استراحة: مبعوثي المخابراتً -حين كانت إذاعة "هنا أم درمان" تتحدث بلسانٍ غير لسانها كتبه د. احمد التي

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 11-06-2025, 04:03 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-04-2025, 05:34 PM

احمد التيجاني سيد احمد
<aاحمد التيجاني سيد احمد
تاريخ التسجيل: 08-16-2022
مجموع المشاركات: 525

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
استراحة: مبعوثي المخابراتً -حين كانت إذاعة "هنا أم درمان" تتحدث بلسانٍ غير لسانها كتبه د. احمد التي

    05:34 PM November, 04 2025

    سودانيز اون لاين
    احمد التيجاني سيد احمد-ايطاليا
    مكتبتى
    رابط مختصر







    في زمنٍ سحيقٍ جميل، كنتُ أنتظر بشغف موعد نومي، ليس لأن النوم راحة، بل لأنه كان بداية طقسي المسائي في الحرية.
    كنتُ أحمل أغطيةً خفيفة من غرفتي في الطابق الثاني من داخلية بحر العرب — ذلك المبنى العريق الذي كان في الأصل مقرّ كلية الحقوق بجامعة الخرطوم — إلى فناء المبنى، إلى حوش العتاقريب، أفرشها فوق العنقريب الفاضي، ألتفّ بها، وأفتح راديو الترانزستور — تكنولوجيا العصر آنذاك، لا يفوق وزنه مئة غرام — حين كانت إذاعة "هنا أم درمان" تتحدث بلسانٍ غير لسانها.

    كان صوت الراديو ينقلني إلى عالمٍ آخر: عبد الحليم حافظ، فريد الأطرش، فيروز، شادية، وكل من استحق صفقة تصفيق في سينما قصر النيل في القاهرة.
    كان العالم العربي يمرّ من خلال ذلك الجهاز الصغير، والعالم السوداني والنوبي غايب تماماً.

    ولولا جهد مقدّر من النور عوض النور ، وصلاح التهامي ،واحمد الريح ابوعاقلة، الباهي كرّار، — وربما عوض جاد الرب لفقدت سودانويتي —ولربما ربحت جائزة مقدارها عشرة قروش، كلّما أجبتُ على سؤال "المليون كلمة" في برنامج في ربوع السودان. فقد أثبتُّ وقتها، وربما كنتُ أول من لاحظ، أن ثمة أغنيات سودانية كانت تُبثّ أحياناً من ذلك الراديو، خلسةً، كأنها تمرّ عبر ثقبٍ في الجدار:

    من أم در ، يا ربيع سودانا! إلى صوت خليل فرح الممتلئ بنيلٍ لا يجف، ووجدانٍ لا يُشترى، كانت تلك الأغاني تمثل انتصاراً صغيراً في حربٍ غير متكافئة.
    كنا، بالصدق، مستعمرةً مصرية ثقافياً. فالراديو لم يكن مسموحاً له أن يذيع سوى الأغاني "العربية"، أما النوبية فكانت تُعدّ "أغاني البرابرة" — وهي تهمة تكفي لإسكات الجهاز باكمله.

    وحين اشتكينا من التهميش، قيل لنا إن خليل فرح نفسه كان يغني بالعربية! لكننا نعلم — كما يعلم التاريخ — أن خليل غنّى بالنوبية في روحه، حتى وإن نطقت حنجرته بالعربية.
    «ونحن ونحن الشرف الباذخ... دابي الكر أسود النيل» .
    شرحت لهم بان ذلك كان نداء النوبة المخفيّ في اللغة المفروضة.

    والأدهى أن النوبي والسوداني معاً لم يكونا يدركان أن هناك عالماً غرباوياً أو هدندوياً أو أنقسناوياً او دينكاويا يُخنق صوته هو الآخر، وأن هناك رَزْم الوازا البعيد وكان يمكنه أن يعلو لولا أن الصمت كان قراراً سياسياً أكثر منه ثقافياً. اما ""التار"" فلقد علمونا اهل الأزهر العربي الفصيح بانه رجس من عمل الشياطين!
    كل الأصوات النائية كانت تُؤجَّل وتُقصى — حتى أولئك الذين يجيئون ببطاطينهم إلى حوش العتاقريب بحثاً بلهفةٍ عن قصيدةٍ للهادي آدم تغنّت بها أم كلثوم، كانوا ضحايا ذات العزلة السمعية.

    كانت الإذاعة السودانية، في ذلك الزمن، تبث أربع ساعاتٍ فقط في اليوم — مقسومةً بالتمام:
    ساعتان قبل المغيب للقرآن والصلاة والمديح والأخبار، وساعتان بعد المغيب للوفيات وأغاني إبراهيم عوض والذري والحقيبة، بمساحاتٍ أخذ يملؤها تدريجياً عثمان حسين وأبو داوود وأحمد المصطفى ومحمد وردي.
    كانت تلك الأصوات وحدها المسموح لها بالبقاء — بينما ظلت بقية الأصوات السودانية تنتظر من يكتشفها.

    هكذا عرفتُ — وأنا أستمع تحت الغطاء فوق العنقريب الفاضي في حوش العتاقريب — أن الصوت يمكن أن يكون سلاحاً، وأن الأغنية ليست دائماً للحب، بل أحياناً للمقاومة.
    كان الراديو صديقي، وكان في الوقت ذاته مبعوثَ مخابراتٍ لزمنٍ لم يكن يريد أن يسمع غير صوته.

    د. أحمد التيجاني سيد أحمد
    قيادي مؤسس في تحالف تأسيس
    ٤ نوفمبر ٢٠٢٥ – روما، إيطاليا.

    Sent from my iPhone























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de