الغبينة دافع الدواس: في هجليج لم تهرب الأقدام بل هربت الروح المهزومة كتبه الصادق حمدين

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-14-2025, 07:18 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-13-2025, 12:03 PM

الصادق حمدين
<aالصادق حمدين
تاريخ التسجيل: 10-26-2013
مجموع المشاركات: 69

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الغبينة دافع الدواس: في هجليج لم تهرب الأقدام بل هربت الروح المهزومة كتبه الصادق حمدين

    12:03 PM December, 13 2025

    سودانيز اون لاين
    الصادق حمدين-UK
    مكتبتى
    رابط مختصر




    *"الغبينة دافع الدواس": في هجليج لم تهرب الأقدام بل هربت الروح المهزومة*

    الصادق حمدين

    في وجدان الجيوش، يبقى الهروب من المعركة جرحاً لا يندمل، علامة على انكسار لحظة كان يفترض أن تكون صلبة مثل حديد الدبابة التي يقودونها. فالقوانين العسكرية، بكل صرامتها، تنظر إلى الفرار باعتباره خذلاناً للوطن والمواطن، وتشدّد عقوبته كلما اشتدّ أوار الحرب، وكأنها تقول للجندي: “اثبت… فالشردة عيب وشينة”. غير أنّ ما شهدته منطقة هجليج الغنية بالنفط من فرارٍ إلى أرض جنوب السودان لم يكن مجرد خطوة مرتجفة تحت ضغط النيران، بل كان صرخة خرجت من عمق المعاناة، من صدر جندي لم يعد يعرف إن كان يقاتل دفاعاً عن وطنٍ متعب، أم دفاعاً عن حربٍ تُوقَد نيرانها بلا حكمة.

    ولأنّ الحرب ليست سلاحاً فقط بل قراراً، فإن ما تعلّق بمواقف الحركة الإسلامية من تعنّتٍ ورفض لإيقاف القتال كان كاليد التي تدفع البلاد إلى المنحدر، وتُلزم الجنود بما يفوق قدرتهم على الصبر والاحتمال. فالتصلّب في المواقف، وإغلاق كل بوابة للصلح، جعلا الجبهة الأمامية تتحمّل وزر السياسة بوجهها القذر، حتى صار الجندي بين مطرقة القتال وسندان الشك: هل يقاتل من أجل وطنٍ يبحث عن سلام، أم من أجل جماعةٍ لا ترتوي من الدماء؟

    من هنا يصبح الفرق بين القانون والإنسان واضحاً. فالجندي الذي هرب قد أخطأ أمام النصوص القانونية، لكنه لم يخطئ وحده أمام الحقيقة. فالنص العسكري يحاسبه، لكن الواقع يحاسب من زجّ به في معركة بلا أفق ولا تعريف ولا معنى، في حرب لا يرى لها نهاية إلا الخراب. قد تهرب الأقدام، نعم، لكن قبلها تهرب الروح حين تُثقلها السياسة، وحين تُدار المعارك كأنها قدرٌ نافذ لا يُراجع ولا يُسأل.

    ومن غرابة المشهد أن تستقبل سلطات بورتسودان أولئك الفارّين من وهج السلاح كما لو أنهم عادوا من انتصارٍ مؤزّر، لا من هروبٍ طواه الخوف والخذلان. تُصافحهم الأكفّ وتُغضّ الأبصار عمّا كان يجب أن يُسألوا عنه: كيف انفرط عقد قلوبهم على جبهات النار؟ ولماذا تركوا ساحة القتال خلفهم تشتعل بلا ظلالهم؟

    ورغم ذلك، يُطلى جرح الهزيمة بدهانٍ سريع، ثم يُدفع بهؤلاء المنهكين نفسياً مرّة أخرى إلى خطوط موت تستنزف ما تبقّى في صدورهم من نبض. كأنّ السلطة الكيزانية الفلولية المولية الدبر تظن أن النتائج ستتبدّل لمجرّد أنها أعادت تدوير المأساة ذاتها، ناسِيةً أنّ الجندي لا يقاتل بالسلاح وحده، بل بالقناعة… فإذا انطفأت، انطفأ معها كل شيء.

    وقد قالت حكمة أهلنا منذ زمن بعيد: “ما في دواس بدون غبينة”. فبأي غبينة يُدفع الجندي السوداني اليوم إلى سوق الموت؟ أهو يقاتل لأجل كرامة جماعةٍ تدّعي الإسلام وقد سقط وهجها أمام سلمية شباب ثورة ديسمبر المجيدة، أم يقاتل لتُفتح أبواب السلطة من جديد أمام من أثقلوا البلاد بالفساد؟ حين تغيب القضية، يتوه “الكلاش” قبل أن يلوّح به صاحبه.

    ولأنّ البلاد لم تعد تحتمل المزيد، فإنّ الدعوة للسلام هي الطريق الذي يعيد للجندي قلبه ولأقدامه ثباتها، وللوطن روحه. السلامُ ليس استسلاماً، بل وقفة تقول: “كفى”. لحظة يعود فيها الجندي إنساناً، ويرى سلاحه وسيلة حماية لا ظلاً دائماً فوق حياته. لحظة يحتاج فيها الوطن أن يطوي صفحة الدم ويفتح أخرى تُكتب بالحكمة لا بالعناد.

    اتركوا هجليج تُطفئ جمرها وحدها؛ فقد صارت صفحة مطوية في دفتر الزمن. ركّزوا مع جنود الدلنج وكادوقلي والأبيض، ومع المناطق التي تزحف إليها الظلال الثقيلة. لا تتركوهم يسقطون في الخديعة ذاتها، ولا تسمحوا أن يتكرر فيهم طعم الفقد حين تتكسر المعارك على كتوفٍ أنهكتها الوعود. فجنوب السودان لم يعد يحتمل وقع الخطى الثقيلة، ولا صدى الزائرين الذين لم يأتوا بهم الود، بل ساقهم إليها عصف الحرب.

    إن السودان، وهو يمضي بخطى متعبة في دروبٍ أنهكتها الحروب، يستحق أن تُضاء طرقاته ببصيرة جديدة، وأن يسمع صوتاً أعلى من صخب المدافع: صوت سلام يعيد ترتيب الفوضى، ويلملم شتات العسكر والمدنيين معاً. فما من وطن ينهض تحت رايات التعنت والأمنيات التي تقودها الرغبات، ولا من جيش يستقيم أداؤه في ظلّ حرب لا يعرف لماذا تُخاض ولا إلى أين تمضي، ولأي منطق تخضع؟ فالجندي يدرك، في داخله المتعب، أن لكل لعبة نهاية موقوتة، إلا لعبة الموت التي يراهن فيها بحياته، وقد يتطاول أوان صفّارة. ختامها.

    الصادق حمدين
    [email protected]
    Sent from Outlook for iOS























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de