القوات المسلحة التي كانت صارمة في رصد كل تحركات المليشيا المارقة وكبح جماحها، في كل الحروب التي خاضتها معها، إلا أن جهدها الأساسي انصّب على أن تفقد داعميها الغرض الذي توخوه منها، فالقوات المسلحة التي لا نظن أن لها نظير في أي بلد، اعتبرت بالحوادث، وعملت على صون تراثها الذي لا يرضخ للمؤثرات الخارجية، فالعقد المبرم بين هذه القوات الباسلة وبين شعبها، أن ترعى حقوق الوطن، وأن تبذل ما وسعها من جهد، لتدفعه عن حياض الردى، وأن تكرس كل امكانياتها، لاجهاض أي مخطط يسعى مشروعة الجرئ لتغيير وبعثرة أشكال الدولة السودانية، ونحن نعتقد جازمين بأن قواتنا المسلحة قد أبرت بهذا العقد المبرم واحتفت به، وتكفلت بصونه وحمايته من عدوان الطامحين والمتربصين. إن الحقيقة التي لا يمكن الاقتراب منها، أو الابتعاد عنها، أن مليشيا الدعم السريع التي تم تغطيت جلدها الحالك بالبقع البيضاء، كانت مجرد حجاب رث، لاخفاء أحقر غاية سعت لها تلك الدول الباغية، التي أرادت أن يدخل السودان في دائرة نفوذهم وحقوقهم، لقد حاولت هذه الدول بواسطة ذرائع و ادعاءات مختلفة، أن تهيمن على موارد ومكتسبات هذه الأمة، ولكن قواتنا المسلحة التي نحسن فيها الاعتقاد، والتي تستحق منا أكثر من نظرة اكبار، لا يمكن لأي جهة مهما استفحل شأنها، أو عظمت شوكتها، أن تخدعها أو تستزلها، أو تخضعها لشيء لا تبتغيه، لقد كان من الطبيعي إذن أن يتصدى جيشنا الجسور لعرقلة تلك الخيوط التي كانت تغرق في السكون، وتتمطى في الظل، وتنبسط في السعة، وأن تشكل فرقه، وألويته، وكتائبه، جوهر المقاومة لتلك النزعات الغامضة والجلية، وأن يسحق آمالها العراض، ويجعلها عرضة للتلف، فقواتنا المسلحة التي عاشت في محيط وطني محض منذ نشأتها، برهنت لنا من نواح عدة، أن لها نظام شامل ومستقل عن الوجود، يبغض تلك الافتراضات المتعالية، التي ترمي أن تعيش من خيراته في بذخ طائل. نظام القوات المسلحة السودانية يأنف إذن من أن يوجهه أحد وفق ارادته، ونحن نستطيع أن نسهب ما وسعنا الاسهاب في شرح مفاهيم هذا النظام وقوانينه الخاصة، التي لا تسمح بتجاوز منظومة الوطن، أو يعبث أحدهم برسم دائرتها الأبدية، إن التصور الجلي لهذا النظام الذي ارتضته القوات المسلحة، والمعد لأبعد حد، والذي لا ينبغي لوطني غيور أن ينظر في مدى صحته أو اختلاله، ينهض على عدة ركائز أساسية، هي التي تشيع في نفوس منتسبيها روح الرجولة والفداء، فالسلوك الجماعي لهذه المؤسسة الخالدة التي تضج بالحماسة والتواقة إلى العلياء، وكلاسيكيات فلسفتها، وأوسع جوانب عقيدتها، لا تزال في مسارها الصحيح، فهي لا تسمح مطلقاً باختلال النظام العام للدولة، وشيوع الفوضى في أرجائها، كما أنها تتطوع دوماً بصياغة قائمة من اللوائح، تمهرها هي بختمها الشريف المضرج بالدماء، لائحة تبيح لها أن تطلق في نفسها عنانها، وتوصل فيها إلى غايتها، لائحة مفصلة على غرار تلك النظم التي تقدم صياغتها بعد تنظير شديد الضبط والاحكام، تنظير يستغرق حيزاً مقدراً من الوقت والاهتمام، يميط اللثام عن الدور المنوط بالقوات المسلحة، وسعة مهامها وواجباتها، وحتى نأمن من الخطأ ونسلم من الزلل، نزعم أن بعض بنود هذه اللائحة يتضمن صون التراب، وحماية الأعراض، وبقاء النوع الإنساني، والعيش الجماعي الآمن. والقوات المسلحة التي تسمتد أسمى مكانتها، وأعظم نفوذها من أطر الانتماء لهذا البلد الذي تركض فيه المصائب، وتتسابق إليه النكبات، لا تطيق النظم السياسية التي تدأب على تحصيل قوتها وضرورياتها، بالتماهي مع أجندات الدول الاستعمارية، فالعقيدة الراسخة للقوات المسلحة التي لا يجادل أحد في بدهياتها، أن مثل هذه الأنظمة التي تنكرها مسلماتها وتستهجنها نصوصها، الشيء الذي لا اجتهاد فيه ولا تنازع، أن القوات المسلحة ملزمة باسئصال شأفة مثل هذه الأنظمة، لأن في تركها ما يفضي إلى الهرج، وسفك الدماء، وإذهاب النفوس، تماماً كما حدث في عهد حكومة السيد "حمدوك" التي لم ينجز في ظلها أي شيء من معالم تحقيق الأمن والعدل والعمران. د.الطيب النقر
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة