على الرغم من إختلاف الآراء حول إنطلاق التفاوض للاجل ايقاف الحرب منذ الأمس وما اشيع وانتشر عنها من لغط وانقسام في الآراء ما بين مصدق ومكذب ومستنكر ومرحب الا أن الشواهد والدلائل على أرض الواقع تنفي احتمالية إيقافه أو التوصل إلى إتفاق حوله.
ما يظهر جليا هو استمرارية الحرب وعدم توقفها قريبا ما لم يكن هناك قناعة عقلية حقيقية بإيقافها وهذه القناعة ليست متوفرة لجيش الحركة الإسلامية الذي يعي جيدا ان لا مستقبل حقيقي لقيادته الحقيقية ودولته العميقة إذا ما توقفت الحرب و يعلمون بأن ثورة ديسمبر المجيدة ما زالت حية في القلوب ولم تطفئها الزمن ولو اشغل أهلها النزوح والكروب والتشرد وإذا ما عادوا بعد توقفها سيكون قولهم وعملهم مرة أخرى "اي كوز ندوسو دوس".
لن تتوقف الحرب ما لم يحقق الإسلاميون أهدافهم التي أشعلو النار من أجلها لوأد التحول الديمقراطي ومدنية الدولة التي بدأت مؤشراتها تلوح في الأفق ، ووأد أحلام السودانيين بوطن يليق بهم. بعد أن استنفدت جميع حيلهم ومن ثم لجوئهم لاستخدام العنف كأحد الأدوات التي يجيدونها .
العنف الذي يؤمنون به أكثر من الله الذي يتخذونه ستارا، العنف الذي وسم التاريخ الإنساني، وسماه ماركس قابلة التاريخ، وعدد إنجلز دوره فيه كأداة تحرك التاريخ حين تفشل الحلول السلمية، وأن الأفكار المثالية عاجزة عن مواجهته، وأنه ضرورة عندما تنسدل سبل التغيير السلمي، وآمن به حسن البنا وجماعته الإجرامية في تحقيق الأهداف السياسية. فلا غرو إذا ما التقيا مع بعضهم البلبسة.
ايمان الإسلاميين بالعنف كطريقة وصول وبقاء في السلطة يسمونه "جهاد" ولو كان جهادا ضد "مسلمين مثلهم". في حين انه في حقيقته مجرد تمسك مادي ودنيوي بالسلطة وما يتمخض عنها من امتيازات وممارسات عايشها الشعب السوداني الشعب خلال ثلاثين عام.
وبعد كل الدمار الذى احدثوه لن تجدهم يأسوا او بحزنو على شئ واهمين أنفسهم بحلم العودة بإعمار شكلي للبنايات المهدمة و تنظيف شوارع المغفرة و متوهمين بأن السودان قد عاد إليهم وان الحرب إنتهت والأمن مستتب وانهم "سيعيدونها سيرتها الأولى" عن طريق التحايل على الوعي الشعبي المدرك جيدا بأن مبررات الحرب ما زالت قائمة ومشعلوا اوراها ما زالوا احرارا وطلقاء بل ويهددون حتى الجيش المختطف والعاجز.
في الوقت الذي يسخرون فيه من ثورة ديسمبر المجيدة ومع دعوتهم لتغيير المناهج وطمس دروس الثورة بالمناهج الدراسية لايزال الغالبية العظمى من الشعب السوداني متمسكين بمبادئها وستظل ديسمبر هي المرجعية والمشروعية وستظل ارواح شهدائها كابوسا يطارد ليل الطغاة..ومحكمة حية ومفتوحه لا تسقط بالتقادم ولا يحجبها دخان المعارك العبثية مهما تكاثف. Image
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة