في أكبر تجمع للمبدعين التشكيليين أمسية الثلاثاء ٩ ديسمبر ٢٠٢٥ لم يكن أحبار وريشة بقاعة جاليري المرخية بالحي الثقافي كتارا بل حركت الفنانة التشكيلية سعاد السالم مكامن الجمال والعشق واستدعت جماليات الارث والتراث القطري المعطر بالانسانية وروح العطاء الثقافي ونحن نتجول بين لوحات مخضبة بالريشة والالوان وكمال الروية لتحكي ليس من الخيال بل عن «حكايات تكتب نفسها»، قالت سعاد إن المعرض يأتي بوصفه رحلة بصرية عبر طبقات متعددة من الذاكرة الإنسانية والمكان والهوية، إذ تتنقل مجموعاته بين البيت، والجدار، والحكاية الشعبية، والتراث العربي، والمشاعر الإنسانية، والجُرح الفلسطيني لتقدّم قراءة شاملة للإنسان في علاقته بذاته وعلاقته بالآخر والعالم من حوله فما بال غزة الجريحة .
وعن فكرة المعرض الفني الذي جذب كوكبة من التشكيليين والمهتمين وتحلقوا في حلقات نقاشية كعرجون النخيل المتشابكة ، رسمتها السالم لإعادة اكتشاف العلاقة بين الإنسان وذاته ومكانه بوصفها علاقة مؤغلة في الوجدان ومتبادلة بالمشاعر تتجسم في مجموعة «هل نسكن البيوت أم تسكننا؟»سؤال محوري طرحته مبدعتنا وهي تحرك ريشتها المعطونة بالألوان و لم يفوت عنها إبراز دور المرأة كعنصر بناء وأمان وهوية كما في مجموعة «نساء تسكن الجدران» و»نجمة»، لإحياء الموروث الشعبي والتراث المحكي والمكتوب وتقديمه بلغة بصرية معاصرة، كما في «حمدة والفسيچرة» و «عقلاء المجانين»، بالإضافة إلى الغوص في النفس البشرية وفهم طبقاتها المتقلبة كما في «حالات».
نحن فعلا امام مدرسة متقنة ورسالة إيحائية لعصارة مشوار امتد لعشرين عامًا من البحث الوجداني والبصري. لأستكشف الأبعاد العميقة لمفهوم البيت ككائن يحتفظ بالأثر ليس هو فقط جدار صامت أما (نساء تسكن الجدران) فتعيد فيه ايقونة الفن والجمال قراءة لحضور المرأة كركيزة أمان تمنح المكان روحها وأنفاسها والاسرة كينونتها و (حمدة والفسيچرة) أستحضارا للذاكرة الشعبية القطرية الممزوجة بالخيال والبحر واللؤلؤ عشق الخليج ودوحة الخير في حين تأتي مجموعة (عقلاء المجانين) مستوحاة من مخطوط النيسابوري لتحوّل حكمة النص التراثي للوحة معاصرة. وفي (حالات) هي بذاتها مبدعتنا سعاد تغوص في الطبقات النفسية المتشابكة للإنسان، بينما تسلط (وين) الضوء على معاناة اهلنا بغزة بلغة بصرية صادقة. أما (نجمة) فهي احتفاء بالمرأة القطرية في البادية والساحل، مستعينة بمختارات شعرية لشاعرات قطريات لإضافة عمق ثقافي وإنساني.” .
ان المعرض الفني للفنانة سعاد الذي اشتمل اكثر من ستون لوحة مدرسة حياة متكاملة الأركان وسعاد من الرعيل الثاني للتشكيليين وتسنمت عدة وظائف وجابت العالم مشاركة بلوحاتها كإحدى صانعي الابداع القطري الثقافي ليس بالريشة والالوان بل رسالة ناطقة بالاخبار والأحوال والحكايات ومطعمة بالأنفاس الانسانية لتملأ النفوس طاقة إيجابية للحياة بكل جمالياتها حتى ولو انتقصتها بعض المسارب من هنا وهناك .. شكرا مبدعتنا السالم ولمزيد من تلوين الجدار بلوحات تسعد القلب وتحولها لاتكاءة إنسانية ملهمة للغد الاخضر .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة