شهدت العاصمة البريطانية لندن يوم السبت 20 ديسمبر 2025 تظاهرة سودانية حاشدة خرج فيها السودانيون والسودانيات رافعين شعارات تؤكد تمسكهم بالسلام ورفضهم للحرب، ومطالبين بتصنيف جماعة الإخوان المسلمين في السودان جماعة إرهابية وتقديم البرهان إلى محكمة الجنايات الدولية. وقد جاءت هذه التظاهرة بوصفها إعلانا جديدا لإرادة شعب لم تنكسر رغم الانقلاب والحرب والتدخلات الخارجية التي سعت إلى إجهاض تطلعاته، وعلى رأسها تدخل نظام السيسي في مصر والدعم القطري والتركي والإيراني والإريتري، إلى جانب قوى أخرى لا تريد لسودان مدني ديمقراطي أن يرى النور. وأكد المشاركون أن السودانيين في الداخل والخارج بلغوا مرحلة من الوعي السياسي لا يمكن لأي قوة أن تعيدهم منها إلى الوراء، إذ احتشدت جماهير تحالف تأسيس أمام البرلمان البريطاني إحياءً لذكرى ثورة ديسمبر المجيدة وشهدائها الأبرار، مجددين التأكيد على أن الثورة قامت من أجل الحرية والعدالة والسلام، وهي قيم غابت عن البلاد منذ انقلاب 25 أكتوبر 2021 والحرب التي أشعل فتيلها مجرم الحرب البرهان في 15 أبريل 2023 وما خلفته من دمار وانهيار لمؤسسات الدولة. وفي كلمة أمام البرلمان البريطاني شدد الأستاذ مبارك ياسين، ممثل تحالف تأسيس، على أن صوت الجموع في لندن هو صدى لملايين السودانيين الذين كمّم الظلم والتهميش أصواتهم، مؤكدًا أن وحدة السودان لا تفريط فيها، وأن مشروع تأسيس وحّد القاعدة الجماهيرية حول هدف التحرر من الاستبداد والظلم. وانتقلت التظاهرة إلى مقر السفارة السودانية حيث تحدثت الأستاذة فتحية البشاري، رئيسة منظمة سوات، مؤكدة أن المرأة السودانية كانت وما تزال في مقدمة الصفوف دفاعا عن السلام والحرية والعدالة. كما حيا الأستاذ عوض الطيب، ممثل حكومة السلام (حكومة تأسيس)، صمود الشعب السوداني الأسطوري، داعيا المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته الأخلاقية والسياسية تجاه تطلعات السودانيين. وفي كلمة أخرى أوضح الأستاذ عمران عبدالله أن الوقوف أمام السفارة السودانية في لندن ليس اعترافا بعصابة بورتسودان، بل رسالة واضحة بأن جماعة الإخوان المسلمين لا تمثل الشعب السوداني ولا إرادته الحرة، بينما أعلن الأستاذ عبد المنعم الربيع رمزيا “تحرير” السفارة من دنس الفلول، في إشارة إلى رفض أي محاولة لفرض شرعية زائفة على حساب دماء الشهداء. وتحولت التظاهرة لاحقا إلى مهرجان شعبي احتفى بالهوية السودانية، حيث علت أصوات النقارة والمردوم والكرنق والطمبور والجراري، وإختُتمت الفعالية بأغنية الجنزير التقيل التي تفاعل معها الجميع، تأكيدا أن الثقافة السودانية ليست مجرد تراث، بل قوة سياسية واجتماعية توحّد الشعب ضد الحرب والاستبداد. لم تكن تظاهرة لندن مجرد إحتجاج على إنقلاب أو حرب، بل كانت إعلانا صريحا بأن الانقلابات والحروب لم تكسر إرادة السودانيين، بل زادت وعيهم وصلابتهم ورسخت قناعتهم بضرورة التخلص من الطبقة الطفيلية التي تستخدم مؤسسات الدولة ومواردها لقهر الشعب. وأكدت الجموع الرافضة للحرب، أن السودانيين والسودانيات أدركوا، بعد عقود من الدم والخراب، أن الحروب العبثية والانقلابات ليست قدرا، وأن السلام والحرية هما الطريق الوحيد نحو وطن تتوفر فيه مقومات الحياة ولا ينقصه إلا قيادة وطنية صادقة ومخلصة تضحي من أجل الشعب. من قلب لندن، يوم أمس قال السودانيون: للعالم إن الحروب لن توقفهم، والبنادق لن تخيفهم، والطائرات لن تسكتهم، وإن إرادة الشعب السوداني لن تنكسر مهما فعل القتلة الأشرار. الثورة الشعبية ماضية نحو مشروع التحرير وبناء الدولة المدنية الديمقراطية الفدرالية العلمانية الحديثة، والسودان الحر الديمقراطي، حلم الأجيال، يمضي بثبات نحو التحقق بفضل تضحيات أشاوس قوات تأسيس.
الطيب الزين / كاتب وباحث في معاني القيادة والإصلاح المؤسسي
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة