من الاستقلال إلى الرباعية – كيف أوصلت النخب السودانية البلاد من 1965 إلى 2025 إلى لحظة الوصاية الد

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 10-28-2025, 12:32 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-27-2025, 03:24 AM

خالد كودي
<aخالد كودي
تاريخ التسجيل: 01-01-2022
مجموع المشاركات: 167

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
من الاستقلال إلى الرباعية – كيف أوصلت النخب السودانية البلاد من 1965 إلى 2025 إلى لحظة الوصاية الد

    03:24 AM October, 26 2025

    سودانيز اون لاين
    خالد كودي-USA
    مكتبتى
    رابط مختصر




    من الاستقلال إلى الرباعية – كيف أوصلت النخب السودانية البلاد من 1965 إلى 2025 إلى لحظة الوصاية الدولية

    ـ (الجزء الثاني) 2- 4

    26/10/2025 خالد كودي، بوسطن

    من انتفاضة أبريل إلى لحظة الفشل التاريخي
    اليوم، في السادس والعشرين من أكتوبر 2025، هُزم جيش الدولة السودانية في إحدى أكبر معاركه، وطُرد من حاميته في مدينة الفاشر — المدينة التي كانت وما تزال رمزًا لتاريخ السودان المتنوع، ومركزًا حضريًا رئيسيًا في غرب البلاد. هذا الحدث لم يكن مجرد هزيمة عسكرية، بل دليلا و إعلانًا رمزيًا لانهيار منظومة الدولة القديمة، وسقوط المشروع الذي صاغته النخب السياسية والعسكرية منذ الاستقلال لحماية مصالحها وإدامة علاقات القوة داخل الدولة السودانية. تلك النخب التي أنشأت جيشًا على مقاس سلطتها، لا على مقاس الوطن، متناسية أن التاريخ لا يرحم المراوغين، وأن التهميش حين يبلغ مداه يفرض انتفاضته ولو بعد حين بكل الطرق وبعدد الشرارات!
    نواصل في هذا الجزء من المقال اختبار ومواجهة هذه النخب، لا بأشخاصها فقط، بل بعقليتها وسلوكها ومحدودية قدرتها على التأسيس، لنكشف كيف فشلت في وضع اللبنات الأولى لوطنٍ حديثٍ ومتماسك. ورغم إدراكنا لسياقات التاريخ وتشابك مساراته، إلا أن المقارنة الموضوعية لا ترحم. فبينما نجحت نخبٌ أخرى في إفريقيا وآسيا ، خرجت من الحقبة الاستعمارية في التوقيت نفسه- في بناء دول حديثة وتجنّب الحروب الاهلية وتأسيس مؤسسات مدنية قوية، ظلّت النخب السودانية عقيمة عالقة في دوامة الفشل والتكرار، ولايحتاج الامر الي دليل!
    لقد قدّم التاريخ أمثلة مشرقة على قادة امتلكوا الرؤية والبصيرة التاريخية لبناء أوطانهم بعد الاستعمار: منهم جوليوس نيريري في تنزانيا، الذي جعل من "الأوجاما" فلسفةً للعدالة الاجتماعية والوحدة الوطنية؛ كووامي نكروما في غانا، الذي ربط التحرر الوطني بالتصنيع والتعليم؛ جواهر لال نهرو في الهند، الذي أسّس لديمقراطية علمانية وسط تنوعٍ هائل؛ ولي كوان يو في سنغافورة، الذي نقل جزيرة فقيرة إلى نموذج عالمي في الحكم الرشيد والتنمية وغيرهم كثر. أما في السودان، فقد ظلّ من تصدّوا للمشهد السياسي بعد انتفاضة أبريل - كما بعد الاستقلال وديسمبر- نموذجًا للسياسي الفاشل الذي يعيد إنتاج نفس الأزمة: قصور في الرؤية، عجز في الخيال، وارتهان للمصالح لا للمبادئ!
    في هذا الجزء الثاني من المقال، سنسلّط الضوء على هذا الفشل المركّب - فشل النخب في أن تكون مؤسِّسة لا مستهلكة للتاريخ، وبانية لا مكرِّرة للماضي - لنفهم كيف ضاعت الفرص الكبرى التي كان يمكن أن تُغيّر وجه السودان، وكيف مهد هذا الفشل المتكرر الطريق إلى لحظة الفاشر، لحظة سقوط جيش الدولة القديمة وولادة زمنٍ جديد لا مكان فيه لمن لا يفهم حركة التاريخ- والغريق قدام كما يقال!

    ثالثًا: الديمقراطية الثالثة… لحظة الوعي الضائع (1985–1989
    جاءت انتفاضة أبريل 1985 كأملٍ جماعي في الخلاص من عسكرة الدولة والاستبداد الطويل الذي فرضه جعفر نميري. غير أن هذا الأمل أُجهض سريعًا حين تسلّمت النخبة المدنية والعسكرية، بقيادة المشير عبد الرحمن سوار الذهب والدكتور الجزولي دفع الله، مقاليد المرحلة الانتقالية، لتعيد – عن وعي أو غفلة – إنتاج ذات البنية السياسية التي ثار عليها الشعب.
    لقد انكشف في تلك الفترة زيف أسطورة "المهنيين والتكنوقراط" الذين قُدِّموا بوصفهم عقلانية الدولة الجديدة، فإذا بهم الوجه الآخر للحرس القديم. فـ الجزولي دفع الله ورفاقه من ما سُمِّي بـ"حكومة المهنيين" لم يكونوا سوى امتدادٍ عضوي للنخبة التي تعلّمت في مدارس الاستعمار، وتشربت قيمه البيروقراطية والطائفية، ثم ورثت أدواته في الحكم والإقصاء. لم يكن همّهم بناء دولة المواطنة، بل ضمان استمرار التوازنات الطبقية والإثنية التي حافظت على امتيازات المركز، أما أولئك الذين ينادون اليوم بتسليم الدولة إلى "التكنوقراط"، فليسوا في جوهرهم سوى امتدادٍ للنخب السودانية التقليدية المحتالة التي تتقن إعادة إنتاج الفشل بأدوات جديدة. فهم لا يسعون إلى تأسيس دولة حديثة بقدر ما يسعون إلى صيانة التراتبية القديمة داخل بنية الدولة السودانية، تحت غطاءٍ من الخطاب الإداري والتقني الزائف. إنهم يظنون أن استبدال الفساد بالبيروقراطية يمكن أن ينقذ وطنًا تهدم في أساسه القيمي والسياسي، غير مدركين أن المشكلة لم تكن يومًا في كفاءة الأفراد، بل في منظومة الهيمنة ذاتها التي لم يتجرأوا على تفكيكها. وهكذا، فإن دعواتهم ليست سوى محاولة جديدة لتدوير الأزمة، لأنهم ببساطة لم يتعلموا الدرس من سبعين عامًا من الفشل الوطني الممنهج.

    فـ سوار الذهب، الذي وعد بتسليم السلطة للشعب، لم يسلمها للشعب، بل أعادها إلى نفس النخبة/الطبقة السياسية التي فجّرت أزمات السودان منذ الاستقلال: حزب الأمة والاتحادي الديمقراطي، وطفيليي مايسمي بالقوي الحديثة أي التحالف الطائفي–التجاري الذي جعل من الدولة أداة لخدمة قلة موروثة الامتياز من زمن المستعمر. لقد صُمِّمت قوانين الانتخابات في تلك الفترة – بإشراف الجزولي دفع الله وسوار الذهب – بطريقة تضمن هيمنة القوى التقليدية والطائفية والإسلامية الحديثة، فكان الريف بلا صوت، والمهمشون بلا تمثيل، والمدن الكبرى محتكرة لمراكز النفوذ التقليدية.
    كانت تلك النخبة "التكنوقراطية" في ظاهرها حديثة، لكنها في جوهرها محافظة ومتخلفة حتى العظم. كانت تستبطن الخوف من التغيير الحقيقي ومن صعود المهمشين إلى المجال العام. لم يكن مشروعها مهنيًا ولا وطنيًا، بل مشروع استدامة للسلطة بأدوات ناعمة. كانت تنتمي إلى ما سماه غرامشي "الكتلة التاريخية الرجعية"، التي تُبدّل خطابها وشكلها لكنها تحافظ على مضمونها الطبقي–الثقافي، والديني والجهوي فتُبرِّر فشلها بلغة الخبرة والعقلانية الإدارية، بينما هي شريكة في كل بنية الفساد والتمييز.
    وهكذا، حين جاء الصادق المهدي إلى السلطة بعد انتخابات 1986، كان المشهد قد أُعدّ سلفًا: أحزاب طائفية تستمد شرعيتها من الزعامة الدينية لا من صناديق الاقتراع المنصفة، ونخبة بيروقراطية تبرر الهيمنة باسم المهنية، الكفاءة، وجيشٌ يتربص بالمدنيين باسم "الانضباط الوطني". في هذا المناخ المريض، سقطت فرص التأسيس الحقيقي لديمقراطية حديثة قائمة على المواطنة والعلمانية والمساواة.
    لقد فشلت تلك النخبة لأنّها لم تؤمن يومًا بفكرة المواطنة المتساوية. فكلّ ما يربطها بفكرة الدولة الحديثة هو مظهرها الخارجي – الدستور أي كانت درجة تشوهه، البرلمان، الانتخابات بمن حضر، الخطاب – بينما ظلت عقيدتها الاجتماعية غارقة في طبقات من الوعي الاستعماري والعنصري. كانت ترى في السودان "طبقات بشرية" لا "شعبًا"، وفي الهامش "خزانًا للجنود والخدم" لا مواطنين كاملي الحقوق... وبعضهم للأسف لايزال!
    ومن رحم هذا الوعي المشوّه، وُلدت الكارثة التالية: انقلاب يونيو 1989، الذي لم يكن قطيعة مع الماضي، بل نتيجته الطبيعية. فحين تُغلق النخب المدنية والعسكرية معًا باب الإصلاح الحقيقي، يأتي الإسلاميون ليكملوا المأساة باسم الدين، فينتهي السودان إلى مشروع دولة متوحشة قادت شعبها إلى الحروب الأهلية، التمزق، والانهيار الكامل الذي نشهده اليوم.
    باختصار، كانت الديمقراطية الثالثة آخر فرصة لوعي وطني جديد، لكنها تحوّلت إلى لحظة الوعي الضائع، لأنّ النخب – من المهنيين إلى العسكريين إلى الزعامات الحزبية – لم تمتلك الشجاعة الأخلاقية ولا الخيال السياسي لتجاوز إرث الاستعمار وبناء دولة الإنسان الحديثة، لا دولة الامتياز.

    رابعًا: عهد الإنقاذ (1989–2019): الدولة كغنيمة والفاشية كهوية
    في الثلاثين من يونيو 1989، انقلبت جماعة الإسلام السياسي بقيادة عمر حسن أحمد البشير وعرّابها حسن الترابي على الديمقراطية الثالثة، لتدخل البلاد في أطول ليلٍ استبدادي عرفته منذ استقلالها. كان الانقلاب، في جوهره، إعلانًا لميلاد نظام فاشي ديني–عنصري، أعاد إنتاج كل تناقضات الدولة السودانية الحديثة، ولكن بثوبٍ عقائدي جديد يوظّف الدين كسلاحٍ شامل: للهيمنة، ولإلغاء الآخر، ولشرعنة القتل!
    منذ يومه الأول، قدّم النظام نفسه كـ"مشروع حضاري"، لكنه كان في الحقيقة مشروع إبادة ثقافية وبيولوجية. فقد اعتمد على ثلاث ركائز متكاملة للفاشية:
    - التجييش الشعبي والعقائدي،
    - التحكم في التعليم والإعلام والخدمة المدنية، والاقتصاد، وموارد الدولة،
    - شيطنة الآخر وإعادة تعريف الوطنية وفق ميزان الولاء العقائدي والعرقي
    ١/ التجييش الشعبي والإبادة باسم الوطن
    حوّل النظام مؤسسات الدولة إلى معسكرٍ عقائدي. فُرضت الخدمة الإلزامية على طلاب المدارس والجامعات، وربطت الدولة منح الشهادات الأكاديمية بمشاركة الطلاب في معسكرات التدريب والتجييش، وهو ما أجبر مئات الآلاف من الشباب على الانخراط في مشروع دمويّ تحت شعارات "الدفاع الشعبي" و"الجهاد".
لم يكن هذا مجرد تدريب عسكري، بل عملية أيديولوجية منظّمة لغسل العقول، وتحويل الأجيال الجديدة إلى أدوات قتل تؤمن بأن الآخر – من الجنوبي إلى النوباوي إلى الدارفوري – "عدوّ الله والوطن".
لقد نجح النظام، عبر هذا التجييش، في خلق ثقافة إبادة، حيث يصبح القتل عملًا وطنيًا، والموت في الحرب طريقًا للجنة، والمجازر في دارفور أو جبال النوبة مجرد "انتصارات".. وهذا مافعلته الفاشية.
    ٢/ التعليم والخدمة المدنية: إنتاج الإنسان الخاضع
    استولى نظام الإنقاذ على المدارس والجامعات والخدمة المدنية، وجعلها مختبرًا لإعادة هندسة الإنسان السوداني. صيغت المناهج التعليمية لتُمجّد "الفتوحات الإسلامية" وتطمس التنوع الثقافي واللغوي، وحُذفت من الذاكرة الجمعية كل الرموز التي لا تنتمي إلى "الهوية العربية الإسلامية".
في الوقت نفسه، رُبطت فرص التوظيف والترقي في الدولة بمعيار الولاء للحزب الحاكم، لا بالكفاءة. وهكذا، تحوّل التعليم إلى أداة للولاء، والخدمة المدنية إلى ذراعٍ أمنية، فأُنتج جيل كامل يخاف الدولة بدل أن يثق بها، ويعبد السلطة بدل أن يسائلها...وهذا بدوره مافعلته الفاشية!
    . ٣/ النخب بين الصمت والتواطؤ
    المأساة الكبرى أنّ النخب – الأكاديمية والسياسية والمدنية – لم تقاوم بحجم هذه الجريمة التي ارتكبها النظام. بعضهم صمت خوفًا، وبعضهم تواطأ مصلحةً، وبعضهم مارس "التعايش" مع الجريمة باسم الواقعية.
فقد انخرطت شرائح من المهنيين، الصحافيين، الأكاديميين، والقضاة في ماكينة النظام، مبرّرين استبداده بلغة الأمن والاستقرار. حتى أولئك الذين عارضوا من الداخل اكتفوا بـ"الاحتجاج الأخلاقي" دون أن يواجهوا الأساس البنيوي للنظام: الخلط بين الدين والسلطة، وبين العرق والحق
    بهذا الصمت، تشكّلت طبقة مثقفين بلا موقف، ونخبة فقدت حسّها التاريخي، فبدلًا من تفكيك منظومة الفساد والاستعلاء، أعادت تدويرها بأسماء وشعارات جديدة. لم يدركوا أنّ النظام الذي رفع شعار "هي لله" كان في الواقع مشروعًا اقتصادياً–طبقياً لتوريث الغنيمة، قسّم الدولة إلى دوائر ولاء، واستبدل مفهوم الدولة الحديثة بمفهوم "الفتح"، والمواطنة بـ"البيعة" وهذا مافعلته الفاشية أيضا!
    ٤/ الفاشية والهوية: من وهم الخلاص إلى انهيار الدولة
    جوهر المشروع الإنقاذي كان فاشية دينية ذات بنية عنصرية. لم يكن الدين هنا إيمانًا روحيًا، بل أداة سياسية لإعادة إنتاج طبقة الهيمنة العربية–الإسلامية التي ورثت موقع المستعمر. أعاد النظام تعريف الانتماء الوطني: من لا يتحدث العربية بلكنة امدرمان، أو لا ينتمي إلى الإسلام السني المركزي، فهو "أدنى مرتبة". وهكذا، أصبحت الإبادة امتدادًا طبيعيًا لثقافة التفوق، لا حادثًا استثنائيًا.
    ففي دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق، لم تكن الحرب مجرد "تمرد"، بل كانت تعبيرًا عن نزعة إبادة مُأسسة ترى في المهمشين أجسادًا قابلة للإزالة، لا مواطنين. تلك هي ذروة الاستعلاء الاستعماري الذي أعيد إنتاجه محليًا: أن يصبح الضحية "غير إنسان"، فتُبرّر جريمة قتله باسم الدين والوطن.
    ٥/ بين الفساد والخوف
    أحكمت دولة الإنقاذ قبضتها بثلاثة أسلحة: الفساد، والدين، والخوف. فاشترت الولاءات بالمال، وابتزّت الناس باسم الجنة والنار، وكمّمت الأفواه بالقمع والاعتقال. بذلك تحوّل السودان في عهدها إلى ما يسميه بيير بورديو بـ"مجتمع الغنيمة"، حيث تُقاس المواطنة بدرجة القرب من المائدة السلطوية، لا بحقوق الإنسان.
    ورغم هذه الكارثة الممتدة ثلاثين عامًا، فشلت النخب في صياغة مقاومة فكرية أو أخلاقية حقيقية. لقد ظلت تحارب النظام بخطابٍ إصلاحيٍ هشّ، دون أن تمسّ جذره الفلسفي القائم على رفض المساواة والعلمانية والمواطنة. كانت الثورة المؤجلة التي لم تحدث في العقل قبل أن تحدث في الشارع.
    لقد كان عهد الإنقاذ أكثر من مجرد حكمٍ شمولي؛ كان مدرسةً فاشية ممنهجة في نزع إنسانية الإنسان، وفي تحويل الدولة إلى آلةٍ عقائديةٍ للقتل والنهب باسم الله. على مدى ثلاثين عامًا، تمّ تفكيك مؤسسات الدولة وإعادة تشكيلها على أسس الولاء الديني والعرقي، فغابت المواطنة وحلّ محلّها الانتماء الأيديولوجي، وتحوّل الدين إلى أداة تعبئة، والتعليم والخدمة المدنية إلى ميادين للهيمنة والفرز الاجتماعي. ومن هذا الجحيم خرج السودان مفككًا وممزقًا، يحمل في جسده كل أمراض تلك المرحلة من: الاستعلاء، الفساد، والعنف كأداةٍ للوجود السياسي.
    لقد كانت الحرب الأهلية التي اندلعت في أبريل 2023 نتيجةً حتمية لتلك الديناميكيات التي أسّستها النخب عبر عقود من التواطؤ والتعامي عن جذور الأزمة. وما جرى في الفاشر في أكتوبر 2025 — من هزيمة جيش الدولة القديمة وطرده من إحدى أهم حامياته — لم يكن سوى تجليًا مأساويًا لانهيار الدولة التي شُيّدت على الولاء بدل القانون، وعلى الإقصاء بدل المساواة. إن معركة الفاشر لم تكن سوى مرآةً كاشفة لحقيقةٍ أعمق: أن السودان اليوم يدفع ثمن فشلٍ تاريخيٍ متراكم، وأن الخراب الذي صنعته النخب لا يمكن إصلاحه بالأدوات ذاتها التي أنتجته.
    وهكذا، يلهث السودان اليوم خلف "الرباعية" الدولية لتفرض عليه ما عجزت نخبه عن تحقيقه بنفسها: الحدّ الأدنى من الإنسانية، وحقّ الناس في العيش والمواطنة والمساواة. وهي مفارقة تاريخية مريرة — أن يتحوّل وطنٌ كان يُفترض أن يكون منارة للتحرر الإفريقي إلى ساحةٍ لإعادة إنتاج التبعية، لا لأن الخارج أراد ذلك، بل لأن الداخل لم يتعلم شيئًا من تاريخه، ولايزال يعد بالمزيد من الفشل والسقوط علي حد المكابرة!!

    نواصل في الجزء الثالث

    النضال مستمر والنصر اكيد.

    (أدوات البحث والتحرير التقليدية والإليكترونية الحديثة استخدمت في هذه السلسلة من المقالات)























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de