حين ننظر إلى تجارب الشعوب التي مرت بمآسٍ مشابهة لمأساتنا، ندرك أن ما نعيشه اليوم ليس فريداً ولا جديداً. فقد شهد العالم في رواندا واحدة من أبشع الإبادات الجماعية في التاريخ الحديث، لكنهم — بخلافنا — واجهوا الحقيقة بكل شجاعة، فحوسِب المحرض قبل الفاعل، وحوسِب الجميع بلا استثناء.
في رواندا، لم يُفلت من العقاب حتى من استخدم لسانه للتحريض دون أن يشارك بيديه في القتل أو النهب. أما نحن في السودان، فما زلنا نتلكأ، ونتحدث عن تسويات ومصالحات تشمل حتى من تلطخت أيديهم وضمائرهم بالدماء.
حسن نِكزي، إعلامي رواندي حرض على القتل أثناء الإبادة الجماعية هناك. لم يبقر بطناً، ولم يجز رأساً، ولم ينهب بيتاً أو يغتصب فتاة، بل اكتفى بالتحريض فقط، ومع ذلك كان أول من قُدم للمحاكمة.
فماذا تقولون عمّن ارتكبوا تلك الجرائم فعلاً؟!
عن نفسي، لن أقبل بأن يبقى أي محرض على الحرب جزءاً من المشهد القادم، ناهيك عمّن أصدروا الأوامر بالقتل والحرق والنهب.
لكن إن رأت الأغلبية أن قبول كل هؤلاء المجرمين بيننا، وإفلاتهم من العقاب هو الحل، فماذا بوسعنا أن نفعل؟ الله غالب.
وعموماً، هو مشهد متكرر، ونتيجته بالنسبة لي معروفة سلفاً.
ومن يلوم "صمود" وحدها لن يكون منصفاً أو موضوعياً، فنحن كشعب لم نتخذ الموقف الصحيح منذ اليوم الأول لحرب الكيزان وجنجويدهم، وانقسمنا حولها، ولم نظهر للعالم الخارجي أي عزيمة أو جدارة بأن نعيش على تراب هذا الوطن وفقاً لإرادتنا ومصلحتنا الوطنية، فماذا يُتوقع منهم أن يفعلوا؟
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة