تمثلات الايديولوجيا و الأسطورة في سلطنة سنار مقاربة سوسيولوجية(1)
محمد عبدالله الحسين
توطئة: ينطلق هذا المقال من حقيقة أن التمثّلات الاجتماعية تلعب دوراً كبيراً ومهّد الطريق نحو تجانس المواقف والمفاهيم والأفكار كما تلعب دورا كبيرا في
التماسك الاجتماعي والسياسي. مما يمكن اعتبارها اداة سياسية هامة في كثير من الأحيان. انطلاقاً من هذه الحقيقة يمكن القول أن تمثّلات الأيديولوجيا
والأساطير و الماورائيات في دولة سنار باعتبارها ضمن الموروثات الثقافية للمجتمع من فلكلور وحكايات شعبية ومعتقدات قد لعبت جميعها دوراً كبيراً
في إكساب الدولة للشرعية والقبول، مما مهد بذلك الطريق لاستقرار وازدهار السلطنة .
و تمهيداً لمناقشة موضوع المقال لابد لنا في البداية من تقديم تعريف إجرائي وشرح مختصر لما يعنيه مصطلح التمثّلات. التمثّلات ((Representation )
في اللغة يعني تصوّر الشيء،أو تخيّله، واستحضاره في الذهن . وهو عبارة عن عملية ذهنية أو فكرية، تُشير للكيفية التي يستخدم بها الشخص معارفه،
أو فهمه لشيء ما. وبهذا المعنى فهو يُعتبَر موقف أو شكل من أشكال الاستجابات، تتضمن تأويلات وتفسيرات وإحالات. وهو أيضاً عبارة عن عملية تبادلية
بين الذات والموضوع، أي يتعلق باللغة والتواصل، والتمثل يمكن أن يكون فردياً كما يمكن أن يكون جماعياً .
من ناحية أخرى التمثّل كمفهوم صارت تتقاسمه مؤخراً عدة حقول إنسانية مثل علم النفس، وعلم الاجتماع، وعلم الاجتماع. ومن جانب علم الاجتماع
كان اميل دوركايم أول من استخدم مفهوم التمثّلات الاجتماعية أو الجمعية. وفي هذا الخصوص فإن دوركايم يعتبر الدين، والمعتقدات، والأسطورة
ضمن التمثلات الاجتماعية أو الجمعية.
دولة سنار: تأسست سلطنة سنار في بداية القرن السادس عشر، أي مع بداية العصر الحديث وفق التحقيب التاريخي المعروف. وقد امتدت فترة الحكم فيها لمدة
تجاوزت الثلاثة قرون (1504-1821). و قد استطاعت سلطنة سنار تكوين دولة مستقرة اتسعت رقعتها لتشمل معظم مناطق السودان تقريباً، عدا دارفور،
والأجزاء الجنوبية. وتعتبر سلطنة سنار على المستوى المحلي أول دولة سودانية تأسست في بداية العصر الحيث. وقد تزامن قيام سلطنة سنار مع وقوع
أحداث عالمية وإقليمية هامة، حيث كان لهذه الأحداث وتطوراتها اللاحقة تأثير عميقة على كافة الصُّعُد، على المستوى المحلي والدولي. من بين أهم تلك الأحداث:
سقوط الأندلس(1491)، واكتشاف العالم الجديد (1492-1502)، وسقوط دولة المماليك في مصر(1517)، وسيطرة العثمانيون على مصر(1517).
وقد لا نجانب الصواب إن قلنا كان لهذه الأحداث توابعها و تأثيراتها الكبيرة على سلطنة سنار بشكلٍ أو بآخر.
تشير المصادر والأدبيات المتعددة إلى أن سلطنة سنار (1504-1821) استطاعت تأسيس دولة مستقرة ومزدهرة بمعايير ذلك الزمان كما نجحت في فرض سيادتها
على كامل حدودها ، رغم وجودها في محيط مفعم بالغزوات والحروب التي نتج عنها العديد من التغيرات العميقة. بعبارات أخرى فقد أفلحت سلطنة سنار من خلال سيرورتها
التاريخية وديناميات الفعل، والأحداث أن تقدِّم نفسها للداخل و الخارج كنظام مستقر، ودولة مؤهلة للحصول على القبول والشرعية.
تبنّت دولة سنار منذ بداية نشأتها الدين الإسلامي كعقيدة رسمية للسلطنة، حيث أن ذلك يفترض وجود رؤية وسلوكيات محددة. من ناحية أخرى تشير المصادر
المختلفة تقدّمها إلى دولة سنار إلى أنها دولة مستقرة إلى حد كبير، وتسير الحياة فيها في أغلب الأوقات وفي معظم المناطق الخاضعة بشكل متناغم، ووفق
ايقاع موزون ومُسَيطرٌ عليه، رغم تعدد المكونات ورغم اختلاف الخلفيات والمشارب والتراتبيات الاجتماعية. ويشير ذلك أو يشي لوجود حكّام ذوي مهارات وقدرات
إدارية كبيرة، ووجود وقوة عسكرية مقتدرة، ومؤسسات حكم قوية، اتسمت بلا شك بقدر كبير من الحكمة، و الرؤية الثاقبة، وكذلك بالتنسيق، والتوافق.
و في ذات الاتجاه يرى البعض أن ايديولوجيا الحكم في دولة سنار والأساطير، و الماورائيات، والرموز لعبت دوراً كبيراً، في تقديم حكم السلطنة لنفسه كخيار مثالي
أو على الأقل كخيار مقبول مما مهد الطريق للحصول على التأييد والقبول، وأسهمت بالتالي في توطيد اركان الحكم. بالطبع قد يكون كل ذلك أو بعضه صحيحاً ب
شكل من الأشكال، وإن كانت لمحاولة الاقتراب من الحقيقة تجعلنا نغوص أكثر للداخل.
خلفية عن المجتمع في دولة سنار:
سنحاول فيما يلي تقديم ملمح عام عن المجتمع في دولة سنار لفهم الأوضاع والظروف و الديناميات التي كانت تؤثّر على الاوضاع السائدة وفي مُجريات
الحياة السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية. من الناحية السياسية كانت مكونات مجتمع السلطنة تخضع لسلطة الدولة، وقراراتها، ومؤسساتها، وأذرعها الإدارية، والتنفيذية. وقد يبدو ذلك طبيعياً في ظل
أوضاع يقيم فيها نظام الحكم سلطة مركزية قابضة، تتطلب الامتثال من قِبَل كافة أفراد الشعب، كما تتطلب السيطرة على كل كافة مفاصل الدولة.
وقد يكون ذلك مُتيسَّراً لوجود رعايا اعتادوا لمئات السنين على مثل هذا النمط من الحكم، وعلى الامتثال والخضوع لأنظمة الحكم الحالية وخلال فترات الحكم
في الممالك و السلطنات السابقة. بالرغم من طول الفترة الزمنية لسلطنة سنار، والتي تعدت الثلاثمائة عام. وبرغم اختلاف الظروف السياسية والاقتصادية المحلية والدولية طوال تلك الفترة
باختلاف وتعاقب الحكام وتغيّر أنماط الحكم فيها، و تباين الخلفيات الإثنية و الثقافية، إلا أنه يمكن القول أن المجتمع السوداني في تلك الفترة قد كان يمتع
بنوع من الاستقرار العام، الذي قد كان يقطع وتيرة استمراره ظهور بعض النزاعات المحدودة والتي لم تكن تؤثر على السلام الاجتماعي واستقرار المجتمع إلا قليلا . وكذلك خلا ل فترات النزاعات على المستوى الأكبر، كما في حالات التمرد والانفلات التي تحدث أحياناً في مناطق السلطنة بإرسال التجريدات العسكرية السلطانية لإخمادها.
أما من الناحية الاجتماعية يمكن القول نسبة لوجود سكان ذوي خلفيات إثنية وثقافية متعددة تختلف في أوضاعها في سلم التراتبيات الاجتماعية، فيمكن القول
أن المجتمع كانت تسوده بشكل عام أنماط القيم، والسلوكيات المحافظة والحياة ذات الطابع البسيط المسالم، والطموحات المحدودة، خاصة على مستوى عامة
الشعب. كما أنه من خلال سرد الأخبار والمحكيات الواردة في بعض المصادر عن تلك الفترة تدل على نحو بالاحتفال بالأساطير والحكايات التي يمكن ادراجها ضمن
الماورائيات و ذلك لفهم دقائق الحياة و تفسير مجريات الأحداث و التي كانت تجد الاهتمام في الثقافة المجتمعية في ذلك الوقت . وقد كان لتبني الدولة
لمفاهيم الدين الإسلامي انعكاسات متعددة على الحياة الاجتماعية والثقافية وإن كان لذلك التبني الرسمي تأثيرا سطحياً على المستوى الشعبي.
وقد يرجع ذلك لعدة أسباب قد يكون من بينها وجود معتقدات وثقافات محلية وأن البعض كان حديث عهد بتلك المفاهيم. مهما يكن من أمر فإن اهتمام حكام السلطنة بتأكيد تبنيهم للمبادئ والقيم الإسلامية كان قد ظهر جليًّ من خلال استخدام اللغة العربية في دواوين الدولة
وفي اجتلاب علماء الدين من الدول العربية مثل مصر والحجاز . فقد شهدت عهود السلطنة المختلفة وفود العديد من رجال الدين، حيث وجدوا التكريم
والتشجيع من الدولة. وبالتالي أدى تشجيع الدولة وتقريبهم لرجال الدين أن أصبح هؤلاء يحظون بمكانة مميزة. وبمرور الوقت أصبحت مكانة الأولياء ورجال الدين أكثر تميّزاً، وأكثر قربا من البلاط، بل وزادت وعظمت مشاركاتهم في كثير من القرارات الهامة على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والقضائي
خاصة في فترة حكم الهمج في القرن السابع عشر . بالتالي، لم يكن غريباً أن تكون لرجال الدين هذا الصيت، والحظوة الكبيرة والمكانة التي اتسمت بالتقدير
والتمجيد والتعظيم. وقد انعكس هذا الوضع المميز للأولياء ورجال الدين على كافة قطاعات المجتمع، و وصل الأمر في كثير من الاحايين إلى حد القداسة
والاعتقاد في كراماتهم وقدراتهم الخارقة للعادة .من خلال توسع التجارة الخارجية أصبح لأولياء ورجال سادة يحسب لهم الحساب فكما كان للأولياء ورجال الدين
أدوار كبيرة في فض الخلافات وإجراء المصالحات، صار لبعضهم أدوار رئيسية في حماية القوافل التجارية كما في حالة مجاذيب الدامر . بل وصل الأمر إلى
أن صار لرجال الدين أدوار ومشاركات سياسية بارزة، خاصة في فترة الهمج . فيما يخص الوضع الاقتصادي لسلطنة سنار فهو شبيه مع بعض التحفظ بنمط الانتاج الآسيوي . و ذلك لسيادة نمط الانتاج في معظمه استكفائي،
وكان المزارعون والرعاة و الطبقات الدنيا عموماً تعيش عيشة الكفاف في مقابل استحواذ الحكام والطبقة العليا من رجال البلاط والنبلاء على فائض القيمة
من عائدات الزراعة والرعي. وهو بذلك شبيه بالوضع الاقتصادي الذي كان سائداً في أوربا خلال عهد الاقطاع في القرن السادس عشر وما قبل ذلك. في المقابل
فقد تميّز الاقتصاد بوجود تجارة محلية وتجارة خارجية مزدهرة تقوم على تبادل السلع والمنتجات المحلية مع السلع المجلوبة من كثير من مناطق العالم مثل
مصر والهند وغيرهما من الدول الأخرى. من ناحية أخرى عّرِف الحكم في سلطنة سنار بالتوسع في تجارة الرقيق بصورة كبيرة، وذلك من خلال تشجيع حكام السلطنة لها وممارستهم إيها، مما أدى بها إلى أن
تلعب دوراً حيوياً ليس فقط في الاقتصاد والتجارة الخارجية للسلطنة، بل أنتشر تأثيرها ليشمل كامل مفاصل الحياة في السلطنة . بعبارة أكثر تحديداً، فقد كان
للرقيق دور مقدّر في الاقتصاد الكلي للسلطنة كسلعة للتبادل. كما كان لهم دور مقدر كذلك في الاقتصاد العائلي كعمال زراعيين في بادئ الأمر، ثم توسعت
ادوارهم في القرن التاسع عشر ليعملوا كعمالة منزلية . من ناحية أخرى تمت الاستعانة بالرقيق في السلطنة للعمل كجنود، حيث أصبحوا هم عماد الجيش خلال
فترات السلطنة المختلفة حيث كان تأثير ذلك إلى زيادة التوسع في تجارة الرقيق.
كل هذه الملامح والديناميات التي أشرت إليها اعلاه تمثل انعكاساً ونتاجاً للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية ومآلاتها، وبالتالي يمكن النظر إليها باعتبارها تحمل في
طيّاتها سيطرة الطبقة وإعادة إنتاج نمط وعلاقات الانتاج. أو بعبارة أخرى هي تحمل ملامح النظام الاقتصادي السائد وأسلوب الحكم، وذلك باعتبار أن البنى التحتية
تمثل انعكاساً لخصائص وأنماط علاقات الانتاج السائدة. وفي المقابل كان لابد من وجود بنى فوقية تكون معبّرة عن تلك العلاقات ومبررة لها، ومُحَايِثَة كذلك .
وتشمل الايديولوجيا كما تشمل ضمن ما تشمل بجانب المفاهيم و القوانين، كل من الاساطير الحكايات والمعتقدات والتي تُوظّفها الدولة من خلال تقديم
المسوغات لقبول واستمرار الأوضاع السائدة . تلعب التمثّلات الاجتماعية التي يقوم بها للأفراد والجماعات، دوراً حاسماً في قبول هذه الأوضاع واستمرارها،
وكذلك في قبوله الأفراد و الجماعات لأوضاعهم في سلّم التراتبيات الاجتماعية. وهي الأوضاع والتراتبيات التي يرتبط بها ويعبِّر عنها نمط وعلاقات الانتاج السائدة
وأسس توزيع العائدات. و بالتالي قد يفسّر لنا ذلك كيف استطاعت سلطنة سنار صياغة بنى فوقية بما تضمنه من مفاهيم وتفسيرات وإحالات وإيحاءات ورموز كمسوِّغ لتثبيت أسس
الحكم والتراتبيات القائمة على علاقات الانتاج في السلطنة. حيث ترتب على ذلك اكتساب الحكام للشرعية اللازمة للاستمرار في سيطرة الطبقة وإعادة إنتاج
نمط وعلاقات الانتاج باعتباره الوضع المثالي والطبيعي والشرعي. وسأقوم في الجزء الثاني من المقال بمناقشة تفصيلية لتأثير تمثّلات خطاب الدولة (الايديولوجيا)
والأساطير وغيرها من موروثات ثقافية في سلطنة سنار.
04-20-2020, 11:47 AM
Biraima M Adam Biraima M Adam
تاريخ التسجيل: 07-05-2005
مجموع المشاركات: 33280
Quote: أوضاع يقيم فيها نظام الحكم سلطة مركزية قابضة
سلامات دكتور محمد ومشكور على هذا البحث التحليلي الشائق .. فقط اسمح لي الاختلاف معك حول مركزية سلطة سنار .. في تقديري نظام الحكم في السلطة الزرقاء جاء متماشيا مع ماسبقها من نظم فدرالية الطابع .. ربما لجهل الراصدين بمصطلح الفدرالية الذي ظهر حديثا مضى تقييم نظام الحكم في السلطنة على اساس النمط المركزي التقليدي المعروف وقتذاك .. نظام المملكة السياسي اسس على نمط سلطتين مستقلتين يربط بينهما حلف او دستور اتحادي تحت قيادة الفونج والعبدلاب .. ولكل سلطة من السلطتين مقاطعات إدارية تابعة لها جغرافيا غير ان حكامها كانوا بدورهم يتمتعون بسلطات مستقلة .. مظاهر تبعية حكام هذه المقاطعات كانت لا تتعدى دفع اتاوة مالية للحصول على مظهر الحماية السياسية وشاراتها .. لدي كتاب اعددته للطبع بعنوان ( التطور الاجتماعي والسياسي في السودان القديم والوسيط ) .. لو سمحت لي سوف ارفد هذا البوست بما جاء في الفصل الخاص بنظام الحكم في السلطنة الزرقاء .. واهم العناصر التي ساهمت في تشكيلة النظام الاجتماعي والاقتصادي بمظهريهما السائدين إلى حد كبير حتى تاريخنا الحاضر.
04-20-2020, 02:16 PM
Abdullah Idrees Abdullah Idrees
تاريخ التسجيل: 12-05-2010
مجموع المشاركات: 3692
Quote: فقط اسمح لي الاختلاف معك حول مركزية سلطة سنار .. في تقديري نظام الحكم في السلطة الزرقاء جاء متماشيا مع ماسبقها من نظم فدرالية الطابع .. ربما لجهل الراصدين بمصطلح الفدرالية الذي ظهر حديثا مضى تقييم نظام الحكم في السلطنة على اساس النمط المركزي التقليدي المعروف وقتذاك .. نظام المملكة السياسي اسس على نمط سلطتين مستقلتين يربط بينهما حلف او دستور اتحادي تحت قيادة الفونج والعبدلاب .. ولكل سلطة من السلطتين مقاطعات إدارية تابعة لها جغرافيا غير ان حكامها كانوا بدورهم يتمتعون بسلطات مستقلة .. مظاهر تبعية حكام هذه المقاطعات كانت لا تتعدى دفع اتاوة مالية للحصول على مظهر الحماية السياسية وشاراتها ..
اتفق معك فعلا النظام السياسي كان شكل اولي بسيط للنظم الفيدرالية الحالية حيث ضمت السلطنة بداخلها عدة سلطنات شبه مستقلة كان للسلطان في سنار جيش مركزي يستخدمه في حل النزاعات بين القبائل والسلطنات ويدافع به عن حدود السلطة ، كما كان مسئولا من العلاقات الدبلوماسية مع دول العالم.
04-20-2020, 09:51 PM
محمد عبد الله الحسين محمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 11588
ما يلي هو ستكمال لمناقشة مركزية ولا مركزية الحكم في الفونج:
ما سأقوله استندت في معظمه على كتاب عصر البطولة..ذلك الكتاب الذي حشد فيه الكاتب معظم ما كُتِب عن الفونج
و أورد فيه معظم ما توفر من وثائق عن تلك الفترة..
دولة الفونج يقوم الحكم فيها وفق نظام أسري مغلق ومتماسك ومتشابك ومترابط..(و هذه أولى خطوات المركزية القابضة)....
...حيث لم يكن يسمح بدخول أي حاكم أو ولي للعهد إلا من خلال انتقاء مسبّق و وفق ترتيبات معدة سلفاً...
و بالتالي لا مجال للمجاملة فيها..من ينظر لناظم اختيار الحاكم ورجال البلاط يدرك أن نظام الفونج كان نظاما براغماتياً صارما ًلا مجال فيه للعواطف البتة.
هذه الملامح تدل على القبضة الصارمة التي لا تسمح بأي تغيير في الخط أو المسار و لا تسمح بأي مفاجآت..
فيدرالية أو لا مركزية الاقاليم:
نظام لامركزية الحكم في عهد الفونج لا يعني أنه هبة اختيارية من المركز ولكنه نظام فرضته الظروف، والأوضاع و الواقع..
هو نظام فرضه اتساع حدود المملكة. مما يعني أن المركز لا يمكنه أن يلقي بظلاله (الثقيلة) على كل أطراف المملكة ..
حيث أنه في مثل هذه البحالة فإن ذلك يعني و لابد انفلات قبضته على تلك الأطراف البعيدة عن متناوله....
لذا كان من الأفضل و الأمثل بالنسبة للمركز( و للاقاليم كذلك) أن يعهد ببعض من سلطاته للأقاليم. على أن يتم ذلك من خلال تحالفات براجماتية محكمة
و أوفق ترتيبات صارمة لايُترك فيها الحبل على الغارب..
فما هي سلطات الاقاليم؟ 1-جمع الضرائب لصالح المركز أولاً ثم لصالح نبلاء الاقاليم..
2- الحفاظ على الأمن في تلك المناطق، بما لحكام الأقاليم من قوى عسكرية متاحة، و محدودة (هي في حدود الاقليم فقط).
3- القيام بممارسة الولاية القضائية في مناطقهم..و لكن حتى الجرائم الكبرى هي من اختصاص المركز.
سلطات المركز:
1-المركز لا يجامل في الأمن العام في العاصمة أولا ثم في الأقاليم ثانياً... لذلك .center]فالجيش قومي.....
وهذه إحدى أبرز ملامح الحكم المركزي.
2- المركز لا يجامل في الجوانب المالية: فالنظام المالي إذن نظام مركزي بحت.
3- القضاء بشكل عام مركزي إلا إذا رأى المركز غير ذلك في بعض القضايا.
4- الدلالات الرمزية لمركزية الحكم : هي عديدة و لكن نلتقط من بينها تعيين حكام الأقاليم و يتم ذلك وفق بروتوكولات تحمل من الرمزية و الدلالات
ما يؤكد علو كعب الحاكم و بالتالي المركز عند تعيين حكام الأقاليم و كذلك عند استدعائهم.. بالتالي فكل هذه البروتوكولات تدل على مظاهر الولاء التام
و الخضوع البيّن للسلكان (المركز)..
مع ملاحظة أنه لم يحدث طيلة فترة الفونج أن عصت الأطراف أو حاولت الخروج عن طوع المركز إلا نادراً..
...خاصة في اواخر عهد الهمج حينما تفكك النظام بأسره و بدأت الاقاليم تعلن استقلاليتها عن المركز.........وكان ذلك إيذانا بانفراط منظومة الحكم
مما أدى لتعرض البلاد للغزو الأجنبي.
في الختام فإن هذه رؤية عامة تعنّت لي من خلال قراءاتي عن السلطنة و من خلال الفهم العام..ربما اكون وجهة نظري صحيحة إلى حد ما، أو غير صحيحة..
ما أود أن أعترف به هنا، هو أنني غير متخصص في التاريخ و لكني هاوٍ و قاريء نهم للتاريخ..
و لكن ذلك بالطبع لا يمنع من أن أوضح ما فهمته دون تعنّت و دون إدعاء لا تراجع عنه عن صحة ما أورِدَه.
ملحوظة: وجدت نفسي دون أن أخطط أوأنتوي أسرح في الكتابة عن المركزية في السلطنة... و الآن اكتشفت أن ما كتبته يصلح مع بعض التعديل
والتركيز والتنقيح،و المراجعة لأن يكون مقالاً دسماً عن الموضوع اعلاه.. فلك الشكر الجزيل أخي ود المك لكونك تكرمت بإبداء وجهة نظرك حتى و إن جاءت مخالفة لما اوردته أنا و هذه نقطة اكبرتها منك
فقد منك تعودت منك كل تصرف جميل..و كل أدب و ذوق..
أكرر احترامي لشخصك
04-21-2020, 08:05 AM
adil amin adil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 39211
Quote: سنار المملكة أو السلطنة و التي شهدت أول ميلاد لدولة سودانية شبه قومية، وشبه موحدة في العصر الحديث.
جهد مقدر وجيد انت عايزتاصل للمالك الاسلامية في ((السودان )) الكان مليون ميل مربع في 1نياير 1956 لم ياتي الاسلام في السودان بي الحضارة ولا بالدولة اولا توجد حضارة ودولة في ((السودان )) من قبل 7000 سنة حضارة كوشي مغيبة تماما عن اهلا في السودان من اجل الاستلاب العروبي والديني والخلافة التركية خلينا نبدا بي حضارة كوش ونظمها الادارية وتاريخا الطويل عبر الحقبة الاديان الطبيعية اليهودية المسيحية الاسلام وكده بنكون نتصل تاصيل امين للسودان والسودانيين وحضارة السودان يوجد اكثر من 700 فديو عن حضارة كوش يجب عرضة يوميا في تلفزيون واذاعة السودان حضارة سنار الاسلامية قديمة ولكن كوش اقدم https://top4top.io/
04-22-2020, 06:52 AM
محمد عبد الله الحسين محمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 11588
أنا فهمتك يا دكتور محمد .. أنت بنيت رؤيتك حول مركزية سلطة الفونج من خلال حصر تداولها إلى حد كبير بين افراد البيت الحاكم .. وذلك قبل ظهور الهمج .. ونحن بنينا فكرة لا مركزية الحكم من خلال النظرة الكلية التي تتجاوز بيت الحكم السناري.. إلى سائر االرقعة الجغرافية التي كونت مؤتلفة جغرافية السلطنة الزرقاء.. مثلا مشيخة العبدلاب هم ضمن مكونات السلطنة الزرقاء او دولة الفونج .. غير أنهم مستقلون عن الفونج ويجمع بينهم دستور الحلف مما يسم نظام الحكم في السلطنة بالشكل الفيدرالي..
05-06-2020, 07:11 PM
محمد عبد الله الحسين محمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 11588
كنت ابحث عن هذا البوست منذ مدة..ولأنني لا اعرف العنوان كان العثور عليه صعبا..كنت اذكر انني تناقشنا انا والاخ الفاضل حسن الذكر والسيرة حول اللامركزية..وجاء النقاش عرضا.. ووجدت نفسي احتاج لتلك الجزئية..فدخلت غوغل عدة مرات الى ان تكلل جهدي بالعثور عليه.
11-05-2022, 08:32 AM
مصطفى نور مصطفى نور
تاريخ التسجيل: 05-13-2022
مجموع المشاركات: 5019
ماذا تعرف عن اللكندي ➖ ➖ ➖ تقع مدينة اللكندي في ولاية سنار محليه السوكي عندما تمر من كبري ود العيس الذي يربط شرق وغرب قرى الولاية على الضفة الشرقية للنيل الازرق وانت متجها الى الجنوب تمر عبر القرى التاليه :- ود العيس — الجزائر — العقلين — القبه — امسنط — كركوج — دونتاي — مبروكه — ود بهيجه — العزازه — الرواج — حلة على ثم ابو تيقه ثم ام القرى وانت الان على مشارف الدخول الى مدينة اللكندي هي عاصمة قرى وحدة اللكندي يحدها من الغرب النيل الازرق ومن الجنوب قرية قنديل ومن الشرق خور العقليين اللكندي سبب التسمية همجي إسمه كوندي وباقي القبائل الفونج الفلاتة الجعلين الاشراف الفور النوبة الزغاَوة المابان البرتا القواسمة الغلاتيين اللحوين الحلاويين الحمدة الكواهلة الشكرية الحلب الكنانة الشمباتة الرزيقات العركيين الانقسنا الكنوز الشبيلات دار حامد مسيرية العقلين بالاضافة الى بعض القبائل الاخرى اهم النشاطات ➖ ➖ ➖ ➖ ➖ بمها اهم النشاطات هي الزراعه والرعي تمتلك ارض عاليه الخصوبه وتهطل بها كميه هائله من الامطار خلال فصل الخريف مما يجعل هذه المنطقه قابله لجميع انواع المحاصيل الزراعيه ومناخها صالح لزراعه اي نوع من الاشجار والمحاصيل اما عن الرعي هي الحرفه الثانيه بعد الزراعه تمتلك هذه المدينه ثروه حيوانيه هائله جدا من الاغنام والاقار والابل وتمثل مصادر الدخل الرئيسيه لسكان هذه المدينه
11-05-2022, 11:30 AM
محمد عبد الله الحسين محمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 11588
تحياتى دكتور محمد عبدالله بوست تنويرى ومهم تعليقك على الكتاب متعه لغوية سنار رغم دورها العظيم فى بناء دوله السودان لاحقا ونواة الشعور القومى إلا انها مجهوله تقريبا وفهم الحاضر المتعثر لن يتم دون الرجوع إلى جذور الماضى القريب بختلاف الموقع الجغرافي تظل العلاقه المتوترة بين المركز والاطراف معضله قديمة ملاحظه عادل امين أن الاسلام فى السودان لم يأتى ب حضارة ولا نظام دوله بل وجد قوم تجرى الحضارة فى دمائهم واسلوب حياتهم دون حوجه الى بناء نظرى يأطرها فهى حياة ل افراد وجماعات ملتصق بهم مثل الماء والهواء اختلاف وجهات النظر حول فكرة المركزية و اللامركزية اثراء للبوست وليتكم تتوسعوا فى الشروحات لان التوضيحات من جانبك وكذلك من جانب مولانا الملك...على الاقل بالنسبه لى غير كافيه نتابع معك الكتاب ب اسلوبك المميز للعرض.....
11-06-2022, 08:14 PM
محمد جمال الدين محمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5799
Quote: ملاحظه عادل امين أن الاسلام فى السودان لم يأتى ب حضارة ولا نظام دوله بل وجد قوم تجرى الحضارة فى دمائهم واسلوب
حياتهم دون حوجه الى بناء نظرى يأطرها فهى حياة ل افراد وجماعات ملتصق بهم مثل الماء والهواء اختلاف وجهات النظر حول فكرة المركزية و اللامركزية اثراء للبوست وليتكم تتوسعوا فى الشروحات لان التوضيحات من جانبك وكذلك من
جانب مولانا الملك...على الاقل بالنسبه لى غير كافيه
نتابع معك الكتاب ب اسلوبك المميز للعرض.....
شكرا على مدحك وكلماتك الطيبة و تعليقاتك العميقة التي تسرنا مدحا أو نقدا و حتى لو كانت قدحاً..
ولا أنسى أن أحيّ صديقنا الغالي عادل الحوثي فهو رجل أحبه و أحترمه وأجله..فالرجل له نظرات صائبة.
وأحيّ كذلك الأخ ود الملك الذي افتقدناه بشدة ونتمنى عودته.. التحية له.
11-07-2022, 06:04 AM
محمد عبد الله الحسين محمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 11588
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة