صرح وزير خارجية سلطة الأمر الواقع غير الشرعية معلنا أنه "تطابقت وجهات النظر بين الرئيسين البرهان والسيسي بأن مبادرة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي أوقفت القتال في غزة قد أوجدت اجواء طيبة تهيئ لسلام مستدام في المنطقة ومن مصلحة المنطقة الإستفادة منها بما في ذلك إيقاف الحرب في السودان" !. وبالرغم من أن الحكومة برمتها ورئيس وزرائها لا وزن لتصريحاتها بإعتبار أنها مجرد سكرتارية للجنرال الإنقلابي المزمن، تؤدي دورها المرسوم في هتافية تحاول تجميل وجه السلطة القبيح، وتمتد لتشمل الهتاف لرؤساء دول الجوار أيضا، يجب أخذ التصريح المذكور بعين الإعتبار. لأن الجنرال الإنقلابي المزمن منتحل صفة قائد الجيش المختطف لم يكذبه، ولأن الحكومة المصرية لم تكذبه كذلك، ولأنه يأتي في سياق حراك إبتدرته الرياعية، وواكب محاولة الجنرال الإنقلابي المزمن إرضاء الحركة الإسلامية المجرمة بتقريظ رئيس وزرائها الأسبق الذي أسقطته ثورة ديسمبر المجيدة، بإعلانه أن هذا التقريظ الغرض منه إغاظة قوى تلك الثورة في سلوك لا يشبه رجل الدولة ويليق بناشط سياسي محدود الأفق وقع في شجار في أحد الأزقة الجانبية. كذلك جاء التصريح مصحوبا بشائعات حول لقاء تم بين الجنرال منتحل شخصية قائد الجيش و (المؤسس) الذي شرعن الإنقلاب ثم استقال، وآخر بينه وزعيم مليشيا الجنجويد الإرهابية. وتزامن مع ذلك إختفاء تام لأي عمليات عسكرية كبيرة، وفشل في فك حصار الفاشر وفي إسقاط مساعدات لأهلها المحاصرين إتضح أنها أسلحة وذخيرة في معظمها، مع حديث عن عودة المسيرات الجنجويدية لتضرب في العاصمة الخرطوم ومدنها الثلاث، وشائعات حول شراء المليشيا الإرهابية لمسيرات هجومية صينية جديدة، وفشل مزمن ومؤكد لحكومة تأسيس المزعومة، التي لم تنال أي إعتراف دولي حتى هذه اللحظة، ولم تتمكن من بناء موسسات دولة فاعلة تحولها إلى سلطة فعلية بدلا من بقائها ورقة ضغط في إطار الدعاية السياسية والترويج لوجود نظام غير شرعي بديل لسلطة الأمر الواقع غير الشرعية. فالأوضاع في مناطق سيطرة مليشيا الجنجويد الإرهابية، تعكس فشلا مريعا في الإدارة المدنية، وإهمال واضح لاحتياجات المواطن ودور السلطة في توفيرها، ليس غريبا على سلطة فئة من فئات الرأسمالية الطفيلية المواطن آخر همها وبعيد جدا عن اهتماماتها، ولا ننس فشل المليشيا الإرهابية في السيطرة على مدينة الفاشر حتى هذه اللحظة برغم طول الحصار وضعف قدرات الجيش المختطف والمليشيات التابعة له. وهذه الشواهد تؤكد مجددا استحالة الحل العسكري وحدوث إنتصار شامل لأحد طرفي الحرب، بالرغم من سباق التسلح القائم، ورفع سقف الخطابي التحريضي، والانغماس في التبعية المخزية للخارج لإستجداء الدعم. فمعادلة الخارج إختلفت بعد بيان الرباعية وأصبحت قوى المجتمع الدولي ضاغطة في إتجاه التسوية، لعلمها بأن الطرفين منهكين وأن توازن الضعف وصل إلى نقطة تسمح لهذا المجتمع الدولي بأن يفرض رؤيته للحل، وهذا ما كان ينتظره المجتمع الدولي منذ البداية. حيث قامت الدول ذات المصلحة في الحرب بدعم طرفيها وتقاسم أدوار الدعم وتوزيع الغنائم، لحين إنهاك الطرفين والوصول لتوافق حول نهب خيرات بلادنا وتقسيمها. ومن الواضح أنها بدأت في حصاد ما زرعت بالإستفادة من صراع فئات الرأسمالية الطفيلية على السلطة الذي يشكل أساس الإنسداد السياسي الذي قاد إلى الحرب. والواضح هو أن طرفي الحرب يتجهان نحو تسوية ستفرض عليهما من الخارج كما فرضت إتفاقية نيفاشا المقدسة تاريخيا وأدّت لتقسيم البلاد وإعلان دولتين فاشلتين كما تنبأنا حينها، وهما لا حول لهما ولا قوة، وقصارى ما يقومان به هو محاولة رفع قدراتهما التفاوضية في محاولة لتقليل الخسائر والحفاظ على المكتسبات وخصوصا ما تم نهبه من أموال، وعلى معادلة اقتصادية تؤسّس لاستمرار النهب، وسلطة قائمة على شراكة دم جديدة بواجهة مدنية خالصة لا سلطة فعلية لها، تحمي النهب وتكرس التبعية المطلقة للخارج. والمطلوب هو قبول الإيجابي من التدخل الدولي المبني على توازن الضعف، الذي يقود إلى وقف الحرب وإدخال المعونات الإنسانية وحماية المدنييين، وإقصاء طرفي الحرب من واجهة السلطة، مع رفض شراكات الدم وإن جاءت بواجهة مدنية خالصة لا سلطة فعلية لها، والإصرار على المحاسبة وبناء مؤسسات عدلية جديدة لتقوم بذلك، وعدم المساومة والسماح بالإفلات من العقاب تحت دعاوى تقديم تنازلات ضرورية للتخلص من سلطتي الأمر الواقع غير الشرعيتين. فترك أي طرف من الطرفين في الساحة، يعني تساهلا سيقود حتما لمنع الإنتقال المطلوب وفشله، لأنهما يملكان المال والسلاح ويسيطران على النشاط الإقتصادي وينزحان كامل الفائض الإقتصادي ويبتلعان مردود العملية الإنتاجية عبر التطفل. وهذا يعني وجوب مواصلة النضال ضد أي شراكة دم قادمة تلوح في الأفق ، وربما تطرح للعلن قريبا بعد اكتمال مفاوضاتها السرية الراهنة. وقوموا إلى ثورتكم يرحمكم الله!!! 17/10/2025
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة