أنا مصدوم، وأكاد لا أصدق أن هناك من ظنوا أن ما قام به الممثل محمد تِروِس في كمبالا خلال أمسية "يلا نغني" كان فعلاً اعتباطياً أو مجرد "عوارة" .
أيعقل، يا أهلنا، أن تتوقعوا من رجل تخرج في كلية الدراما والمسرح، أن يقطع كل تلك المسافة من هولندا إلى أوغندا، ثم يدخل على جموع الحاضرين في قاعة الحفل بمدينة كمبالا ليتصرف بعشوائية، أو بقصد الإساءة للذوق العام؟
هذا تسطيحٌ مبالغ فيه. أما كان الأولى ببعضكم أن يتوقف لحظة، ويتساءل عمّا أراد الرجل قوله، وعن الرسالة الرمزية التي حملها فعله، بدل الإسراع إلى إطلاق أحكامٍ جاهزة على مشهدٍ لم يُكلّف الواحد نفسه عناء فهمه؟
الغريب في الأمر أن الذين لم يفهموا مشهد خلع البدلة والقميص والبنطال الذي قدمه تِروِس، واستفزهم ذلك، فاعتبروه سلوكاً مشيناً، لا يثير غضبهم في المقابل خلع كثيرين لثوب الفضيلة والشرف، بل إنهم يؤازرون هذه الفئة ويصفقون لها ليل نهار، إلى الحد الذي جعل الجاهلات والجهلاء وبعض عديمي الأخلاق رموزاً، يفتون في قضايا السياسة والاقتصاد، بل ويتطاولون إلى التحريض على قتل الأبرياء. وهذا علي فكرة جزء مما عبر عنه تِروِس في ذلك المشهد الذي استعصى عليهم فهمه.
كما أن هؤلاء أنفسهم لا ينبسون ببنت شفة وهم يسمعون ويقرأون عن جرائم أخلاقية يندي لها الجبين خجلاً، ويطأطئون رؤوسهم أمام من يقتلونهم ويشردونهم وينهبونهم، وهو أيضاً جزء أصيل من رمزية مشهد تِروِس.
ولكن كيف لنا أن نتوقع ممن يصبحون ويمسون على لايفات من سقطن أخلاقياً، وعلى تهريج عددٍ من الرويبضات، وتناقضات إعلاميي الحرب وتزييفهم المستمر، أن يصفوا أذهانهم أصلاً لفهم رمزية المشاهد الدرامية؟!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة