ماذا يحدث في مشروع الجزيرة؟ انتخابات نزيهة تُعيد صوت المزارع… أم عملية نهب منظّم واستيطان جديد على حقوق الناس؟
📝 أواب عزام البوشي
ها هو مشروع الجزيرة يُساق اليوم إلى المذبح مرة أخرى… لكن ليس بسلاح جديد، بل بنفس الخنجر الصدئ الذي طحنه النظام البائد لثلاثين عامًا. ما يجري هناك ليس انتخابات، وليس تنظيمًا، وليس حتى مسرحية رديئة. ما يجري عملية نهب وقحة تُنفَّذ في وضح النهار، واستيطان سياسي فاضح فوق حقوق المزارعين الذين شُرّدوا ودُمِّرت حياتهم بسبب نفس العصابة التي تريد أن تلبس ثوب “الشرعية” اليوم. هذه “الانتخابات” جاءت في اللحظة الأكثر ظلمًا … لحظة يعلم فيها الجميع أن آلاف المزارعين ما زالوا خارج السودان، لآجئين، متروكين للقدر، وأن الفراغ المتعمد في الجزيرة فرصة ذهبية لـ جهة واحدة فقط: الجهة التي لا تعيش إلا في الخراب، ولا تنمو إلا وسط الفوضى، ولا تحكم إلا إذا كانت الدولة منهكة والمواطن مقهور. الطرف الذي يقف خلف هذا العبث ليس مجهولًا. الكل يعرفه. هو نفس الطرف الذي قتل المشروع من قبل، باعه خردة، ودفن ريادته، وترك المزارع في الفقر وهو يجني مليارات. هو نفس الطرف الذي جلس فوق 30 سنة ولم يُصلح ترس ري ولا قنطرة واحدة، ثم يعود اليوم ليقول: “نحن جايين ننظم”. تنظّم شنو؟ المشروع القتلتو؟ الأرض التي جففتوها؟ حقوق الناس التي سرقتوها؟! ولأنهم يعرفون أنهم مكشوفون، وأن لا أحد يثق فيهم، لجأوا إلى أسلوبهم الحقيقي: الكراهية… السُمّ الذي أفلحوا فيه دائمًا. بدأوا ببث الإشاعات، وتمزيق المجتمع الزراعي، شيطنة المنافسين، تخوين كل من يعترض… فقط لتهيئة المسرح لهم وحدهم. هذه ليست انتخابات، هذا تمهيد لعودة عصابة لا تحسن شيئًا سوى التدمير. وليس غريبًا أن عددًا من الأحزاب الوطنية خرجت ببيانات صريحة ترفض هذه المهزلة. لأن الكل يرى ما يجري: انتخابات تُجرى فوق جثث النزوح، في بلد محروق، وفي مشروع تم تدميره عمدًا، وبأيدٍ تريد “شرعنة” وجودها قبل أن يعود الناس إلى أرضهم. إن ما يحدث في الجزيرة اليوم ليس حدثًا عابرًا… إنه استعمار داخلي جديد، تحاول فيه فلول النظام البائد أن تصنع مستوطنة سياسية داخل أكبر مشروع زراعي في إفريقيا. يريدون مجلسًا بلا مزارعين… سلطة بلا شرعية… وقرارًا بلا أهل الأرض. فليعلموا: لن تُعيدكم صناديق مُعلّبة ولا انتخابات على أنقاض الناس. هذه ليست ثورة صناديق… هذه فضيحة صناديق. والسؤال الذي يجب أن يُطرح بصوتٍ جهوري: هل هذه انتخابات… أم أكبر عملية سطو منظم منذ أن بدأت الحرب؟ الجواب يعرفه كل من شمّ ريحة المشروع يوم كان حقيقيًا: ما يجري الآن اغتصاب سياسي كامل الأركان… ولا علاقة له بحقوق المزارعين ولا بإرادتهم.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة