كيزانيات ٩: بين سيد قطب ودستور المدينة: الدين الكامل أم الإسلام المسَيَّس؟ كتبه د. احمد التيجاني س

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 11-08-2025, 10:58 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-19-2025, 03:20 AM

احمد التيجاني سيد احمد
<aاحمد التيجاني سيد احمد
تاريخ التسجيل: 08-16-2022
مجموع المشاركات: 526

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
كيزانيات ٩: بين سيد قطب ودستور المدينة: الدين الكامل أم الإسلام المسَيَّس؟ كتبه د. احمد التيجاني س

    04:20 AM October, 18 2025

    سودانيز اون لاين
    احمد التيجاني سيد احمد-ايطاليا
    مكتبتى
    رابط مختصر







    د. احمد التيجاني سيد احمد


    منذ أن دوّى صوت سيد قطب في منتصف القرن الماضي، وهو يُعلن أن الإسلام لا يعمل إلا إذا حَكَم، وأن الجاهلية ما تزال تحكم الأرض، بدأت رحلةٌ طويلة من تحويل الإسلام من نورٍ يهدي القلوب إلى سيفٍ يُسلَّط على الرقاب.

    لم يأتِ قطب بدينٍ جديد، بل بتأويلٍ سياسيٍّ غريبٍ جعل “الحاكمية” شعارًا بديلاً عن الإيمان، و”المعركة” بديلاً عن الدعوة، و”التمكين” بديلاً عن التقوى. وهكذا انقلبت روح الإسلام من الرحمة إلى الصدام، ومن الرسالة الإنسانية إلى الأيديولوجيا الحزبية.

    لكن، هل كان هذا هو الإسلام الذي جاء به محمد ﷺ؟ هل قال النبي الذي كتب دستور المدينة إن الدين يُفرض بالسيف أو يُختزل في سلطة؟ لقد أقام رسول الله ﷺ دولةً قائمةً على التعايش بين يهودٍ ومؤمنين ومشركين، وجعل أساسها المساواة في الحقوق والواجبات، لا الوصاية الدينية ولا التمكين السياسي.

    وفي حجة الوداع، حين اكتمل الدين، نزل قوله تعالى:
    «اليوم أكملتُ لكم دينكم وأتممتُ عليكم نعمتي ورضيتُ لكم الإسلام دينًا».

    فهل بعد هذا الاكتمال من عذرٍ لمن يزعم أنه “يُكمِّل” الدين بنظام حكمٍ أو حزبٍ أو راية؟ الإسلام الذي اكتمل في حجة الوداع لا يحتاج إلى تنظيمٍ سياسي يرفع اسمه، بل إلى ضميرٍ مؤمنٍ بالعدل والحرية.

    لقد كان الاختبار العملي لهذه الفكرة في السودان؛ حيث تسلّمت الحركة الإسلامية السلطة بانقلابٍ على الشرعية، ورفعت شعار “الإسلام هو الحل”، ثم حوّلت الدين إلى سلطةٍ باطشةٍ لا تعرف من الإسلام إلا شعاراته. أقامت نظامًا سمّته “الإنقاذ”، فهدم الإنسان والدولة والضمير، حتى صار السودان مثالًا فاضحًا لفساد تسييس الإسلام.

    لقد كتبتُ في مقالي عن الإخوان المصلحين أن الإسلاميين في السودان خاضوا امتحان التاريخ، فسقطوا في أول سؤال: كيف تحكم باسم الله وتكذب باسمه؟ نهبوا المال العام، استباحوا الدماء، دنّسوا المساجد بالتجسس، والمناصب بالمحاباة، وجعلوا من الشريعة مطيّةً للسلطان. فلم يكن نتاجهم دولةً إسلامية، بل دولةً مأزومةً بالدم والفساد والكراهية، تحتمي باسم الله وتخون الناس باسم الجهاد.

    قالوا “نحكم بشرع الله”، فملؤوا السجون بالمجاهدين الحقيقيين، وأطلقوا أيدي اللصوص والمنافقين. قالوا “نقيم دولة القرآن”، فاستباحوا حرمات القرآن، وحوّلوا آيات الرحمة إلى فتاوى قتلٍ وتكفير. ولم يدركوا أن الإسلام الذي يقهر الإنسان ليس من الله، بل من مرض السلطان.

    لقد أفسدت الحركة الإسلامية الدين كما أفسدت السياسة: قسّمت الناس إلى مؤمنٍ وعدوٍّ، وحاربت العلماء الأحرار، وحوّلت الدعوة إلى مشروعٍ للسيطرة، حتى صار الدين عندهم بطاقة عضوية في حزب، لا علاقةً بين العبد وربّه.

    وها هو السودان اليوم يشهد على سقوطهم المدوّي: ثلاثة عقود من الحكم باسم الله انتهت بدولةٍ مفكّكةٍ تُحاكم بجرائم ضد الإنسانية. سقطوا لا لأن خصومهم أقوى، بل لأن الله لا يُمكِّن للظالمين. لقد نُزعت البركة من سلطانهم، وسقطت أقنعتهم، وظهر للناس أن الإسلام الذي رفعوه رايةً لم يكن إلا سلّمًا نحو دنيا زائلة.

    أما الإسلام الذي جاء به محمد ﷺ فهو دين الحرية والرحمة والعقل، لا دين الخوف والطاعة العمياء. هو دين يقول: «وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ»، لا دين يبرّر قتل الأبرياء باسم الحاكمية. هو دين يدعو إلى الإصلاح لا إلى الانتقام، وإلى التوحيد لا إلى التمكين.

    فيا من بقي في قلبه لبس، انظر إلى ما فعلته الحركة الإسلامية في السودان: هل عمَّ العدل؟ هل ازدهرت الأخلاق؟ هل زاد العلم والإنتاج؟ كلا. ما زاد إلا الفقر والدمار، وما حصد الناس إلا الذلّ باسم الدين.

    الإسلام السياسي، من سيد قطب إلى البشير، كان مشروعًا بشريًا مريضًا بالغرور، أراد أن يُملي على الله كيف يُحكم الناس، فكان جزاؤه أن يُسقِط الله هيبته أمام الناس. وما بين قوله تعالى “لا إكراه في الدين” وبين قولهم “من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون”، امتدت مسافةٌ شاسعة بين الرحمة الإلهية والاستبداد البشري.

    لقد آن للأمة أن تفهم أن الدين لا يُنقَذ بالسلطة، بل بالصدق. ولا يُقام بالتمكين، بل بالعدل. ومن ظنّ أن الله يحتاج إلى حزبٍ يدافع عنه، فقد جهل الله وجهل الدين.

    إن الإسلام بريءٌ من الحركة الإسلامية كما برئ المسيح من تجّار الهيكل. وإن من أعظم الجرائم أن تُرفع راية الله فوق ظلم البشر.

    فليكن لنا دينٌ كامل كما أنزله الله، لا إسلامٌ مُسَيَّس كما شوّهته الجماعات. ولْتكن التجربة السودانية عبرةً لمن يعتبر، حتى لا يُعاد إنتاج المأساة باسم الله مرةً أخرى.


    د. أحمد التيجاني سيد أحمد
    قيادي موسس في تحالف تأسيس
    ١٩ أكتوبر ٢٠٢٥ – هلسنكي، فنلندا.

    Sent from my iPhone























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de