شهادة الأستاذ طه عثمان اسحق حول الجهود التي بُذلت حتى اللحظات الأخيرة قبل اندلاع الحرب، من أجل نزع فتيل مؤامرة إشعال الحرب، وتقريب وجهات النظر بين الفرقاء، يثبت أنّ جهود هؤلاء المخلصين كان يمكن أن تثمر في تجنيب هذه البلاد الثمن الفادح الذي دفعه الأبرياء من دمهم وممتلكاتهم، ويجنب هذه البلاد هذه الفتنة التي توشك على تدمير كل شيء، ودفع أجزاء أخرى من بلادنا للانفصال عن الوطن الأم. كان يمكن لتلك الجهود المخلصة التي قطعت شوطا كبيرا في تقريب وجهات النظر بين تلك الأطراف، كان يمكن لها أن تتجنب الكارثة التي حلّت ببلادنا. لولا أنّ الثورة المضادة التي لم تكن حتى تخفي جهودها المعلنة لإفشال الاتفاق، ودفع الأطراف نحو الحرب كبديل عن فشل الانقلاب، وكحل أخير لإفشال الاتفاق الاطاري الذي كان تطبيقه كفيلا بالعودة الى مسار الثورة وتصفية النظام القديم. لم يعد سرا أنّ هناك جهة واحدة هي المؤتمر الوطني (او الحركة الإسلامية) هي التي تحرص على استمرار هذه الحرب، بعد أن نجحت في اشعال نيرانها، التي يكتوي بها كل أهل بلادنا، مئات آلاف الضحايا من المدنيين، آلاف الأطفال تحصدهم آلة الموت، ومن لم يمت بالقصف العشوائي وقصف المسيّرات، يموت بالجوع والأوبئة وانعدام الرعاية الصحية. بلادنا في مفترق طرق، اما أن تتوقف هذه الحرب، واما الانجراف نحو مزيد من الانقسام والتشرذم. استمرار الحرب يعني استمرار معاناة المدنيين في كل انحاء بلادنا، حتى تلك المناطق التي يسود فيها أمان نسبي، يعاني فيها الناس من آثار الحرب، من غلاء وانعدام وسائل الرزق وانهيار للمنظومات الصحية والتعليمية. النازحون داخل وخارج البلاد يعانون من انعدام الموارد والغلاء والرسوم الباهظة، وانعدام سبل كسب العيش وضياع مستقبل الأطفال. الولاية الشمالية كمثال للمناطق التي تشهد أمانا نسبيا، بدأ فيها الموسم الشتوي وهو عصب الحياة في تلك الولاية. حيث زراعة القمح وغيرها من المحاصيل. مع بداية الموسم تأثّر الامداد الكهربائي نتيجة استهداف المحوّلات، ما أدى لتذبذب الامداد في وقت حرج للغاية. لجأ الكثيرون للطاقة الشمسية كبديل لا شك انه يمثل مصدرا مهما للطاقة النظيفة، ويساهم في استقرار الامداد الكهربائي خاصة في مناطق الإنتاج التي لا تحتمل عدم استقرار الكهرباء. لكن لا يزال الكثيرون غير قادرين على تحمل تكلفة الحصول على وحدات الطاقة الشمسية. كما أنّ زراعة مساحات واسعة يحتاج في الغالب لأن يستمر العمل في ري المزروعات لساعات أطول بعد غروب الشمس، وهو بالطبع لا يمكن مع استخدام الطاقة الشمسية، الا في حال توفر بطاريات لتخزين الطاقة، وهي باهظة الثمن وليست في متناول الكثيرين. في حال استقرار البلاد يمكن أن تدعم الحكومات المنتجين بتوفير كل مستلزمات استخدام الطاقة الشمسية، بصورة تغني المنتجين عن آثار عدم استقرار الامداد، وتوفر لهم مصدرا لطاقة نظيفة وزهيدة التكلفة. لكن يبقى السلام هو الضامن الوحيد لنجاح المواسم الزراعية، ولضمان بقاء هذه البلاد موحدة، ووقف الانتهاكات التي تقع بحق المدنيين الأبرياء، وليعود الأطفال في كل انحاء بلادنا الى مدارسهم. لا سبيل سوى بوقف الحرب واستبعاد أطرافها من اية تسوية مستقبلية، تضمن فقط عودة المدنيين من أبناء هذه البلاد المخلصين. حكومة مدنية تعمل على مداواة الجراح في نسيج بلادنا الاجتماعي التي خلّفتها هذه الفتنة. تُطبق القوانين التي تضمن محاسبة كل من اجرم في حق مواطني هذه البلاد خلال هذه الحرب، وتحقق في أسباب اندلاعها وتحاسب كل الأطراف المتورطة في الانتهاكات. وتقدم التعويضات للضحايا، وتعيد تأهيل البنيات التحتية التي تأثرت بالحرب. و تضع خططا للتنمية المتوازنة التي توفر الحياة الكريمة لفقراء شعبنا، وتضمن عدم تجدد الحروب والكوارث في هذه البلاد. #لا_للحرب
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة