فاقد الشيء لا يعطيه :- نواصل في الحلقة الخامسة ، ما أنقطع من تفاصيل التفاصيل ؛ فيما يتعلق بالسيناريو الآخر المطلوب من الشعب الجنوب سوداني ؛ و بالتحديد اللاعبين الأساسيين في شطرنج الحلبة السياسية ، و أقصد بهم بالتحديد أهل السياسة من الأحزاب و الكيانات السياسية ، و أهل الثقافة ، أولئك هم المطالبين بمعرفة قدرات البلاد الكامنة ، و تحريكها لكي تخدم معادلة التغيير ، فيهاجمون بها ، و يحرزون النقاط الغالية الكفيلة بالفوز باللعبة و سحب الثقة و البساط من تحت الطبقة السياسية الموجودة في الحكومة التي فشلت في قيادة دفة القيادة في البلاد .. لا يوجد خيار أفضل من البدء في تقوية الأحزاب و الكيانات السياسية الموجودة في رقعة شطرنج السياسة في أي بلد ؛ لأن الحزب القائم على المفاهيم الحديثة للأنظمة الديمقراطية هو الذي يقود التغيير في معظم الدول في الوقت الراهن ، فمشكلتنا في إفريقيا أننا لا نقوم بتقوية و تطوير أحزابنا السياسية ، بل تقوم هذه الأحزاب بمهامها و هي تعاني جميع صنوف الضعف و الهوان ، و النتيجة المنطقية النهائية تكون الفشل في أداء مهامها الأساسية ، و بدلاً من معالجة نقاط الضعف السابقة في الحزب ، نقوم بتركه و إنشاء حزب جديد بكل سهولة ، و هكذا ؛ حزب واحد قوي في الدولة ، خير ألف مرة من مئة حزب ضعيف ؛ و دونكم التجربة الصينية ، فقد أنشأت جمهورية الصين الشعبية ، الحزب القومي الصيني في العام ١٩١٢م ليخلف النظام الامبراطوري السابق ، و أنشأت بعدها الحزب الشيوعي الصيني في الفترة ما بعد العام ١٩١٧م ، و دخل الحزبان في صراع لحكم الصين الشعبية ، حسم في العام ١٩٤٩م لصالح الحزب الشيوعي الصيني ، و منذ تلك الفترة ، إنسحب الحزب القومي الصيني إلى إقليم تايوان الصيني الذي كان تحت الانتداب البريطاني ، و إنفرد الحزب الشيوعي الصيني بحكم جمهورية الصين الشعبية ، و نجح في معادلة الحكم نجاحاً باهرا مع أنه حزب واحد و السبب أنه حزب قوي ، و منظم ، و كذلك نجح الحزبان القويان جداً جداً في حكم الولايات المتحدة الأمريكية ؛ و أعني الحزب الديموقراطي و الحزب الجمهوري .. فنريد أن نشرع في فلسفة إنشاء تحالفات حزبية قوية في دولة جنوب السودان ؛ تعالج هذه التحالفات الحزبية الضعف البنيوي الموجود في الأحزاب السياسية الحالية .. الفكر عموماً يصنف إلى أصناف ثلاثة من حيث الإتجاه : الفكر اليميني ، و الفكر اليساري ، و الفكر الذي يمزج بين الأفكار اليمينية و الأفكار اليسارية ، أي الفكر الوسط أو المعتدل .. فلو أنشأنا ثلاثة أحزاب تحالفية وطنية جنوب سودانية وفقاً لهذه الإتجاهات الفكرية ، نكون قد عالجنا قضية ضعف و هشاشة الأحزاب في بلادنا ، و مسألة إرتباط الأحزاب بالأشخاص أو المناطق ، و نشرع بعد ذلك في تغذية هذه الأحزاب الوطنية الجديدة بالكوادر المتمرسة على العمل الديمقراطي من الروابط المنتشرة في مؤسسات التعليم العالي و ما بعد التعليم العالي التي تجسد مجتمعات شعب جنوب السودان ، هذه الروابط ، و هذه الأحزاب الوطنية الجديدة ، هي رأس التغيير الذي يمكن أن يعالج بها اللاعبون الجدد في رقعة شطرنج السياسة في دولة جنوب السودان مسألة التغيير ، لأن من لم يتمرس على العمل الديمقراطي من الأفراد أو الكيانات السياسية ؛ لا يمكن أن يأتي بالتغيير الديمقراطي ، لأن فاقد الشيء لا يعطيه .. و هذا لن يحدث إذا لم تشرع هذه الأحزاب في إنشاء كيان جامع ، يكون على رأسه شخصيات سياسية ، تعرف طبيعة العمل الحزبي ، و كيفية تصنيف هذه الأحزاب السياسية الموجودة على أساس منطلقاتها الفكرية ، و من ثم ، دمجها في الكيانات الحزبية الجديدة الثلاثة ، على أن يكون تمويل عمل هذا الكيان من التمويل الأهلي بعيداً عن التمويل الحكومي ، لأن المعركة التي ستخوضها معركة لن تصب نتائجها في صالح جهود حكومة جنوب السودان الحالية ، فلا يجب أن يعتمد كيان الأحزاب السياسية الجامع الجديد على أي تمويل حكومي من قريب أو بعيد ، فالحرية مهرها غالي يا شعب جنوب السودان ، فكما تدفعون الأبقار الغالية لزواج أبنائكم و بناتكم ، فإستعدوا منذ الآن ، لدفعها أيضاً لشراء حريتكم من الحكومة الحالية التي فشلت في رعايتكم و حمايتكم .. و سيتم تعويضكم بعد الفوز في المعركة .. كل حسب ما دفع ، بل هنالك زيادة إن شاء الله تعالى .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة