إعلام رشـان أوشي من صراع اجنحة الفساد الى الخطاب التحريضي ومخاطبة قائد الانقلاب بـ«سيدي الرئيس» مقدمة: لا يُقاس الخطاب الإعلامي بظاهر عباراته فقط، بل بما يحمله من دلالات قانونية وسياسية، وبما يُحدثه من أثر في المجال العام. وفي هذا الإطار، يثير مقال الكاتبة رشـان أوشي المعنون «سيدي الرئيس: حدود السيادة» إشكاليات عميقة تتجاوز حرية الرأي، لتصل إلى الانخراط الصريح في تمرير خطاب الانقلاب إعلاميًا، عبر الاعتراف اللغوي بشرعية سلطة الأمر الواقع، والتحريض على شخصيات سياسية مدنية، في مخالفة واضحة لأبسط معايير المهنية والحياد. أولًا: دلالة المخاطبة ومنح الشرعية الرمزية إن مخاطبة قائد انقلاب بعبارة «سيدي الرئيس» ليست أسلوبًا بلاغيًا محايدًا، بل إقرار سياسي وقانوني ضمني بشرعية متنازع عليها. فالشرعية في الدولة الحديثة لا تُمنح بالخطاب الإعلامي، وإنما تُستمد من الدستور وإرادة الناخبين والإجراءات القانونية السليمة. وعليه، فإن هذا الوصف يتجاوز نقل الواقع إلى تثبيته لغويًا كأمر مشروع، وهو ما يُعد اصطفافًا مع سلطة نشأت خارج الإطار الدستوري، وتخليًا عن الدور الرقابي للإعلام. ثانيًا: مناقشة السيادة خارج سياق الشرعية تطرح رشـان أوشي مفهوم «حدود السيادة» بمعزل عن ركنه الجوهري: سيادة الدستور. فلا معنى للحديث عن حدود ممارسة السلطة دون حسم سؤال مصدرها. إن القفز فوق مسألة الشرعية يحوّل النقاش من مساءلة قانونية إلى تبرير سياسي، ويجعل السيادة أداة خطابية تُستخدم لتسويغ أفعال السلطة بدلًا من تقييدها بالقانون. ثالثًا: التحريض على الشخصيات السياسية – من الرأي إلى الوشاية الأخطر في مقال «سيدي الرئيس: حدود السيادة» ليس فقط لغته الاعترافية، بل تحريضه المقنّع على شخصيات سياسية مدنية، عبر: توصيفات تشكيكية أو تخوينية غير مسنودة بأحكام قضائية. ربط فاعلين سياسيين بتهديد «السيادة» أو «الأمن» دون سند قانوني. استدعاء تدخل السلطة التنفيذية بوصفها جهة الحسم. هذا النمط لا يندرج ضمن النقد المشروع، بل يُعد تحريضًا غير مباشر على استخدام سلطة الأمر الواقع ضد خصوم سياسيين، وهو أخطر من التحريض الصريح لأنه يوفّر غطاءً أخلاقيًا وإعلاميًا للإقصاء. رابعًا: انتهاك قرينة البراءة وتسييس الاتهام إن الزجّ بأسماء أو أدوار شخصيات سياسية في سياق اتهامي دون أحكام قضائية نهائية يُخالف مبدأ قرينة البراءة، وهو مبدأ دستوري مستقر. ولا يجوز للإعلام أن يتحول إلى: محكمة موازية، أو أداة ضغط على السلطة التنفيذية، أو قناة لتصفية الخلاف السياسي بلغة الأمن والعقاب. خامسًا: المسؤولية القانونية والأخلاقية للإعلام وفق مبادئ حرية التعبير المقترنة بالمسؤولية، يُسأل المحرّض عن نتائج تحريضه متى كان: عالمًا بطبيعة السلطة التي يخاطبها وسجلّها القمعي، ومدركًا لاحتمال تعرّض المستهدفين لأذى سياسي أو قانوني. ومخاطبة قائد انقلاب مع التحريض على معارضين مدنيين تُحوّل الخطاب الإعلامي إلى مشاركة معنوية محتملة في أي انتهاكات لاحقة، وتُسقط عنه صفة الاستقلال. سادسًا: إعلام الانقلابات لا إعلام الدولة الدستورية ما تقدمه رشـان أوشي يُجسّد نمطًا معروفًا لإعلام الانقلابات، حيث: تُقدَّم السلطة غير الدستورية كحارس وحيد للسيادة، ويُصوَّر الخصم السياسي كخطر، ويُختزل الخلاف السياسي في منطق أمني. أما الإعلام الحر في الدولة الدستورية، فلا يمنح الألقاب، ولا يحرّض على الإقصاء، ولا يستبدل القانون بالخطاب. خاتمة إن مقال رشـان أوشي، بمفرداته وبنيته، لا يقف عند حدود الرأي، بل ينخرط في تطبيع الانقلاب إعلاميًا، عبر الاعتراف اللغوي بشرعيته، والتحريض على شخصيات سياسية مدنية، وتمرير سرديته تحت غطاء التحليل. وهذا إخلال جسيم بدور الإعلام كسلطة رقابية، ويضعه في موقع الشريك الرمزي في تقويض الشرعية الدستورية. فلا سيادة بلا دستور، ولا إعلام حرّ يخاطب الانقلابات بالألقاب أو يشي بالمعارضين باسم الوطن. ماذا تتوقع من قدرات متواضعة نشأت فى ظل صحافة وقنوات المخلوع وعلى واجهات الفساد الاعلامية لن يكون هناك اداء اسوأ من ذلك ،،،
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة