التصريحات التي صدرت عن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب عن السودان خلال زيارة الامير محمد بن سلمان للبيت الابيض لا تليق بأي موظف رسمي رفيع في اي دولة، ناهيك عن ان يكون رئيسا، اما ان تصدر عن رئيس (اقوى دولة في العالم) فهذا امر مخزي بجميع المقاييس، ذلك لان هذه الدولة (العظمى) لها وزارة خارجية مفترض انها علي درجة عالية من الكفاءة، لها انتشار عبر السفارات في جميع دول العالم تقريبا، وكان لها سفارة من اكبر السفارات الامريكية في الخارج في ذلك المكان الذي (يسمى السودان Place called Sudan ). لها اجهزة مخابرات ترصد دبيب النمل حتي في اصغر ( الاماكن)، مما لا يغيب عليها مكان مترامي الأطراف له موقع استراتيجي غاية في التميز وبها ثروات كان جدير بشخص مولع بالمكاسب التجارية والصفقات الترليونية، ان يسيل لعابه عليها، اذا كان فعلا مهتما بالاستثمارات التنموية المجدية، بدلا من الشغف بالاموال والاصول السائلة التي يدرها اقتصاد البترو دولار السوقي. بلد له وزارة خارجية تمنع السودانيين من السفر الي بلاده بأمر تنفيذي منه، وله مجالس نيابية ووزارة خزانة تصدر عقوبات متسلسلة علي السودان وحكام وساسة من ذلك (المكان) ويدفع ثمنها شعب مغلوب يعيش هناك. يبدو ان المستر الملياردير الذي يرأس ادارة من الاوليغارشية المالية لم يعرف ان هناك شخص اسمه (اسامة بن لادن) كان يعيش في ذلك المكان، وان هناك نظاما استولى على الحكم في العام 1989 بانقلاب ضد حكومة منتخبة ديمقراطيا، ذلك النظام قد استدعى عشرات من قادة الجماعات (الاسلامية) وغيرهم مثل كارلوس. من المصنفين ارهابيين حسب المعايير الامريكية الي ذلك ( المكان)، مما استدعى فرض عقوبات علي ما (يسمى السودان) ووضعه على قائمة الدول وليس (الاماكن) الراعية للأرهاب. كما ان سيادة رئيس الدولة العظمى لم يسمع بالمدمرة كول ولا بتفجير سفارات بلاده في شرق افريقيا ( لا داعي لذكر الدول حتى لا تلتبس الاماكن) مما ادى لفرض عقوبات بأمر تنفيذي لرئيس سابق اسمه بيل كلينتون، في العام 1997 صدر بموجبه حظر تجاري شامل على ذلك المكان وتجميد اصول واخراج السودان من نظام المقاصة المصرفية الدولي بالدولار المعروف ب SWIFT، استمرت تلك العقوبات الاقتصادية والمالية والتجارية الي ما بعد ثورة ديسمبر 2018, ولم ترفع الى ان دفع الشعب السوداني من (دم قلبه وعرق جبين شعبه) 335 مليون دولار لخزينة اغنى دولة في العالم، وبموجب ذلك تم رفع اسم (المكان) الذى يسمى السودان من قائمة الدول الراعية للأرهاب في العام 2020, الامر الذي عطل اي (اصلاح) اقتصادي ورفع من معدلات التضخم وزاد من معاناة المواطنين، وقد استغل ذلك خير استغلال في تعطيل مسار الثورة، التي اجزم بان امريكا لم تريد لها ان تحقق اهدافها في السلام والحرية والعدالة والانتقال السلمى الديمقراطي لاسباب جيوسياسية. بالتأكيد ان السيد ترمب ليس من المهتمين بالارث الانساني والحضاري والثقافي والتاريخي لشعوب ذلك المكان المنهك المبتلى بعدم الرشد السياسي الموبؤ بفساد الحكام والاطماع الاقليمية والدولية في ثرواته، كما انه غير معني بزعماء له او بمثقفين واكاديمين وعلماء وفنانين ومبدعين، ولا بعشرات الالاف من الامريكين باصول سودانية، لان جميع ذلك لا يجلب الترليونات ولا المليارات ولا الهدايا والعطايا الفخيمة، التي تستدعى المدح بشكل يتواضع امامه شعراء (عكاظ). بالطبع السيد ترمب غير معني بملاين الضحايا الذين سقطوا في الحروب الاهلية في ( Place called Sudan) سواء في جنوبه الذي انفصل بدعم مباشر من بلده او في دارفور منذ العام 2003 ، او في جنوب النيل الازرق وجنوب كردفان، غير ضحايا الحكم العسكري والاسلاموي الديكتاتوري في جميع انحاء السودان، لان شعوب مثل هذه الاماكن لا تقع ضمن حساباته المترفة البازخة.
عموما اي سلام في السودان يتطلب اولا وقف هذه الحرب اللعينة واغاثة حوالي 30 مليون انسان في حوجة لعون غذائي وطبي عاجل، ومن ثم فتح مسار مدني لحوار سوداني/ سوداني بدعم ورعاية اقليمية ودولية يفضي الي حكم مدني انتقالي، يؤسس لدولة بمقومات الدول الحديثة ويحقق سلام مستدام ينهي جذور أسباب الظلم والتهميش المسببة للحروب، وان يبعد تمامآ اطراف الحرب ومشعليها ومن تسبب فيها عن الحكم، بعيدا عن أوهام وهلوسات العودة للحكم من قبل اطراف الحرب وداعميهم الطامعين بالفوز بذلك (المكان) كغنيمة حرب. وان يتم دعم اي اتفاق سلام بقرار من مجلس الأمن الدولى ولا يقف عند حدود التسويات الاستعراضية الهشة التي يتم التباهي بها، بينما تظل نارها مشتعلة وتسلب الشعوب حقوقها الاولية المشروعة. كتر الله خير السعودية والأمير محمد بن سلمان علي اهتمامهم ودعمهم للسودانيين، باعتبار السعودية اكبر الدول المخدمة للعمالة السودانية، التي يعتمد عليها عددا كبيرا جدا من السودانيين في معاشهم، عسى ان تعود جهودهم بسلام يحقق الأمن والاستقرار للسودان ويضعه علي مسار التعافي والتنمية والازدهار وان يعيد للبلاد اسمها ويجعل لها هيبة مستحقة أمام الدول ورؤسائها بعد ان سلبها الاستبداد المتطاول مقومات الدول وجعل أزمة اتسانها هي الازمة الاسوأ في العالم.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة