تحرير الفاشر: نهاية الحصار وبداية الدولة التأسيسية
«استعادة الثورة لا تكون بتكرارها، بل بتصحيح مسارها… وكفانا أجيالًا كتبت فأعتمت! صدقوني، نحن في زمنٍ صار فيه بصيص النور هو العتمة نفسها.»
١. من قلب الحصار إلى فجر التحرير بعد شهورٍ طويلة من الحصار الخانق، سطّر اليوم ""٢٦ اكتوبر ٢٠٢٥"" أبطال الدعم السريع ملحمةً جديدة في مدينة الفاشر، عاصمة دارفور التاريخية، التي كانت آخر حصون الجيش التابع للحركة الإسلامية وفلول النظام البائد. لقد كان الحصار طويلاً وقاسيًا، أحاطت خلاله قوات الدعم السريع بالمدينة من كل الجهات، بينما اتخذت قيادة الفرقة السادسة المواطنين دروعًا بشرية، ومنعت مرور المساعدات الإنسانية في انتهاكٍ صارخ لكل القوانين الدولية.
طوال تلك الشهور، عاش أهل الفاشر أيامًا من الجوع والمرض وانقطاع الماء والدواء، بينما كانت المليشيات الإسلامية المشتركة تحتمي بالمدنيين وتغلق المستشفيات وتستولي على الإمدادات. لكن صبر الناس لم يذهب سدى. فقد تلاقت إرادة المقاومة الشعبية في الهامش مع إصرار قوات الدعم السريع على كسر الحصار دون المساس بأرواح الأبرياء، حتى حانت لحظة الحسم.
٢. انهيار الجيش وفلوله المشتركة في السادس والعشرين من أكتوبر ٢٠٢٥، انهارت الفرقة السادسة بالكامل بعد معارك طاحنة دامت أيامًا، دُمّرت خلالها الآليات الثقيلة، وسقطت خطوط الدفاع التي كانت تُوصف بأنها القلعة الأخيرة لجيش الكيزان. لم يعد للجيش الموحد المزعوم من أثرٍ إلا بعض الجيوب المشتتة، فيما فشل تحالف الفلول والمليشيات المشتركة — التي جمعت عناصر من الأمن الشعبي، وحركات مأجورة، ومرتزقة أجانب — في الصمود أمام التحالف الشعبي الوطني الذي التفّ حول مشروع التأسيس.
وبتحرير الفاشر، انتهت فعليًا قدرة الحركة الإسلامية العسكرية على المناورة في الغرب، وتأكد أن زمن القهر المركزي قد ولى، وأن صوت الهامش هو من يكتب الآن معادلة الدولة الجديدة.
٣. فكّ الأسرى وحماية المدنيين عقب التحرير، بادرت قوات الدعم السريع إلى فكّ أسر مئات المدنيين والمجندين القُصّر الذين كانوا محتجزين قسرًا داخل الثكنات وتحت أوامر المليشيات الإرهابية. وقد تمت معاملتهم بروح المسؤولية الوطنية وبموجب القانون الإنساني، وتمّ تأمينهم وتقديم الغذاء والرعاية الطبية لهم، في مشهدٍ نادرٍ في حروب السودان. بهذا السلوك الإنساني، أثبتت قوات الدعم السريع أن المعركة لم تكن انتقامًا، بل تحريرًا للوطن والإنسان معًا.
٤. الفاشر… رمزية التحول الوطني سقوط الفاشر ليس سقوطًا لمدينةٍ فحسب، بل سقوطٌ لزمنٍ كاملٍ من الاستعلاء والتمكين الذي دمر البلاد منذ انقلاب الكيزان عام ١٩٨٩. هي المدينة التي شهدت آخر صراعٍ بين جيش الطغيان وإرادة الشعب، وها هي اليوم تعلن ميلاد الدولة التأسيسية الجديدة — دولة تشارك فيها كل الأقاليم، ويُبنى فيها الجيش على أسسٍ قوميةٍ ومهنيةٍ لا مكان فيها للولاء الأعمى.
هذا النصر هو قصاصٌ عادل لأرواح الشهداء في دارفور وكجبار والقيادة العامة، ورسالة واضحة لكل من لا يزال يحلم بعودة حكم القهر باسم الدين أو القبيلة: أن السودان الجديد قد وُلد، ولن يعود إلى الوراء.
٥. نحو سودانٍ جديد تحرير الفاشر يؤذن ببداية مرحلة البناء والسلام الحقيقي. فقد أكدت قوات الدعم السريع في بيانها أنها ستعمل بالتنسيق مع حكومة تأسيس السودان على حماية المدنيين، وتسهيل عودة النازحين، وتوفير احتياجاتهم الأساسية. إنها معركة الديمقراطية التي لا تُخاض بالسلاح وحده، بل بالعقل والضمير والقدرة على تجاوز مرارات الماضي نحو دولةٍ حرةٍ عادلةٍ متصالحةٍ مع نفسها.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة