تشهد منطقة القرن الإفريقي تصاعدًا في حدّة التوتر بين جارتين متنازعتين: إريتريا وإثيوبيا، في مشهد يشي بأن شرق أفريقيا يقف على مفترق طرق محفوف بالمخاطر في قلب هذا المشهد، يأتي القلق السعودي المتزايد من احتمالات انزلاق التوتر إلى مواجهات مسلحة مباشرة، خاصة بعد زيارة الرئيس الإريتري أسياس أفورقي إلى المملكة العربية السعودية، في وقت تتشابك فيه التداعيات الإقليمية مع الحرب المستمرة داخل السودان. توازن هش… الحرب ليست مرجّحة لكنها ممكنة صحيح أن احتمالات اندلاع حرب واسعة بين أسمرا وأديس أبابا لا تبدو السيناريو الأكثر ترجيحًا في اللحظة الراهنة، لكن الحالة الراهنة من “المضاغطة” السياسية–العسكرية تحمل في طياتها بذور انفجار محتمل. فهناك قوى إقليمية قد ترى في هذه اللحظة فرصة لإحداث تغيير في النظامين، خاصة في ظل- التوترات الداخلية في إثيوبيا، توتر العلاقة بين القيادة الإثيوبية وأطراف محلية رشحت خصومًا، أتهامات متبادلة بدعم جماعات مسلحة، تدخلات خارجة عن السيطرة في المسارات السياسية وفي هذا الإطار، لا يمكن إغفال أن أي غضب عسكري بين البلدين يمكن أن يشعل بحرًا من المشاكل في المنطقة بأكملها لماذا السعودية؟… الزيارة ورسائلها زيارة أفورقي إلى الرياض لم تكن عابرة. فهي تأتي وسط مؤشرات واضحة على رغبة سعودية في احتواء التصعيد المحتمل، ومنع تدهور الوضع نحو المواجهة، لما لذلك من تداعيات مباشرة على أمن البحر الأحمر والمضيق والاستقرار الإقليمي كما أن الأنباء المتداولة حول دعوة سعودية موجهة لقائد الجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان لزيارة المملكة، تعبّر عن اتجاه سعودي لإشراك الخرطوم في جهود الوساطة أو التهدئة، في ظل المخاطر المشتركة التي تحملها هذه التطورات ليس فقط لأمن دول القرن الإفريقي، بل أيضًا لـ السودان وسلامته الإقليمية السودان… الحلقة الأضعف في المشهد في حالة اندلاع صراع بين أسمرا وأديس أبابا، سيجد السودان نفسه في قلب العاصفة الجبهة الشرقية… مسرح محتمل للصراع الحدود بين السودان وإثيوبيا تعد من أخطر النقاط إذا تحولت المواجهات نحو عفار، إذ ستكون المناطق الحدودية في السودان—خاصة شرق البلاد—معرضة مباشرة لارتدادات الصراع، جنبًا إلى جنب مع احتمالات تدخل قوى سودانية مستغلة الظروف أو نقل عناصر عبر الحدود البحر الأحمر… تهديد للممر الحيوي تصاعد الصراع صوب ميناء عصب أو مصوع الإريتريين قد يؤدي إلى تعطيل حركة الملاحة في البحر الأحمر، ومعها تأثير مباشر على ميناء بورتسودان؛ المنفذ البحري الحيوي للسودان، خاصة في ظل الحرب الداخلية المستمرة التي تعصف بالاقتصاد وتقولب الاحتياجات الإنسانية موجات نزوح وتدهور إنساني السودان الذي يعاني بالفعل من أعلى معدلات النزوح الداخلي عالميًا، قد يشهد موجات نزوح جديدة من المناطق الحدودية باتجاه الداخل، ما يزيد من هشاشة الوضع الإنساني ويثقل كاهل الخدمات المتدهورة التحولات الإقليمية… بين النفوذ والطموح على الصعيد الأوسع، يصعب تجاهل السعي الإثيوبي نحو منفذ بحري—إعادة تعريف دور الدولة الحبيسة للبحر منذ انفصال إريتريا في 1993 وعلى الرغم من الإعلان عن حلول دبلوماسية، إلا أن هذا الملف يبقى متفجرًا، وقد يستثمر بعض المتنافسين الإقليميين من خلال - تحفيز النزاعات بين أسمرا وأديس أبابا استثمار الأزمات الداخلية الإثيوبية دعم أطراف محلية على حساب الاستقرار العام في المنطقة. في المقابل، تظل الرياض حريصة على عدم تحول البحر الأحمر إلى ساحة نزاع جديدة، واستخدامها الدبلوماسي المكثفبما في ذلك استضافة قادة الإقليم كوسيلة لضبط التوتر السودان يحتاج إلى استراتيجية استباقية في ظل هذه التطورات، يصبح من الضروري أن يعزز السودان موقفه الدبلوماسي، وأن يكون جزءًا فاعلاً في أي جهود وساطيةخصوصًا تلك التي تقودها السعودية. فالتهديد ليس محليًا فحسب، بل يمتد إلى الأمن الإقليمي والاقتصادي حيث يمكن للاضطرابات على الحدود أو في البحر أن تعيد تشكيل الحرب الداخلية، وتفاقم الأزمات القائمة
*القرن الإفريقي يعيش لحظة دقيقة، لا يحتمل فيها أي تهاون. التوتر بين إريتريا وإثيوبيا لا يهدد فقط أمن حدودهما، بل يلامس قلب الحرب السودانية في نقاط حرجة الحدود الشرقية،الموانئ البحرية،والمشهد الإنساني المؤلم السودان لا يملك رفاهية الابتعاد عن هذا السياق؛ فالتطورات في أسمرا وأديس أبابا يمكن أن “تדלّ النار” في حربه المستمرة، وتفتح جبهات جديدة لا طاقة له بها السعودية وأطراف أخرى تدرك حجم الخطر. والوقت لا يزال للإدارة السياسية لضبط هذه النزاعات قبل أن تتحول إلى أزمات أكبر بكثير عليها جميعًا.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة