+تعطيل اعمال الحكومة المدنية عبر المجلسين +رفض تسليم الرئاسة للمكون المدنى ومعه مفتى الانقلاب الغير نبيل! +القيام بالانقلاب +عدم الالتزام باتفاقية حمدوك الفردية واستقالة حمدوك +رفض الشارع لقائد الانقلاب وانه لايمثل الا نفسه واشواق فلول المؤتمر اللاوطني +اشعال الحرب واصراره عليها +اعادة الفلول من الابواب الامامية والخلفية في خضم المآسي التي يمر بها السودان، تعود إلى الواجهة تلك العلاقة المعقدة والمثيرة للتأمل بين رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، رمز الانتقال المدني، وقائد الانقلاب عبد الفتاح البرهان، مهندس الانقلاب مع حميدتى وصاحب الدور الرئيسي في إشعال الحرب الدائرة. العلاقة التي بدأت بتحالف هشّ من أجل عبور المرحلة الانتقالية، انتهت اليوم إلى خصومة سياسية وأخلاقية لا يمكن تجاهلها. فهل بعد كل ما حدث، يمكن أن يقبل حمدوك العودة إلى طاولة واحدة مع البرهان؟ أم أن ما جرى قد رسم خطًّا لا عودة بعده، وقال حمدوك قولته: "هذا فراق بيني وبينك"؟ ملامح البداية: ثقة مشروطة وتحالف الضرورة عندما تمّ تعيين عبد الله حمدوك رئيسًا للوزراء في أغسطس 2019، بعد الثورة السودانية التي أطاحت بعمر البشير، استقبل الشارع السوداني هذه الخطوة بالأمل والحذر. فقد جاء الرجل من خلفية تكنوقراطية محترفة، لا ينتمي إلى أحزاب، ويؤمن بالانتقال السلمي والديمقراطي. كان العسكريون ممثلين في مجلس السيادة، وعلى رأسهم البرهان، يتحسسون طريقهم في مرحلة انتقالية لم يرغبوا بها بالكامل، ولكن اضطروا لقبولها تحت ضغط الشارع والمجتمع الدولي. كان التحالف بين المدنيين والعسكريين أشبه بزواج مصلحة، لا يقوم على الثقة، بل على الحاجة. ووسط هذه العلاقة المتوترة، كان حمدوك يحاول، بصبر رجل دولة، أن يحفظ التوازن، فيما كان البرهان ومجموعته في المؤسسة العسكرية يخططون لأمر مختلف. انقلاب أكتوبر 2021: طعنة في الظهر في 25 أكتوبر 2021، قام البرهان بانقلابه العسكري الذي أطاح بالحكومة المدنية، واعتقل فيه حمدوك نفسه، ثم أعاده لاحقًا في مشهد مرتبك ومحبط، فيما عرف باتفاق 21 نوفمبر. لم يكن ذلك الاتفاق مقبولاً شعبياً، وواجه انتقادات شديدة، مما اضطر حمدوك إلى الاستقالة في يناير 2022. لكنه قال يومها عبارة لافتة: "لقد حاولت ما استطعت لإنقاذ الوطن من الانهيار، ولكن التوافق لم يعد ممكنًا". هذه اللحظة كانت فاصلة. فيها فهم الجميع، وربما فهم حمدوك بشكل نهائي، أن البرهان لم يكن شريكًا حقيقيًا في الانتقال، بل خصمًا متخفيًا ينتظر اللحظة المناسبة للانقضاض على الحكم. البرهان والحرب: تجاوز الخطوط الحمراء لم تتوقف الكارثة عند الانقلاب، بل جاءت الحرب في أبريل 2023 بين الجيش وقوات الدعم السريع لتدمر ما تبقى من السودان. الحرب التي كان يمكن تجنبها أصبحت حربًا عبثية قضت على البنية التحتية، وشردت الملايين، وأغرقت البلاد في جحيم إنساني لا توصف أهواله. مسؤولية البرهان عن هذه الحرب لا يمكن إنكارها، مهما حاول البعض تحميل الدعم السريع كامل التبعات. فقد فشل البرهان في بناء جيش موحد، وفشل في إدارة المرحلة الانتقالية، ثم فشل في منع الانزلاق نحو الصراع المسلح. لقد تحولت السلطة في يده من وسيلة لبناء الدولة إلى أداة لتدميرها. هل يقبل حمدوك العودة إلى الشراكة؟ اليوم، تُطرح أسئلة جدّية في الأروقة السياسية والمجتمع الدولي: هل يمكن أن يعود عبد الله حمدوك إلى المشهد من بوابة التسوية السياسية؟ وهل يمكن أن يجلس مرة أخرى مع البرهان في مشروع وطني جامع؟ الجواب، كما يبدو من مواقف حمدوك الأخيرة، ليس ببساطة "نعم" أو "لا"، ولكنه يميل إلى الرفض الواضح والصريح. حمدوك الذي قَبِل في السابق باتفاقات غير مكتملة، دفع الثمن باهظًا من سمعته وثقة شعبه، وهو الآن يدرك أن أي عودة غير مشروطة مع العسكريين، وخاصة من تلطخت أيديهم بالدماء، ستكون انتحارًا سياسيًا وأخلاقيًا. فما حدث في السودان بعد الانقلاب لا يُمكن مسحه من الذاكرة بجلسات تفاوض شكلية، أو ببيانات مجاملة. "هذا فراق بيني وبينك" لعل أنسب ما يمكن أن يقوله حمدوك اليوم للبرهان هو ما قاله الخضر لموسى عليه السلام: "هذا فراق بيني وبينك". الفراق هنا ليس فقط فراقًا سياسيًا، بل هو فراق في الرؤية، والمبادئ، والمواقف. البرهان يرى السلطة أولوية، حتى ولو على حساب الخراب. أما حمدوك، فيراها وسيلة لخدمة الناس وتحقيق العدالة الانتقالية وبناء الدولة المدنية. السودان لن ينهض إذا لم تُحاسب القيادات التي دمرت البلاد، ولن ينهض إذا ما تم تجاهل أصوات ضحايا الحرب والانقلاب. العودة إلى الوراء لم تعد ممكنة، ولا يجب أن تكون خيارًا مطروحًا. خاتمة: نحو صفحة جديدة بدون العسكر إذا أراد السودانيون بناء دولة مدنية ديمقراطية حقيقية، فإن هذه الدولة يجب أن تُبنى دون وصاية عسكرية، ودون شراكة غير متكافئة تُفرغ مفاهيم الحكم الرشيد من معناها. الزمن تجاوز البرهان ومن على شاكلته، كما تجاوز من لا يستطيعون أن يقولوا "لا" في وجه القبح. قد يقبل حمدوك العودة إلى العمل الوطني، ولكن ليس بشروط البرهان. فإن لم تكن هناك عدالة، ومحاسبة، وتفكيك حقيقي للمنظومة العسكرية الفاسدة، فإن أي حديث عن شراكة سيكون خيانة لملايين السودانيين الذين حلموا بالحرية والسلام والعدالة. ومرة أخرى، بصوت الوعي الوطني: "هذا فراق بيننا وبينكم". برهان لايملك قراره ويعمل بالتبع والاشارة فكيف يفاوض!!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة