشطين وأعضاء الإتحاد. كان من المعتقلين أمين حسن عمر وبابكر حنين وعبد الحليم الترابي وقائمة طويلة من كوادر الإسلاميين الطلابيَّة الناشطة. وأصبحت بقية أعضاء الإتحاد تطاردهم أجهزة الأمن المايوية لمدة عامين. وصدر قرار جمهوري من الرئيس نميري بفصل أعضاء الإتحاد من الجامعة لمدة عامين. وأعان الرئيس نميري في مهمَّته عددٌ من الدكاترة مثل البروفيسور عبد الله أحمد عبد الله الذي أعانه باعتدال، والدكتور محمد الفاتح (كلية القانون) والذي لم يكن مايويّاً منظَّمًا، إلا أنه قد تجلَّى في خدمة الإشتراكي، وكان (اتحاد إشتراكي) أكثر من الإتحاد الإشتراكي، وكان هناك أيضًا من أعوان نظام الرئيس جعفر نميري. الدكتور التجاني حسن الأمين الذي كان كادر اتحاد اشتراكي حينها.
    وألقى الرئيس نميري في 8/ سبتمبر 5791م خطاباً نقلته الإذاعة السودانية، قال فيه إنهم عثروا في داخليات البركس على (دولارات) أرسلتها المعارضة من بيروت لاتحاد الطلاب بالجامعة للقيام بعمل سياسي ضد الرئيس نميري. بالطبع كان كلّ ذلك كذب. ذلك بينما بالتأكيد أن أعضاء اتحاد الطلاب في سبتمبر 1975م، لم يكونوا حتَّى قد شاهدوا عملة الدولار بأعينهم، أو لمسوها بأيديهم، فضلاً عن التعامل بها، أو قبضها ثمناً لأعمال سياسية مأجورة!. في أعقاب انقلاب حسن حسين أصبح داؤود بولاد رئيس الإتحاد مطارداً مطلوب القبض، وكذلك حال أعضاء الإتحاد. خلال فترة المطاردة اختفى داؤود في منزل في الحارة التاسعة بمدينة الثورة بأم درمان. هناك لأول مرة استمعت لداؤود بولاد وهو يتلو القرآن على انفراد. كان داؤود عندما يتلو كأنه يغرِّد. كان بعد صلاة الصبّح يتلو القرآن بصوت جميل فريد في جماله كأنه التغريد. وليست هذه مبالغة، إذ يمكنك الإستماع إلى مزامير داؤود لأي زمن مهما طال وأنت منجذب إلى تلاوته الطليَّة بدون ملل. داؤود بولاد من المسبَّعات، وهم ذوو مكانة تنتمي إلى أصول مُلكٍ عريق.
    بعد صلاة الفجر كان داؤود بولاد يجلس تاليًا وذاكرًا في سجادة الصلاة إلى طلوع الشمس وما بعد الطلوع. كان داؤود بولاد ضمن مجموعة أعضاء الإتحاد المطلوب القبض عليهم. حيث تختفي تلك المجموعة في منزل بالحارة التاسعة بمدينة الثورة. بقية المجموعات كانت تتوزع في الصحافة جبرة (التجاني عبد القادر وسيد الخطيب) وعلي كرتي بمنزل المستشار بالنائب العام إبراهيم عبد القادر في (برِّي الشريف)، ومجموعة تختفي في منزل بحلفاية الملوك (فضل السيد أبو قصيصة (الشهيد) وسراج الدين حامد (السفير) وبدر الدين الجعلي (المهندس. رجل الأعمال)، وانضمَّ إليهم المعتصم عبد الرحيم الحسن (وزير التربية والتعليم بولاية الخرطوم) بعد أن كان يقيم متخفياً في منزل المهندس (فؤاد) في (امتداد الدرجة الثالثة)، ومجموعة كانت تقيم متخفية في الجريف غرب في منزل شيخ ادريس عمر بركات (عبد الفضيل إبراهيم الشهيد وكاتب هذه السطور). كان عثمان النصري يقيم متخفيّاً في منزل أقاربه ب (بيت المال) بأم درمان وهو منزل عائلة المذيع الشهير الراحل الدكتور أبو بكر عوض (أبو بكر عوض ابن عمَّة عثمان النصري). كان لاتحاد الطلاب إذاعة يصل مداها حتى (سوبا)، وكان ينقلها في سيارته مصطفى نواري (د. مصطفى عمر نواري المحاضر بكليَّة الهندسة جامعة الخرطوم والجامعات البريطانية. مدير الطيران المدني). كانت تلك واحدة من ملاحم الحركة الإسلامية ضد الديكتاتورية العسكرية. واحداً من ملامحها من أجل الديمقراطية والحريات العامة. الذين لا يعرفون ذلك الجيل من المناضلين الطلابيين، يخطئون كثيراً حيت يصفونهم بغير ذلك، أو حين يحاولون سجنهم في قوالب عبادة الفرد والحزب الشمولي. كان داؤود بولاد قيادياً طلابياً بارزاً صلباً ضد التسلط والديكتاتورية والظلم، تشهد له سنين نضاله ومطارداته، ويشهد له جيل كامل من الإسلاميين من الحركة الطلابية السودانية. بعد عام من النضال السياسي بالمنشورات والإذعة والمظاهرات التي تُحاصر داخل الجامعة، قرَّر تنظيم الإخوان المسلمين أن يخرج أعضاء اتحاد طلاب جامعة الخرطوم من السودان لتكملة دراستهم في الخارج. الخارج هي بريطانيا. أبلغ الأستاذ علي عثمان محمد طه ذلك القرار إلى أعضاء الإتحاد من المطاردين الذين لم يقبض عليهم. فبدأوا في الخروج في مجموعات من السودان. فخرجت مجموعة بالقطار عن طريق الخرطوم إلى عطبرة ثمَّ بالقطار إلى بورتسودان ثمَّ خرجوا عبر (سودانير) ضمن أفواج الحجيج إلى الأراضي المقدسة. كان أفراد هذه المجموعة التي وصلت عطبرة هم الطيب إبراهيم (د. الطيب إبراهيم محمد خير الوزير) ومحمد البشير عبد الهادي (د. محمد البشير) والطاهر علي الطاهر (مدير شركة النصر) وكاتب هذه السطور. في عطبرة تعرَّفت المجموعة على الشيخ الوقور (حسين بابكر) التاجر بسوق كسلا، ووالد الفريق يحيى حسين. والدكتور هاشم حسين. الشيخ حسين بابكر من أقطاب حركة الإخوان المسلمين. أيضًا تعرَّفت المجموعة في عطبرة على السيد/ مصطفى أحمد الطيب وهو كادر مميَّز في الحركة الإسلامية. في عطبرة نزلت المجموعة ضيوفًا على (الشيخ سيد أحمد) مدير بنك السودان السابق والذي كان يشغل منصبًا بارزًا في السكة حديد. الشيخ سيد أحمد باقة من اللطف والظرف والكرم واللباقة والذكاء. كان مايكرفون سودانير ينادي أسماء الحجاج المغادرين (عبد الله علي سعيد) فيخرج الطاهر علي الطاهر، (علي الشيخ الطيب) فيخرج (كاتب هذه السطور)، وذلك إلى بقية الأسماء. ثمَّ خرجت مجموعة من بورتسودان بالباخرة إلى مدينة (جدّة)، وهم سيِّد عمر كمبال (رجل أعمال يقيم في لندن) ومحمد يوسف علي يوسف (د. محمد يوسف الأمين العام لديون الزكاة) وبدر الدين أحمد الجعلي (مهندس معماري. رجل أعمال). قبل الذهاب إلى مطار بورتسودان كانت المجموعة التي ستسافر عبر (سودانير) قد أقامت بفندق متواضع بالمدينة اسمه فندق البحر الأحمر. وإلى حين ميعاد السفر بالطائرة خارج السودان، أصبحت مجموعة الأربعة تقف على سطح الفندق وترقب الأماكن التي حوله ومنها المنطقة الصناعية التي كانت قريبة من الفندق. الفندق كان (نصف نجمة). كان أعضاء مجموعة الأربعة يتبادلون الإمارة. في لحظة مغادرة الفندق إلى المطار، كانت إمارة الطيب إبراهيم محمد خير (د. الطيب الوزير)، حيث طلب من المجموعة قراءة الآية الكريمة (والله من ورائهم محيط)، حتى لا يقبض جهاز الأمن على المجموعة أو واحد منها. ودّعنا بعضنا وذهبنا إلى المطار، وقد تآخت على الله أرواحنا إخاءً يروع بناء الزمن وباتت فدى الحق آجالنا بتوجيه مرشدنا المؤتمن!.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de