تجليات يُتم الفكر في الفضاء الإسلامي (11 ز)- (جزء 2- 3)- أ تأثير المفكر محمود محمد طه في المفكرين والمثقفين في الفضاء الإسلامي
بقلم الدكتور عبد الله الفكي البشير
"خلق محمود محمد طه منهجاً جديداً في التأويل، جعله يؤثر في كثير من المفكرين، الذين مع كل أسف لم يشيروا إليه، وهذا موجود في كل كتابات الذين أولوا نظريتهم في الإسلام، على نحو جديد.. محمود محمد طه شخصية أشبه ما تكون بسقراط، سقراط الذي دفع حياته ثمناً لآرائه، وكان محمود محمد طه ذلك الشخص، سقراط العصر، الذي دفع أيضاً حياته ثمناً لآرائه.. مطلوب من الأكاديميين اليوم العناية بآراء محمود محمد طه، لأهميتها، ولأثرها الكبير، ولرؤيته في مستقبل الإسلام، نتمنى من الأكاديميين أن يبحثوا في آرائه، وأن يمنحوه الأهمية التي يستحقها". الأستاذ الدكتور سلمان البدور، الجامعة الأردنية، الأردن الرئيس السابق لجامعة آل البيت، ولجامعة العلوم الإسلامية العالمية، الأردن المشرف على أول أطروحة دكتوراه في العالم تقدمها طالبة، وهي عائشة نظيف بعنوان: محمود محمد طه: رؤية تجديدية في الإسلام، الجامعة الأردنية، 2017
تنامي الاهتمام الفكري والتأليف العلمي حول فكر محمود محمد طه
"فقد أمكن للمفكر محمود طه أن يحيي كذات معنوية مؤثرة. ظهر ذلك في مستويات عدة: إبطال حكم الإعدام، والتحول عن سردية التبديع والتكفير لدى الأفراد والمؤسسات الدينية التي تورطت في قرار الإعدام. وتنامي الاهتمام الفكري والتأليف العلمي حول الرؤية تأصيلاً لها وشرحاً وبياناً لجدواها في حل أزمة الجمود الفكري". البروفيسور بيه سلطاني، أستاذة أصول الدين، جامعة الزيتونة، تونس ضمن: "سؤال التجديد في الفكر الإسلامي المعاصر: مقاربة محمود محمد طه نموذجاً"، (محاضرة)، 7 يونيو 2024.
أصبح الاهتمام بفكر محمود محمد طه في تنامي مستمر، مما أتاح الفرصة لكشف تأثيره الكبير في المفكرين المسلمين. وقد ظهر ذلك بعد أن تم تنفيذ حكم الإعدام عليه في 18 يناير 1985، وبعد أن تبخرت ناحية السماء، سردية التكفير الباطلة التي نسجها التحالف الديني العريض ضده، وسعت لتعميقها، بلا حق وبلا ورع علمي، دراسات الفقهاء عنه، والتي تبخرت بدورها. ويعود تبخر تلك السردية الباطلة ودراسات الفقهاء ناحية السماء، إلى عدة أسباب، منها: سطوع شمس الحق، وانهمار تيار الوعي في الفضاء الإسلامي، وقيام المثقفات والمثقفون بدراسة فكر محمود محمد طه، الأمر الذي أدى بدوره، إلى جانب نمو الوعي، إلى تجريد الفقهاء من امتياز الوصاية على العقول والفضاء. وقد أشرنا في الحلقة السابقة إلى بعض المثقفين والمثقفات، الذين درسوا فكر محمود محمد طه، ومنهم كذلك الدكتور عبدالله بولا (1940- 2018)، (السودان)، والدكتور حيدر إبراهيم، (السودان)، والدكتور محمد محمود (السودان)، والأستاذة الدكتورة بيّة سلطاني، (تونس)، والأستاذة الدكتورة زهية جويرو (تونس)، والأستاذة ناجية الهادي قشوط، (ليبيا)، والدكتور محمد جلال هاشم (السودان)، والبروفيسور ستيف هوارد (الولايات المتحدة)، والدكتور ميشيل هوبنك Michel Hoebink (هولندا)، والدكتور باسم المكي (تونس)، وغيرهم. لقد أصبح الإقبال كبيراً على دراسة فكر محمود محمد طه، الأمر الذي يصعب رصده في هذه المساحة الضيقة. وقد قدمت رصداً أولياً للدراسات التي تمت عن فكره، وجاء الرصد ضمن كتابي: محمود محمد طه: من أجل فهم جديد للإسلام، دار محمد علي للنشر، صفاقس/ مؤسسة الانتشار العربي، بيروت، 2024.
تأثير المفكر محمود محمد طه في المفكرين المسلمين
"الكثير من الناس تأثر بالأستاذ محمود، فلننظر إلى الأفكار الجديدة للصادق المهدي وللترابي ولينظروا إلى أفكار الأستاذ محمود لنرى مدى التأثير". الدكتور منصور خالد (1931- 2020)، السودان
"حاج حمد أقتبس حرفياً ونصياً من أفكار الأستاذ محمود محمد طه". الدكتور محمود شعراني (1946- 2021)
كما أوردنا في الحلقة السابقة، فقد كشف بعض المثقفين الذين درسوا فكر محمود محمد عن مدى تأثيره في المفكرين المسلمين. وقد أشرنا لبعضهم في الحلقة السابقة، وقد تحدث الدكتور منصور خالد عن تأثير المفكر محمود محمد طه في الكثير من الناس، وأشار للمفكرين السودانيين، وخص بالذكر، السيد الصادق المهدي (1935- 2020)، (السودان)، والدكتور حسن الترابي (1932- 2016)، (السودان). ولنا عودة لهما، وكذلك للأستاذ محمد أبو القاسم حاج حمد (1941- 2004)، وغيرهم، ضمن سلسلة دراستنا: تأثير محمود محمد طه في المفكرين والأكاديميين المسلمين. وقد أشرنا في الحلقة السابقة لحاج حمد، الذي، فوق تأثره، قام بإعادة انتاج فكر المفكر محمود محمد طه. وقد ظللت أعمل على موضوع حاج حمد لأكثر من (30) عاماً، والآن على وشك الفراغ من الكتاب عنه. لكن من المهم الإشارة إلى أنه سبقني على ملاحظة ذلك بعض الأساتيذ. ففي مقال نشره الدكتور محمود شعراني، أشار إلى أن "حاج حمد أقتبس حرفياً ونصياً من أفكار الأستاذ محمود محمد طه". كذلك كتب البروفيسور إبراهيم محمد زين، قائلاً: "إن أطروحة محمود محمد طه حاضرة في نص العالمية الثانية، فقد أخذت منها كثيراً من المعالم، وتبنت بعض خلاصتها العلمية، ... دون أن يعطيه ميزة الذكر بالاسم أو التنويه لمؤلفاته". أيضاً أثيرت قضية تبني حاج حمد لأفكار محمود محمد طه في الأردن، وفي المغرب وفي ماليزيا في خريف 1994. كما أثيرت القضية في ندوة عقدت في القاهرة في مارس 1992، وشارك فيها أكثر من (15) من المفكرين والعلماء والمختصين، قال بعض المشاركين في الندوة إن حاج حمد أقتبس حرفياً ونصياً من أفكار محمود محمد طه. وهذا ما دفع حاج حمد ليضمن في الطبعة الثانية من كتابه: العالمية الإسلامية الثانية- جدلية الغيب والإنسان والطبيعة، عندما نشرها في العام 1996، محوراً بعنوان: "شبهات التداخل ما بين العالمية الإسلامية الثانية والرسالة الثانية من الإسلام". وسيأتي تناولي لكل ذلك مفصلاً وموثقاً وبالأدلة والبراهين، في كتابنا الموعود: تأثير محمود محمد طه في المفكرين: محمد أبو القاسم حاج حمد. أسوأ من كل هذا، نهب كتب المفكر محمود محمد طه بالنص والحرف، وبدون التغيير حتى في عناوين الفصول أو عناوين المحاور (الموضوعات الجانبية). وقد قام بهذا النهب اثنين من الكُتاب المثقفين من مصر. قام الأول بنهب أحد كتب محمود محمد طه بالكامل وبالنص والحرف، بينما قام الكاتب الثاني بنهب جزئي وبالنص كذلك لكتاب آخر، بعنوان: رسالة الصلاة. ونقف بإيجاز شديد عند النموذجين في الحلقة التالية خلال اليوم: "تجليات يُتم الفكر في الفضاء الإسلامي (11 ز)- (جزء 2- 3)- ب: نهب أفكار المفكر محمود محمد طه "القرصنة الفكرية" بلا ورع علمي أو وازع الأخلاقي.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة