تبصير حول تقرير خبراء مجلس الأمن الدولي عن تقارب حميدتي والحركات الدارفورية المسلحة للقضاء على حكم الجلابة في الخرطوم
فاتحة
لقد تحدثتُ في مقال سابق في الراكوبة الموقرة (رابط رقم (1) أدناه) أبان إقالة المثقف العضوي د. أكرم علي التوم، عن سيادة ظاهرة غربنة ممنهجة في التوظيف والاستثمار واستحقاقات السلام. وقد كان ذلك والحق يُقال من واقع قراءة بينية فقط للأحداث؛ ولكن أن يصل الأمر لدرجة أن يتحدث فريق الخبراء المعني بالسودان والمكلف من رئيس مجلس الأمن بالأمم المتحدة في تقريره الختامي عن هذه الغربنة الممنهجة ونهاية حكم الجلابة للسودان عن طريق قوات الدعم السريع والحركات الدارفورية المسلحة؛ فتلك قصة أخرى، وخطرٌ آخر على الأمن القومي السوداني.
حيثيات
1/ مفهوم الجلابة/القافلة (Hawkers) الذي أدخله المستعمر ليس له أيَّ دلالة عنصرية كما هو سائد اليوم عند دعاة العقل الجهوي المُحاصِص والغربنة الممنهجة. إذ كان الغرض منه أبَّان الاستعمار هو تحويل الاقتصاد المعاشي القبل - رأسمالي/اللا - رأسمالي، إلى اقتصاد رأسمالي بالمعنى الخصائصي للرأسمالية ليتجاوز الإنتاج فيه قيمة الاستخدام (Use - value) إلى قيمة التبادل (Exchange - value). وقد استخدم المستعمر لذلك تجاراً تم جلبهم من اليونان وسوريا ومصر ولبنان وغيرها من البلدان العربية والأفريقية (تكارير نايجيريا مثالاً)، بالإضافة إلى بعض المستثمرين من الدولة المستعمِرة الأم. وكثير من هؤلاء قد غادر السودان بعد نهاية الاستعمار وتكرار المناداة بالسودنة وحلَّ محلهم التجار السودانيون ما خلا بعض العوائل التي آثرت البقاء في السودان؛ كعائلة أبو العلا، وعائلة عزيز سوري، وعائلات أُخريات) (2).
ومفهوم الجلابة المرتبط برسملة الاقتصاد المعاشي هذا لم يتوقف عند تلك الفترة الاستعمارية، ولم يرتبط بقبيلة دون الأخرى. وإنما ارتبط ارتباطاً وثيقاً بالتجَّار؛ ولا غرو أنَّ الغرفة التجارية قد أُنشئت في السودان في العام 1908. وقد تم تطوير هذا المفهوم اتساقاً مع تطور القوى المنتجة والسعات الإنتاجية في السودان عبر العديد من السياسات.
فمثلاً إنشاء المؤسسة العامة للزراعة الآلية (Rain - fed Mechanised Farming Corporation) التي دعمها البنك الدولي بقرضين عام 1968 في مناطق الزراعة المطرية (أم سنيط بالقضارف مثالاً) عبر استثمارات القطاع العام قبل أن يجئ فيما بعد ويحض الدولة على الانسحاب منها وتركها للقطاع الخاص، هو أحد تتطورات مفهوم الجلابة المرتبط برسملة الاقتصاد المعاشي.
كما أنَّ آخر تجليات هذا المفهوم هو ما قام به برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في السودان عبر مشاريع تنمية المناطق المختارة (Area Development Schemes - ADS) وغيرها في نهاية ثمانينات القرن المنصرم إلى بداية الألفية الثالثة؛ في مناطق كالأبيِّض والسنوط، وعد الفرسان، وأم كدادة، وكادقلي، وملكال، وواو، وجوبا، وأدنى نهر عطبرة، والصُبُاغ في منطقة البطانة. وقد كان الهدف المباشر من هذه المشاريع هو إدخال المجتمعات الريفية اللا - رأسمالية إلى حلبة السوق الرأسمالي عبر الشركات التي ستُفرزها هذه المشاريع المختارة كما خُطِّطَ لها (3).
2/ تكمن الخطورة الآن في حقيقة أنَّ الغربنة الممنهجة والعقل الجهوي المحاصِص في مخيلة دعاة المفهومين، مصادم لمفهوم جلاَّبة مغاير لذلك الذي وظَّفه المستعمر. وتكمن الخطورة الأفدح في الراهن في أنَّ هذه الغربنة الممنهجة والعقل الجهوي المُحاصِص تحولا إلى برنامج عمل علني/سري لحكومة السيد د. عبد الله حمدوك (علم بذلك أو لم يعلم).
وهذان المفهومان هما في الحقيقة مستمران منذ الفترة الإنقاذية وحتى الآن، ويعملان بشكل دؤوب في توزيع الأراضي وشرائها وفي التوظيف العام والوظائف العليا والاستثمار واستحقاقات السلام (توظيف 20% من أبناء دارفور بمؤسسات الخدمة المدنية، 75 مقعداً من مقاعد المجلس التشريعي لأبناء دارفور، ولهم 3 مقاعد في مجلس السيادة، و5 مقاعد في مجلس الوزراء، ولهم 25% من المناصب التنفيذية، و40% من مناصب الحكومات المحلية في إقليم دارفور، كما نص الاتفاق على تمتع مناطق الحرب بـ 40% من ثرواتها المحلية وعوائد الضرائب، وإنشاء صندوق لتنمية المناطق الثلاثة بميزانية قدرها 750 مليون دولار) كما جاء في اتفاق جوبا الذي يبدو وكأنَّه انتقامٌ من كل شخص خارج الولايات الغربية وجنوب النيل الأزرق (جلاَّبي)، وليس اقتصاصاً من حكومة سيئة الذكر الإنقاذ وسفاحيها الذين تسببوا في كل ذلك وفي كل الولايات.
ودليلنا على هذا النهج هو أنَّ هناك ولايات أخرى أكثر تضرراً من ناحية التنمية من الولايات الغربية كالولايات الشرقية والشمالية ونهر النيل، ولم يتحدث عنها اتفاق جوبا ببنت شفة في ميزان التوازن التنموي وعدالة قسمة الثروة؛ كأنَّها غير موجودة وكأنَّ ممثليها في جوبا غَيَب. وشاهدنا الآخر على هذا النهج هو تحالف "الحركات المسلحة مع السفاحين" ضد من يسمونهم بالجلاَّبة كما سيجئ مفصلاً في تقرير خبراء مجلس الأمن أدناه؛ وبذلك تتشعَّب الغربنة الممنهجة وتترادف في أحياناً كثيرة مع الكوزنة وجرائم الحرب حتى؛ بفِعل ما سيكون.
فمثلاً، الدفعة (60) من ضباط الشرطة وهم من صلب الحركة الاسلامية، تمت إقالتهم بواسطة الفريق عادل بشائر ما عدا 18 ضابطاً عظيماً ترجع أصولهم كلها لغرب السودان وكلهم كيزان. وقد أُخرِجَ بعضُ عناصر الإنقاذ المنتمين للولايات الغربية من السجون وتمت تبرئتهم لأنَّ أُصولهم من غرب السودان (د. حسبو عبد الرحمن، وإبراهيم السنوسي مثالاً؛ وكاد الأمر أن يطال السفاح أحمد هارون كما طال السفاح حميدتي، وهُرِّبَ السفاح كوشيب إلى سجون لاهاي الفندقية لينجوَ من الإعدام إلى المؤبَّد الفُندقيّ).
وها هو نصر الدين عبد الباري يستعجل تضمين ترتيبات السلام الخرقاء للوثيقة الدستورية اضطراداً مع الغربنة الممنهجة في ظل غفلة ما يسمونهم بالجلابة وما يُحاك ضدهم، وفي ظل لا - انتباهة المؤسسة العسكرية للخطر المحدق بالأمن القومي السوداني، خاصةً بعد أن جردوا قوى الحرية والتغيير من 12% من نصيب الثوار لصالح حركات الصراع الطويل المسلح نحو السلطة والثروة، وليقطعوا الطريق على ثوار المجلس التشريعي الذين يجب أن يكونوا أغلبية ممثلة لكل أصحاب المصلحة بالولايات بحسب ثِقلها السكاني.
وبالتالي اتفاق جوبا المنغلق على الغربنة الممنهجة والمنحاز لها، لا يعني أحداً سوى الولايات الغربية وجنوب النيل الأزرق. وعليه حشر هذا الاتفاق بكيفيته تلك في الوثيقة الدستورية يُعدَّ تشويهاً آخراً للوثيقة التي شوهتها لجنة البرهان الأمنية من قبل لتفلت من جريرة جرائم الحرب التي تلاحقها بسحلها لشهدائنا ومفقودينا وجرحانا في ساحة الاعتصام.
3/ أخطر سمات هذه الغربنة والعقل الجهوي المحاصِص كما نوهنا بعاليه، هو ما ورد بشكل واضح في تقرير فريق خبراء الأمم المتحدة التابع لمجلس الأمن والصادر في 14 يناير 2020 والذي يفضح المشاورات التي جرت بشأن اتحاد حميدتي والحركات المسلحة الدارفورية (اتحاد السفاح والضحية؛ وربما اتحاد السفاحين لا قدر الله) للقضاء على ما يسمونه بحكم الجلابة صراحةً في الخرطوم (وهو أمر يتسق مع حلم دولة الزغاوة الكُبرى أيضاً). فقد جاء في هذا التقرير في الفقرة:
(دال) التقارب بين الفريق أول حميدتي والجماعات المسلحة الدارفورية:
62- "وفقاً لما ذكره قادة مختلفون للمتمردين أجرى الفريق مقابلات معهم، وكجزء من مناقشات السلام في جوبا وأماكن أخرى، حاول الفريق أول حميدتي ورفاقه اجتذاب الجماعات المسلحة الدرافورية وغيرهم من القادة الدارفوريين ليكونوا في صفهم من خلال استخدام خطاب يركز على المصلحة المشتركة الدارفورية. وفي هذا الخطاب، ينبغي على جميع أهالي دارفور، العرب وغير العرب، والفريق أول حميدتي والمتمردون {المتمردين}، أن يتَّحدوا لتولي الحكم في الخرطوم ضد نخب "الجلابة" التي هيمنت على السودان منذ الاستقلال، وذلك بُغية وضع حد لعقود من تهميش دارفور.
63- وكان بعض قادة المتمردين متجاوبين مع هذا الخطاب وغذوا {وأنشأوا} علاقات ايجابية مع الفريق أول حميدتي. ومن الظاهر أنَّ سلطان قبيلة الفور، أحمد أيوب على دينار، قد اختار أيضاً التحالف مع الفريق أول حميدتي، وهو يعمل على تيسير التقارب بين الفريق أول حميدتي وقادة قبيلة الفور. ويري الفريق {فريق الخبراء} أنَّ التعبئة السياسية وفق الانقسام بين أهالي دارفور ونخب الشمال يمكن أن تكون لها عواقب مزعزعة للاستقرار خلال المرحلة الانتقالية في السودان بما في ذلك دارفور" (4)، (5).
وهنا تنشأ عدد من الأسئلة: إذا كان هذا العقل الجهوي المُحاصِص ودعاة الغربنة الممنهجة لهم من طاقة العفو ما يجعلهم يتحالفون ويتَّحِدون (بحسب تقرير خبراء مجلس الأمن) مع من مزقوا أهلهم إرباً من سفَّاحي الإنقاذ (كوشيب، حميدتي، د. حسبو عبد الرحمن، أبراهيم السنوسي، وغيرهم من السفاحين)، فلماذا يريدون أن يصبُّوا جامَّ حقدهم على سائر الجلابة المساكين في الخرطوم والجزيرة وشرق السودان ونهر النيل والشمالية وهم أكثر المتضررين من ذات السفاحين؟ وإذا كان حميدتي لا يأمن حركات دارفور التي يتحالف معها الآن، لدرجة أنَّه لا ينام في مكانٍ واحدٍ بعد توقيع سلام جوبا، فكيف لتحالف الخصوم هذا أن ينام وهو يريد أن يقضي على حكم نخب الجلابة في الخرطوم وفي غيرها من المدن؟ وهل دريتم وأنتم تدكون حصون الجلابة/نخب الشمال كما تزعمون، أنَّهم قد يستجيروا اضطراراً بأعدائهم وأعدائكم من الإنقاذيين (وهذا ما نخشاه) وبأبنائهم في القوات النظامية كما اتحدتم أنتم طوعاً واختياراً بمن قتل أهلكم؛ وبذلك تسوقون البلد إلى حرب كريهة أُخرى قد فشلتم في تحقيق أيِّ نصر حاسم في مثيلاتها لمدة عقدين من الزمان؛ بل حقق ذلك النصر الحاسم أبناء الغلابة العُزَّل السلميِّين أصحاب المصلحة الحقيقيين في كل أقاليم السودان في بضعة أشهر؟ ... مالكم كيف تحكمون!
4/ الجلابة (القوافل التجارية) ليسو بدعاة حربٍ ولا كانوا عُنصريِّين. كانوا باعة متجولين مغامرين في بادئ أمرهم، استخدمهم المستعمر لترسيخ مبادئ الاقتصاد النقدي (The Cash Economy) وانتباذ المقايضة، فَجَرَتْ التجارة في دمهم؛ كأمثال محمد ساتي الدنقلاوي والكوارتي عمر عبد السلام حامد، وهما من أبكار الفاتحين لطريق أم درمان – دنقلا ما بين 1934 - 1946، وهم يحملون بضاعةٍ مزجاة من دنقلا والدبة إلى حمرة الوز وأم درمان. لقد كانوا رسلَ سلامٍ ومحبةٍ وكرمٍ وتديُّن رفيع في ذات الوقت (الشيخ اسماعيل الولي مثالاً)، وحيثما ذهبوا تزوجوا من أهل البلد التي وصولها وزوجوهم، لدرجة أنَّ النساء كُنَّ يعترضن القوافل التجارية سائلاتٍ عن ذويهم وكُنَّ يتغنين لعودتهم.
فالشاهد، أنَّ الشعب السوداني لم يعرف العنصرية إلاَّ مع دخول المستعمر التركي والانجليزي - المصري، ودبلماسية رأس المال قد أخرجتها من عروض التجارة. ولم يستخدمها أحد لتكريس حكم إلاَّ على أيدي أصحاب العقول التافهة والمنتنة من الإنقاذيين ومرضى البارانويا وغيرهم من المعلولين. وعلى أبنائنا في لجان المقاومة وأهلنا أهل المصلحة في الولايات المختلفة الوقوف صفاً واحداً ضد العنصرية وضد الحروب وضد تقسيم السودان وحتى ضد التطبيع لخطورته على الأمن القومي الاسترتيجي السوداني المتأتِّي بخاصة من الجهة الغربية، وأن نعمل جميعاً تحت سقفٍ واحدٍ هو السودانوية. وعلى الجميع أن يخرجوا من معادلات السفاح حميدتي القذرة، فهو يريد بهذا التحالف المزعوم أن يحتمي بأعدائه منهم، وسينقلب عليهم كما انقلب على السفاح البشير وجاري انقلابه الآن على البرهان والجيش السوداني؛ وقد تحدثنا عن خطره على الأمن القومي السوداني في مقال منفصل عام 2019.
خاتمة
لقد تغنَّت فاطنة السمحة لمحميد "أخوها" (محمدو/ محمد أحمد) تنشده العودة، فسألها الجلابة عن وصفه فقالت: "أَخَدَرْ وطويل يااااا جلاَّبة، سوطو سوط وِرْوِير يااااا جلاَّبة، حامِل لِوا التغيير يااااا جلاَّبة". ... فقيلَ لها: ابشري، هذا الولد الأسمر الفارس المثقَّف، نظُنُّهُ في القافلة الجاية.
مراجع
(1) لقد أوجعتنا يا حمدوك ... https://www.alrakoba.net/31419389/https://www.alrakoba.net/31419389/
(2) (Balamoan, C Ayoub 1976: Peoples and Economics in the Sudan 1884 – 1956, Harvard University Centre for Population Studies).
(3) (حسين أحمد حسين 2018: التشكل الاقتصادي الاجتماعي في السودان وآفاق التغيير السياسي، مركز آفاق جديدة للدراسات، بريطانيا - مانشِستر).
(4) تقرير فريق خبراء مجلس الأمن الدولي النسخة العربية (https://www.undocs.org/ar/S/2020/36https://www.undocs.org/ar/S/2020/36.
Quote: علينا ان نعود قليلآ للوراء ونستعرض سير الاحداث. تمددت قوات "الدعم السريع" في الخرطوم ابان الفترة التي صاحبت الثورة..حملها العديدين وزر العديد من التفلتات التي صاحبت نلك الفترة...بطشت تلك القوات بكل من إعترض طريقها..حتى الجيش لم يسلم منها ..وظل قادته في عزلة "مفروضة" عليهم في واحد من اسوأ مشاهد الجبن والخوف والعار لمؤسسة عرفت على مر تاريخها بالبسالة والشجاعة ..أضحت القوات المسلحة سجينة اسوار قطاعاتها المختلفة تتحرك في تلك المساحات فقط ولا تجرؤ على الخطو خارجها..بينما ظلت قوات الدعم السريع تتمدد وتستولي على الكثير من المساحات ..تارة بالقوة والبطش وتارة بالمال...وهكذا حتى أضحت ديباجة الدعم السريع هي جواز المرور وشفرة الدخول حتى على الاماكن العصي دخولها. ويومآ بعد آخر يزداد تمدد الدعم السريع ...يعد ذلك حاول(الدعم السريع) تجميل وجهه القبيح الذي لازم فترة بطشه..فتوجه للإعلام محاولآ عقد شراكات بعضها مع القناة الاعلامية الاكثر مشاهدة وبعضها عبر تقديم يد العون للمحتاجين...وهو المضحك المبكي فعلآ..حتى ان دار حزب الامة نالتها "مسحة الشنب"... لينشط الدعم السريع بعد ذلك في فترة الفيضان ويقدم المساعدات للمتضررين "ولا ندري حتى الان مصدر ذلك السخاء الكبير "...كل ذلك ولا زالت القوات المسلحة السودانية مضطجعة داخل أسوارها .... لذا وحين عودة تلك القوات المقاتلة من توقيع الاتفاق وبمعاونة قوات الدعم السريع ستكون القوات المسلحة هي الاضعف في القوات العسكرية التي ستتسيد المشهد. بل عندها نستطيع القول انه ليس هناك قوات مسلحة قومية..فالمسرح سيكون مخصص للقوات التي وقعت على الإتفاق بمصاحبة الدعم السريع. الجيش في (فتيل).
مع خالص تحياتي
10-28-2020, 01:15 AM
حسين أحمد حسين حسين أحمد حسين
تاريخ التسجيل: 09-04-2014
مجموع المشاركات: 1281
Quote: علينا ان نعود قليلآ للوراء ونستعرض سير الاحداث. تمددت قوات "الدعم السريع" في الخرطوم ابان الفترة التي صاحبت الثورة..حملها العديدين وزر العديد من التفلتات التي صاحبت نلك الفترة...بطشت تلك القوات بكل من إعترض طريقها..حتى الجيش لم يسلم منها ..وظل قادته في عزلة "مفروضة" عليهم في واحد من اسوأ مشاهد الجبن والخوف والعار لمؤسسة عرفت على مر تاريخها بالبسالة والشجاعة ..أضحت القوات المسلحة سجينة اسوار قطاعاتها المختلفة تتحرك في تلك المساحات فقط ولا تجرؤ على الخطو خارجها..بينما ظلت قوات الدعم السريع تتمدد وتستولي على الكثير من المساحات ..تارة بالقوة والبطش وتارة بالمال...وهكذا حتى أضحت ديباجة الدعم السريع هي جواز المرور وشفرة الدخول حتى على الاماكن العصي دخولها. ويومآ بعد آخر يزداد تمدد الدعم السريع ...يعد ذلك حاول(الدعم السريع) تجميل وجهه القبيح الذي لازم فترة بطشه..فتوجه للإعلام محاولآ عقد شراكات بعضها مع القناة الاعلامية الاكثر مشاهدة وبعضها عبر تقديم يد العون للمحتاجين...وهو المضحك المبكي فعلآ..حتى ان دار حزب الامة نالتها "مسحة الشنب"... لينشط الدعم السريع بعد ذلك في فترة الفيضان ويقدم المساعدات للمتضررين "ولا ندري حتى الان مصدر ذلك السخاء الكبير "...كل ذلك ولا زالت القوات المسلحة السودانية مضطجعة داخل أسوارها .... لذا وحين عودة تلك القوات المقاتلة من توقيع الاتفاق وبمعاونة قوات الدعم السريع ستكون القوات المسلحة هي الاضعف في القوات العسكرية التي ستتسيد المشهد. بل عندها نستطيع القول انه ليس هناك قوات مسلحة قومية..فالمسرح سيكون مخصص للقوات التي وقعت على الإتفاق بمصاحبة الدعم السريع. الجيش في (فتيل).
مع خالص تحياتي
أستاذنا الحبيب الشيخ سيد أحمد تحياتي،
ما قلته في مقتبسك يا عزيزي هو الذي يُنفذ الان بحزافيره على أرض الواقع. وسوف تنحاز لهم النخبة العسكرية القابضة على كل شئ الآن ليحمي الجميع نفسه من جريرة فض الاعتصام. فالقاسم المشترك بين هؤلاء أن معظمهم قد ورد اسمه في سِجِل حرب الإبادة في دارفور بطريقة أو أخرى.
ونسأل الله السلامة من المؤآمرات التي تُحاك ضد السلم الاجتماعي في هذا البلد.
كل الود والاحترام.
10-28-2020, 04:05 AM
الشيخ سيد أحمد الشيخ سيد أحمد
تاريخ التسجيل: 07-14-2008
مجموع المشاركات: 2698
Quote: بدرالدين مهدي آدم محمد نمر بمرحلة عصيبة في تاريخنا الوطني تتطلب منا الحكمة والحنكة وإعمال صوت العقل وإلا سينفرط عقدنا المنظوم وينكسر المرق ويتشتت الرصاص
أستاذن صاحب البويت في الرد عليك.
بعد التحية
تعرف يا بدر "إعمال صوت العقل" ياهو زاتو الكل الناس عايزاهو. المؤسف ان الاتفاق الاخير في "جوبا" اوجد حالة من الرفض لدى الناس. الاشد اسفآ هو حالة الوصف بالعمالة والإدانه التي لازالت تلتصق بانسان الشمال. محاولة إلصاق كل تلك المرارات بانسان الشمال فيه قدر كبير من التجني والظلم. وقد بدأت تحركات رافضة لهذا الاتفاق وسنشهد الاصطفاف الجهوي والعشائري مرة اخرى. باختصار: الاتفاق عمل على ارضاء دارفور وفي ذات الوقت اوجد الغبن في بقية الاقاليم.
10-28-2020, 11:46 PM
حسين أحمد حسين حسين أحمد حسين
تاريخ التسجيل: 09-04-2014
مجموع المشاركات: 1281
Quote: بدرالدين مهدي آدم محمد نمر بمرحلة عصيبة في تاريخنا الوطني تتطلب منا الحكمة والحنكة وإعمال صوت العقل وإلا سينفرط عقدنا المنظوم وينكسر المرق ويتشتت الرصاص
أستاذن صاحب البويت في الرد عليك.
بعد التحية
تعرف يا بدر "إعمال صوت العقل" ياهو زاتو الكل الناس عايزاهو. المؤسف ان الاتفاق الاخير في "جوبا" اوجد حالة من الرفض لدى الناس. الاشد اسفآ هو حالة الوصف بالعمالة والإدانه التي لازالت تلتصق بانسان الشمال. محاولة إلصاق كل تلك المرارات بانسان الشمال فيه قدر كبير من التجني والظلم. وقد بدأت تحركات رافضة لهذا الاتفاق وسنشهد الاصطفاف الجهوي والعشائري مرة اخرى. باختصار: الاتفاق عمل على ارضاء دارفور وفي ذات الوقت اوجد الغبن في بقية الاقاليم.
الأستاذ الشيخ سيد أحمد تحياتي لك من ثان، وللأخ بدر الدين مهدي،
في العموم يا عزيزي الفترات الانتقالية تشهد احتدام الصراع السياسي على السلطة بين القوى المسيطرة والقوى التي تسعى للسيطرة. والأحزاب نفسها ما هي إلاَّ مخططات سياسية للوصول للسلطة كما تعلم. وإلى هذا الحد كل شئ مشروع ومتاح للجميع. ولكن هناك دائماً ميل من قِبل شرائح راس المال للدكتاتورية (قد تجلى ذلك في الحراك المحموم للسيد الإمام لإجهاض الثورة)، بل هي عندي مسئولة من الانقلابات العسكرية في السودان في السابق عبر انتخابها لعسكريين يتم اختيارهم بعناية لهذا الأمر بمساعدة المخابرات الأجنبية في العادة.
ولكن هناك متغيرات الآن يجب إدراجها في معادلة الصراع السياسي على السلطة، وهي أنَّ نخب المؤسسة العسكرية ما عادت تحتاج لدعم الشرائح الراسمالية لعمل انقلاب. فالمؤسسة العسكرية تملك من العسكوطفيليات ما يفوق قدرة الاقتصاد المدني بأضعاف مضاعفة (82% من ثروة البلد)، والآن تستطيع أن تهندس انقلابتها بنفسها كما فعلت في يوم 11 ابريل 2019 بخلق نموذج الشراكة الخمسمشكل المدني - العسكري والسيطرة على اقتصاد البلد.
هذه المتغيرات تحتاج من قوى الثورة الانتباه، وإعادة تشكيل نفسها بما يوزن هذا النموذج المشاتر. وهذا لن يحدث قبل تنظيف المؤسسة القضائية من عناصر النظام السابق، وذات الأمر ينطبق على الشرطة والنيابة والمؤسسة العسكرية، ولابد من قيام المحكمة الدستورية وايلولة حكم الفترة الانتقالية لها لا للجيش والقوات النظامية الأخرى. وقبل هذه الترتيبات ستكون البلد مفتوحة على خيرات الأستاذ بدر الدين مهدي كلها.
كما أنَّ اتفاقية سلام جوبا الخرقاء، لن تترك لأحد أن يُحكِّم صوت العقل لأنها مفصلة على الولايات الغربية وجنوب النيل الأزرق، وعلى حساب ولايات بالمعيار التنموي أضعف بكثير من ولايات غرب السودان. ثم أن الحرب التي وقعت على أهلنا في درافور لم تجترحها تلك الولايات الضعيفة، وإنما اجترحها الإخوان المسلمون؛ وهم العدو الأوحد للولايات الغربية وكل ولايات السودان. ومن عجبٍ أنَّ أهل الولايات الغربية يمثلون ثلثي الاخوان المسلمين، ومعظم السفاحين الذين أوسعوا الولايات الغربية موتاً وتمزيقاً هم الإخوان المسلمين التابعين للولايات الغربية؛ فكوشيب، وأحمد هارون وحميدتي وموسي هلال وحسبو عبد الرحمن ليسو من كرمة النُّزُل ولا من كريمة. وبالتالي صب جام غضب أهلنا في الولايات التي وقعت فيها حروب الإخوان المسلمين/حروب النخب على ما اصطُلح على تسميتهم بالجلابة في أكثر من ثلثي السودان، ينم عن عقل جهوي محاصص وغربنة تتمنهج وتطفيف سياسي سيورد هذا البلد المهالك. خاصةً أن إتفاق جوبا يعبر على أهم قضية وهى بعد السلام تحقيق العدالة والاقتصاص لجميع شهداء الثورة من قاتليهم الذين من بينهم عساكر في السيادي وبعض قواد الحركات المسلحة. والخلاصة أن اتفاق جوبا يُعرقل تحقيق العدالة لشهداء الثورة السودانية الأمر الذي جعل العسكر ينتزعون ملف السلام من حكومة حمدوك المدنية باكراً.
وبالتالي صوت العقل يُحتم علينا أن نعيد مناقشة إتفاق جوبا للسلام في كل الدوائر المدنية وداخل المجلس التشريعي قبل فوات الأوان، ويجب ألاَّ يحشر حشراً في الوثيقة الدستورية الشائهة أصلاً قبل مراجعته وإجازته بالمجلس التشريعي الذي يجب أن يقوم فوراً للضطلاع بدوره.
ممنونك.
10-28-2020, 07:33 AM
محمد حيدر المشرف محمد حيدر المشرف
تاريخ التسجيل: 06-20-2007
مجموع المشاركات: 20359
أ/ حسين أحمد حسين تحية طيبة وشكرا للكتابة المتعوب عليها.
في تصوري ان المنهج الاستدلالي في المقال يحتاج لشيء من المراجعات ..
أولا تم التقيد التام بالمدلول التأريخي لمفهوم جلابة وفي ذلك ابتسار لكامل رحلة تطور المفهوم عبر عقود طويلة وصولا للراهن. ثانيا التدليل على وجود مفهوم او تبلور مفهوم ك (الغربنة الممنهجة) شي, والتدليل على وجودو ك بروسس قائمة وبرنامج عمل شيء آخر .. ثالثا مدى فاعلية هذا المفهوم (الغربنة الممنهجة) في الحياة الفعلية ووفق سياق المرحلة الانتقالية يحتاج لاكثر من وجود نزعات جهوية تحاصصية وطموحات فردية لقادة الحركات المسلحة والدعم السريع .. والامر مرتبط ارتباط وثيق جدا باسباب الصراع الذي لا يمكن ان يتم اختصارو بكونه صراع دارفوري/نيلي وانما هو دارفوري/دارفوري كذلك. وفعالية هذا التحالف مرتبطة بصورة منطقية جدا بطبيعة الصراع في وجوهه الجيوسياسية والاقتصادية والثقافية الخ
عموما دي مجرد مقدمة وسأعود بكل تأكيد لايضاحها في مساحة زمن افضل
10-28-2020, 11:55 PM
ترهاقا ترهاقا
تاريخ التسجيل: 07-04-2003
مجموع المشاركات: 8422
Quote: حاول الفريق أول حميدتي ورفاقه اجتذاب الجماعات المسلحة الدرافورية وغيرهم من القادة الدارفوريين ليكونوا في صفهم من خلال استخدام خطاب يركز على المصلحة المشتركة الدارفورية. وفي هذا الخطاب، ينبغي على جميع أهالي دارفور، العرب وغير العرب، والفريق أول حميدتي والمتمردون {المتمردين}، أن يتَّحدوا لتولي الحكم في الخرطوم ضد نخب "الجلابة" التي هيمنت على السودان منذ الاستقلال، وذلك بُغية وضع حد لعقود من تهميش دارفور.
63- وكان بعض قادة المتمردين متجاوبين مع هذا الخطاب وغذوا {وأنشأوا} علاقات ايجابية مع الفريق أول حميدتي. ومن الظاهر أنَّ سلطان قبيلة الفور، أحمد أيوب على دينار، قد اختار أيضاً التحالف مع الفريق أول حميدتي، وهو يعمل على تيسير التقارب بين الفريق أول حميدتي وقادة قبيلة الفور. ويري الفريق {فريق الخبراء} أنَّ التعبئة السياسية وفق الانقسام بين أهالي دارفور ونخب الشمال يمكن أن تكون لها عواقب مزعزعة للاستقرار خلال المرحلة الانتقالية في السودان بما في ذلك دارفور" (4)، (5).
هِنا الزيت كلو وحميدتي شكلو ماسك حبلين
10-29-2020, 01:25 AM
حسين أحمد حسين حسين أحمد حسين
تاريخ التسجيل: 09-04-2014
مجموع المشاركات: 1281
بالضبط، حميدتي رجل شديد المكر، وأتوقع أنَّه سيغدر بحلفائه - الإعداء في أيِّ لحظة أو العكس صحيح. فهذا تحالف أضاد، تحاف السفاح والضحية، وهو أمر لا يستقيم حينما يصير الفعل جريمة إبادة جماعية.
ممنونك لك.
10-29-2020, 01:10 AM
حسين أحمد حسين حسين أحمد حسين
تاريخ التسجيل: 09-04-2014
مجموع المشاركات: 1281
Quote: أ/ حسين أحمد حسين تحية طيبة وشكرا للكتابة المتعوب عليها.
في تصوري ان المنهج الاستدلالي في المقال يحتاج لشيء من المراجعات ..
أولا تم التقيد التام بالمدلول التأريخي لمفهوم جلابة وفي ذلك ابتسار لكامل رحلة تطور المفهوم عبر عقود طويلة وصولا للراهن. ثانيا التدليل على وجود مفهوم او تبلور مفهوم ك (الغربنة الممنهجة) شي, والتدليل على وجودو ك بروسس قائمة وبرنامج عمل شيء آخر .. ثالثا مدى فاعلية هذا المفهوم (الغربنة الممنهجة) في الحياة الفعلية ووفق سياق المرحلة الانتقالية يحتاج لاكثر من وجود نزعات جهوية تحاصصية وطموحات فردية لقادة الحركات المسلحة والدعم السريع .. والامر مرتبط ارتباط وثيق جدا باسباب الصراع الذي لا يمكن ان يتم اختصارو بكونه صراع دارفوري/نيلي وانما هو دارفوري/دارفوري كذلك. وفعالية هذا التحالف مرتبطة بصورة منطقية جدا بطبيعة الصراع في وجوهه الجيوسياسية والاقتصادية والثقافية الخ
عموما دي مجرد مقدمة وسأعود بكل تأكيد لايضاحها في مساحة زمن افضل
شكراً الدكتور الأديب محمد حيدر المشرف وألف ألف مبروك أنَّك تداوينا بشتى السبل،
وفيما يتعلق بمراجعة منهج الاستدلال في المقال، وحول النقطة الأولى أقول: أن المدلول التاريخي من الممكن أن يتحمل محمولات أخري بطبيعة الحال، ولكني تناولته، من تقصيري، من زاوية تخصصي - الاقتصاد السياسي. وتركتُ الباب مفتوحاً في الحقيقة للأنثروبولجي والسوسيولوجي وللثقافي لمعالجة هذه الظاهرة التي بدأت تُطل برأسها.
فيما يتعلق بثانياً، توجد غربنة ممنهجة وهي المسئولة من ولادة المفهوم بطبيعة الحال، والاستدلال على الأمرين سهل. فقبل بضعة أسابيع كتب شخص ما (سأحاول العثور على مقاله) عن دولة الزغاوة الكبرى وأنها بدأت منذ ستينات القرن المنصرم، وهي المسئولة عن الحروب التي قامت بين الدارفوريين والعرب في مناطق غرب السودان، وهي المسئولة بزعم الكاتب من الفتن التي تقوم الآن في مناطق كسلا وحلفا الجديدة وبورسودان. وعلى أيِّ حال المصدر مبهم بالنسبة لي، ومنهجية الكتابة حول الموضوع تبدو اسفيرية وتحتاج إلى مراجعة، ولكن الأمر في عمومه يشي بوجود صيرورة من هذا النوع.
وهذه الصيرورة تتعزز بشواهد أخري تتمثل في شراء محموم للأراضي والمتاجر منذ فترة من الزمن في ظل حكومة الانقاذ وإلى الآن في مناطق شتى من السودان، لا سيما في سوق ليبيا ومناطق شرق النيل السكنية وفي مدينة الدبة بالولاية الشمالية التي تعج بالزغاوة الشاديين حتى. فالأمر يا عزيزي يشكل ظاهرة تحدثت عنها في عام 2019 حينما كتبت عن خطر حميدتي التشادي على الأمن القومي السوداني.
وحول ثالثاً، أقول أنَّ فاعلية المفهوم في الفترة الانتقالية تتجلَّى في أنَّ حركات دارفور لم تكن على قلب رجل واحد، وذلك يُفسر تشظيها. والتشظي نفسه العامل الحاسم فيه هو الصراع على الموارد التعدينية في العقدين الماضيين، إذاً فالطموحات الفردية موجودة والمحصصات الجهوية والمناطقية شاخصة، وهي تُغذي فاعلية المفهوم بطبيعة الحال.
كما أنَّ فاعلية المفهوم الآن تتدخل فضاءاً جديداً بعد تحالف الحركات مع حميدتي لإزالة حكم الجلابة كما جاء في تقرير الأمم المتحدة/مجلس الأمن. وبالرغم من أنَّ الإعلان الكبير لحكومة حمدوك أنها حكومة كفاءات ولجان الاختيار تعيِّن على هذا المعيار، ولكن هناك عمليات إحلال مباشرة لاستبدال جلابة بغرابة خاصة بين قوات الشرطة والأمن الان، وتشكل برنامج عمل واضح. ولربما مر عليك فضح المحالين للمعاش في الشرطة في فترة الانقاذ لواحدة من هذه الاحلالات قبل عشرة أيام فقط ( وتمت غتغتتها بسرعة قبل أن تنشم رأئحتها، ولكنها كُشفت) دعك عن عملية عادل بشائر. والآن أيضاً هناك استمارة تُوزع لأعضاء الحركات لملئها ليتم تسكينهم في وظائف بعينها كما جاء في كلمة الناطق الرسمي للحزب الشيوعي السوداني بعطبرة قبيل أيام قليلة، وهي تشي بسيادة العقلية الجهوية والغربنة الممنهجة بكل وضوح.
وأُحب أن أؤكد عزيزي المشرف أنَّ المقال لا ينفي وجود عوامل ثقافية وجيوسياسية وغيرها من التشعبات، ولكنه يمثل زاوية شوف من المداخل المحببة لي (areas of interest).
ممنون لك، ومرحباً بعودتك للمقال، وتجدنا في الانتظار.
10-29-2020, 03:56 AM
الشيخ سيد أحمد الشيخ سيد أحمد
تاريخ التسجيل: 07-14-2008
مجموع المشاركات: 2698
مشاركة اخرى من خيط كنت قد إفترعته قبل فترة ليست بالطويلة:
Quote: اذا سلمنا بالظلم الذي طال انسان "دارفور" على امتداد تاريخ السودان الحديث.. فلماذا لم نشهد ثورة على ذلك الظلم إلا بعد المفاصلة الشهيرة بين الإسلاميين؟؟ الشواهد تقول ان الاقليم شأنه شأن بقية اقاليم السودان عانى من التهميش حين ركزت حكومة الخرطوم على "جنوب السودان" في محاولة يائسة لكسب رضا ذلك الاقليم. وأهملت في ذات الوقت كل صيحات الإستغاثة التي ظلت تبعث بها باقي الأقاليم لحكومة الخرطوم. الا ان إنشقاق الحركة الإسلامية عبر مذكرة "العشرة" الشهيرة..دفعت بكوادرها الساخطة للتأسيس لمقاومة جديدة تضعف قدرة حكومة الخرطوم في سيطرتها على البلاد وفي ذات الوقت "لتشفي صدور قوم ساخطين"..هذه الفئة الساخطة من الحركة الاسلامية اثرت التواري في تلك الاراضي الشاسعه والبدء في بث رسالتها وحشد الدعم عبر اثارة النعرات القبلية .. وكان لها ما أرادت حين عملت على استغلال كل حادثة وربطها مباشرة بالتقصير الملازم لأداء حكومة الخرطوم. عملت هذه الفئة الساخطة على تجنيد وتوزيع السلاح دون مراعاة لأي جوانب إنسانية للنتائج فقد كان همها هو إكساب زخم محلي واقليمي ودولي للحرب التي ستدور رحاها في الاقليم. إنتشر السلاح واصبحت كل مجموعة تحلقت حول قائد ما تهاجم القرى وتسلب وتقتل وتغتصب في غياب تام لهيبة الدولة ووجودها المؤثر. إستدركت حكومة الخرطوم ان رفقاء الأمس وموالوهم هم من أجج نيران ذلك الصراع..وبدلآ من الجلوس معهم ومحاولة إيجاد صيغة للتوافق و الإتفاق ..إنتهجت حكومة الخرطوم منهج القوة وعملت على قمع تلك الحرب في محاولة منها لبسط هيبة الدولة الغائبة عن المشهد. وهكذا نجح مثيروا الحرب في إثارة إنتباه المركز..إلا أن ذلك الإنتباه كان على حساب العديد من الأرواح..لتنتقل المرحلة الى حشد الدعم الاعلامي الاقليمي والدولي .. غطت العديد من وسائل الاعلام الغربية والشرقية حرب دارفور بمنظور الظلم الذي احاق بانسان الاقليم ..وتجاهلت تماما الاشارة الى بقية اقاليم السودان حتى لا تضعف الجهود التي ستبذل في تصوير بشاعة المشهد وتمليك الراي العام العالمي بحقائق تدين حكومة الخرطوم . عملت الوسائل الاعلامية الدولية على تصوير مناطق النزاع ومخلفات المعارك مع إضافة جرعة إنسانية للمشهد لتضفي مزيدآ من الإدانة على حكومة الخرطوم والتي أدانها الشعب السوداني منذ أمد بعيد ..حتى قبل إنطلاق شرارة حرب "دارفور". إلا أن الغريب هو تغطية الحرب دون التعرض للمسببات الريئسة التي دفعت للإقتتال.. تعمدت التغطية الاعلامية الا تتناول الجانب الاخر من شق الحركة الاسلامية وتأثيره في الصراع..وعملت على الا تثير ذلك الجانب على الاطلاق في محاولة "نجحت بكل تأكيد" على إضفاء النزعة الانسانية على الحرب بعيدآ عن صراع الكوادر الاسلامية.
وتناست ان تشير الى ان حرب دارفور او النزاعات التي تقوم كل فترة واخراها في الاقليم كانت "المراعي" هي المسبب الرئيس لها ..فإستغلتها كوادر الحركة الاسلامية في صراعهم مع شقهم الاخر الممسك "بتلابيب" السلطة.. عملت تلك الكوادر على تغذية اوردة الكراهية في جسد المجموعات المقاتلة وسخرت لها ما إستطاعت من جهد و مال فحشدت العديدين.
النزاع حول المرعى أعقبه إصطفاف كل مكون "قبلي" خلف حليفه في القتال.
احد بنود إتفاق "دارفور" يسمح لساكني المعسكرات بتخطيط معسكراتهم مع إحتفاظهم بحقهم الكامل في قراهم التي هجروها بسبب الحرب..تلك القرى ايضأ سيعمها التعمير ..فاصبح ساكن المعسكر يتمتع بميزة إمتلاكه مكانين احدهما صالح للسكن والاخر يصلح للزراعة.. ترى كيف سيكون حال المراعي التي لازالت متواجدة في تلك المناطق؟؟ هل انتهت الاسباب التي تؤدي الى الاحتكاكات والحروب؟؟ علينا ان ندفع لقاء حرب حول "مرعى" لم نراه ولم نكن من مستخدميه!! وبلا شك لم نكن سببآ في إشعال شرارة الحرب حول تلك المراعي واقليمه ( دارفور)
مع اكيد الإحترام.
10-31-2020, 12:05 PM
حسين أحمد حسين حسين أحمد حسين
تاريخ التسجيل: 09-04-2014
مجموع المشاركات: 1281
مشاركة اخرى من خيط كنت قد إفترعته قبل فترة ليست بالطويلة:
Quote: اذا سلمنا بالظلم الذي طال انسان "دارفور" على امتداد تاريخ السودان الحديث.. فلماذا لم نشهد ثورة على ذلك الظلم إلا بعد المفاصلة الشهيرة بين الإسلاميين؟؟ الشواهد تقول ان الاقليم شأنه شأن بقية اقاليم السودان عانى من التهميش حين ركزت حكومة الخرطوم على "جنوب السودان" في محاولة يائسة لكسب رضا ذلك الاقليم. وأهملت في ذات الوقت كل صيحات الإستغاثة التي ظلت تبعث بها باقي الأقاليم لحكومة الخرطوم. الا ان إنشقاق الحركة الإسلامية عبر مذكرة "العشرة" الشهيرة..دفعت بكوادرها الساخطة للتأسيس لمقاومة جديدة تضعف قدرة حكومة الخرطوم في سيطرتها على البلاد وفي ذات الوقت "لتشفي صدور قوم ساخطين"..هذه الفئة الساخطة من الحركة الاسلامية اثرت التواري في تلك الاراضي الشاسعه والبدء في بث رسالتها وحشد الدعم عبر اثارة النعرات القبلية .. وكان لها ما أرادت حين عملت على استغلال كل حادثة وربطها مباشرة بالتقصير الملازم لأداء حكومة الخرطوم. عملت هذه الفئة الساخطة على تجنيد وتوزيع السلاح دون مراعاة لأي جوانب إنسانية للنتائج فقد كان همها هو إكساب زخم محلي واقليمي ودولي للحرب التي ستدور رحاها في الاقليم. إنتشر السلاح واصبحت كل مجموعة تحلقت حول قائد ما تهاجم القرى وتسلب وتقتل وتغتصب في غياب تام لهيبة الدولة ووجودها المؤثر. إستدركت حكومة الخرطوم ان رفقاء الأمس وموالوهم هم من أجج نيران ذلك الصراع..وبدلآ من الجلوس معهم ومحاولة إيجاد صيغة للتوافق و الإتفاق ..إنتهجت حكومة الخرطوم منهج القوة وعملت على قمع تلك الحرب في محاولة منها لبسط هيبة الدولة الغائبة عن المشهد. وهكذا نجح مثيروا الحرب في إثارة إنتباه المركز..إلا أن ذلك الإنتباه كان على حساب العديد من الأرواح..لتنتقل المرحلة الى حشد الدعم الاعلامي الاقليمي والدولي .. غطت العديد من وسائل الاعلام الغربية والشرقية حرب دارفور بمنظور الظلم الذي احاق بانسان الاقليم ..وتجاهلت تماما الاشارة الى بقية اقاليم السودان حتى لا تضعف الجهود التي ستبذل في تصوير بشاعة المشهد وتمليك الراي العام العالمي بحقائق تدين حكومة الخرطوم . عملت الوسائل الاعلامية الدولية على تصوير مناطق النزاع ومخلفات المعارك مع إضافة جرعة إنسانية للمشهد لتضفي مزيدآ من الإدانة على حكومة الخرطوم والتي أدانها الشعب السوداني منذ أمد بعيد ..حتى قبل إنطلاق شرارة حرب "دارفور". إلا أن الغريب هو تغطية الحرب دون التعرض للمسببات الريئسة التي دفعت للإقتتال.. تعمدت التغطية الاعلامية الا تتناول الجانب الاخر من شق الحركة الاسلامية وتأثيره في الصراع..وعملت على الا تثير ذلك الجانب على الاطلاق في محاولة "نجحت بكل تأكيد" على إضفاء النزعة الانسانية على الحرب بعيدآ عن صراع الكوادر الاسلامية.
وتناست ان تشير الى ان حرب دارفور او النزاعات التي تقوم كل فترة واخراها في الاقليم كانت "المراعي" هي المسبب الرئيس لها ..فإستغلتها كوادر الحركة الاسلامية في صراعهم مع شقهم الاخر الممسك "بتلابيب" السلطة.. عملت تلك الكوادر على تغذية اوردة الكراهية في جسد المجموعات المقاتلة وسخرت لها ما إستطاعت من جهد و مال فحشدت العديدين.
النزاع حول المرعى أعقبه إصطفاف كل مكون "قبلي" خلف حليفه في القتال.
احد بنود إتفاق "دارفور" يسمح لساكني المعسكرات بتخطيط معسكراتهم مع إحتفاظهم بحقهم الكامل في قراهم التي هجروها بسبب الحرب..تلك القرى ايضأ سيعمها التعمير ..فاصبح ساكن المعسكر يتمتع بميزة إمتلاكه مكانين احدهما صالح للسكن والاخر يصلح للزراعة.. ترى كيف سيكون حال المراعي التي لازالت متواجدة في تلك المناطق؟؟ هل انتهت الاسباب التي تؤدي الى الاحتكاكات والحروب؟؟ علينا ان ندفع لقاء حرب حول "مرعى" لم نراه ولم نكن من مستخدميه!! وبلا شك لم نكن سببآ في إشعال شرارة الحرب حول تلك المراعي واقليمه ( دارفور)
مع اكيد الإحترام.
الأستاذ الحبيب الشيخ سيد أحمد تحياتي،
الحقيقة المادية الأولى في صراع دارفور هو صراع على السلطة والثروة التي تشعبت بعد استخراج البترول والمعادن النفيسة بين الإخوانويين مع تغيير مسارح العمليات بعد انفصال الجنوب ببتروله إلى الولايات الغربية. وكان من الممكن أن ينتقل ذلك الصراع إلى أيِّ ولاية أُخري إنْ أطلَّ فيها مورد اقتصادي مهم برأسه. فتلك حروب الأخوانويين النوفوريش يا صديقي؛ والسؤال المهم لماذا تريد الحركات المسلحة والسفاح حميدتي أن ترجع أسباب تلك الحروب إلى عموم من يسمونهم جلابة السودان؛ لا سيما إلى الولاية الشمالية الأضعف تنموياً على الإطلاق في السودان بحجة أنَّ النخب التي حكمت السودان جاءت منها، متناسين أنَّ ذات النخب هي التي أهملت الولاية الشمالية حد أنَّها أصحبت طاردة لدرجة أنَّ الجنازة في العديد من قرانا كانت تصلي عليها وتدفنها النساء؟
كأنَّني بهؤلاء يريدون أن يرجعون بنا إلى فترات نمط الانتاج العبودي على أيام إتفاقية البقط مع الممالك النوبية الذي ورثته سلطنة دارفور فيما بعد وعمقته، حيث كان الرق أحد مصادر رزقها وخاصة لفلولها بعد الغزو التركي - المصري الذي كان همه الرجال والذهب ( محمد إبراهيم نقد 1995: علاقات الرق في المجتمع السوداني، الشركة العالمية للطباعة والنشر، ص ص 57-89).
ودعني أؤكد ثانيةً أنَّ مفهوم الجلابة الذي ارتبط بالشريحة التجارية التي كانت دائماً قريبة من بورجوازية الدولة (قريبة من السلطان)، لم يأخذ طابعاً عنصرياً إلاَّ على أيام سلطنة الفور وعلى أيدي التجار الأجانب في فترة الاستعمار التركي الذين حاربتهم المهدية (الحمرا الأباها المهدي، وجاء التعايشي فحارب معهم أولاد البحر فيما بعد) (جانيت 1990: العسكر والتجار والعبيد في وادي النيل العظيم 1700 - 1885 - الكتاب بالانجليزي).
لقد كانت هناك بعض الملامح العنصرية في الفترة الأولي من الاستعمار الثنائي ومرتبطة أيضاً بمن بقيَ على قيد الحياة من التجار الأجانب من التركية السابقة، وبمن جلبهم المستعمر لرسملة الاقتصاد المعاشي فيما بعد (أنا أقسم الاستعمار لثلاث فترات حسب تطور القوى المنتجة)، وسرعان ما انتبذ الاستعمار البريطاني ذلك النهج مع بداية الانتقال من الراسمالية الميركانتالية إلى الراسمالية الصناعية وشيوع الليبرالية الأمريكية؛ حيث يتطلب الأمر تحويل المالك الصغير إلى عامل بمقتضيات رسملة الاقتصاد المعاشي.
فالشاهد أنَّ التجار من أولاد البحر/الجلابة (والأشهر بينهم الكوارتة - والذين تغنت لهم بنت حمرة الوز صباح عبد الله - كوارتة أولاد بٌشارة)، لم يمارسوا عنصرية البتة ولا كانوا طفيليين بحسب ما جاء بشكل واضح في كتاب الحزب الشيوعي: الماركسية وقضايا الثورة السودانية، وبحسب ما ذكرت بروفسير فاطمة بابكر محمود في كتابها الرأسمالية السودانية: أطليعة للتنمية؟ 2006.
وإذا افترضنا أنَّ الحاكم في الخرطوم من نخب الجلابة، فلماذا يريد زعماء الحركات المسلحة وحميدتي محاربة كل الجلابة وليس نخبهم؟ ثانياً الذين مارسوا أبشع أنواع القتل في مناطق الحروب في السودان إخوانويون/إخوان مسلمون (البرهان، حميدتي، أحمد هارون، كوشيب، موسى هلال، حسبو عبد الرحمن، كتائب الحركة الإسلامية)، فلماذا تريد أن تعلنها حرباً على جلابة ليس لهم ناقة ولا جمل فيما يدور في مناطق الحروب؟ لماذا لا تقاتل الإخوان المسلمون؟ لماذا لم يمتنع كيزانكم المذكورون أعلاه عن قتل أهليهم؟ لماذا تبرئونهم وتتحدون معهم وتعلنوها حرباً على كل الجلابة؟ مالكم كيف تحكمون! هل نحن مقبلون على حملة تعايشي آخر على أولاد البحر؟ ... الأجابة عندي نعم.
عزيزي الشيخ سيد أحمد: العبارة بعاليه تأمين على ما جاء في مداخلتك أعلاه، ولكن على طريقتي.
فلك التجلة والاحترام.
10-31-2020, 04:29 PM
حسين أحمد حسين حسين أحمد حسين
تاريخ التسجيل: 09-04-2014
مجموع المشاركات: 1281
ها هِيَ الفنانة المبدعة صباح عبد الله الحمرية تغني لحبيبها جلابي العصر الحديث، الذي يركب البوكس دبل قبين، بدلاً عن الأصهب العنَّافي شقَّاق الفيافي، وتُضاهي به في ملحمة تنوع فائقة عدداً من الجلابة من مناظق السودان المختلفة. ولم تنسى في خِضمِّ كل ذلك أنْ تذكرنا بالجلاَّبة الأوائل أصحاب الشكرة البكرة، من أمثال "الكوارتة"، وذلك حينما تقول: "مروي أهل الحضارة والكوارتة أولاد بشارة".
فهل ثمة عنصرية تترادف مع مصطلح الجلاَّبة الوارد وظيفياً في أُغنية بلاَّل علىَّ التالية؟
11-01-2020, 04:55 AM
Biraima M Adam Biraima M Adam
تاريخ التسجيل: 07-05-2005
مجموع المشاركات: 27497
مفهومين يتحدث فيهما وعنهما صاحب البوست .. وبفم مليان وهو بعيد كل البعدعن فهم البعد التأريخي و الجغرافي والأثني والثقافي .. وحتىى السياسي لهما ..
من ناحية سياق تأريخي وجغرافي .. نشأ مفهوم الجلابة في عهد الدولة السنارية .. في بلاط سلاطين مملكة الفونج .. وأثنياً لا ينتمي الجلابة لأي أثنية .. فهم خليط من التجار ورجال الدين ومثقفاتية بلاط سلاطين مملكة الفونج الذين أثروا علي حساب الموطنين لمولاتهم السلاطين .. فيهم من الشمال والغرب والشرق ووسط السودان وحتى الجنوبين هناك جلابة ..
نفس الشريحة الأجتماعية .. نشأت في عهد سلاطين الفور .. وهناك تأريخهم وألقابهم وأنسابهم موثقة بصورة أفضل مما كان عليه في بلاط سلاطين الفونج .. ومن ثم المفهوم الثقافي للجلابة هم من يوالون السلطان في أي حقب تأريخنا السياسي.
مفهوم "الغربنة" .. غريب .. مطلوب من صاحب البوست مزيد من النحت .. لتوصيل المفهوم قبل الخوض في تفاصيل لا يعلم القارئ مرجعيتها .. فهل يقصد مفهوم جهوي، أم أثني أو جغرافي (يظل يشير إلي دارفور في حين كلمة غرب تشير لكل غرب السودان) ..
جاييكم راجع .. للوضع السياسي الراهن ومخاوف صاحب المقال ..
بريمة
11-01-2020, 05:33 AM
Biraima M Adam Biraima M Adam
تاريخ التسجيل: 07-05-2005
مجموع المشاركات: 27497
قبل أن بدي رأي .. في صاحب البوست .. دعونا .. نلم ليكم كور مقالاته ما قبل وما بعد الأنقاذ، ودوره البطيراكي في مسألة لجان المقاومة ومن ثم الأنتكاسة المرة .. نحن محتاجيين تقييم صاحب البوست .. قبل أن نقيم ما يقدم في هذا البوست ..
ندع مقالات الرجل تحدثكم عنه .. https://www.alrakoba.net/author/h-a-hussain/
فتحت مقال واحد فقط من مقالاته تحت عنوان: "على لِجان المقاومة والثوار أجمعين: رفع درجة الاستعداد الثوري إلى حدودها القصوى"
Quote: 1/ على الثوار ولجان مقاومتهم الأماجد أن يكونوا جاهزين وقادرين آنياً على ملئ الفراغ الذي يحدثه التصدع في جسم قوى الحرية والتغيير وتجمع المهنيين السودانيين (لا قدَّر الله) الذي يشتغل عليه أعداء التغيير (الصادق المهدي، قوش، وجميع الفلول من أمثال أنس عمر ومحمد الجزولي وأعوانهم في السلطة القضائية والنيابة العامة والقوات النظامية والخدمة المدنية)، بأشخاص لا تتجاوز أعمارهم (ما أمكن ذلك) الخمسين سنة من ذات قوى الحرية والتغيير أو من الثوار ولجان المقاومة الذين هَمُّ الوطن أعلى من همومهم الحزبية والذاتية، ويتم اختيارهم وفق المعايير العلمية للكفاءة والخبرة والقدرة على إدارة الشأن العام.
هل لاحظتم الشعارات البراقة: هم الوطن أعلي من همومهم الحزبية والذاتية .. هذا الشعار أسقطه عن نفسه بيده في مقاله في البوست .. ورجع إلي مقولة أنا من غزية .. فإن غزت غزية غزوت!
الرجل نصب نفسه وصي علي لجان المقاومة في مقالات يدبجها .. وينقمها .. ويصبغ عليها طابع فوقي نرجسي ..
وفي أول ملف ومضب .. للمشاركة التى يدعيها .. يسقط هموم الوطن وهموم الحزب ويرجع لهمومه الذاتية .. عييك!
مثل هذا الكاتب ظهر أخر .. أسمه نجيب محفوظ .. حسبته مصري سوداني !
بريمة
11-01-2020, 09:57 AM
حسين أحمد حسين حسين أحمد حسين
تاريخ التسجيل: 09-04-2014
مجموع المشاركات: 1281
لقد أوجعتنا يا حمدوك، وأوجَعَنا الزبانية، وسارقو الفترات الانتقالية
مقدمة
لعلَّك لم تكن تعلم عزيز الفترة الانتقالية؛ أنَّنا قد أسرفنا في مدحِكَ في كلِّ الفضاءات، وذدنا عنك في وجه القادحين والمُعَرِّضين؛ ونحن بعد نعرف من أتى بك إلى السلطة من ليبراليِّي السودان الجُدد عبر اجتماعاتكم في أديس أبابا، ونعرف من يعمل في مكتبك ومن يعمل حوله لصالحهم ولصالح عناصر المؤتمر الوطني عبر الرِّشَى السخيَّة (Commissions)، ونعرف حتى عملاء المخابرات الذين من حولِك، وهم يلبسون الزيَّ القوميَّ، ويقدمون لك المشورة ليل نهار، ويحاولون رسم خطِّ السيرِ لك؛ ولكنَّا على أيِّ حال تجاوزنا عن كل ذلك.
وقد فعلنا ما فعلنا من غضِّ الطرف سماحةً وتجمُلا وتطلُّعاً، بأنَّ ما تحمله من علمٍ وتجربة، سيُنْهِضُ عنقاء الوطن من رمادها.
ملاحظات لابدَّ منها
1/ نرجو أن نُنَبِّهك بكل الاحترام والتقدير أنَّك تجلس على هذا الكرسي بدماء شهدائنا وفقد مفقودينا وجراح جرحانا وبالفعل الثوري لثوارنا - في كل السودان - الذي أفضى للتغيير، ويجب أن تعلم أيضاً أنَّنا صرفنا النظر عن الحقائق في المقدمة أعلاه لأنَّك من الهامش وتنحدر من أسرة فقيرة. وكنَّا نحسبُ أنَّك بورجوازيٌّ صغيرٌ منحازٌ للطبقات الفقيرة التي جئت من ترائبها، ولكن يبدو أنَّنا كنَّا واهمين. فكل سياساتك تُوحي بأنَّك منحازٌ للطبقات الغنية التي قدمتك للثورة السودانية، وخلَقَتْ منك أيقونة المنقذ العظيم، وجمعتْ من حولك جموعاً كثيرة، بعضها صادق وجُلُّها "فلولً" تلبس لباس ثورة ديسمبر الظافرة. واختارت لك نموذجاً للحكم خُمْسُمُشْكِل - "مدني – عسكري" مقصوداً لذاته، ليحميها من رجعة النظام المتساقط الذي تنكَّرت له، وليحميها من غضب الثورة والثوار.
غير أنَّ انحيازك لطبقة الليبراليين الجدد والعسكوطفيليات ودعاة الهبوط الناعم ومَنْ وراءَها في العالم الخارجي على حساب فقراء السودان (ولا تثريب على انحيازك هذا، فالدولة المدنية تُتيح لك ذلك) يُكذِب أول جملة قلتها بعد أدائك للقسم: "أنا الآن رئيس كل السودان"، ويفضح زيف وقوفك على مسافة متساوية من طبقات المجتمع (شركاء العملية الإنتاجية/الاقتصادية) ويكشف خِواء مفهوم المشروع الوطني لديك والذي لطالما بشرتَنا به، ويجردك حتى من الحقيقة الإنسانية وأنت تتخذ من قتلة أبنائنا ذراعاً يميناً لك؛ تارةً بذريعة العَمَلانِيَّة، وحقيقةً بسيادة العقل الجهوي المُتحاصِص (غربنة ممنهجة للدولة) عندك وعند من يليك.
2/ ولتعلم أنَّنا على مستوى فهمنا المتواضع للنظرية الاقتصادية، لا نجد حرجاً في أن يكون للثورة شرائح رأسمالية وطنية حادبة على إنجاحها بشكلٍ شفاف لا فساد فيه ولا محاباة. وشراكة العملية الإنتاجية/الاقتصادية المتوازنة (العمل/العمال + رأس المال/روَّاد الأعمال + التنظيم/الطبقة الوسطى + الأرض/شريحة الدولة = الأنتاج القومي/الاقتصاد القومي في شكله الكلي) لا أحقاد طبقاتها (كما كان سائداً أيام الحرب الباردة) التي نطرحها منذ وقتٍ طويل تُتِيحُ ذلك. ولكن أخلاقياً لا نسمح أن يكون شركاؤنا في العملية الاقتصادية من أعداءِ ثورتنا وقتلة أبنائنا ومغتصبي حرائرنا وأحرارنا وسارقي أقواتنا يا رعاك الله.
وإذا كنت لا مُحالةَ فاعلاً من واقع ما يبدو عندك من عقلية تصالحية (Accomodationist Mentality)، أو ما يبدو عندك من عملانيتِك الجارِحة وبرود أعصابك الفاقع للمرارة، فالتطرح وجهة نظرك بقوة وشفافية في إطار "مشروعك الوطني" لصنَّاع الثورة؛ قَبِلوه أو رَدُّوه. لماذا لا تقدم ورقة للمؤتمر الاقتصادي – السراب، وتطرح فيها رؤيتك للمشروع الوطني الذي تنادي به (إن كان بالفعل لك مشروع وطني)، وتعرِّف النَّاس عليه وعليكَ كما فعل مانديلا والروانديون وغيرهم؛ وكثيرٌ من النَّاس يشاركك ذات الرؤى.
3/ لم يتوقف انحيازك لمعسكر الليبراليين الجدد والعسكوطفيليات ودعاة الهبوط الناعم المدعوم من الغرب ودول الجوار عند جعلِهم ذراع حكومتك اليمين في إطار "محفظة السلع الاستراتيجية" قاصمة ظهر الفقراء، أو عند سكوتك عن إرجاع المشاريع المخصخصة تمكيناً لصالح أعضاء النظام المتساقط والمتوالين معه، أو عند امتناعك عن إلغاء الإعفاءات الضريبية والجمركية والرسوم الأُخرى والزكاة وأخذها بأثر رجعي من آلاف الشركات الإنقاذية وأخواتها حتى الآن، أو عند غض طرفك عن عبث العسكوطفيليات التي تسيطر على موارد الدولة المدِرَّة للعملات الصعبة والمحلية وتديرها خارج الموازنة العامة؛ ولكن يتجلَّى ذلك يوماً بعد يوم في تمكين المُمَكنين، وفي التنازلات التي تقدمها للعسكر على حساب الدولة المدنية في لا ضرورة، وفي تبنِّي أفكار دعاة الهبوط الناعم الساعين لحماية مصالحهم المتشابكة مع مصالح الفلول على حساب مصالح أسر الشهداء والمفقودين والجرحي وكل الثوار.
بل قد وصل صنيعك هذا مرحلة إقالة وزير الصحة الذي يُمثِّل المثقف العضوي الأكثر وقوفاً مع مصالح فقراء الثورة السودانية (العلاج المجاني والدواء المجاني والمدعوم) ضد مافيا المستشفيات الخاصة ومافيا الأدوية. بل في الحقيقة أنت ووزراء المحاصصات الضِّعاف تغيرون منه لأنَّه يفضح أداءكم الباهت المتهافت، وتحسدونه وتحسده شرائح رأس المال التقليدية والليبراليون الجدد، أن يُجيَّرَ أداءه الناصع وصنيعه الرفيع هذا لصالح الحزب الغريم بزعمكم.
وتكفي د. أكرم على التوم شهادةً، من بين الشهادات العديدة في حق أدائه، شهادة د. محمد السابق استشاري أمراض الكلى، الإخوانويُّ المؤكَّد، إذ يقول {بتصرف من مداخلة للأخ الكريم فرح اسماعيل سعد على صفحتي بالفيس بوك}: "شَكَّلَ د. أكرم حماية كاملة للمركز القومي للكلى، مما انعكس إيجاباً على المركز واستقراراً وتطويراً للأداء. {لقد} أضفنا في عهده مركز غسيل الكلى بأمدرمان والدايات، والآن مركز السوكي والفاو والقطري بالخرطوم ومركز الكدرو كلها على وشك دخول الخدمة. وتمَّ تجهيز مركز سلمي التابع لجامعة الخرطوم في شراكة مع المركز القومي وتمَّ تجهيز غرف عملياته والعناية المكثفة، وأنجزنا 69 عملية زراعة كلى في ظرف 6 شهور. ... {و} تطورت الميزانيات .. إلى أن وصلت تريليون و600 مليار جنيه هذا العام. ... {و} تعاقدنا .. على شراء 300 ماكينة غسيل من اليابان و300 كرسي و11 محطة مياه من ألمانيا ..."؛ والحقُّ ما شَهِدَتْ به الأعداء.
4/ نلاحظ أيضاً، إلى جانب تحالفاتك المذكورة بعاليه ضد مطالب الثوار وفقراء السودان، أنَّك تسوسُ البلد بعَمَلانِيَّة تسيطر عليها سيادة العقل الجهوي المُحاصِص – الغربنة الممنهجة للدولة ومؤسساتها، خاصةً في مسائل التوظيف والاستثمار واستحقاقات السلام. وهذا الأمر بطبيعة الحال لا يُلبِّي مطلوبات الدولة المدنية، ويقدح ثانيةً وبشكل مباشر في مفهوم المشروع الوطني الذي صَمَمْتَ به أُذاننا، ويجعل الكثير من النَّاس يتشككون في مضامين مسارات مفاوضات السلام الجارية في جوبا. الأمر الذي يجعل الطريق ممهَّدة لبروز شرقنات ووسطنات وشملنات موازية في البلد الواحد، وربما نشوء انقسامات وانفصلات حتى (الحكم الذاتي للمنطقتين، أكبر من صلاحيات حكومتك، وتمريره عند هذا المستوي مسألة في غاية الخطورة والمكر بالسودان وأمنه القومي)، خاصةً إذا رفضت قوى الحرية والتغيير القسمة الضيزى التي تنادي بها جبهة المحاصصات الثورية (مع وجود استثناءات).
وبطبيعة الحال، نحن نتفهَّم أنَّ أصحاب المصلحة في الولايات التي دمرتها الإنقاذ بالحروب المباشرة، لهم أولويات التنمية والسلام وجبر الضرر والتعويض منذ بداية الحرب حتى نهايتها ولا مزايدة على هذا مُطلقاً؛ وقد كتبنا في ذلك الكثير من المقالات. ولكن ما لا نفهمه هو أن تتحول المطالبة بإيجاد التوازن على مستوى السلطة والثروة إلى "واقع من سيادة عقلية جهوية/غربنة ممنهجة للسلطة والدولة" تمارسها النخب المسيطرة الآن وتلك التي تتفاوض على السيطرة للظفر بنصيب الأسد، بالرغم من أنَّ الفعل الثوري لهذا الأسد لم يُفْضِ إلى التغيير على سبح عقدين من الزمان، إذا ما قارنَّاه بالفعل الثوري الذي أفضى للتغيير عند أهل المصلحة الحقيقيين غرباً وشرقاً ووسطاً وشمالاً وجنوباً (في سنار والدمازين ثم عطبرة ثم الخرطوم والجزيرة وبورسودان ثم نيالا ودنقلا) الذين غيروا أعتى ديكتاتوريات العصر في بِضعة أشهر.
وبالتالي هذا النضالُ الطويلُ المسلح نحو المناصب والمكاسب كما يتبدَّى، سوف يحرِم أهل المصلحة الحقيقيين في الولايات الغربية والولايات الأخرى في الوسط والشرق والجنوب والشمال من فرص التوظيف العادل والاستثمار العادل واستحقاقت التنمية والسلام العادليْن.
والمحزن أن تنبني سيادة هذا العقل الجهوي عند النخبة الحاكمة وتلك التي تسعى للمشاركة في الحكم من الحركات المسلحة بشكل مستتر (وعلني أحياناً) كردة فعل على الاعتقاد الذي لا نجد له عزماً، بأنَّ كلَّ النخب التي أدارت السودان وظلمت الولايات الجنوبية والغربية بخاصة، قد كرَّست التنمية في الولاية الشمالية، وقد حان أوان الاقتصاص منها بوجود حمدوك إبن جنوب كردفان رئيساً للوزراء.
وهذه الغربنة الممنهجة لو يدري المتحاصصون تشكِّل خطراً عظيماً على الأمن القومي السوداني؛ ليس لأنَّ أهلنا في غرب السودان سيسيطرون على الدولة (حاشى وكلاَّ، ومرحباً بهم في دولتهم استحقاقاً وليس منحةً)، ولكن الخطورة في تسلَّل العناصر الشادية بكثافة إلى السودان في الثلاثة أعوام الفائتة (كما في فترة سيئة الذكر الإنقاذ) فيما يشبه الاستعمار الإحلالي (راجع مقالنا عن خطر حميدتي على الامن القومي السوداني بالراكوبة)؛ كما أنَّ هناك خطورة أخرى على الأمن القومي في رِدة الفعل المعاكسة التي تنتظر هذه الغربنة.
والمُحزن أكثر أنَّ النَّاس يجهلون العديد من المشاكل التي جعلت الولاية الشمالية الأكثر تراجعاً – لا الأكثر حظاً - في المجال التنموي إذا ما قارنَّاها بالولايات التي تحسب نفسها أنَّها مظلومة، وأهم هذه المشاكل بطبيعة الأحوال هي سلوكيات ذات النخب التي يشكو منها الجميع. فمثلاً: أهمَّ ثلاثة مشاريع في الولاية الشمالية أنشأها الإنجليز عام 1949؛ وكل حكومات النخب المتعاقبة التي يعتقد البعض أنَّها ظالمة للولايات الجنوبية والغربية، كانت أكثر ظلماً للولاية الشمالية إذ أنَّها لم تنشئ أكثر من أربعة مشاريع تنموية وثلاثة منها معطوبة لأكثر من ثلاثة عقود. أمِّا الباقي من المشروعات فقد أنشأه الأهالي بالعون الذاتي بعد أن طردت الولاية أبكارهم إلى البنادر والخليج.
فتلك النخب العضيرة يا سادتي امتنعت منذ الاستقلال حتى قيام ثورة ديسمبر المجيدة عن الاستثمار في هذه الولاية الطاردة متحججة بارتفاع كُلفة رأس المال، وأمعنت في تدميرها وتدمير إنسانها بدفن النفايات النووية والكيميائة والمخلَّفات الآدمية في أحشائها، وقد بدأت مؤخراً في حرق مزارع النخيل والبساتين التي أنشأها أهلنا بالعون الذاتي، وباعت العديد من أملاكنا للجيش المصري وعبد الرحمن الراجحي والقطريين، ومن لفَّ لفَّهم. فالشاهد، من يعيش في الولاية الشمالية الآن يعيش على هامش شريط نيلي لا يتجاوز عرضه شرقاً أو غرباً ثلاثة كليلومترات في أحسن الأحوال، وهو الآخر قد فتَّتَته المواريث. فالآن الكوشي في الولاية الشمالية، من أهل المصلحة يا رعاكم الله، كوشي لا طِين لا تَمُر؛ وواللهِ لو كان بالشمالية غابات، لتمردنا منذ ستة عقود.
ودعونا نعود لسيادة العقل الجهوي بعد أن أوضحنا الظلم الواقع على الولاية الشمالية: هل لنا أدلةٌ عليه وعلى خطورته على الأمن القومي السوداني؟ والإجابة نعم.
فمثلاً، أنَّنا نجد أنَّه ليس من قبيل المصادفة أن يُسلِّمَ مجرم الحرب "علي كوشيب" نفسه لمحكمة الجنايات الدولية طوعاً واختياراً دون وجود صفقة يفرُّ بموجبها من عقوبة الإعدام في المحاكم السودانية إلى تأبيدة الجنائية الدولية في سجون لاهاي الفندقية. وفي نفس الوقت هذه الصفقة تُملي عليه أن يذكر عملية تسلسل الأوامر بالقتل التي تأتيه من أعلى بكيفية محددة، لتساهم في تبرئة مجرم حرب آخر. وبالفعل قد ذكر الرجل في المحكمة أنَّ الأوامر تأتيه تسلسلاً من أعلى إلى أسفل من: على عثمان، غندور، البرهان (ولم يذكر على كوشيب البشير تكتيكاً، ولم يذكر حميدتي بحسبان أنَّه المعني بالصفقة أولاً وأخيراً).
وقد تبع هذه الصفقة حلقات متسلسلة من الإطراء المتصل على حميدتي: من قِبَل الحركات والمسارات المتفاوضة في جوبا، ومن قِبَل الدولة المضيفة للسلام، ومن قِبَل مراقبي السلام، ومن قِبَل حكومة حمدوك العملانية؛ ووصل الإطراء مدىً بعيداً بإعلان الإمام الصادق المهدي انضمام "الحبيب" حميدتي لحزب الأمة القومي؛ وكانت قمة التماهي مع تلك الصفقة قد تجسَّدت في تبرئة هيئة محامي دارفور لحميدتي من دمِ المعتصمين وإلصاقها بالكيزان والبرهان في تحقيقٍها الذي أودعته لجنة الأستاذ نبيل أديب (للتأثير على مجريات العدالة باتجاه سيادة العقل الجهوي تلك)، وفي تعيينه بواسطة حمدوك على إثر ذلك رئيساً للجنة الاقتصادية ثم نائباً لها.
وبطبيعة الحال لا يُفهم مسعى هيئة محامي دارفور في تبرئة "قاتل أهلهم" حميدتي من دم معتصمي القيادة العامة وتجيّير إثمه وجريرته على الكيزان والبرهان، ولا يُفهم تقريب حمدوك له قُربةً تجعله أكثر حركة في المجال الاقتصادي من وزير المالية ذات نفسه، إلاَّ في إطار عملانية حمدوك الممعنة في تكريس العقل الجهوي المُحاصِص دون أن يتبصَّر حقيقة الخطر على الأمن القومي السوداني التي تنطوي عليها غربنته الممنهجة للسلطة؛ وليتها كانت غربنة سودانية صِرفة ينتفع منها أهل المصلحة في الولايات الغربية.
وللأسف فإنَّ حمدوك يدمغ هذا الاتجاه بدليل آخر حين أجَّل أكثر من مرة (ومازال يؤجل) تشكيل المجلس التشريعي، وتعيين حكام الولايات المؤقتين، رغم موافقة المتفاوضين على تشكيله قبل أكثر من شهرين ونصف، ذلك لكي لا تُمس النسب المبتغاة التي تُلبي أشواق العقل الجهوي المُحاصِص، صرف النظر عن أعداد أصحاب المصلحة في الولايات الأخرى من السودان، وصرف النظر عن سهمهم في الفعل الثوري المفضي للتغيير. وحتى بعد طوفانية 30 يونيو 2020 ها هو حمدوك يُماطل ويُعلن تخديراً للثوار أنَّ السلام سينجز في غضون اسبوعين؛ ومازالت الدحرجة مستمرة.
والأخطر من ذلك يا ثوارنا الموقرين أنّنا نرصد هذه الأوضاعَ بهذه الوتيرة منذ أيام الإنقاذ شراءاً للمتاجر وشراءاً للأراضي خاصةً بواسطة القبائل التي تتداخل مع دولة شاد، وها هي تتكرَّس الآن بشكل سافر بوجود العقل الجهوي في السلطة، وبمحاولات السيد الإمام الصادق المهدي المستميتة لكسب أفئدة أهل المصلحة الذين عارضوه مؤخراً في غرب السودان بتعيين أبنائهم بواسطة حمدوك والبدوي بعيداً عن الأعين وبشكلٍ غير شفاف وكلُّه محاباة.
ومن أدلَّتنا أيضاً على طغيان العقل الجهوي شيوع لغة في العاصمة القومية وبعض الولايات الأخرى، محمولها الكراهية والتهديد بالقتل والتحرش بالأعراض من قِبَل "بعض" العناصر المحسوبة على أهلنا في الولايات الغربية خاصةً تلك التي لها امتدادات مع دولة شاد. ولعمري تلك قنبلة موقوتة يجب إبطال مفعولها الآن قبل فوات الأوان؛ فما من أحد يُريد تكرار المأساة التي أعقبت استشهاد المناضل الجسور المرحوم د. جون قرنق دي مبيور في الخرطوم أو في غيرها من الولايات.
كذلك هناك مظاهر للغبن على الإهمال والجحود بدأت تظهر للسطح عند أسر الشهداء جرَّاء سيادة هذا العقل الجهوي وجرَّاء صفقات حمدوك العملانية معه حينما سمحت حكومته ترويجاً لهذه الصفقات وتلك الجهوية مندوب حميدتي جمال جمعة ليلقي كلمة في يوم تكريم وزارة الثقافة الاتحادية لأسر الشهداء (25/11/2019). بل كان الغبن أكثر وضوحاً في نبر أُسر الشهداء والمفقودين والجرحي الذين قالوا لن ننتظر لجنة الأستاذ نبيل لتقتصَّ لشهدائنا، والذين وصلت لعناتُهُم لبعضِ وزراء حمدوك فأبكتهم. وكيف لا يصيبهم الغبن وأبناؤهم من مهر بدمه الحراك الثوري الذي أفضى للتغيير وأقعد حمدوك ووزراءه على الكراسي التي هم عليها الآن؛ ولكنَّ حمدوكهم يُمعن في خيانتهم وخيانة دم أبنائهم.
ومن البراهين على سيادة هذا العقل الجهوي، أنَّ عملانية حمدوك قد بدأت تخلقُ جفوةً ومناخاً من عدم الارتياح وعدم الثقة بين قادة المؤسسة العسكرية وحكومة حمدوك ومن يُشايعها من المليشيات العسكرية، وإن تظاهروا جميعاً بالتناغم والدبلماسية المشوبة بالحذر. وخطورة هذا الواقع تتجلَّى في أنَّ النخب العسكرية (ولا أقول المؤسسة العسكرية)، إن عاجلاً أو آجلاً ستلجأ بشكل موازي توازني لمليشيات النظام المتساقط لتعزز حماية نفسها من طغيان العقل الجهوي الوشيك داخل المؤسسة العسكرية نفسها، جراء الدمج المزمع تنفيذه لحركات مسلحة (ضعيفة العقيدة القومية بطبيعة الحال) في القوات النظامية؛ وبالتالي تدخل الثورة في تعقيدات غير محسوبة. ووقتها إمَّا استولت المؤسسة العسكرية على السلطة وضاع كلُّ شئ، ولا أحد سيلومها على ذلك؛ وإمَّا انقسمت المؤسسة العسكرية السودانية ووضعت البلد كله في حالة من الانكشاف العسكري والأمني لا يعلم متاهتها إلاَّ الله. ولا تنسَوْا أنَّ تشاد تمارس الاحتلال الإحلالي لبلدنا، والفشقة مشلولة بضربات الشِّفتة الإثيوبية، وحلايب ترقص عشرة بلدي على بلاط الفرعون.
مطلوبات فورية
1/ نرجو من السيد د. عبد الله حمدوك الإرجاع الفوري لدكتور أكرم علي التوم وزيراً للصحة الاتحادية. وهذا المطلب لا يُمثل أيَّ رغبةٍ حزبية البتَّة، بل يُمثِّل رغبة أصحاب المصلحة من الفقراء والمعاشيين والعمال والموظفين والقوى الحديثة في الهامش والمركز. وإن لَّم تفعل يا عزيز المحاصصات، فأعلم أنَّا مُرْجِعوهُ بإذن الله إلى وزارته إما بطوفانية لا تُبقي ولا تذر، وإما بمذكرة للمجلس التشريعي حال انعقاده ليصوت عليها نُصرةً لأصحاب المصلحة من المعدمين والمسحوقين، الذين يموتون بفقدان القدرة على الحياة بسبب الجوع والمرض؛ ويومها سنقول لك: شكراً حمدوك ونحن نشير إلى باب الخروج.
2/ ونقول للثوار وللكوادر الوسيطة في القوات النظامية المناصرة لثورة ديسمبر من تحت الحجاب: عليكم إرغام الحكومة الانتقالية على تَجَنُّبِ إدارة البلد بالمكر والصفقات والمحاصصات الجهوية لأنَّها قنابل موقوتة، ورِدَّةُ فعلِها مدمِّرة للغاية (شرقنة، ووسطنة، وشملنة، وانقسامات) ومن الممكن أن تنسف الفترة الانتقالية وأهدافها برمتها، وربما السودان بأكمله.
ولا تثريب أن يحدث توازن في السلطة المدنية والعسكرية وعلى المستوى الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، ولكن ليس بإعطاء المتحاصَصين أكثر مما يستحقون تلبية لسيادة عقل جهوي يكرِّس لعملية غربنة ظاهرها العدالة الاجتماعية وباطنها ربما كان احتلال إحلالي للسودان. ويجب أن يتم ذلك التوازن على أُسس علمية مرتبطة بعدد الولايات/الأقاليم في التقسيم الإداري المقترح، ومرتبطة بالثِّقَل السكاني ومعدلات الفقر والتهميش بين أصحاب المصلحة، لا بالمحاصصات وإفعال العقل الجهوي والمرارات التاريخية التي ليس للمواطن العادي فيها أيُّ يد.
3/ حذاري من أن تكون استمالة حمدوك للجنجويد ذات ارتباط بمخطط يشتغل ضد المؤسسة العسكرية (أو نخبها التي لنا معها تار بابكر الصديق) في إطار هيمنة العقل الجهوي التي تمارسها حكومته وهيئة محامي دارفور الآن، والتي تترجح بتحركات حميدتي في كل الاتجاهات والاستثمار في كل القطاعات. وبالتالي نحن نفضل أن نقاضي قتلة شهدائنا بشكل شفاف، لا يستثني حميدتي ولا البرهان ولا غيرهما. وأيُّ سبيل غير هذا السبيل ستكون له عواقب وخيمة على الأمن القومي السوداني. وعلى الثوار وكوادر الجيش الوسيطة أن تقف بحزم ضد هذا السلوك الغير مدروسة نتائجُه، وألاَّ تستثني أحداً مدَّ يدَه بالأذى للمعتصمين عبر استخدام العصي أو البنادق أو الاغتصاب أو الحرق أو الإغراق في النيل أو الإهانة أو العدالة الترميمية.
4/ ومنعاً للجهوية وهيمنة العقل الجهوي، فلابد من أن يكون مجلس الوزراء ومجلس السيادة متوازنين مناطقيَّاً من عناصر أهل المصلحة – لا العناصر المتحاصصة - في استحقاقات التنمية والسلام.
خاتمة 1/ نريد معرفة رأيكم بين أن نُعيد د. أكرم على التوم وزيراً للصحة الاتحادية حال انعقاد المجلس التشريعي، وبين أن يكون د. أكرم هو مرشح الشباب لمجلس الوزراء في الانتخابات القادمة إن سمحت الوثيقة الدستورية.
2/ على الثائرات والثوار في لجان المقاومة وتجمع المهنيين السودانيين: نصيحتي لكم أن تتحركوا سريعاً لحماية ثورتكم من سارقي الفترات الانتقالية.
11-01-2020, 02:04 PM
الشيخ سيد أحمد الشيخ سيد أحمد
تاريخ التسجيل: 07-14-2008
مجموع المشاركات: 2698
Quote: ظلت حالة عدم الثقة تسيطر على المشهد السياسي بين مكوناته على امتداد التاريخ ..وظل التوجس يهيمن على النظرة الممنوحة نحو شمال السودان واعتباره متواطئآ مع كل السياسات التي انتهجها الساسة السودانيون. وكنتاج طبيعي لتلك النظرة المتأصلة في نفوس البعض ..ورثت تلك الفئات نظرتها السالبة عن الشمال لابنائها وعملت على تضمينها في خطبها السياسية لحشد المزيد من الاصوات ...الشئ الذي أدى إلى تشكيل راي عام متماسك في ظاهره ولكنه يظل هشآ في مضمونه لأنه إعتمد على عدم الوضوح والواقعية والصدق في طرحه.. فنأت الكثير من الفئات عن تلك الدعوات بالرغم من انها انبعثت من مناطقها...ولعلها نأت بنفسها لإيمانها بعدم صدقية الطرح وليقينها بالظلم الذي ظل يحيق بإنسان الشمال على إمتداد التاريخ... إلا أن نايها عن المشهد دون محاولة تصحيح المفهوم لايعفيها بأي شكل من مسئوليتها التاريخية والإنسانية.. عول الكثيرون عليها في دحض الإقتراءات المتلاحقة عن الشمال ..ولكن ذهبت أمنياتهم أدراج الرياح حين تيقنوا بان صوت الاهل وعزوة الإنتماء طغت على المشهد وغلبت سطونها حتى على النزعة الانسانية. وظل انسان الشمال البسيط بعيدآ عن السلطة ومغرياتها ..منشغلآ بزرعه وحصاده وحياته اليومية وهو لا يدري ان المؤامرات تحاك ضده ..وان الامنيات له هي ان يعاني اكثر ويتشرد وان يكون بلا مأوى ولا هوية ولا مستقبل.. وظل الخطاب الملئ بالبغض والكراهية ملتصقآ بشمال السودان.. هل عجزنا في الشمال عن تصحيح المفاهيم السائدة عن انسان الشمال؟؟ هل هناك ممن يحسبون على الشمال عملوا على تأصيل هذا المفهوم؟؟ إن كان وصف العمالة ملازما لهم في خيانتهم لأهلهم ..فهل كل أهل الشمال كانوا يتبنون ذات النهج والمنطق لمآرب في انفسهم؟؟ بدلآ من حالة النفاق المجتمعي السائدة هذه.. ووجود هذا المشهد السياسي المشوه.. وفي ظل هذا الكره والمقت ... لماذا يستغرب البعض ان يرفع الشمال لواء التمرد؟؟
11-01-2020, 02:15 PM
الشيخ سيد أحمد الشيخ سيد أحمد
تاريخ التسجيل: 07-14-2008
مجموع المشاركات: 2698
لم يخامرني أدنى أحساس ولو للحظة واحدة أن تمثيلية السلام المزعوم في جوبا، ما هي إلا قسمة ضيزى للثروة والسلطة، وهي اتفاقية إقصاء الشمال وأبناء الوسط وكل من ينتمي إلى السودان الوطن الكبير فيما عدا غرب السودان.
إنها باختصار، مفاوضات الدارفوريين في الحكومة ومجلس السيادة والحركات المسلحة، ولا عزاء لبقية المسارات والائتلافات والتحالفات وغيرها، مفاوضات دارفورية دارفورية.. تنازلات دارفورية دارفورية.. سلام دارفوري دارفوري.
نعم… سلام صُمم بمواصفات معينة، وفُصل على مقاس قبائل بعينها، وستبدأ رحلة تمكين وإقصاء من نوع آخر ومن شابه أباه فما ظلم، فغداً يجتمعون وكأنهم في حوش القبيلة ليشكلون حكومة جبر الخواطر!!
المشكلة الكبرى لم تكن أبداً في سعي بعض أبناء دارفور تحت قوة السلاح لتمرير أجندتهم والتي ليس من ضمنها رفاهية إنسان المنطقة، بقدر ما أهمها اقتسام المناصب والثروة، المشكلة لم تكن تلك البتّة، ولكن المصيبة والطامة الكبرى كانت أولئك المتهافتين على مولد السلام.
سَلام اْلمُتَرَدَّيةُ وَ النَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ، كان مولداً للتبضع في سوق الدولار (التوتي) والتوتي مردها إلى (توت قلواك) رئيس وفد الوساطة، والذي برع وبشكل مُذهل في نثر الدولار على الضيوف والمشاركين.
لقد ظللت في حيرةٍ من أمري وأنا أتابع الكثير من الأسماء التي هاجرت إلى جوبا عاصمة الدولار، بعضهم لا علاقة له بالاتفاقية لا من قريب ولا من بعيد، بل حتى لو سألته عن بروتوكول الاتفاقية وتفاصيل التفاوض وبنود ما وقع فلن تجد عنده إجابة لأي شيء!!
كل ما يعلمونه أن هنالك سوقاً للدولار يريدون إزهاق بقية ماء وجههم فيه، لقد أصبح الانتهازيون والمتسلقون جزءاً أصيلاً في أي حراك مجتمعي، سلبياً كان أم إيجابياً، يهرولون كلما دعا الداعي إلى وليمة أو حشد او مظروف بداخله الورق الأخضر كان أم الوردي، لا يهم.. المهم أنهم من كل حدب يأتون يتبعهم الغاوون ويقولون ما لا يفعلون.
بعض الذين حزموا حقائبهم إلى جوبا، هاجروا وفي جيب أحدهم عشرون جنيهاً، وحين سأل كيف للعشرين جنيهاً أن تقيلك عثرة الطريق؟ أجاب مطرة الدولار دي ما ح تصب عندنا…؟؟
خارج السور: لهفي عليك يا وطني.. لقد صار الانتهازيون هم الأبطال.. والمتسلقون قيادات.. وأنصاف الرجال وأشباه النساء نجوم مجتمع.
لم يخامرني أدنى أحساس ولو للحظة واحدة أن تمثيلية السلام المزعوم في جوبا، ما هي إلا قسمة ضيزى للثروة والسلطة، وهي اتفاقية إقصاء الشمال وأبناء الوسط وكل من ينتمي إلى السودان الوطن الكبير فيما عدا غرب السودان.
إنها باختصار، مفاوضات الدارفوريين في الحكومة ومجلس السيادة والحركات المسلحة، ولا عزاء لبقية المسارات والائتلافات والتحالفات وغيرها، مفاوضات دارفورية دارفورية.. تنازلات دارفورية دارفورية.. سلام دارفوري دارفوري.
نعم… سلام صُمم بمواصفات معينة، وفُصل على مقاس قبائل بعينها، وستبدأ رحلة تمكين وإقصاء من نوع آخر ومن شابه أباه فما ظلم، فغداً يجتمعون وكأنهم في حوش القبيلة ليشكلون حكومة جبر الخواطر!!
المشكلة الكبرى لم تكن أبداً في سعي بعض أبناء دارفور تحت قوة السلاح لتمرير أجندتهم والتي ليس من ضمنها رفاهية إنسان المنطقة، بقدر ما أهمها اقتسام المناصب والثروة، المشكلة لم تكن تلك البتّة، ولكن المصيبة والطامة الكبرى كانت أولئك المتهافتين على مولد السلام.
سَلام اْلمُتَرَدَّيةُ وَ النَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ، كان مولداً للتبضع في سوق الدولار (التوتي) والتوتي مردها إلى (توت قلواك) رئيس وفد الوساطة، والذي برع وبشكل مُذهل في نثر الدولار على الضيوف والمشاركين.
لقد ظللت في حيرةٍ من أمري وأنا أتابع الكثير من الأسماء التي هاجرت إلى جوبا عاصمة الدولار، بعضهم لا علاقة له بالاتفاقية لا من قريب ولا من بعيد، بل حتى لو سألته عن بروتوكول الاتفاقية وتفاصيل التفاوض وبنود ما وقع فلن تجد عنده إجابة لأي شيء!!
كل ما يعلمونه أن هنالك سوقاً للدولار يريدون إزهاق بقية ماء وجههم فيه، لقد أصبح الانتهازيون والمتسلقون جزءاً أصيلاً في أي حراك مجتمعي، سلبياً كان أم إيجابياً، يهرولون كلما دعا الداعي إلى وليمة أو حشد او مظروف بداخله الورق الأخضر كان أم الوردي، لا يهم.. المهم أنهم من كل حدب يأتون يتبعهم الغاوون ويقولون ما لا يفعلون.
بعض الذين حزموا حقائبهم إلى جوبا، هاجروا وفي جيب أحدهم عشرون جنيهاً، وحين سأل كيف للعشرين جنيهاً أن تقيلك عثرة الطريق؟ أجاب مطرة الدولار دي ما ح تصب عندنا…؟؟
خارج السور: لهفي عليك يا وطني.. لقد صار الانتهازيون هم الأبطال.. والمتسلقون قيادات.. وأنصاف الرجال وأشباه النساء نجوم مجتمع.
إذا شكرناهم على المبادرة بالسلام، فقطعاً سنكفُرهم على مخرجاته البئيسة. عشرة شهور والترزية يفصلون كل شئ على قدر استحوازهم على السلطة والثروة، في غياب الآخرين؛ فلا أحد يُؤتمن بعد الآن.
11-01-2020, 04:35 PM
حسين أحمد حسين حسين أحمد حسين
تاريخ التسجيل: 09-04-2014
مجموع المشاركات: 1281
Quote: ظلت حالة عدم الثقة تسيطر على المشهد السياسي بين مكوناته على امتداد التاريخ ..وظل التوجس يهيمن على النظرة الممنوحة نحو شمال السودان واعتباره متواطئآ مع كل السياسات التي انتهجها الساسة السودانيون. وكنتاج طبيعي لتلك النظرة المتأصلة في نفوس البعض ..ورثت تلك الفئات نظرتها السالبة عن الشمال لابنائها وعملت على تضمينها في خطبها السياسية لحشد المزيد من الاصوات ...الشئ الذي أدى إلى تشكيل راي عام متماسك في ظاهره ولكنه يظل هشآ في مضمونه لأنه إعتمد على عدم الوضوح والواقعية والصدق في طرحه.. فنأت الكثير من الفئات عن تلك الدعوات بالرغم من انها انبعثت من مناطقها...ولعلها نأت بنفسها لإيمانها بعدم صدقية الطرح وليقينها بالظلم الذي ظل يحيق بإنسان الشمال على إمتداد التاريخ... إلا أن نايها عن المشهد دون محاولة تصحيح المفهوم لايعفيها بأي شكل من مسئوليتها التاريخية والإنسانية.. عول الكثيرون عليها في دحض الإقتراءات المتلاحقة عن الشمال ..ولكن ذهبت أمنياتهم أدراج الرياح حين تيقنوا بان صوت الاهل وعزوة الإنتماء طغت على المشهد وغلبت سطونها حتى على النزعة الانسانية. وظل انسان الشمال البسيط بعيدآ عن السلطة ومغرياتها ..منشغلآ بزرعه وحصاده وحياته اليومية وهو لا يدري ان المؤامرات تحاك ضده ..وان الامنيات له هي ان يعاني اكثر ويتشرد وان يكون بلا مأوى ولا هوية ولا مستقبل.. وظل الخطاب الملئ بالبغض والكراهية ملتصقآ بشمال السودان.. هل عجزنا في الشمال عن تصحيح المفاهيم السائدة عن انسان الشمال؟؟ هل هناك ممن يحسبون على الشمال عملوا على تأصيل هذا المفهوم؟؟ إن كان وصف العمالة ملازما لهم في خيانتهم لأهلهم ..فهل كل أهل الشمال كانوا يتبنون ذات النهج والمنطق لمآرب في انفسهم؟؟ بدلآ من حالة النفاق المجتمعي السائدة هذه.. ووجود هذا المشهد السياسي المشوه.. وفي ظل هذا الكره والمقت ... لماذا يستغرب البعض ان يرفع الشمال لواء التمرد؟؟
حبيبنا ود سيد أحمد عاطر التحايا،
واللهِ ناس الشمالية ديل، لو ماشايلين بعض كان ماتو زماااااان. هِىْ الشمالية فيها شنو اللهْ شِّيل عدوها! ياهو شريط النيل دا، التلاتة كيليومترات شرق - غرب دا، ولاَّ وحيدتن تاني. والعالم الغادي ما فهم إنو الشريط دا تفتت بالمكلية لدرجة مخيفة. واللهِ يا أستاذ الشيخ سيد أحمد أنا في ورثة والدنا رحمه الله ما يلحقني قدر أوضة، وقررنا نحن الأولاد نخلي الورثة للبنات، وندقش نباصر حياتنا؛ لا يُوجد حل آخر غير الهجرة، وهذا من قديم الزمان. وياتو حاكم أدَّانا قطعة واطة ولاَّ درداقة لأننا نحن من ولايتو! عجيب هذا العقل الجهوي المحاصِص!
قال ذلك الموسوعيُّ رحمه الله: "لو قلتُ لعمي أنَّ الثورات تقوم بإسمكم لبدت الفكرةُ شاذة". وقالت حبوبتنا أم الحسين بت حسين شيخ (رحمها الله): "أنا لا بعرِف لى ختِم ولا بعرِف لي مهدي؛ في سُكر في حكومة، مافي سُكر مافي حكومة. ... وقال الشاعر فؤاد عبد الرحيم: أمانة بلدنا ما سُكَّر طَعَم مِشْرِقة زي طِعيمة. وقال حميد عليه السلام: "من كُنَّاكَ ما خُنَّاكَ مافينا الضلالي العاق .. ويا حاسب سُكاتنا رُضا أماني بِطونا ماها غُراق.
11-01-2020, 05:10 PM
الشيخ سيد أحمد الشيخ سيد أحمد
تاريخ التسجيل: 07-14-2008
مجموع المشاركات: 2698
هذا تداعي جميل وانيق..أكاد اشتم فيه رائحة المنقه وهي تزين بصفارها خضرة الشجر واكاد اسمع صوت القمري "وانا مندلي على الجرف" وشايل منجل لي حش القش للغنيمات.
Quote: واللهِ ناس الشمالية ديل، لو ماشايلين بعض كان ماتو زماااااان. هِىْ الشمالية فيها شنو اللهْ شِّيل عدوها! ياهو شريط النيل دا، التلاتة كيليومترات شرق - غرب دا، ولاَّ وحيدتن تاني. والعالم الغادي ما فهم إنو الشريط دا تفتت بالمكلية لدرجة مخيفة. واللهِ يا أستاذ الشيخ سيد أحمد أنا في ورثة والدنا رحمه الله ما يلحقني قدر أوضة، وقررنا نحن الأولاد نخلي الورثة للبنات، وندقش نباصر حياتنا؛ لا يُوجد حل آخر غير الهجرة، وهذا من قديم الزمان. وياتو حاكم أدَّانا قطعة واطة ولاَّ درداقة لأننا نحن من ولايتو! عجيب هذا العقل الجهوي المحاصِص
لقد كتبت عن هذا الأمر وأن المجتمع الشمالي أبقى على حياته من بعد الله تعالى (على معونة ابنائه) معتمدآ على القيم التي يتوارثها جيلآ بعد آخر في مد يد العون لمن يحتاج اليه. وهكذا استمرت عجلة الحياة بالدوران... وإستمر هذا الإرتباط بالأرض والإنتماء يتزايد يومآ بعد آخر.. مع إستمرار التجاهل من حكومة الخرطوم كلك الرجاءات والنداءات على انتداد التاريخ..ولعل آخر الصيحات هي الحمى النزفية التي سكنت (مروي والدبة) ومابينهما..فحصدت ارواح من حصدت وأقعدت من اقعدت. الصورة الحقيقية غائبة عند الكثيرين فأصدروا أحكامهم إستنادآ على مالمسوه من كرسي العرش الذي شغله من ينتمون للشمال إسمآ ولا ينتمون اليه وجدانيآ وأخلاقيآ وإنسانية.. تلك الفئة الصابئىة عن المبادئ والقيم التي تسكن الشمال الجميل. لم تسنح لهم فرصة المرور على الشمال في زيارة يرون فيها بأم أعينهم قدر المعاناة ...ولم يكن لهم نصيب من الحظ لتلبية دعوة شخص معدم بحق يصر ويلح عليك لتناول وجبة تتكون من (صحن قراصة بي ملاح أخضر وصحن بصل) وهو حامد شاكر للنعمة والابتسام لايفارق شفتيه..تتلذذ وانت تتذوق تلك الوجبة التي تم إعدادها باريحية وكرم اصيل.
وزي ما قلت يا حسين..كتب (حميد) رحمة الله عليه:
ويا حاسب سكاتنا رضاك
أماني بطونّا ماها غُراق
صدورنا على البعادي زقاق
ضهورنا إلى المنادي رقاق
رضينا بلا قرن ننساق
وحين نحرن جبل يا ساق
تحياتي وتقديري.
11-02-2020, 02:19 PM
حسين أحمد حسين حسين أحمد حسين
تاريخ التسجيل: 09-04-2014
مجموع المشاركات: 1281
هذا تداعي جميل وانيق..أكاد اشتم فيه رائحة المنقه وهي تزين بصفارها خضرة الشجر واكاد اسمع صوت القمري "وانا مندلي على الجرف" وشايل منجل لي حش القش للغنيمات.
Quote: واللهِ ناس الشمالية ديل، لو ماشايلين بعض كان ماتو زماااااان. هِىْ الشمالية فيها شنو اللهْ شِّيل عدوها! ياهو شريط النيل دا، التلاتة كيليومترات شرق - غرب دا، ولاَّ وحيدتن تاني. والعالم الغادي ما فهم إنو الشريط دا تفتت بالمكلية لدرجة مخيفة. واللهِ يا أستاذ الشيخ سيد أحمد أنا في ورثة والدنا رحمه الله ما يلحقني قدر أوضة، وقررنا نحن الأولاد نخلي الورثة للبنات، وندقش نباصر حياتنا؛ لا يُوجد حل آخر غير الهجرة، وهذا من قديم الزمان. وياتو حاكم أدَّانا قطعة واطة ولاَّ درداقة لأننا نحن من ولايتو! عجيب هذا العقل الجهوي المحاصِص
لقد كتبت عن هذا الأمر وأن المجتمع الشمالي أبقى على حياته من بعد الله تعالى (على معونة ابنائه) معتمدآ على القيم التي يتوارثها جيلآ بعد آخر في مد يد العون لمن يحتاج اليه. وهكذا استمرت عجلة الحياة بالدوران... وإستمر هذا الإرتباط بالأرض والإنتماء يتزايد يومآ بعد آخر.. مع إستمرار التجاهل من حكومة الخرطوم كلك الرجاءات والنداءات على انتداد التاريخ..ولعل آخر الصيحات هي الحمى النزفية التي سكنت (مروي والدبة) ومابينهما..فحصدت ارواح من حصدت وأقعدت من اقعدت. الصورة الحقيقية غائبة عند الكثيرين فأصدروا أحكامهم إستنادآ على مالمسوه من كرسي العرش الذي شغله من ينتمون للشمال إسمآ ولا ينتمون اليه وجدانيآ وأخلاقيآ وإنسانية.. تلك الفئة الصابئىة عن المبادئ والقيم التي تسكن الشمال الجميل. لم تسنح لهم فرصة المرور على الشمال في زيارة يرون فيها بأم أعينهم قدر المعاناة ...ولم يكن لهم نصيب من الحظ لتلبية دعوة شخص معدم بحق يصر ويلح عليك لتناول وجبة تتكون من (صحن قراصة بي ملاح أخضر وصحن بصل) وهو حامد شاكر للنعمة والابتسام لايفارق شفتيه..تتلذذ وانت تتذوق تلك الوجبة التي تم إعدادها باريحية وكرم اصيل.
وزي ما قلت يا حسين..كتب (حميد) رحمة الله عليه:
ويا حاسب سكاتنا رضا
أماني بطونّا ماها غُراق
صدورنا على البعادي زقاق
ضهورنا إلى المنادي رقاق
رضينا بلا قرن ننساق
وحين نحرن جبل يا ساق
تحياتي وتقديري.
تحياتي العطرة عزيزي الشيخ سيد أحمد،
تعرف يا حبيب، لو جبنا أيَّ شخص عشوائياً من الولاية الشمالية وقلنا له أكتب عن الحال في الولاية الشمالية، سيقول مثلما قلنا بعاليه. وذلك ببساطة لأنَّه سيُعبِّر عن واقع يعيشه أيُّ فرد فينا، فالمشكاة واحدة يا صديقي (هذه أرض المستحيل وأرض الممكن وبنتي اسمها آمال كما يقول حبيبنا الطيب الصالح).
وعلى فكرة شيلة الناس لي بعض في الولاية الشمالية تسربت إلى عُمالِهم عبر علاقات الانتاج هناك. فمثلاً إذا استأجر شخصٌ ما عاملاً في أيِّ مكان في السودان، سيُعطي أجره المادي مقابل ما يؤديه من عمل وخلاص. ولكن العامل في الشمالية له ميزات أُخرى. فالطيَّانة بالإضافة إلى الأجر المعلوم المتفق عليه، عندهم فطور الطيَّانة وبيت يسكنوا فيه مجاناً حتى موعد استكمال البُنيان. وعندك سبيطة القفَّاز الذي في بعض الأحيان يطلع بنصيب من البلح أكبر من فرد الوُرَّاث الواحد حينما يحش تمر خشم بيت ناس فلان أو علاَّن.
كان لي إبن عم مليح العبارة حينما يقاول على عمل من الأعمال حتى صارت عبارتُهُ مثلاً سائراً عند أهلنا في منحنى النيل. كان دائماً ما يقول لصاحب العمل مثلاً: أنا بَحُشَّلَك فدان القمح دا بعشرة ألف جنيه + الوجبات بي سوايلة (شايا وقهوتا ومؤخراً أضاف الببسي).
حكاوي ذلك المرتع الأليف لا تنتهي عزيزي الشيخ، وأشجار الكافور (السيسبان) والمانجو تكسوها الخضرة النضرة تبثُّنا الاستمرار، ورائحة اللارنج والبرتقال تُغنيك عن رائحة زهرة البابونج، وحقل البرسيم المُزهِر يُضارع حقول اللافاندر في باريس وهولندا، وفوق ذلك يملؤك بالطمأنينة والسكينة. والبهائم تنادي على أهلها في المغارب لعشى البهائم، وفجأة يشقُّ أصواتها آذان المغرب، وتبدأ الأصوات في الخفوت قليلاً قليلاً، وتؤول الحياةُ بعد ذلك إلى مشاجنات الليل بين الأهل والعشيرة والأصحاب والأحباب.
يا حليل الحلِّي يا الأخوان
المعزة التي تعلم.
11-01-2020, 04:58 PM
حسين أحمد حسين حسين أحمد حسين
تاريخ التسجيل: 09-04-2014
مجموع المشاركات: 1281
ياخي رجعتنا لي زمنآ زين بالحيل.. وانت جايي داخل مع المغيرب وشايل لك حزمة برسيم ولا (ديس) فوق راسك..من تقرب للمراح تسمع البهايم كلهن باع باع..دخلت على المراح يتحاوشنك يمين وشمال وانت ماسك المنجل تقطع في الجريدي الرابطبها القش.. شويتين تجيك حبوبتك بي (بستلة) كبيييري..تاخد لك خشم خشمين معاها يكون البهايم شويي شفقتن راحت..تقوم تمسك البهايم واحد ورا التاني تحلب وانت مشيت تتوضأ وتتجهز للمغرب. بعد شويتين يجيبولك شاي المغربية بي لبن مقنن...ومعاهو باقي كسرة الغداء...الكباية في ايدك والشفقة ماسكاك تعاين في الحلة الملاني (سكن) من برة وانت عشمان لك في كبايتين تلاتة. والحلة سبحان الله التقول قاري فيها شيخ..لابتكمل ولابتفضى الا الناس كلها تقول باااااع. وياطعامة الشاي المارق منها مع انها تكون متوارثة من جيلآ عمنا اول...يا سلااااام. ياخي الريف بي ناسو عندو نكهة مهما تسافر وتدور الدنيا دي مابتلقى مثيلها. الكثير من الذكريات جرفتها تيارات النسيان إلا تلك البقاع( بأرضها وناسها ونيلها) ظلت عصية على النسيان فوقفت على جدران الذاكرة وفي اكثر حوافها حدة تراقب الكثير من الاحداث تهوي سحيقآ في مهاوي الذاكرة.
شكري العميق يا( حسيننا )على فتح هذه الكوة في جدار ذاكرتنا ووجداننا.
اخليك مع ابنكم (النجيفي) وحبيب الكل (عبدالله محمد خير)....في صحبة الاستاذ (صديق أحمد)
11-06-2020, 02:34 AM
حسين أحمد حسين حسين أحمد حسين
تاريخ التسجيل: 09-04-2014
مجموع المشاركات: 1281
ياخي رجعتنا لي زمنآ زين بالحيل.. وانت جايي داخل مع المغيرب وشايل لك حزمة برسيم ولا (ديس) فوق راسك..من تقرب للمراح تسمع البهايم كلهن باع باع..دخلت على المراح يتحاوشنك يمين وشمال وانت ماسك المنجل تقطع في الجريدي الرابطبها القش.. شويتين تجيك حبوبتك بي (بستلة) كبيييري..تاخد لك خشم خشمين معاها يكون البهايم شويي شفقتن راحت..تقوم تمسك البهايم واحد ورا التاني تحلب وانت مشيت تتوضأ وتتجهز للمغرب. بعد شويتين يجيبولك شاي المغربية بي لبن مقنن...ومعاهو باقي كسرة الغداء...الكباية في ايدك والشفقة ماسكاك تعاين في الحلة الملاني (سكن) من برة وانت عشمان لك في كبايتين تلاتة. والحلة سبحان الله التقول قاري فيها شيخ..لابتكمل ولابتفضى الا الناس كلها تقول باااااع. وياطعامة الشاي المارق منها مع انها تكون متوارثة من جيلآ عمنا اول...يا سلااااام. ياخي الريف بي ناسو عندو نكهة مهما تسافر وتدور الدنيا دي مابتلقى مثيلها. الكثير من الذكريات جرفتها تيارات النسيان إلا تلك البقاع( بأرضها وناسها ونيلها) ظلت عصية على النسيان فوقفت على جدران الذاكرة وفي اكثر حوافها حدة تراقب الكثير من الاحداث تهوي سحيقآ في مهاوي الذاكرة.
شكري العميق يا( حسيننا )على فتح هذه الكوة في جدار ذاكرتنا ووجداننا.
اخليك مع ابنكم (النجيفي) وحبيب الكل (عبدالله محمد خير)....في صحبة الاستاذ (صديق أحمد)
عوافي أستذنا الشيخ سيد أحمد، ونأسف للتأخير يا حبيب وحلات الرجعة للبيت القديم يا عزيزي.
بالرغم من ضنك العيش وقسوة الطبيعة هناك، إلاَّ أنَّ الحنينَ دائماَ ما يسوقنا إلى البلد الطيِّب أهله ويتجذَّر. ولا أدري ألِأنَّ تلك البقعة هِيَ أصل التكوين، وأقدم جينات الأرض وُجِدَتْ فيها؟ وألعاب الأطفال هناك، تنحدر كلها من عهد كوش وكاش إبنَيْ نوح عليه السلام، وأشهر اللعبات هناك هودنا، والطاب، وحرَّينا، والفات الفات، ومن عدَّاك يا دويعير، وشدّتْ (التي تعني القطع من خلاف - مسك الرجل اليسرى من الأمشاط بأصابع اليد اليومنى من الخلف)، الذي مارسه فرعونا المسروق والمهرَّب إلى مصر على سحرتنا الذين جُمعوا من قرى يوم الزينة (القرير، وتناقاسي، والكُنَيْسَة وما جاورها) كما ورد في كتاب الكُشر للباشمهندس علي ساتي قيلي.
كانت تلك البقاع محروسة بكافاتها السيادية قبل نزول الأديان المعروفة (كفر الشيخ، وكفر الدوار، وباقي الكفرات المصرية، وحتى كايرو فهي كلمة نوبية قديمة تعني الذي يحصد الزرع، كرمة، كجبار، كنكلاب، كرمكول، أمبكول، كريمة، البركل، (جذوع النخل)، كدنكاكول، كنجمر (وتعني قطع اليدين)، الكاسنجر، كجبي، كُرْ (وهو الإله الذي يمنع الضُّر؛ كقول إحداهُّنَّ: كُر عليْ، وهيَ مقابلة لكلمة سَىْ وهو إله الإطراء، كقول إحداهنَّ: سى فوق ولدي)، كرري، كردفان، كادوقلي، كوستي، إلى آخر الكافات الممتدة في إريتيريا وإثيوبيا).
عندنا جزيرة حينما ينقطع منها البحر من جانب وتتحول إلى شبه جزيرة، تبقي حولها تُرعة تُسمَّى من قديم الزمان بـ "تُرعة كوشيه"، والتي كِدتُ أن أهلك عندها في سبعينات القرن الفائت بأسنان تِمساحٍٍ وطلقة صياد. فبينما أنا متجه نحو التُرعة التي يتمدد فيها التمساح الذي لم أنتبه له، والذي جمع قواه لينقض على ذلك الفتى اليافع، فقد كان في نفس الوقت هناك صيَّاد إسمه محمد صالح أبنعوف محتبئاً وسط نبات الحَلْفِي في حافة الجزيرة (الذي تذكر والده نساء منحنى النيل في الأغنية الشهيرة تمساح بروس يا بلالي أنا الغلَّب ابنعوف يا بلالي أنا)، يتابع هذا التِمساح من منذ تحركه من مناطق الشايقية. لقد كان وقتها في موقف عجيب كما حكى لي فيما بعد. كان يريدني أتوقف، ولو تكلم لهرب التمساح، ولو تركني لابتلعني التمساح. وفي الوقت الذي تحرك التِمساح نحوي بادره العم محمد صالح أبنعوف من أرقي بطلقة مرت من أمام أرنبة أنفي بمترٍ واحد؛ والحمد لله اللطيف الخبير. ... كل ذلك من أمر تداعي الذكريات، وتجد أدناه سيرة الجزيرة المذكورة في هذا المتن يتغنَّى بها صديق أحمد التاجر.
11-06-2020, 05:20 AM
الشيخ سيد أحمد الشيخ سيد أحمد
تاريخ التسجيل: 07-14-2008
مجموع المشاركات: 2698
عوافي أستذنا الشيخ سيد أحمد، ونأسف للتأخير يا حبيب وحلات الرجعة للبيت القديم يا عزيزي.
بالرغم من ضنك العيش وقسوة الطبيعة هناك، إلاَّ أنَّ الحنينَ دائماَ ما يسوقنا إلى البلد الطيِّب أهله ويتجذَّر. ولا أدري ألِأنَّ تلك البقعة هِيَ أصل التكوين، وأقدم جينات الأرض وُجِدَتْ فيها؟ وألعاب الأطفال هناك، تنحدر كلها من عهد كوش وكاش إبنَيْ نوح عليه السلام، وأشهر اللعبات هناك هودنا، والطاب، وحرَّينا، والفات الفات، ومن عدَّاك يا دويعير، وشدّتْ (التي تعني القطع من خلاف - مسك الرجل اليسرى من الأمشاط بأصابع اليد اليومنى من الخلف)، الذي مارسه فرعونا المسروق والمهرَّب إلى مصر على سحرتنا الذين جُمعوا من قرى يوم الزينة (القرير، وتناقاسي، والكُنَيْسَة وما جاورها) كما ورد في كتاب الكُشر للباشمهندس علي ساتي قيلي.
كانت تلك البقاع محروسة بكافاتها السيادية قبل نزول الأديان المعروفة (كفر الشيخ، وكفر الدوار، وباقي الكفرات المصرية، وحتى كايرو فهي كلمة نوبية قديمة تعني الذي يحصد الزرع، كرمة، كجبار، كنكلاب، كرمكول، أمبكول، كريمة، البركل، (جذوع النخل)، كدنكاكول، كنجمر (وتعني قطع اليدين)، الكاسنجر، كجبي، كُرْ (وهو الإله الذي يمنع الضُّر؛ كقول إحداهُّنَّ: كُر عليْ، وهيَ مقابلة لكلمة سَىْ وهو إله الإطراء، كقول إحداهنَّ: سى فوق ولدي)، كرري، كردفان، كادوقلي، كوستي، إلى آخر الكافات الممتدة في إريتيريا وإثيوبيا).
عندنا جزيرة حينما ينقطع منها البحر من جانب وتتحول إلى شبه جزيرة، تبقي حولها تُرعة تُسمَّى من قديم الزمان بـ "تُرعة كوشيه"، والتي كِدتُ أن أهلك عندها في سبعينات القرن الفائت بأسنان تِمساحٍٍ وطلقة صياد. فبينما أنا متجه نحو التُرعة التي يتمدد فيها التمساح الذي لم أنتبه له، والذي جمع قواه لينقض على ذلك الفتى اليافع، فقد كان في نفس الوقت هناك صيَّاد إسمه محمد صالح أبنعوف محتبئاً وسط نبات الحَلْفِي في حافة الجزيرة (الذي تذكر والده نساء منحنى النيل في الأغنية الشهيرة تمساح بروس يا بلالي أنا الغلَّب ابنعوف يا بلالي أنا)، يتابع هذا التِمساح من منذ تحركه من مناطق الشايقية. لقد كان وقتها في موقف عجيب كما حكى لي فيما بعد. كان يريدني أتوقف، ولو تكلم لهرب التمساح، ولو تركني لابتلعني التمساح. وفي الوقت الذي تحرك التِمساح نحوي بادره العم محمد صالح أبنعوف من أرقي بطلقة مرت من أمام أرنبة أنفي بمترٍ واحد؛ والحمد لله اللطيف الخبير. ... كل ذلك من أمر تداعي الذكريات، وتجد أدناه سيرة الجزيرة المذكورة في هذا المتن يتغنَّى بها صديق أحمد التاجر.
حيا الله حبيبنا (حسين) لا عليك عزيزي هذا البوست للتداعي ويحتمل الإنتظار ..وكلنا انتظار لما تجود به القريحة من فيض الذكريات. وحمد لله سلامي على كتابة عمر جديد ونجاتك من التمساح... وتذكرت مدحة التمساح و الشيخ (حاج الماحي) وذكره لتلك القباب وساكنيها عليهم من الله رضوان ومغفرة. الوالد (رحمة الله عليه) كان يصر على سفرنا في اجازات المدارس للشمالية ..لمزيد من الترابط مع جذورنا وأهلنا....كنا نتلهف لإنتهاء العام الدراسي حتى ننطلق الى تلك الربوع..وننعم بإجازة لا تحدها حدود من الإنطلاق واللعب ..تعلمنا مع اهلنا كيفية الزراعة وكيفية ري الارض وكيفية الحديث في معية الكبار و كيفية الإنصات في ( إستراحة) جلسات الذكر وتلك القيم التي يتم بثها بلغة تخاطب الصغير والكبير..وتعلمنا ماهو معنى الارض وشعور الإنتماء الحقيقي للارض والاهل. من المشاهد التي لاتزال عالقة بذاكرتي هو إجتماع (لمة) الناس تحت ظل ظليل من شجرة (منقة) وكل يأتي ب (صينية) مغطاة بطبق وتحتها (صحن قراصة) وقربه صحن بصل...كل الناس مجتمعة لتأكل مع بعضها وتتفاوت درجة الصينية ..فبعضها يكون بجانبه صحن (لحمة) واخرى صحن (شعيرية) واخرى صحن (طحينية_ كما يطلق اهلنا عليها) هذا التفاوت يؤسس لفهم ان الناس تختلف في مدخولها ..وهذا الإجتماع يؤسس لمبدأ التعاضد ...شفت كيف المنهج التربوي...قيم تتشربها بدون تلقين ..عليك فقط ان تستشفها من خلال سلوك الناس مع بعضهم البعض. اللهم احفظ تلك الربوع واحفظ اهلها من كل مايسؤهم.
إليك عزيزي مقتبس من خيط إفترعته قبل مدة عن (الترابلة).
مع محبتي.
Quote: ترويض الحمير ""
الحمار هو وسيلة التنقل في تلك الديار...قبل دخول "السيارات والركشات" وقد كانت "حمير" الحلب (الغجر) هي الاكثر ترتيبآ من خلال قص "الصوف" بطريقة وكأنك "في صالون في العمارات "....كذلك كانت في حالة نشاط دائم...لذلك كانت اسعارها الاغلى مقارنة بباقي "الدواب" الحلب او "الغجر" اقاموا على مدى سنين طويلة في تلك المناطق وامتهنوا صنع وشحذ "سن" المناجل والفؤوس وكذلك مهمة ترويض الحمير. الحلب اشار اليهم الراحل "حميد حسن سالم" في قصائده...وكان متعاطفآ معهم للحد البعيد..قال حميد : من ضواحي اللاوجود حمتو جا العالم طريد. وهو تعاطف مع تلك الفئة من الناس التي سكنت "جنينة سيدي"...وهي الاراضي التي تخضع ادارتها وريعها الى "السادة المراغنة" (الختمية)..فقد وهبت هذه الاراضي من قبل ملاكها الاصليين للسادة المراغننة ايمانآ منهم بسمو ومقصد القضية التي تبناها "الختمية" في الانفاق على الخلاوي والايتام وتوفير فرص التعليم للعديدين....سننأتي لاحقآ للحديث عن "السادة المراغنة". مهمة الترويض كما اشرنا يقوم بها في الغالب "الغجر" (الحلب) وهي عملية ممتعة جدآ...يشيع الخبر بين الاطفال ان "دحش او دحشة" فلان سيتم ترويضها في ذلك اليوم (الدحش هو صغير الحمار). يأتي المروض...ويصحب معه "الدحش" الى خارج "المراح" (المراح مكان تواجد البهائم و الحمير). تبدأ العملية بربط "الصريمة" وهي عبارة عن حبل يربط فوق انف الحمار ويمتد الى مما فوق الرقبة اشبه باللجام...يصحب "الدحش" الى الخارج ..فيتجمع الاطفال والصبية..وتبدأ المراهنات الكلامية: يقول احد الصبية : :باقي لك بيقدر على الدحش ده. يرد احدهم: ما ظنيت...الدحش ده "غليد وشحمان" غليد وشحمان يعني( سمين). يرد اخر: بينجمو ليكم نجام جد"ننجم الشئ اي ادبه وطوعه وروضه" لا زال الدحش سائرآ مع المروض..تبدأ العلية بالمشي...وربط الصريمة..ووضع اليد على رقبة الدحش وتمريرها على انف "الدحش"..بعد ذلك يعمد المروض على ارهاق "الدحش" من خلال ارخاء الحبل وهو حبل طويل جدآ...ليجري الدحش في شكل دوائر لفترات طويلة حتى تكاد انفاسه ان تنقطع. ليتقرب منه المروض..ويقوم بتمرير اليد على انف الدحش مرة اخرى...ولا يدع له مجالآ لالتقاط الانفاس فيجعله يتحرك راكضآ مرة اخرى في شكل دوائر حتى يبلغ منه التعب مبلغه. يقترب الممروض من "الدحش" مرة اخرى ويحرك يده بينن الانف والرقبة في رجاء صامت للانصياع.. يقفز المروض بسرعة رهيبة على ظهر الدحش..فيصاب الدحش بصدمة عصبية هههههه من هول المفاجأة فيتوقف لبرهة..ليبدأ بعد ذلك في "الفنجطة" (الفنجطة تعني القفز والرفس بالقدمين) "اشبه برفس الثور في مصارعة الثيران الاسبانية"...تبدا الفنجطة والمروض يمسك بتلابيب الدحش والصبية والاطفال مستمتعون ويهتفون باصوات عالية مما يزيد من توتر الاجواء ...ولا زال المروض مممسكآ برقبة الدحش والصريممة ويتمايل يمنة ويسرة في محاولة للبقاء على ظهر الدحش وفي ذات الوقت يواصل الدحش قتاله و "الفنجطة" لتزداد مع صياح الصبية والاطفال...رفسة من القدمين الخلفيتان في الهواء تطيح بالمروض من على صهوة الحمار ...وتصفيق حار من الصبية وتتعالى الصيحات...لا يضيع المروض وقتآ فيعتلي ظهر الحمار مرة اخرى ليتوالى التصفيق من الصبية والاطفال..ومرة اخرى يطيح الدحش بالمروض من على ظهره ليقوم ولا يترك وقتآ للدحش لإلتقط الانفاس..وهكذا تستمر هذه المعمعة ويستمر الصياح والتصفيق من الصبية والاطفال..حتى يبلغ التعب مبلغآ من الدحش...فيرضخ مجبرآ على قبول امتطاؤه...فيتحرك به المروض في شكل دوائر ثم ينطلق به مسرعآ على الطرقات لفترة من الزمن يغيب فيها عن انظار الصبية لكنهم ينتظرون عودة المروض والدحش...ليعود بعد فترة مسرعآ ويبدأ التصفيق والصياح من الاطفال. وبهذا يكون "الدحش" قد تم ترويضه ويمكن لمالكه امتطاؤه دون خوف...يمنح المروض قريشات..ولكن قبلها يتناول كمية من المياه من فرط العطش والتعب الذي اصابه. يتحرك المروض مبتعدآ ويتفرق الصبية وهم يعيدون تصوير تلك المشاهد التي كانو متابعين لها.ويعاد الدحش الى "المراح" ومعه جردل كبير من الماء لإرواء عطشه.
11-11-2020, 03:08 AM
حسين أحمد حسين حسين أحمد حسين
تاريخ التسجيل: 09-04-2014
مجموع المشاركات: 1281
Quote: حيا الله حبيبنا (حسين) لا عليك عزيزي هذا البوست للتداعي ويحتمل الإنتظار ..وكلنا انتظار لما تجود به القريحة من فيض الذكريات. وحمد لله سلامي على كتابة عمر جديد ونجاتك من التمساح... وتذكرت مدحة التمساح و الشيخ (حاج الماحي) وذكره لتلك القباب وساكنيها عليهم من الله رضوان ومغفرة. الوالد (رحمة الله عليه) كان يصر على سفرنا في اجازات المدارس للشمالية ..لمزيد من الترابط مع جذورنا وأهلنا....كنا نتلهف لإنتهاء العام الدراسي حتى ننطلق الى تلك الربوع..وننعم بإجازة لا تحدها حدود من الإنطلاق واللعب ..تعلمنا مع اهلنا كيفية الزراعة وكيفية ري الارض وكيفية الحديث في معية الكبار و كيفية الإنصات في ( إستراحة) جلسات الذكر وتلك القيم التي يتم بثها بلغة تخاطب الصغير والكبير..وتعلمنا ماهو معنى الارض وشعور الإنتماء الحقيقي للارض والاهل. من المشاهد التي لاتزال عالقة بذاكرتي هو إجتماع (لمة) الناس تحت ظل ظليل من شجرة (منقة) وكل يأتي ب (صينية) مغطاة بطبق وتحتها (صحن قراصة) وقربه صحن بصل...كل الناس مجتمعة لتأكل مع بعضها وتتفاوت درجة الصينية ..فبعضها يكون بجانبه صحن (لحمة) واخرى صحن (شعيرية) واخرى صحن (طحينية_ كما يطلق اهلنا عليها) هذا التفاوت يؤسس لفهم ان الناس تختلف في مدخولها ..وهذا الإجتماع يؤسس لمبدأ التعاضد ...شفت كيف المنهج التربوي...قيم تتشربها بدون تلقين ..عليك فقط ان تستشفها من خلال سلوك الناس مع بعضهم البعض. اللهم احفظ تلك الربوع واحفظ اهلها من كل مايسؤهم.
إليك عزيزي مقتبس من خيط إفترعته قبل مدة عن (الترابلة).
مع محبتي.
شكراً جزيلاً عزيزي الشيح سيد أحمد، وعاطر تحياتي يا حبيب.
قصصي مع التماسيح لا تنتهي، فقبل ذلك بعقدٍ قد أنجانيَ اللهُ من تمساح عشاري، والحمد لله المغيث المجير، وأنا بعد في يُفوع؛ ولكن تلك قصة أُخرى وهناك قصص أُخري ستخرج إن شاء الكريم في رواية جاهزة للطبع اسمها "نعجة ريلة"؛ تلك النعجة التي تتناسل بمتوالية هندسية منذ زمن بعيد. ولكن على أيِّ حال دعوات شيخنا حاج الماحي، كانت هي الأخرى تتناسل بذات المتوالية الهندسية بركاتٍ وحِمايةٍ للناسِ من تماسيح النيل التي روَّعت الناس وما زالت تفعل.
فتلك الربوع حفظها اللهُ بها من الكنوز المعنوية - لا الحسية - ما أنَّ مفاتحه لتنؤ بالعصبة أُولي القوة، يتوارثونها جيلاً بعد جيل، والأرض تضمر بالولاية الشمالية ولا تضمر تلك القيم، وصدق الشاعر محمود درويش رغم تعنيف النقاد له إذ قال: "ما أعظم الفكرة، وما أصغر الدولة". وصدق إبن عمي الشاعر محمد عبد الباقي حسين الملقَّب بالدرويش إذ أجمل تلك القيم في قصيدته الفريدة "أمونة" التي تغنى بها الفنان صديق أحمد: -
وفيما يتعلق بجز الحمير الذي تحول إلى قص بماكينات الحلاقة الحديثة في الوقت الرهان، فإن أنسى لن أنسى التهامي (وابنه صابر) الحلبي الجلابي القادم من صعيد مصر فيبقى بالقرية أياماً يصنع من صفائح الزيت والجاز والطحنية قيروانات متعددة الأغراض: قلَّيات، صفائح موية، مجوز خبيز، شنط صفيح للمسافرين. وفوق ذلك كان يذوِّق شعر إتانه بطريقة عجيبة ملفتة للنظر، حتى أنَّ العُمدة كان يستدعيه إذا سمع بوصوله إلى قُرى الجابرية الكبرى ليستعجل حضوره إلى كرمكول ليُذوِّق له حماره (حمار العمدة المشهور)، الذي كان أبيضاً عالياً في قامة الحصان بالنسبة للحمير النِّعيرات الموجودة بالقرى هناك، وعليه بردعة حمراء والكثير من "الكَشَب"، ومقصوصٌ شعرهُ بشكل مخصوص، ليجعل منه حماراً فائت الحمير مسافة في تلك القري عند منحى النيل، وله نهيق كصافرة الباخرة كربكان، يرد الفراتَ ودِجلةً والمالح. ... ياااااااا.
يابا وين طينا وأرضنا وليه بعضنا بِدُق بعضنا
المحبة التي تعلم.
11-16-2020, 04:50 PM
حسين أحمد حسين حسين أحمد حسين
تاريخ التسجيل: 09-04-2014
مجموع المشاركات: 1281
(صفحة الاعلامية ابنوسه كمال 14dht NduSpoothvenmmbtesr ofumlatr t2e0n:did14afcdld · #وداعاً_دولة_الجلابة الجلابة هي شريحة اجتماعية لها مصالح سياسية واقتصادية محددة وتتبنى العروبة والإسلام كآيدولوجية لبسط هيمنتها واستمراريتها في السلطة وتحقيق مصالحها كمجموعة ذات اجندة مشتركة وبالتالي هذه المجموعة هي التي همشت السودان ودمرته نعم جاء دورنا بأن نحكمكم كما حكمتمونا أكثر من قرنين من الزمان. الجلابه انتهازيين تعلمنا منهم الغدر والخيانه غدا ستكون الخرطوم لنا.)
وبعدين حكاية المفاهيم المغلوطة دي نتفكَّ منها كيف؟ كيف نفهم أنَّ الأمر مجرد صراع طبقي؛ ليس له علاقة لا باللون ولا بالجهة؟
فالننظر لقوي الحرية والتغيير بعد خروج الجزب الشيوعي منها (وخيراً فعل)، فالمتبقي هناك شرائح رأس المال ومن يعمل لصالحها من البورجوازية الصغيرة. ولقد بُحَّ صوتُنا بالحديث عن أنَّ شرائح رأس المال تعمل ضد الديمقراطية لأنَّها لا تنتفع منها، وهى أول من يخطط للإنقلاب عليها، وقلنا ونقول، أنَّ المسئول عن الانقلابات العسكرية في السودان هي دائماً الشريحة المهيمنة بين شرائح رأس المال ومن يناصرها من أعضاء البورجوازية الصغيرة المتطلعة للسلطة.
إنَّه من صميم ما نسميه بالحول السياسي عند البعض، الذي يجعل المرء يُخطئ عدوه، ليصل للسلطة عن طريق سُلَّم الجلاَّبة الذي لا نجد له عزماً.
يُتبع ...
11-16-2020, 05:19 PM
حسين أحمد حسين حسين أحمد حسين
تاريخ التسجيل: 09-04-2014
مجموع المشاركات: 1281
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
حسين أحمد حسين
الشيخ سيد أحمد
محمد حيدر المشرف
ترهاقا
Biraima M Adam
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست