ان كان هناك من قلب ظهر المجن على أرفع الجوائزسموا وأعلاها شأنا فهو بدون منازع الرئيس الأثيوبي أبي أحمد. اذ ان مشهد الرؤوس وهي تنحني وصدى الأكف وهي تشتعل بالتصفيق في قاعة مدينة أوسلو التي تتسع لألف شخص لازالت حية ساخنة في طوايا الذاكرة ..كان ذلك يوما مميزا من عام 2019 حينما اكتظت القاعة باكثر من الف مدعو جاءوا للاحتفاء به ..وقف بقامته المديدة في القاعة وخاطب المجتمع الدولي قائلا : I told my friend Assias Aforke that the problem between me and you is not a piece of land it’s poverty, illiteracy and disease (المشكلة بيني وبينك ليست قطعة أرض بل هي الجهل والفقر والمرض) ولأنه كان كلاما يذيب الحجر الأصم فان الذين صفقوا له لم يكونو دهماء او رجرجة جاءوا يستمعون غناء هابطا أوالمشاركة في ندوة من الجدل البيزنطي أشبة بأسطوانات مشروخة تتحدث الى نفسها بل حشد من العلماء معظمهم من حاملي الجائزة ..كان أبي أحمد يشير الى نزاع البلدين حول منطقة بادمي الحدودية وهو نزاع حدودي تاريخي على ملكية الأرض حسمته محكمة العدل الدولية لصالح أريتريا الا ان الرئيس الأثيوبي وقتها رفض الحكم وتقوى بسلاح الطيران وبسط سيطرته الكاملة على منطقة بادمي ولكن أبي أحمد جاء بمنهج جديد وهو ان السلام أفضل من الحرب فأنحنى لقرار المحكمة وأعاد الأرض الى أصحابها بابرام اتفاقية بالجزائر عام 2018 انتصارا لعلاقات الجواروهو السبب الذي برر منحه الجائزة ..وقتها قال العالم Win win الاتفاقية جيرت لصالح الجميع بديلا للحروب التي تأتي وبالا وخرابا ودمارا على الجميع الكاسب والرابح ..ولكن بحسابات الأرباح والمكاسب فقد وجدت أثيوبيا منفذا للخروج من عزلتها الجغرافية تمثل في ميناء مصوع بينما وجدت أريتريا منفذا من عزلتها السياسية فماذا حدث حتى ينقلب عاليها سافلها سيما وان البلدين كانا قد أبرما اتفاقا لتكوين جبهة متحدة لمحاربة جبهة تحرير التيجراي ؟ (2) تقول صحيفة فورين بوليسي تحت مانشيت (التوترات الأثيوبية الأريترية تثير مخاوف صراعات اقليمية جديدة) اذ ان حاجة أثيوبيا المعزولة بحريا منذ عام 1993 اي منذ استقلال أريتريا وبعد ثلاثون عاما من الصراع الدموي لمنفذ بحرى على البحر الأحمر يعتبر معركة بقاء أو فناء لدولة تجاوز عدد سكانها حاجز ال 120 مليون نسمة ومرشحة بأن يقفز الرقم الى 200 مليون في غضون 10 سنوات ولا يمكن أن ترهن مستقبلها لدولة لا يتجاوز عدد سكانها مليوني نسمة في اشارة لأريتريا حسب رؤية أبي أحمد الذي طالب بوساطة دولية لمساعدة بلاده لاستعادة المنفذ البحري سلما بديلا لميناء جيبوتي الذي يكلف الخزينة 2 مليار دولار سنويا وبالعدم فانه لا خيار أمامه سوى القوة العسكرية لاحتلال ميناء عصب مشيرا بأن أمر الاحتلال غير قابل للتفاوض حسب تصريحه . (3) النتيجة ان الرئيس الأثيوبي أعلن الحرب على اريتريا طاويا صفحة السلام ناعيا جائزة نوبل التي استلم بموجبها 900 الف دولار والتي لم تصمد سوى 6 سنوات لتصبح هشيما تزروها الرياح بتبادل الدولتان الاتهامات في الطريق نحو المواجهة العسكرية فكما يقولون فان الحرب أولها الكلام . اريتريا رفضت التهديد واتهمت أثيوبيا باعلان حرب غير مبررة عليها بل اتهمتها ببيعها برخص التراب بابرام اتفاقية مع العدو المشترك (الجبهة الشعبية للتغراي) في بريتوريا أما أثيوبيا فقد وجهت أصابع الاتهام لأريتريا بدعم قوة معارضة الجبهة الشعبية لتحرير التيغراي لاعادة صراع دموي ظل مندلعا بين المركز والأقاليم في الفترة بين 2020-2022 وتمدد الآن من اقليم التيغراي لاقليمي العفر وأمهرا .. الخلاصة ان منطقة الحدود أصبحت الآن منطقة عمليات بدأ عدها التنازلي للاشتعال بحشد البلدين منطقة الحدود بجيوش جرارة تحسبا لأي مواجهة بعد انتهاء اتفاقية استخدام ميناء بربرة الصومالي .اذا اندلعت الحرب فسوف تكون لها انعكاسات مروعة على كل منطقة القرن الأفريقي وهي بأصلها منطقة هشة بسبب تعقيدات الصراعات الاثنية سيما في أثيوبيا نفسها مع تقاطع المصالح الوطنية والأجنبية وتعدد القواعد العسكرية . (4) من المؤكد ان شرارة هذه الحرب التي يؤكد المراقبون بأن ساعة اشتعالها مجرد وقت ستطال السودان الذي تربطه علاقات جوار متوترة مع عصابات الشفتة التي تدعمها أثيوبيا ..خطورة فتح جبهة جديدة على السودان الذي فيه مايكفيه ورائها لاعب أساسي بمثابة (جوكر) الكوتشينة رغم انه لا ينتمي للمنطقة ولا حتى للقارة السمراء وهي دولة الأمارات المتواجدة في كل صراعات أفريقيا وتحديدا في منطقة القرن الأفريقي ابتداءا من بربرا أرض الصومال فضلا عن ليبيا (حفتر) وليس سرا أن تنضم اليها منطقة الفشقة السودانية التي يسيل لها لعاب الدولة الخليجية فكما وفرت الدينار والمسيرات الفتاكة لميليشيا الدعم السريع فليس من الصعب أن توفر السلاحين للجيش الأثيوبي لبسط سيطرته على المنطقة بعد ابادة سكانها من المزارعين السودانيين لاستثمار الأرض الخصبة مشاركة مع أثيوبيا سيما فان المغريات كثيرة من بلد حباه الله بنعم طبيعية ولكن تسوطه مظاهر الفوضى وعدم الاستقرار وتتآكل اطرافه وتتقلص مساحاته بتدخلات الجيران مع عالم يتفرج دون اكتراث وبالذات حينما يكون جيب المعتدي من الوزن الثقيل والدليل أنه بكثرة ما يسمع ويشاهد بالأدلة القاطعة وصور الأقمار الصناعية خطورة أسلحة الامارات المتطورة التي تستخدمها العصابات لسفك دماء المدنيين العزل فان ردود الأفعال من المجتمع الدولي دائما لا تتجاوز استنكارات باهتة وعلى استحياء للجرائم التي يندى لها الجبين مما يؤكد ان العصابات المتوحشة تجد دائما تطمينات وضمانات بأن التهديدات ماهي الا سحابة صيف أو زبد بحر يذهب جفاء .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة