من الاستقلال إلى الرباعية – كيف أوصلت النخب السودانية البلاد من 1965 إلى 2025 إلى "لحظة الوصاية الد

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 10-28-2025, 12:32 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-26-2025, 11:34 PM

خالد كودي
<aخالد كودي
تاريخ التسجيل: 01-01-2022
مجموع المشاركات: 167

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
من الاستقلال إلى الرباعية – كيف أوصلت النخب السودانية البلاد من 1965 إلى 2025 إلى "لحظة الوصاية الد

    11:34 PM October, 26 2025

    سودانيز اون لاين
    خالد كودي-USA
    مكتبتى
    رابط مختصر



    من الاستقلال إلى الرباعية – كيف أوصلت النخب السودانية البلاد من 1965 إلى 2025 إلى "لحظة الوصاية الدولية" -١

    1-4

    25/10/2025 خالد كودي بوسطن

    مقدمة: من الاستقلال إلى لحظة الحساب التاريخي
    منذ اللحظة الأولى لرفع العلم في يناير 1956، كان يمكن لمن يمتلك بصيرة تاريخية أن يدرك أن الرؤية القاصرة والقدرة المحدودة للنخب السودانية بيمينها ويسارها ومابينهما ستقود حتمًا إلى المأزق الكارثي الذي نعيشه اليوم. فقد جاء الاستقلال سياسيًا لا تحرريًا، شكليًا لا مؤسسيًا، إذ ظنّت تلك النخب أن إعلان الاستقلال من داخل البرلمان يُكمل مهمة النضال الوطني، بينما أغفلت أن التحرر الحقيقي لا يتحقق بمجرد رحيل المستعمر، بل بإنهاء آثاره البنيوية في الوعي والإدارة والثقافة. وهكذا، فإن ما نعيشه اليوم ليس سوى النتيجة الطبيعية لذلك القصور المبكر في الرؤية، حين رفعت النخب العلم دون أن ترفع معه مشروعًا وطنيًا شاملًا لبناء الدولة الحديثة — وهذا ما سنثبته في هذا المقال، من خلال تتبّع المسار التاريخي الذي قاد من لحظة رفع العلم إلى لحظة الانهيار الراهنة، حيث تكرّر الفشل ذاته بأقنعة مختلفة.
ومتى ما استمرّت هذه النخب في استمراء المراوغة والنكران، فإن الخراب سيتعمّق أكثر، والسقوط سيتواصل بلا قاع، لأن الأمم التي ترفض مواجهة ماضيها محكومٌ عليها بأن تعيش في ظله إلى الأبد.

    في فلسفة التاريخ، كما عند هيغل وراينهارت كوزيليك، لا يُقاس التاريخ بالأحداث ذاتها بل بقدرة الأجيال على مساءلتها. فالمجتمعات التي لا تُراجع ماضيها تُعيد إنتاج كوارثه. لذلك، فإنّ إعادة قراءة التاريخ ليست نكوصًا ولا انتقامًا من الأسلاف، بل هي فعل أخلاقي وسياسي بامتياز يهدف إلى إنقاذ المستقبل من جاذبية الأكاذيب القديمة. فكما أعادت أوروبا النظر في رموزها القومية بعد الحربين العالميتين — من بونابرت إلى موسوليني وهتلر وليوبولد — وكما أعادت روسيا تقييم إرث ستالين، وجنوب إفريقيا مساءلة إرث الأبرتهايد، كذلك ينبغي للسودانيين أن يواجهوا إرث نخبهم وأبطالهم القوميين، أولئك الذين خُيّل إليهم أنهم يصنعون المجد، فإذا بهم يؤسسون للانقسام والدمار.
    إنّ ما يفرضه علينا التاريخ اليوم- بما وصلنا اليه من دمار- ليس تمجيد من يسمونهم ب "الآباء المؤسسين"، بل إخضاعهم لمعيار الحقيقة: هل بنوا دولة المواطنة، أم رسخوا دولة الامتياز والولاء؟
من إسماعيل الأزهري وعبد الله خليل إلى جعفر نميري، ومن الصادق المهدي إلى عمر البشير، من معهم، تشكّلت طبقة حكم متوارثة أقامت أركانها على الدين والقبيلة والطائفة بدل أن تبني دولة القانون والمؤسسات- دولة المواطنة. هذه النخب، التي كانت تزهو بخطاب "الوطنية"، هي ذاتها التي حوّلت الوطن إلى ساحة صراع دائم، حتى صار السودان اليوم في العام 2025 خاضعًا لوصاية الرباعية الدولية، التي تملي عليه كيف يوقف حربه، وكيف يتصالح مع ذاته، وكيف يعيد تعريف إنسانيته حتي!

    إنها وصمة عار وطنية أن يصبح مصير السودان موضوعًا تُديره قوى خارجية، لأن نُخبه فشلت في أن تُدير اختلافاتها بعقلٍ أخلاقي ورؤية إنسانية.
إنّ مواجهة هذا العار ليست شتيمة للماضي، بل واجب أخلاقي لتقويم الحاضر. فـالتاريخ لا يُنقذنا إلا إذا أعدنا قراءته بصدق، لأن الشعوب التي تخشى نقد أبطالها تُصبح رهينة لأخطائهم!
    هكذا، لم يعد السؤال اليوم عن " السيادة والاستقلال" بمعناه الرمزي، بل عن المسؤولية الأخلاقية: كيف وصلت أمة حُرّة منذ سبعة عقود إلى أن تُدار أزماتها بأيدي الآخرين؟
الجواب لا يكمن في "المؤامرة الخارجية"، بل في الخذلان الداخلي، في تلك النخب التي استبدلت مشروع التحرر بمشروع السيطرة، واستبدلت فكرة الوطن بفكرة الامتياز، فحوّلت السيادة و الاستقلال إلى إقطاع سياسي يتناوب عليه الورثة، ووقفا لما وصل الوطن اليه، فقد حان وقت الحساب!

    أولًا: النخبة السياسية بين الارتباك والمصلحة (1956–1969
    تكوّنت النخبة السودانية التي تولّت مقاليد الحكم عقب الاستقلال من الطبقات الوسطى المتعلمة في مدارس الإدارة الاستعمارية، ومن زعامات الطوائف الدينية الكبرى المرتبطة تاريخيًا بالإدارة البريطانية–المصرية، وبالاقتصاد النيلي الزراعي الذي شكّل مركز الدولة الحديثة.
لقد جاء معظم هؤلاء من أبناء المدن النيلية الكبرى — الخرطوم، أم درمان، بحري — ومن أسر ارتبطت بالمصالح الاستعمارية عبر التعليم والمناصب البيروقراطية، أو بالسلطة الروحية عبر طرق مثل الأنصار والختمية.
بعبارة أخرى، نشأت النخبة السودانية الأولى في حضن الاستعمار، وتشرّبت رؤيته للعالم قبل أن تستلم سلطته.
    كان الاستعمار البريطاني قد بنى إدارته على فكرة "الحكم غير المباشر"، معتمدًا على الزعامات الاسلامية المحلية والقبلية، ومكرّسًا فكرة التفوق الثقافي للمركز النيلي المسلم/العربي على بقية السودان.
وحين غادر البريطانيون، سلّموا أدوات هذه الهيمنة لنخبةٍ واصلت نفس النهج:
استبدلت الوالي البريطاني بـ"الزعيم الوطني"، والإدارة الاستعمارية بـ"الدولة الوطنية"، لكنها لم تستبدل جوهر السلطة، أي الهيمنة الثقافية والاقتصادية على الأطراف.
    منذ أول برلمان سوداني (1956)، تشكّلت الحكومات الائتلافية بين حزب الأمة (امتداد الطائفة الأنصارية بزعامة آل المهدي) والحزب الوطني الاتحادي (الذراع السياسي للطائفة الختمية).
كانت هذه الأحزاب تقوم على الولاء الطائفي لا البرنامج السياسي، وعلى شبكة المصالح لا المبادئ.
فلم تُبنَ دولة المواطنة، بل دولة التوازنات الطائفية؛
ولم يُكتب دستور دائم يقوم علي المواطنة، بل أُدير السودان بعقلية "المجالس الأهلية" التي خلّفها البريطانيون لإدارة "السكان الأصليين" في نظرهم.

    أمّا مسألة الجنوب — وهي الاختبار الحقيقي لفكرة الدولة الحديثة حينها— فقد أُجلت وتم الاحتيال عليها، لأن النخب الحاكمة لم ترَ في الجنوب وأقاليم الهامش إلا امتدادًا لصورة المستعمَر في ذهن المستعمر القديم.
ففي الوعي العميق لتلك النخبة، كان الجنوب والجبال والشرق ودارفور مناطق "متخلفة" و"بدائية" ينبغي "تمدينها" وإدخالها في "نور الثقافة العربية الإسلامية"، وفق التصورات التي غرسها الخطاب الكولونيالي نفسه.
وبذلك أعادت النخبة إنتاج الاستعمار داخليًا، حين تعاملت مع مواطنيها بمنطق "التحضّر" و"الوصاية"، لا بمنطق الندية والإنسانية والمواطنة المتساوية.
    إسماعيل الأزهري، عبد الله خليل، ومحمد أحمد المحجوب — ثلاثة من أوائل رؤساء الوزراء — مثّلوا ما يمكن وصفه بمفهوم غرامشي بـ "الهيمنة الثقافية للنخبة المحافظة"، أي النخبة التي تستمد شرعيتها من الماضي لا من المستقبل، من الرمزية الطائفية لا من العقد الاجتماعي.
كانوا يتحدثون عن "الوحدة الوطنية" بلسان المركز النيلي، بينما يمارسون الإقصاء المناطقي والعنصري في واقع السياسة والإدارة.
رأوا السودان من منبر أم درمان، لا من سفوح جبال النوبة أو ضفاف النيل الأزرق أو وديان دارفور، فظلّت الدولة بالنسبة إليهم إطارًا للسيطرة لا فضاءً للمواطنة.
    وهكذا تشكّل منذ البدايات ما يمكن تسميته بـالاستعمار الداخلي:
دولة تتحدث باسم التحرر، لكنها تكرّس نظامًا اجتماعيًا واقتصاديًا وثقافيًا يقوم على وراثة المستعمِر في أدواته، واحتقار المستعمَر في خياله.
ومن هنا بدأ الفشل البنيوي الذي سيمتد لاحقًا إلى كل تجارب الحكم في السودان حتى اليوم كما سنثبت في هذا المقال.

    ثانيًا: العسكر وحلم الدولة المتعذّر (1969–1985
    حين قاد جعفر محمد نميري انقلاب مايو 1969، رفع شعارات الثورة والعدالة الاجتماعية، ووعد بإقامة دولة التحرر الوطني ومجتمع المساواة. غير أنّ انقلابه سرعان ما تحوّل إلى نظام سلطوي مغلق، ألغى التعددية السياسية، وصادر النقابات، وأخضع مؤسسات التعليم والإنتاج لهيمنة العسكر، محوّلًا الجيش إلى أداة للهيمنة لا وسيلة للحماية، والتعليم أداة لغمط الهوية.
    في عهده، جرى تفكيك البنية النقابية، ومُصادرة اتحادات المزارعين والعمال، وأُخضعت الجامعات لرقابة أمنية، وتحوّل الاقتصاد إلى اقتصاد حرب وبقاء. وفي خاتمة عهده، شهد السودان واحدة من أكثر جرائم التفكير ظلمة، حين أُعدم المفكر محمود محمد طه عام 1985، في تجسيد مأساوي لتقاطع الاستبداد العسكري مع الهوس الديني في وأد العقل وقتل الكلمة باسم "الهوية" و"الشريعة".

    لكن ما يلفت النظر في تجربة نميري ليس فشله السياسي فحسب، بل التحوّل الأيديولوجي الذي جسّده: من التحالف مع الحزب الشيوعي واليسار السوداني في بدايات حكمه والذي فشل، إلى الارتماء في أحضان الإسلاميين في نهايته.
ذلك التحول لم يكن مصادفة، بل انعكاسًا لبنية الشخصية العسكرية السودانية نفسها بنية متوترة، متناقضة، تشكّلت في رحم المركز النيلي، واكتسبت هويتها من مزيج من الانضباط الاستعماري البريطاني والنزعة الأبوية الطائفية العنصرية التي غذّتها النخب السياسية.
    لقد تكوّن الجيش السوداني الحديث في زمن الاستعمار، ضمن "قوة دفاع السودان"، وهي مؤسسة صُممت أساسًا لحماية المصالح البريطانية لا لتمثيل المجتمع السوداني.
كان معظم ضباطه من مناطق الوسط والشمال النيلي، وتدرّبوا في مدارس عسكرية بريطانية الطابع، حيث غُرِس في وعيهم مفهوم "الانضباط الإمبراطوري" المرتبط بالطاعة لا بالفكر، وبالتراتبية لا بالمواطنة.
وبذلك، حين تسلّم هؤلاء الضباط الحكم، حملوا في داخلهم تكوينًا مركّبًا من الاستعلاء والانغلاق: استعلاء ثقافي يرى في الهامش "غير المتحضر"، وانغلاق ذهني يرى في الفكر المدني خطرًا على النظام والانسجام، فقد كانوا جهلاء بلهاء منتفخي بالأوهام ولايزالون!
    إنّ التحول من اليسار إلى الهوس الديني لم يكن مجرد مناورة سياسية، بل استجابة داخلية لطبيعة الشخصية العسكرية ذاتها، التي تبحث دائمًا عن يقين مطلق يُخفي هشاشتها الفكرية.
فعندما فشلت تجربة نميري اليسارية في إنتاج نموذج للعدالة، لجأ إلى الدين كآلية إنقاذ رمزي، ليعيد لنظامه شرعية مفقودة وغير مستحقة. لكن الدين هنا لم يكن إيمانًا بقدر ما كان أداة سلطة؛ فتم استدعاء الشريعة الإسلامية عام 1983 لا بوصفها مبدأً أخلاقيًا، بل بوصفها سلاحًا سياسيًا ضد الخصوم، وضمانة للاستمرار.
    هذا الانتقال من الشيوعية إلى "الشريعة" يُظهر قابلية الذهنية العسكرية السودانية — مثل كثير من جيوش العالم الثالث — للعودة الدائمة إلى الهوس الديني أو العرقي كلّما واجهت أزمة شرعية. فالمؤسسة العسكرية التي لم تتجذر فيها ثقافة الدولة المدنية - دولة المواطنة الحديثة تجد في المقدّس (الدين أو الاثنية أو الجهوية) ملاذًا تبريريًا لأي بطش.
    وهكذا، تحوّل الجيش السوداني إلى وريث داخلي للذهنية الاستعمارية:
ذهنية ترى في المهمشين — من دارفور والنوبة والفونج والشرق ... "بشرًا ناقصي الإنسانية"، يمكن إخضاعهم أو التخلص منهم باسم "الوحدة الوطنية" أو "الدفاع عن العقيدة"...الخ...
فمنذ أن صاغ البريطانيون مفهوم "السودان المفيد" مقابل "السودان المتروك"، بقي هذا التقسيم فاعلًا في لاوعي النخبة العسكرية والسياسية على السواء، يبرر القتل والإقصاء بوصفه "تحضّرًا" و"تمدينًا"!
    لقد مثّل عهد نميري، إذًا، نقطة تكثيف مأساوية للعلاقة بين العسكر والدين، بين المركز والهامش، وبين خطاب الدولة وخطاب المستعمِر.
فمن اليسار إلى اليمين، ومن "العدالة الاجتماعية" إلى "تطبيق الشريعة الاسلامية"، ظلّ حلم الدولة الحديثة في السودان مؤجلًا ومؤممًا في يد العسكر، الذين استبدلوا فكرة الوطن بفكرة النظام والقمع، وفكرة الإنسان بفكرة السيطرة الانصياع القسري!

    نواصل في الجزء الثاني.

    النضال مستمر والنصر اكيد.

    (أدوات البحث والتحرير التقليدية والإليكترونية الحديثة استخدمت في هذه السلسلة من المقالات)























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de