وصمة في جبين التاريخ: مأساة النساء الجنوبيات وامتحان الضمير السوداني .. أين السيد مالك عقار؟

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 11-03-2025, 06:18 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-02-2025, 07:04 PM

محمد عبدالله ابراهيم
<aمحمد عبدالله ابراهيم
تاريخ التسجيل: 12-21-2015
مجموع المشاركات: 106

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
وصمة في جبين التاريخ: مأساة النساء الجنوبيات وامتحان الضمير السوداني .. أين السيد مالك عقار؟

    07:04 PM November, 02 2025

    سودانيز اون لاين
    محمد عبدالله ابراهيم-الخرطوم-السودان
    مكتبتى
    رابط مختصر







    [email protected]



    في زمن تتقاذف فيه الأمواج العاتية سفينة الوطن، وتتكسر على صخور الحرب كرامة الإنسان، تأتي حادثة ترحيل النساء الجنوب سودانيات بواسطة سلطات الأمر الواقع في بورتسودان، بدعوى أنهن "أجنبيات". لا كعائدات إلى الديار، بل كمطرودات من حضن كان يوماً بيتاً لهن. وهن لم يحملن سوى الدهشة والخذلان، والوجع الذي لا تسعه الكلمات لتشكل وصمة عار جديدة في جبين من تبقى من ضمير هذه البلاد، وتمثل شهادة دامغة على أن أعتى الانتهاكات لا تزال تمارس ضد الابرياء، وهي جريمة مكتملة الأركان، تجسد انهيار القيم الإنسانية أمام جبروت السلطة، وصمت من يفترض أنهم حملوا يوماً راية النضال من أجل الكرامة والحرية.



    لقد كشفت شهادات النساء المرحلات التي وثقها الصحفي مايكل كريستوفر، عن فصول مأساوية تليق بأسوأ فصول الظلم. فمن ركل الأبواب إلى المداهمات الليلية، إلى الكذب والخداع، وصولاً إلى الحراسة القسرية، ثم الإجبار على الصعود إلى حافلات الترحيل دون أطفالهن أو ممتلكاتهن، وكل خطوة من هذه العملية أعادت للأذهان أسوأ فصول الأنظمة الشمولية التي لا تقيم وزناً لكرامة الإنسان.



    لكن أكثر ما يدمي القلوب هو فصل الأمهات عن أطفالهن .. أن تنتزع الأم من بين صغارها وتلقى في المجهول، بينما يترك أطفالها خلفها، فذلك ليس مجرد خطأ إداري، بل جريمة إنسانية بكل المقاييس، وحين تقول سلطة الأمر الواقع لهن "ما عندكن شغلة بأولادكن"، فإنها تختزل كل معاني القسوة واللا إنسانية، وتعلن رسمياً موت الإنسانية في دواوينها، وتكشف الوجه الحقيقي لسلطة لا تعرف سوى لغة الإهانة والإقصاء، ولم ترث من تاريخ السودان الطويل سوى أسوأ ممارساته في التنكيل والتهميش.



    قال مندوب حكومة بورتسودان، الملازم علي صالح بلال، المكلف بمهمة ترحيل النساء، إن ما جرى تمّ وفق "توجيهات إدارة شؤون الأجانب. غير أن كلماته كانت تخفي وراءها عاراً إنسانياً فادحاً .. فكيف يمكن لتوجيه إداري أن يبرر اقتلاع أم من أبنائها؟ وكيف يقاس الأمن بمعاناة النساء والأطفال؟



    أما مسؤول حكومة جنوب السودان فقد تحدث بمرارة لا تخفى، قائلاً إنهم لم يفاجأوا بهذا السلوك، فقد سبقته حملات "كشات" مشابهة في وقت سابق، وأضاف أن من بين النساء المرحلات (111) امرأة لهن أطفال ما زالوا في السودان .. يا للعار .. ويا للهول!! أي قلب بشري يستطيع احتمال هذا الرقم؟ أُمهات تنزع من فلذات أكبادهن، وكأن الأمومة تهمة أخرى في سجل الاضطهاد.



    روت إحدى النساء، بصوت متقطع بين البكاء والذهول، أن أفراد الشرطة لم يطرقوا الباب، بل ركلوه بعنف، كأنهم يقتحمون كهفاً للوحوش لا بيتاً لإنسانة تحمل في صدرها قلب أم. قالوا لها: "أنت جنوبية"، وكأنها اعترفت بجريمة لا تغتفر. ثم قبضوا عليها وعلى أخريات، واقتادوهن بحجة استخراج بطاقات، لكنهم زجوا بهن في الحراسة، وفي صباح اليوم التالي، أُجبرن على الصعود إلى حافلات الترحيل، يتركن خلفهن أطفالاً تائهين لا يعلم أحد مصيرهم.



    هؤلاء النساء، اللواتي فررن في وقت سابق من ويلات الحرب في بلدانهن بحثاً عن الأمان، وجدن أنفسهن الآن في مواجهة حرب جديدة بأدوات قديمة .. "القمع والتمييز والاستهانة بآدميتهن". إنه السلوك ذاته الذي مارسته أجهزة الدولة السودانية ضد مواطنيها لعقود .. سلوك لا يكترث بالإنسانية ولا يدرك حجم المعاناة والظروف المعقدة التي يعيشها السودان اليوم .. إنها مأساة مزدوجة في بلد أنهكته الحروب وأفقدته بوصلته الأخلاقية والإنسانية.



    ما جرى يعد وصمة في جبين الإنسانية، وسقوط أخلاقي وسياسي مدوٍ لسلطات تزعم أنها حارسة للوطن .. فأي وطن هذا الذي يرحل النساء بلا رحمة ويترك الأطفال في العراء؟ .. وأي حكومة تلك التي تصمت أمام هذه الفظاعة وكأن الضمير قد هاجر هو الآخر من البلاد؟



    وسط هذا المشهد .. أين أنت يا السيد مالك عقار؟

    مالك عقار، نائب رئيس مجلس السيادة، الرجل الذي يصف نفسه بأنه "الرجل الثاني في الدولة"، وصاحب التاريخ الطويل في صفوف الحركة الشعبية لتحرير السودان، تلك الحركة التي ولدت من رحم الظلم دفاعاً عن العدالة والمساواة. كيف تمر هذه الجريمة أمام عينيك دون موقف، دون كلمة، ودون حتى إشارة تضامن؟

    إنه لعار مضاعف ان تكون صامتاً أمام هذه الإهانة .. انت لست مسؤولاً عادياً في حكومة الأمر الواقع، بل تحمل على كتفيك إرثاً ثقيلاً "نضالياً وثقافياً" من العلاقة التاريخية والدم المشترك مع مواطني جنوب السودان، وحملت راية النضال معهم لأكثر من ثلاثة عقود. كيف تقبل أن يهان أبناء الجنوب نساءً وأطفالاً بهذه الطريقة المشينة.

    هل وصل بك الأمر أن ترى هذا المشهد المأساوي يمر أمام عينيك دون أن تحرك ساكناً؟

    هل تغير النضال؟ .. وهل صارت الكرامة الإنسانية أمراً تفاوضياً، يسكت عنه حين يهدد المنصب؟

    كيف تسمح، وأنت الأقرب إلى وجدان الجنوبيين وقياداتهم، أن يتم ترحيل هؤلاء النساء بهذه الطريقة المهينة، التي لا تحترم المواطن الجنوبي ولا حكومته؟، كما إن هذا السلوك لا يسيء فقط لسلطات بورتسودان، بل يسيء إليك شخصياً، وإلى كل ما مثلته الحركة الشعبية من قيم.

    كيف سمحت أن يساق الجنوبيات بتلك الطريقة المهينة؟

    وكيف قبلت أن يقال إن الشرطة داهمت المنازل وركلت الأبواب، ثم زجت بالأمهات في السجون ثم الحافلات نحو المجهول، بينما أطفالهن يصرخون في شوارع الخرطوم؟ .. ألم يكن فيك بقية من الذاكرة حين أقسمت يوماً أن تحمي كرامة الإنسان؟

    إن هذا الصمت الذي يحيط بك اليوم ليس صمت الحكمة، بل صمت العجز والتواطؤ، وحتى وإن لم تكن أنت من أصدر القرار، فإن مسؤوليتك الأخلاقية والسياسية لا تسقط بالتقادم. كيف لرجل جلس يوماً إلى طاولة التاريخ أن يشيح بوجهه عن هذه الفاجعة الإنسانية، وكأنها شأن عابر لا يستحق التعليق ولا حتى نظرة ضمير؟



    لم يتوقف الأمر عندك وحدك، بل امتد ليشمل حاكم النيل الأزرق أحمد العمدة، وقيادات الحركة الشعبية التي غاصت في وحل السلطة حتى النخاع. صمتوا جميعاً، بينما كانت نساء الجنوب يرحلن كما ترحل البضائع، دون أدنى احترام لإنسانيتهن أو أمومتهن، ولم تصدر الحركة بياناً واحداً .. لا من باب الشرف النضالي، ولا من باب الوفاء لتاريخها الطويل، وكأنها لم تكن ذات يوم ضمير المقهورين، بل تحولت إلى بوق يصفق لقرارات السلطة التي كانت تحاربها بالأمس .. فما الفرق إذن بين من رفعوا السلاح ضد الظلم، ومن يمارسونه بصمتهم؟ وما الفرق بين الطاغية الذي يأمر، والمناضل الذي يسكت؟



    ما جرى للنساء الأمهات الجنوبيات ليس حادثاً إدارياً، بل خيانة رمزية لتاريخ كامل من النضال المشترك. فحين تقتاد النساء بالقوة، وينزعن من بيوتهن وأطفالهن، ولا يجدن كلمة تضامن من رجلٍ قضى نصف عمره يرفع شعارات الحرية والمساواة، فإن القضية لم تعد قضية "إجراءات دولة"، بل قضية موقف رجل انكسر أمام الكرسي، وما حدث يعيد إلى الأذهان سلوك الأنظمة الأمنية السودانية على مر العقود، تلك التي لم تعرف سوى الإذلال، ولم تتقن سوى لغة القهر. لكنها هذه المرة لم تهن أبناءها فحسب، بل تجاوزت ذلك لتهين ضيوفاً تقاسمت معهم المأساة والدم، وشاركتهم ذات يوم حلم الوطن الواحد الحر، العادل، والكريم.



    ولقد كان موقفك من مجازر "كنابي الجزيرة" ضد الجنوبيين سابقاً، حين وعدت بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق ثم خرس صوتك بعد ذلك، مؤشراً مقلقاً، واليوم يتكرر المشهد ذاته بصورة أكثر فظاعة وإيلاماً وسط صمت لا يليق برجل عاش نصف عمره في معسكرات النضال. إن هذا الانحدار لا يسيء إلى مالك عقار وحده، بل يدنس اسم الحركة الشعبية نفسها .. تلك الحركة التي كانت يوماً مرادفاً للكرامة والعدالة، وصارت اليوم دمية في دهاليز السلطة.



    إن صمت مالك عقار ورفاقه اليوم هو نقض لمعنى النضال نفسه، فالمناصب مهما علت لا تبرر التخلي عن المبادئ، وما قيمة القيادة إذا لم تكن صوتاً للمظلومين، وما جدوى التاريخ إذا لم يلتزم صاحبه بالصدق حين يواجه المأساة؟ ولقد كان الأجدر بــ السيد مالك عقار، نائب الرئيس أن يخرج إلى العلن، ويعتذر للنساء الجنوبيات عما حدث لهن، ويعلن موقفاً متضامناً يحفظ ما تبقى من ماء وجه الحركة الشعبية، لكن للأسف اختار الصمت، واختارت حركته المهادنة، فخسرا معاً شرف الموقف، وكسبا خزياً لن يمحوه البيان ولا الزمان.



    ويا للسخرية!! .. كم من مناضل تحول حين ذاق طعم السلطة إلى بيروقراطي يبرر الإهانة والظلم، ويخشى أن يهتز كرسيه إذا قال كلمة حق، وتبا لتلك المناصب التي تجعل من المبادئ التاريخية أداة في يد الجلاد، وتحول الثورة إلى ديكور في مكاتب الدولة، والحركة الشعبية لم تخلق لتكون ذيلاً لسلطة غارقة في الفساد والقتل، ولا لتبرر القهر باسم "المناصب او التوازنات"، فقد ولدت من رحم الظلم لتقول "لا"، فكيف تسكت اليوم أمام أكبر صور الظلم والإهانة؟



    إن المناصب يا سيدي نائب الرئيس مالك عقار، زائلة ولكن المبادئ خالدة، وهذا الموقف الذي لا يمكن وصفه إلا بأنه جبان ومخجل وغير إنساني، يؤكد أن المناصب قد غيرت المواقف والمبادئ، وأصبحت الحركة الشعبية بتاريخها النضالي العريق، مجرد دمية صامتة في أيدي من هم السبب الرئيسي في كل الكوارث والحروب التي تعصف بالسودان.



    سيكتب التاريخ ذات يوم أن نساءً أمهات من جنوب السودان طردن من بيوت كنّ يعتقدن أنها وطن لهن، وأن رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان، ونائب رئيس الدولة يدعى مالك عقار، كان هناك .. ورغم نضاله الطويل ضد الظلم والتهميش، ومن اجل الحرية والعدالة والكرامة الانسانية، ولكنه لم يقل شيئاً .. وساعتها لن تغني الألقاب ولا الشعارات عن الحقيقة المرة .. أن الصمت حين يكون بوسعك أن تتكلم هو خيانة للإنسانية وللنضال وللتاريخ.























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de