بقلم : يحتشد وادي عبقر العاطفي بقصائد مبحرة في الجمال لكن أكثرها عذوبة تلك المعجونة بعذابات الحب والوله النابعة بعضها من طرف واحد والبعض الآخر تجرع فيها الشاعر كاسات الاحباط وعاد من الغنيمة بالاياب ..أبطالها شعراء وفنانون حلقوا حول الأنثى سافروا في مفاتنها ووشحوا عنقها بأكاليل القرنفل والأقحوان وصاغوا عنها كلمات أرق من الحرير سقوها بكا لكنهم لم يقبضوا سوى الريح كما يقول الشاعر التيجاني سعيد .. ربما تختلف تجاربهم ولكن يجمعهم وجدان مشترك وعواطف جياشة سبحوا في بحارها المتلاطمة عكس التيار دون أخذ العبر من تحذيرات صدح بها ذات مرة الفنان صلاح بن البادية من كلمات عز الدين هلالي انا ما بقول يا قلبي اقسى وخلي للحب الدرب لكن كمان ما تكون عنيد وتحب ليك زول ما بحب معقول بس زول ما بريد يعصر وراك دم القلب ساكت تضيع ويروح شبابك وتفنى في نص الدرب (2) أمامنا هنا نموذجان الأول من السودان هو الأيقونة حسين بازرعة والثاني من مصروهو الشاعر الغنائي الفذ كامل الشناوي الذي اكتشف نجاة الصغيرة وهي شقيقة من الأب للفنانة المشهورة سعاد حسني التي انتحرت بعد سقوطها من شقتها بلندن في 21 يونيو 2001 في ظروف غامضة في شقة مأمون الشناوي، ووجد نفسه ذائباً في تلك الشابة التي تصغره بثلاثين عاما حينما عجز أن يقاوم حبه لها لكنها كانت تبتسم دائماً و تهزرأسها في غنج وتخفي عينيها في خجل ..كانت في السابعة عشر من عمرها حينما خاضت تجربة زواج فاشلة من كمال منسي الذي طلقها عام 1960 . قدم لها الدعم الفني الكبير، وكتب لها كلمات أغاني خالدة ساهمت في شهرتها، وكان يراها الجميلة التي تحتل قلبه وتتصرف فيه كأنها بيتها وتكنسه وتعيد ترتيب أثاثه .. مشكلتها مع الشاعر الرقيق كامل الشناوي كان فارق السن الكبير بينهما (حوالي 30 عامًا) وتناقض المشاعر كانت التي قصمت ظهر البعير لذلك لم تقبله نجاة كحبيب فقد كانت تعتبر الرجل (ضخم الجثة شره التدخين) شخصية أقرب إلى الأب أو الصديق الأكبرو ليس حبيبا الا انها رغم ذلك كانت تنقض على كلماته العذبة انقضاض الفراشة على الورد وكانت تصد عواطفه الملتهبة من جهة ومن جهة أخرى كانت تقول له (كلمات حلوة أوي تنفع أغنيها) ..قدم لها الدعم الفني الكبير، وكتب لها كلمات أغاني خالدة ساهمت في شهرتها، وكان يراها الجميلة التي تحتل قلبه وتتصرف فيه كأنها بيتها وتكنسه وتعيد ترتيب أثاثه .. مشكلتها مع الشاعر الرقيق كامل الشناوي كان فارق السن الكبير بينهما (حوالي 30 عامًا) وتناقض المشاعر كانت التي قصمت ظهر البعير لذلك لم تقبله نجاة كحبيب فقد كانت تعتبر الرجل (ضخم الجثة شره التدخين) شخصية أقرب إلى الأب أو الصديق الأكبرو ليس حبيبا الا انها رغم ذلك كانت تنقض على كلماته العذبة انقضاض الفراشة على الورد وكانت تصد عواطفه الملتهبة من جهة ومن جهة أخرى كانت تقول له (كلمات حلوة أوي تنفع أغنيها ) . (3) أما هو فقد كان يعيش في عالم آخر يرى فيه الحب عذاباً وألماً، ولكنه كان يقبل بهذا العذاب منها، بينما كانت نجاة تتلاعب بمشاعره تارة تمنحه نظرة وتارة تلغي موعداً، وهو لا يملك سوى السمع والطاعة . تعرض الشناوي لكثير من الصدمات أثناء حبه لنجاة الصغيرة، كان أبرزها عام 1962 في عيد ميلادها عندما اشترى هدايا الحفل، وحضر برفقة أصدقائه في شقتها بالزمالك، وعند إطفاء الشموع اختارت يوسف إدريس رائد القصة القصيرة ليقطع التورتة معها ممسكا بيدها، فانسحب الشناوي حزينا باكيا، ثم تضاعفت أحزانه حين رآهما يخونانه، فكتب كلمات تقطر اسى وانكسارا لاتكذبي ي إني رأيتكما معا فدع البكاء فلقد كرهت الادمعا ما أهون الدمع الجسور إذا جرى من عين كاذبة فأنكر وأدعى إني رأيتكما.. إني سمعتكما عيناك فى عينيه.. فى شفتيه.. فى كفيه.. فى قدميه ويداك ضارعتان.. ترتعشان من لهف عليه تتحديان الشوق بالقبلات تلذعني بسوط من لهيب بالهمس، بالآهات، بالنظرات، باللفتات، بالصمت الرهيب ويشب فى قلبي حريق ويضيع من قدمي الطريق وتطل من رأسي الظنون تلومني وتشد أذني فلطالما باركت كذبك كله ولعنت ظني ماذا أقول لأدمع سفحتها أشواقي إليك ماذا أقول لأضلع مزقتها خوفا عليك أأقول هانت؟.. أأقول خانت أقولها؟.. لو قلتها أشفي غليلي.. يا ويلتي.. لا لن أقول أنا، فقولي لا تخجلي.. لاتفزعي مني.. فلست بثائر أنقذتني.. من زيف أحلامي وغدر مشاعري فرأيت أنك كنت لي قيدا حرصت العمر الا أكسره فكسرته ورأيت أنك كنت لي ذنبا سألت الله الا يغفره فغفرته كوني كما تبغين لكن لن تكوني فأنا صنعتك من هواي، ومن جنوني (4) يقول صديقه الصحفي المصري الراحل مصطفى أمين (عشت مع كامل الشناوي حبه الكبير، وهو الحب الذي أبكاه وأضناه. وحطمه وقتله في آخر الأمر، أعطى كامل لنجاة كل شيء المجد والشهرة والشعر ولم تعطه شيئا أحبها فخدعته. أخلص لها فخانته. جعلها ملكه فجعلته أضحوكة .. وأضاف ان صدها نجاة له كان يمثل أمرا صعبا عليه، ولم يرغب في تصديقه فكتب يقول: (لا أفهمها، هي امرأة غامضة لا أعرف هل هي تحبني أم تكرهني..؟، هل تريد أن تحييني أم تقتلني ؟) .. لعنة الحب الفاشل أصابت الشاعر، حتى أنه كان يشعر أن هجرة محبوبته قتلته، ولم يبق سوى موعد تشييع الجنازة، وكان يجلس يوميا يكتب عن عذابه، وأصبح يتردد على المقابر، وحينما سأله مصطفى أمين عن ذلك، أجابه بابتسامه حزينة وقال: (أريد أن أتعود على الجو الذي سأبقى فيه إلى الأبد) .. جراح الحب الأليم ظلت تنزف في قلب كامل الشناوي الذي ظل مخلصا لجرحه رغم العذاب الذي كان يشعر به فقدم تحفة شعرية أخرى قبل ان يغادر الفانية مكتئبا في 30 نوفمبر 1965 (5) حبيبها.. لست وحدك حبيبها.. حبيبها أنا قبلك وربما جئت بعدك وربما كنت مثلك حبيبها.. حبيبها.. حبيبها.. فلم تزل تلقاني.. وتستبيح خداعي بلهفة في اللقاءِ برجفة في الوداعِ.. بدمعة ليس فيها.. كالدمع إلا البريق برعشة.. هي نبض بغير عروق يحفر الحب قلبي بالنار.. بالسكين وهاتف يهتف بي حذاري يا مسكين .. وسرت وحدي شريدا.. محطم الخطواتِ تهزني انفاسي.. تخيفني لفتاتي كهارب ليس يدري .. من اين او اين.. يمضي شكٌ.. ضبابٌ.. حطام بعضي يمزق بعضي سألت عقلي فأصغى وقال لا لا لن تراها.. لن تراها وقال قلبي اراها ولن أحب سواها لن أحب سواها.. ما أنت يا قلب قل لي أأنت لعنة حبي أأنت نقمة ربي الى متى.. الى متى.. الى متى انت قلبي (6) ربما هناك تطابق بين محنة كامل الشناوي مع محنة حسين بازرعة مع خلاف في التفاصيل فالرفض مع الشناوي جاء من المحبوبة ومع بازرعة كان مصدر الرفض الأقارب فقد تعلق قلبه بأحد حسان سنكات وأوشك أن يقترن بها الا أن ذويه وعلى رأسهم شقيقه على بازرعة حملا راية الرفض عالية بحجة ان العروس لا تتماهى مع تقاليد وأعراف الأسرة. أشعاره كانت نتاجا لتجارب شخصية ذاتية معظمها تفجرت شلالات من الأسى ودموعا من الحزن ذرفها في صمت على قصص حب لم تنضج على نيران هادئة فحتى الثانية (سلمى ) فقد تحطمت حكايتها على جدار رفض أسرتها والله يقول في محكم تنزيله (وَالشُّعَرَاء يتبعهم الْغَاوُونَ أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ) رغم ان قلب سلمى بعكس نجاة الصغيرة تعلق به فغادر البلاد بعد انهيار قلعة الحب بفشل كل الوساطات مهاجرا الى السعودية تاركا ورائه كلمات مفعمات بالحزن والاحباط (7) كانت لنا أيام في قلبي ذكراها ما زلت أطراها يا ليتنا عدنا .. أو عادت الأيام إن أنسى ما أنسى ذكراك يا سلمى في وكرنا المهجور والصمت قد عما تحلو لنا الشكوى والحب والنجوى لن أنسى نجواكي والهمسة والبسمة وحرارة الأنفاس في قبلتي لما ضمتك يمنايا يا سعد دنياي وغفوتي في صدري نشوانة بالأحلام كيف أنسى أيامي وفكرتي الكبرى يا وحي إلهامي أن همت بالذكرى ذكرى لياليكي في خدر واديكي الليل أهواه في شعرك الناعم لكن تباعدنا دهرا وما عدنا للوكر يا سلمى أو عادت الأيام أو عادت الأيام (8) وجائت بعدها شجن وقصتنا وصدقيني وعشقك حرام ولا تسلني وبعد الصبر وأنا والنجم والمساء ضمنا الوجد والحنين جف في كأسي الرجاء وبكت فرحة السنين تحمل الشوق والصبا والخيالات موكبا في الهوى هاج مدمعي حبها الخالد الألم كلما لاح بارق من محياها خافق مات بالهم عاشق ثم الحقها بأيقونة أخرى هي المصير قـدر ما حاولت اخاصمك وانسي احـزاني وأسايـا واكتم الغيرة الفي قلبي واطوي جرحي في الحنايا القـي اثارك في حواسي وظلك يتبعني في خـطايــا القـي كـل الدنيـا حولي تهاتي بي اسـمـك معايــا في حـــياتي قبــلك انت عشت قصة حب قـاسيه لـســه مازالـــت في قــلبي ذكرياته المرة باقــيه (كان يشير الى فتاة سنكات التي ذهبت قصتها أدراج الريح) لما هليت في وجودي وقلت بيك سعادتي باقية لكن انت هدمت أملي بعد عشره نــبيله سامـيه انـا لو عــارف خــصامــك لي ايامــه بـــتطـول كــنت مــا ارتددت لحـظه لمي حــار بي الدلـيل انسي ظلمك وارجي حلمك وانس كل الراح قبيل اصـلوا حبك فـوق ارادتي حب يجاوز المستحيل مدخل للخروج وتشاء مشيئة الله أن يغادر الشاعر الملتاع الدنيا دون زواج وكان هذا نفس مصير سلمى التي أضربت عن دخول عش الزوجية تضامنا مع الشاعر الولهان الذي أسلم الروح وهو يودع الحبيبة التي فرقتهما الأقدار وهو يقول : اجتمعنا على الحب في ثوان في طريق مفروش بحبي وحناني وافترقنا كل واحد في طريقو أنا ضايع وانت مخدوع بالأماني كانت هذه نقطة لقاء حسين بازرعة الذي حلق عثمان حسين بكلماته في سماء العذوبة والجمال وكامل الشناوي الذي مجد مفرداته أثنان من عمالقة الغناء العربي هما نجاة الصغيرة وعبد الحليم حافظ .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
حسن ابوزينب عمر
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست