أزمنة الكرب وبعثرة الأوطان (64) برهان وحميدتي ... ليتهما يتعقلا أكثر! تناقلت الأسافير ووكالات الأنباء نبأ قبول كلٍّ من البرهان وحميدتي مقترح الرباعية في شقه المتعلق بوقف إطلاق النار بين الجانبين، عبر هدنةٍ وُصفت بالإنسانية لمدة ثلاثة أشهر، تخضع لرقابة دولية، بغرض السماح بدخول المساعدات الإنسانية من غذاء ومياه وأدوية لمن يحتاجونها. جاء هذا التطور بعد أن واصل الطرفان الولوغ أكثر في جريمتين تقشعر لهما الأبدان؛ إذ أقدم البرهان على طرد برنامج الغذاء العالمي من البلاد في وقتٍ تعيش فيه البلاد تحت وطأة مجاعة طاحنة، فيما منعت قوات حميدتي دخول المساعدات عقب سيطرتها على مدينة الفاشر، لتفتح الباب أمام موجة جديدة من التنكيل والانتقام ضد المدنيين. ومع ذلك، فإن انتشار خبر الهدنة أنعش شيئًا من الأمل في صدور السودانيين الذين كاد اليأس يستوطن نفوسهم منذ انطلقت أولى زخات الرصاص في صبيحة ذلك اليوم المشؤوم. وجاء الترحيب الشعبي العارم بالاتفاق من داخل السودان وخارجه تعبيرًا صادقًا عن توق الجماهير إلى السلام ونبذ الحرب وإيقاف نزيف الدم اليوم قبل الغد. وبمثل ما اجتمع البرهان وحميدتي - ولأول مرة - على قرار يمكن وصفه بشيء من التعقّل بوقف الحرب لثلاثة أشهر، فليتهما يتعقلان أكثر وهما يشاهدان هذه الرغبة الجارفة من أبناء الوطن في طي صفحة الحرب والمضي نحو سلامٍ دائمٍ وحقيقي. أن يتعقلا أكثر بإيقاف الدعوة إلى الحرب وإنهاء مظاهر الاستنفار والتعبئة وإسكات الأبواق التي تبث الكراهية وتحرض على استمرار القتال، فبلادنا لم تعد تحتمل مزيدًا من التحريض ولا طنين "البلابسة" الذين يقتاتون على دماء الأبرياء ويذكون نيران الفتنة كل صباح. أن يتعقلا أكثر بتسريح المليشيات التي جرى تجييشها وتسليحها منذ تفجر النزاع، تمهيداً لبناء جيش وطني واحد يحتكم إلى الدستور لا إلى الولاءات، ويعمل على حماية الوطن لا تمزيقه. وأن يتعقلا أكثر بتهيئة المناخ للسلام الحقيقي عبر تقديم كل من تلطخت أيديهم بدماء الأبرياء إلى العدالة، سواء أمام محاكم وطنية نزيهة أو عبر تسليم المطلوبين لمحكمة الجنايات الدولية، حتى يعلم الجميع أن السودان الجديد لا يتستر على مجرم حرب، وأن العدالة لا تُسقط بالتقادم. وأن يتعقلا أكثر بالابتعاد عن الدوائر الداخلية أو الإقليمية أو الدولية التي لا همّ لها سوى صب الزيت على نار الحرب، وأن يتركا الحلول للسودانيين أنفسهم بعيداً عن مطامع الطامعين ومساومات الخارج. وأن يتعقل البرهان فيبتعد عمن استغلوا القوات المسلحة لتحقيق مصالحهم الحزبية الضيقة، ويعمل على إعادة بناء جيش قومي يمثل كل أبناء السودان ويحمي أرضه وسيادته. وأن يتعقل حميدتي فيهيئ الظروف لدمج قواته داخل القوات المسلحة دون منٍّ أو أذى، إعلاءً لمصلحة الوطن ووحدة سلاحه. وأن يتعقلا بما يكفي للاتفاق على تسريح جميع المليشيات ومنع تكوين أي تشكيلات عسكرية خارج منظومة القوات النظامية في البلاد. وأن يتعقلا بما يكفي لتمهيد الطريق أمام سلطة مدنية ذات قاعدة عريضة، تقود مرحلة انتقالية متفقًا عليها، تشرع في تضميد جراح البلاد بقوانين للعدالة الانتقالية، وتُعد لوضع دستور دائم وانتخابات حرة تُفرز حكومة منتخبة تحرسها مؤسسة عسكرية وطنية العقيدة، جيشٌ للشعب لا عليه. عندها فقط ستتهيأ البلاد بحق وحقيقة لبدء رحلة الشفاء من جراحها، واستعادة وجهها الإنساني الذي شوّهته الحرب وخطاب الكراهية وعبث المغامرين. ----------------------- لتتحد قوى المعارضة الشعبية من أجل وقف الحرب واسقاط النظام العسكري الديكتاتوري لاقامة البديل المدني الديمقراطي
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة