من أجل وطن بلا قبلية كتبه الطيب محمد جادة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 11-27-2025, 06:00 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-27-2025, 02:37 PM

الطيب محمد جاده
<aالطيب محمد جاده
تاريخ التسجيل: 03-11-2017
مجموع المشاركات: 474

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
من أجل وطن بلا قبلية كتبه الطيب محمد جادة

    02:37 PM November, 27 2025

    سودانيز اون لاين
    الطيب محمد جاده-السودان
    مكتبتى
    رابط مختصر




    الطيب محمد جادة
    صحفي مستقل

    تعدّ القبلية والجهوية أحد أكثر التحديات تعقيداً في تاريخ السودان الحديث، فهي ليست مجرد ظاهرة اجتماعية عابرة، بل إرث طويل تداخلت فيه السياسة بالاجتماع، والتاريخ بالواقع اليومي، حتى أصبحت جزءاً من البنية الذهنية التي تتحكم في نظرة الإنسان للآخر، وفي توزيع الفرص، وفي شكل الولاءات والانقسامات داخل المجتمع. وعلى الرغم من أن السودان بلد واسع ومتعدد الأعراق والثقافات واللغات، فإن هذا التنوع الذي كان يجب أن يكون مصدر قوة تحول في كثير من الأحيان إلى ساحة صراع هوياتي، بسبب سوء الإدارة، وافتقار الدولة إلى مشروع وطني جامع، وغياب العدالة بين الأقاليم.
    منذ عقود، ظلت الجغرافيا تُحدِّد مصير الأفراد والفرص المتاحة لهم. فقد نشأت فجوات تنموية واضحة بين المركز والأطراف، مما خلق شعوراً بالتهميش لدى البعض، وشعوراً بالتفوق لدى آخرين. وساهم هذا الخلل في تعزيز العصبية الجهوية والقبلية، حيث أصبح الانتماء للجغرافيا أحياناً أهم من الانتماء للوطن. في المقابل، استثمرت الأنظمة السياسية المتعاقبة في هذه الانقسامات، فشجّعت بعضها واستغلت بعضها الآخر، لتضمن السيطرة على السلطة، ولتُبقي المجتمع في حالة انشغال داخلي دائم، بدلاً من أن يتجه نحو بناء دولة وطنية حديثة.
    اليوم، ومع ما يمر به السودان من تحديات غير مسبوقة، باتت مخاطر القبلية والعنصرية أكثر وضوحاً من أي وقت مضى. إذ صارت هذه العصبيات تهدد السلم الاجتماعي، وتفكك النسيج الوطني، وتغذي الصراعات المسلحة، وتعيق أي محاولة لقيام دولة عادلة. فالحروب التي شهدتها البلاد، سواء في دارفور أو جبال النوبة أو جنوب النيل الأزرق أو حتى في الخرطوم نفسها، لم تكن مجرد خلافات سياسية، بل ارتبط بعضها بنزعات إثنية وعنصرية وظّفتها أطراف عدة لتأجيج الصراع وإطالة أمده.
    وإذا تأملنا الواقع السوداني نجد أن القبلية لا تظهر فقط في النزاعات الكبرى، بل تتجلى في تفاصيل الحياة اليومية: في الوظائف، في التعيينات العامة، في تعامل الناس مع بعضهم البعض، وحتى في الخطاب الاجتماعي. فبعض أبناء القبائل يُنظر إليهم كأصحاب امتيازات تاريخية، بينما يُعامل آخرون وكأنهم مواطنون من الدرجة الثانية. وعلى الرغم من أن الكثير من السودانيين يدركون خطورة هذا الوضع، ويعبّرون عن رفضهم له، إلا أن الخطاب القبلي لا يزال يطفو على السطح كلما احتدم الخلاف السياسي أو الأمني.
    ومع أن القبلية في السودان ليست كلها شراً؛ فهي تحمل في جانبها الإيجابي روابط اجتماعية متينة، وتقاليد إنسانية نبيلة، إلا أن المشكلة تكمن في تحوّل هذه الروابط إلى أدوات إقصاء وتمييز، وفي تغليب الولاء للقبيلة على الولاء للوطن. إن السودان، بتنوعه الكبير، لا يمكن أن يُحكم أو يُبنى على أساس قبلي؛ لأنه ببساطة أكبر من أي قبيلة وأغنى من أن يُختزل في هوية واحدة.
    ولكي نتجاوز هذه الأزمة، لا يكفي مجرد رفع الشعارات أو الوعظ الأخلاقي. فالتغيير الحقيقي يبدأ من الاعتراف بأن المشكلة عميقة الجذور، وأن علاجها يتطلب إصلاحاً سياسياً واجتماعياً وثقافياً شاملاً. أول خطوة يجب أن تكون في إرساء دولة المواطنة، التي لا تميّز بين مواطنيها على أساس العرق أو القبيلة أو الجهة، بل تُعامل الجميع بميزان واحد من العدالة. ولا يمكن لدولة المواطنة أن تتحقق دون نظام إداري عادل يضمن توزيع الموارد والتنمية بشكل متوازن، ويعطي لكل إقليم حقه دون محاباة أو تهميش.
    كما أن الإعلام والتعليم يلعبان دوراً محورياً في مواجهة خطاب الكراهية. فبدلاً من أن تُكرَّس بعض المنابر لتأجيج الانقسامات، يجب أن تتحول إلى أدوات توعية وطنية، تُبرز القيم المشتركة، وتُعرّف بالأدوار التاريخية لكل مكونات السودان. في المقابل، ينبغي للمناهج التعليمية أن تُعيد تشكيل فهم الأجيال الجديدة للهويات المتعددة في البلاد، بحيث يتعلم الطفل منذ الصغر أن انتماءه للقبيلة جزء من هويته، لكنه ليس بديلاً عن انتمائه للوطن.
    كذلك تحتاج القيادات المجتمعية والدينية إلى لعب دور أكثر حكمة في نزع فتيل التوترات، وفي ترسيخ ثقافة التعايش. فالكثير من النزاعات في السودان يمكن احتواؤها لو توفرت قيادة مجتمعية واعية تدرك أن مستقبل أبناء القبائل مرهون بمستقبل السودان نفسه، وأن انهيار الدولة لن يُبقي مظلة تحتمي بها أي جماعة مهما كانت قوتها.
    إن بناء وطن بلا قبلية ليس حلماً مستحيلاً، بل مشروع قابل للتحقق إذا توفرت الإرادة السياسية والتوافق المجتمعي. السودان بلد غني بتنوعه، وفي هذا التنوع تكمن قوته ومكانته. وما يحتاجه السودانيون اليوم هو إعادة اكتشاف هذا التنوع بوصفه عنصر وحدة لا عنصر فرقة. فالوطن الذي نحلم به هو وطن يتساوى فيه الجميع، ويجد كل مواطن فيه مكانه دون أن يُسأل: من أي قبيلة أنت؟ أو من أي جهة جئت؟
    إن التحديات كبيرة، لكن الأمل أكبر. ومن رحم المعاناة التي عاشها السودان يمكن أن يولد مشروع وطني جديد، يضع القبلية في مكانها الطبيعي كتراث اجتماعي جميل، لا كقيد يمنع التقدم. فالسودان يستحق مستقبلاً مختلفاً، ومستقبلاً كهذا يبدأ من فكرة واحدة: وطن بلا قبلية.























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de