ما قلت لمنتم لقحت ومستجداتها أنكم اضعتم الثورة حتى قال ما اضعناها، ولكن كنا الشريك الضعيف الذي خلت يده من السلاح. وهذا عذر ذميم يريدون به أن يطووا به صفحة حسابهم على نكستهم على دائر الوطن. لم تكن حراسة الثورة مما لا يتم إلا بالسلاح. كان تمامه في الوعي بأنك تتعامل مع ثورة مضادة خرجت لك في ثياب "الانحياز" ستقعد كل مقعد تستضعفك وتهينك وتقطع دلاقينك حتى تتخلص منك في توقيتها المناسب: 25 أكتوبر 2021. كان أكثر المطلوب أن تكون على أمشاطك ساهراً لا تقبل الدنية في ثورتك بدلاً عن بله أن العسكريين حلفاء موثوق بهم لإنجاز المرحلة الانتقالية كما لم يحدث في أفريقيا من قبل. لم أكن ممن أعتقد في الخلاص من الإنقاذ بالثورة لا شفقة بالإنقاذ، بل لأني لم أر في قيادة معارضتها من ملأ عيني لإدارة ما بعدها محسناً ذا عزائم. وعرفوا عن ذلك وسلقوني بألسنة حداد، ولكن ما وقعت الثورة قلت "جات من الله" فهذه دمدمته المعلومة. وصارت مهمتي مزدوجة وهي أن أحمي الثورة من زعمائها ومن خصومها معاً. أنشر هنا مقالين نبهت فيهما باكراً، وقبل تكوين الحكومة الانتقالية، إلى لعب العسكريين بذيلهم واستفرادهم بقرارات مما تعودوه في نظمهم الديكتاتورية وكأن الثورة "فاصل ونواصل". ففصلوا وزير الخارجية المكلف والنائب العام من بعده ظلماً وعدواناً. وقشة ما عترتهم سوى مما ستقرأ أدناه. وظل ذلك الديدن: يجرؤ العسكريون على ابتذال أدق معاني الثورة وقحت "تتزاخر" حتى جاءت إلى جرف هار. وبردلب. تغير الزمن. وبعض هؤلاء العسكريين ممن ذكرت حلفائي في هذه الحرب وفدائيتهم موضع إشادتي. ولكن لن نكسب هذه الحرب ضد الدعم السريع إذا ما استنامت قحت لخرافة أن دولتها سقطت لأن شريكها امتلك السلاح بينما كانت خلواً منها. سقطتم لأنكم لم تحرسوا الثورة وهي حراسة لم تحتج إلى سلاح. لقد اسقطتم نظام الإنقاذ المكين "سلمية سلمية" فلم احتاج شل يد العسكريين وشكمهم في الثورة إلى سلاح. تحتاج قحت إلى نظر طويل في مرآة خيبتها في الحكم. وبدون ذلك ستزعجنا بالعبارة الماسخة المحتالة "فشلنا وأدمنا الفشل" بتاعة فنلتك. عن إعفاء وزير الخارجية المكلف بدر الدين عبد الله محمد أحمد: مو بشارة انزعجت لخبر إعفاء المجلس العسكري للسفير بدر الدين عبد الله محمد أحمد وزير الخارجية المكلف من منصبه كوكيل لوزارة الخارجية. فبدا لي هذا الإعفاء الأول لموظف خلال تأدية عمله المكلف به من المجلس إيجازيا ناجزاً دبغتنا فظاظته من نظم عسكرية طالت واستطالت في الوطن. بدا لي ك"مو بشارة" لما ينتظرنا متى لم نكفل لموظف الخدمة العامة حماية تقيه شرور المباغتة بالفصل. وودت لو توافر لنا بيان أفضل من المجلس عن ملابسات إعداد الخارجية لزيارة الوفد القطري للسودان التي تسببت في فصل الوزير المكلف. مثلاً: في أي طور كان هذا الإعداد للزيارة؟ هل كانت في طور اليرقة أم الشرنقة؟ وما هي الأعراف المرعية في تبليغ الجهة السيادية بمثل طلب زيارة كهذه؟ هل تأخرت الخارجية في التبليغ في الوقت المقطوع للتبليغ أم أنها لم تستوف ذلك الوقت؟ وسببي لطلب مثل هذا البيان من المجلس أنه ربما غير متاح لمثل السفير أن يدلي بجانبه من القصة في الظروف الشاقة التي تمر بها بلادنا التي يتحرج المرء من جعل نفسه موضوعاً. والحصة وطن. ورغبت في مثل هذا البيان الوافي يصدر من المجلس لأن التصريح الموجز للمجلس غامض نوعاً ما. فلم يكتف بقوله إن الوزير المكلف رتب لزيارة بغير تخويل منه، بل أن بيان الخارجية عن الزيارة لم يعبر عن "الموقف الرسمي للمجلس الانتقالي". وإذا فهمنا بيسر التقصير البروتكولي للخارجية فقد يصعب علينا فهم كيف لم يعبر الإعداد للزيارة عن الموقف الرسمي للمجلس. صك تعيين موظف الخدمة العامة وفصله جزافاً أسماعنا لأكثر من نصف قرن تحت حكومات ديكتاتورية من الستين واثنين عاماً من استقلالنا. وتفاءلنا بأننا نبدأ بالثورة هذه عهداً لا يظلم عندها أحد. أما كان يغنينا مثلاً مؤاخذة السفير بدر الدين والطلب منه تصحيح الموقف كما بوسع دبلوماسي في مقامه فعله بغير عناء؟ أرجو أن يثبتنا المجلس عند هذا التفاؤل، وأن ينزع عنه عادة المباغتة، ويصبر على أداء مرؤوسيه إلى يومه بافتراض المهنية فيهم والوطنية وحسن النية. وسيكون المقال الثاني عن إعفاء المجلس العسكري لمولانا الوليد سيد احمد النائب العام المكلف الذي لا أعرف إن تذكر واقعته أحد.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة