مقدمة: نُشر في الأسافير خلال الأيام الماضية مقالٌ دون ذكر اسم كاتبه، يروّج لفكرة “هشاشة الدعم السريع” وانهياره الوشيك. وقد جرى تداول هذا المقال على نطاق واسع، لا بوصفه تحليلًا نقديًا جادًا، بل كخطاب طمأنة وتخدير، يُعيد إنتاج لغة قديمة اعتدناها من إعلام فلول الحركة الإسلامية.
هذا المقال لا يناقش الوقائع بقدر ما يسوّق للأماني، ولا يسعى لفهم تعقيدات الحرب بقدر ما يحاول إحباط الهمم وصرف الانتباه عن الأسئلة الحقيقية. ومن هنا تأتي ضرورة التوقف عند هذا النوع من الكتابة، لا للرد عليه فقط، بل لتفكيك وظيفته السياسية والإعلامية في هذا التوقيت بالذات.
في زمن الحرب، أخطر ما نواجهه ليس قوة الخصم وحدها، بل الخطاب الذي يزوّر الوعي. حين تُباع للناس فكرة أن الخصم “هشّ” وسيسقط وحده، فنحن لا نقرأ تحليلًا… بل نتعرّض للتخدير.
لماذا هذا الخطاب مضلِّل؟ لأنه يكرّر كلمات جاهزة: هشاشة، تفكك، انهيار قريب. ثم يتوقف قبل السؤال الحاسم: كيف يحدث ذلك؟ ومن الذي يُسقط؟ وبأي أدوات؟
أي كلام لا يقدّم طريقًا عمليًا هو تمنٍّ سياسي، لا تحليلًا.
الاستخفاف بالخصم خطأ: قيادة الدعم السريع لا تخاطب جمهورها بوهم الضعف. قائدها يتحدث عندما يرى ذلك لازمًا، ويقول ما يعتقده، ويصدقه. قد نختلف معه سياسيًا وأخلاقيًا، لكن الاستخفاف به دون خطة خطأ قاتل.
ولإزالة أي لبس، فقد تبيّن لي أن هذا النص لم يكن اجتهادًا عابرًا أو تحليلًا حسن النية. فنحن لسنا أمام قراءة ميدانية تسعى لفهم الواقع، بل أمام مقال من إعلام فلول الحركة الإسلامية (الكيزان)، يُسقِط رغباته على الميدان، ويحاول تعويض الهزيمة السياسية والمعنوية بلغة تطمين وتخدير.
وعليه، فإن توصيف الدعم السريع بالهشاشة لا يعكس تحليلًا موضوعيًا، بقدر ما يعكس حالة نفسية وسياسية لمعسكر أفل نجمه.
الخلاصة: الهشاشة لا تُسقط خصمًا. التضليل لا يبني دولة. وإعلام الكيزان يكتب لإحباط الهمم لا لفهم الواقع.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة