أن حالة الاستقطاب التي كانت متصاعدة في المجتمع خلال اليومين الماضيين، و التي كانت تدور في الوسائط الإعلامية قد تراجعت منذ مساء الأمس.. حيث كان البعض يعتقد أن الرباعية سوف تمثل أداة ضغط و قمع لتمرير حلول على قضية الحرب الدائرة في السودان، و كان الاعتقاد أيضا أن الرباعية سوف تستخدم نفوذها بهدف وقف الحرب و تمرير أجندة أعدتها سلفا، لكي تلزم بها الجيش، كل ذلك جاء بهدف حالة الاستقطاب، و الكسب وسط الحركة الجماهيرية.. و الكل يحاول أن يثبت أن هناك تصورا قد عرض على البرهان في زيارته الأخيرة لجمهورية مصر.. و زاد عملية الاستقطاب أن البرهان لم يتحدث عن الزيارة و مادار و قد أكتفت السلطة الحاكمة ببيان وزير الخارجية.. و جاء التركيز على كلمتين في بيانه، حيث قال ( إن وجهات النظر قد تطابقت بين رئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بشأن مبادرة الرئيس الأمريكي، دونالد ترمب، التي أسهمت في وقف الحرب في غزة وخلقت أجواء إيجابية تمهّد لتحقيق سلام دائم في المنطقة( وأضاف قائلا (أنهما اتفقا أن من مصلحة جميع الأطراف الاستفادة من هذه الأجواء في عموم المنطقة، بما في ذلك الأزمة في السودان( فهم من حديث الوزير أن البرهان وافق على عروض قدمتها الرباعية، و أنه سوف يخضع للضغوط.. لذلك اشتعلت الوسائط الإعلامية.. و يرجع ذلك لآن البرهان أحجم عن الحديث بعد زيارته للقاهرة.. كان المطلوب بالفهم الإعلامي و الصحفي أن يجرى لقاء صحفي مع وزير الخارجية لكي تتبين الأراء.. و هنا العجز لا يلق على البرهان بل على وزير الإعلام و فهمه لعملية كيفية دحض الشائعات.. و أيضا لقصور إعلامي بأن قيادات الأجهزة عاجزة أن تبادر من تلقاء نفسها لكي تخرج الناس من دائرة الشائعات إلي توضيح الحقائق.. و أخيرا حسم رئيس مجلس السيادة و القائد العام للجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان الجدل الدائر في أداء واجب العزاء في الشهيد المقدم مزمل عبد الله ميرغني، و الذي كان قد استشهد في الفاشر.. و قال البرهان أن القوات المسلحة لا تستهدف قبائل أو إدارات أهلية، أو مواطنيين، بل تستهدف العدو الذي يقاتل ضدها أينما كان.. و أضاف البرهان قائلا أن العهد الذي قطعناه مع الشعب لن يكون هناك تفاوض مع الرباعية، أو غيرها، و أية جهة تريد أن تتفاوض معنا لكي تنهي هذه الحرب من أجل مصلحة السودان، و شعب السودان، و تعيد للسودان عزته و كرامته، و تبعد عنه احتمال إعادة التمرد في المستقبل نرحب بها و نتعامل معها. و قال أيضا أذكر ليس هناك جهة يمكن أن تفرض علينا حلولا لا نقبلها، إذا كان شخص أو حكومة أو مجموعة قد رفضها الشعب.. لآن الشعب قدم تضحيات كبيرة و لابد أن تحترم هذه التضحيات.. أن حديث البرهان يذهب في ذات الاتجاه الذي كان قد قاله من قبل و كرره كثيرا، أن تستسلم الميليشيا، و تقبل التجميع في مناطق يحددها الجيش و تنزع منها اسلحتها، و هذا لا يعني إسقاط عدم المحاسبة.. أن النشاط الإعلامي الكثيف الذي حصل بعد زيارة البرهان لمصر، و اللقاءات التي أجريت مع مسعد بوليس في عدد من وسائل الإعلام و تغريداته، مع صمت للسلطة في بورتسودان، دفع الآخرين في زيادة النشاط الإعلامي من خلال بعض الصحف الالكترونية و اللقاءات في "اليوتيوب" و غيرها من الوسائط الأخرى بهدف خلق رأي عام مساند إلي الرباعية، الأمر الذي يجعلها تحاول لممارسة الضغط على قيادة الجيش.. لكن كلها مرتبطة بقدرة الإقناع و ليس بالانتشار.. في جانب أخر: بدأت قوى سياسية في بورتسودات تتحرك، و تقدم دعوة لحوار مفتوح دون إقصاء، في محاولة لنقل الصراع من الوسائط الإعلامية، للأرض و داخل القاعات في السودان، و هي بالضرورة أفضل من الجري وراء أجندات خارجية لدول برجماتية تبحث عن مصالحها قبل مصالح الشعب السوداني، و يجب أن تكون الحلول السياسية نابعة من داخل السودان، و عبر حوارات القوى السياسية.. و يجب على النخب السودانية أن تتعلم أن تحل مشاكل السودان في الداخل، و ليس عبر الحدود و العواصم المختلفة، و قد أوضحت الحرب أن السودان محاط بالعديد من أنظمة الحكم الطامعة في ثرواته، أو التي لا تتردد في مساعدة أية دولة تستهدف السودان و ثرواته.. فالشعوب دائما تتعلم من تجاربها..الإ النخب في السودان التي تعودت أن تكرر ذات أخطائها..قضية الرباعية سوف تتكشف مقاصدها في أيام معدودات، و يتضح ختم القول.. و نسأل الله حسن البصيرة..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة