العدالة الغائبة وصعود الطغيان: من محارق أدولف هتلر إلى مجازر عمر البشير كتبه الصادق حمدين

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-18-2025, 05:08 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-16-2025, 06:23 PM

الصادق حمدين
<aالصادق حمدين
تاريخ التسجيل: 10-26-2013
مجموع المشاركات: 71

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
العدالة الغائبة وصعود الطغيان: من محارق أدولف هتلر إلى مجازر عمر البشير كتبه الصادق حمدين

    06:23 PM December, 16 2025

    سودانيز اون لاين
    الصادق حمدين-UK
    مكتبتى
    رابط مختصر





    قال أدولف هتلر في لحظة زهو وغطرسة: “وماذا فعل العالم لمن ارتكبوا مجازر الأرمن”؟مشيراً إلى الفظائع التي ارتكبها العثمانيون بحق الأرمن مطلع القرن العشرين، والتي مرّت دون محاسبة تُذكر.
    كانت تلك العبارة، بكل ما تحمله من ازدراء للعدالة، اختصارا مكثفا لفلسفة الاستبداد في التاريخ: ما دام العقاب غائبا، فالجريمة ممكنة، بل ومبرّرة في منطق السلطة والقوة.

    ولم يكن هتلر وحيدا في هذا الدرس الدموي. فستالين، على طريقته الباردة، لخّص نظريته في الإبادة حين قال ساخراً: “موت إنسان واحد مأساة، أما موت الملايين فمجرد إحصاء.”، ثم جاء الطاغية عمر حسن البشير، وهو يطمئن إلى حصانة تاريخية مشابهة، ليقول في لحظة من انعدام الضمير وغيابه التام: “لا أريد أسيراً ولا جريحاً.”، تلك العبارات الثلاث ليست مجرد كلمات عابرة، بل شيفرات واحدة في كتاب الطغيان، تُكتب كل مرة بحبر الإفلات من العقاب.

    فالذين يملكون السلطة حين يغيب عنهم شبح العدالة، يطمئنون إلى أن الدم رخيص، وأن الجرائم يمكن أن تُطوى كما تُطوى صفحات النسيان. وهكذا، تصبح العدالة الغائبة حافزا على الجريمة، ويغدو التساهل مع القتلة تربة خصبة لميلاد طغاةٍ جدد. لكنّ التاريخ، برغم بطئه، لا ينسى؛ إذ يُثبت مرة بعد أخرى أن العدالة قد تتأخر، لكنها لا تموت.

    فها هو حسين حبري، الديكتاتور التشادي، مثالاً حياً على تلك الحقيقة البطيئة الحركة والعميقة الأثر. ظنّ حبري، بعد أن لجأ إلى السنغال لعقود، أنه تجاوز محطات الحساب، وأن الزمن قد غسله من خطاياه. غير أن الذاكرة الإنسانية، التي كثيراً ما تبدو خامدة، عادت لتنبش رفاته الأخلاقية، فحُوكم في مشهد مهيب بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وأُدين بالسجن المؤبد حتى مات وحيداً.
    كانت تلك اللحظة شهادة جديدة على أن الجرائم الكبرى لا يشملها التقادم المسقط، وان الضمير الإنساني، مهما أرهقته السياسة بتعقيداتها، لا يغلق ملفاته إلا بعد أن يكتب كلمة العدالة بخط حاسم على هامش التاريخ ومتنه.

    ومن رحم تلك السابقة، يُطلّ المشهد السوداني بتعقيداته وتشابكاته. فالقضية لم تعد في جوهرها سؤالاً عن من ارتكب الفظائع، بل عن من يملك الشجاعة لمواجهتها. ولعلّ الحديث المستمر عن “قائمة الـ51” التي أوردها القاضي الإيطالي أنطونيو كاسيسي، رئيس لجنة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في دارفور، تمثل إحدى صور هذا الالتباس بين القانون والسياسة. فقد أشار التقرير إلى وجود شبهات حول تورط عدد من المسؤولين في جرائم دولية، لكنّهم لم يُعتبروا متهمين قانونياً، إذ لم تصدر بحقهم أوامر قبض من المحكمة الجنائية الدولية.

    وقد أوضحت المدعية العامة السابقة للمحكمة، فاتو بنسودا، في لقاء شخصي معها، أن المحكمة لا تعرف ما يسمى “أمر القبض السري”، لأن من أبسط حقوق المتهم أن يبلّغ بتهمته وأن يتمكن من الدفاع عن نفسه وفقا لمبادئ العدالة الإجرائية. وهكذا، فإن ما يشيعه بعض الإعلاميين والناشطين حول “قائمة المتهمين الواحد والخمسين” لا يعدو أن يكون اجتهاداً في الظنون لا سند له من القانون.

    ومع ذلك، يبقى من العبث أن نتحدث عن انتهاكات الحاضر، بينما من ارتكبوا الفظائع في الماضي ما زالوا أحراراً طلقاء تحت حماية الدولة نفسها، ممثلة في حكومة الأمر الواقع. ففي قضية دارفور، اقتصرت مذكرات التوقيف على سبعة فقط: أربعة من الحكومة هم عمر حسن البشير، عبد الرحيم محمد حسين، أحمد هارون، وعبد الرحمن كوشيب، وثلاثة من الحركات المسلحة هم بحر إدريس أبو قردة، - ( مثل أمام المحكمة الجنائية الدولية، وأُخلي سبيله لعدم كفاية الأدلة) - عبد الله بندة نورين، وصالح محمد جربو جاموس الذي لقي حتفه في أحداث أم درمان عام 2008. وهكذا، تتجلى المفارقة الكبرى: العدالة تعرف أسماء الجناة، لكنها لا تملك القدرة ولا الرغبة على الوصول إليهم.

    غير أن الضجيج الإعلامي والسياسي الذي يحيط بمثل هذه القضايا كثيرًا ما يشوّه بوصلة العدالة. فحين تختلط الأصوات وتتعالى الشعارات، تضعف الحقيقة في زحام المزايدات. ومع ذلك، فإن المحكمة الجنائية الدولية، على ما فيها من عيوب البدايات، لا تبني قراراتها على المواقف ولا على الانفعالات، بل على تحقيق قانونيّ دقيق يعلو على صخب اللحظة. وحتى تقارير لجان التحقيق لا تُعتمد إلا بعد تمحيصٍ طويل، وعندها فقط تُصدر المحكمة مذكراتها استناداً إلى ميزان العدالة لا إلى صدى الجماهير ورغباتها.

    ومن خلال تأمل مسار العدالة الدولية منذ محاكمات لايبزغ ونورنبيرغ مرورا بمحاكمات يوغسلافيا السابقة ورواندا، ووصولًا إلى المحكمة الخاصة بسيراليون، يتبدّى أن الطريق إلى العدالة محفوف بعقبات مالية ولوجستية ضخمة. فمحاكمة مجرم الحرب الأوغندي دومينيك أنجوين، مثلًا، بتهمة تجنيد الأطفال، كلّفت المحكمة نحو 650 مليون يورو بما في ذلك تعويضات أسر الضحايا. ولهذا، غالبا ما تكتفي العدالة الدولية بملاحقة رموز الأنظمة الإجرامية، تاركةً المنفذين في الدرجات الأدنى خارج دوائر حساب سوحات المحاكم الدولية.

    إن الإفلات من العقاب، في جوهره، ليس مجرد ثغرة في نظام العدالة، بل جريمة ثانية تُضاف إلى الجريمة الأصلية، لأنها تُنتج بيئةً تبرّر القتل وتُعيد إنتاجه بأشكالٍ أكثر قسوة. والتاريخ، مهما بدا صامتا، يملك صبرا لا يملكه الطغاة؛ فهو يعرف أن ساعة العدالة قد تتأخر، لكنها حين تأتي، تُعيد للضحايا الذين كانوا أرقاماً أسماءهم وكينونتهم كبشر، وتُعيد للجريمة وجهها الحقيقي.

    الصادق حمدين – هولندا
    [email protected]























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de