لماذا تخاف النخب السودانية من الهامش، ومن العلمانية، ومن المرآة التي تعكسها العدالة التاريخية-٢ ال

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 10-17-2025, 04:30 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-15-2025, 11:43 PM

خالد كودي
<aخالد كودي
تاريخ التسجيل: 01-01-2022
مجموع المشاركات: 159

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
لماذا تخاف النخب السودانية من الهامش، ومن العلمانية، ومن المرآة التي تعكسها العدالة التاريخية-٢ ال

    11:43 PM October, 15 2025

    سودانيز اون لاين
    خالد كودي-USA
    مكتبتى
    رابط مختصر





    لماذا تخاف النخب السودانية من الهامش، ومن العلمانية، ومن المرآة التي تعكسها العدالة التاريخية-٢

    الجزء الثاني والاخير

    15/10/2025 خالد كودي، بوسطن

    إذا كانت العلمانية قد كشفت في الجزء الأول من هذا المقال عن خوف النخب السودانية من المساواة في المعنى والسلطة، فإن العدالة التاريخية تكشف في هذا الجزء عن خوفها من المساواة في الذاكرة والمسؤولية. فالعلمانية تُجرد النخبة من احتكار الحقيقة، بينما العدالة التاريخية تُجردها من احتكار التاريخ. الأولى تسحب منها قداسة الخطاب، والثانية تنزع عنها براءة الماضي. وبينما تضع العلمانية الإنسان في مركز الشرعية، تضع العدالة التاريخية الضحايا في مركز السرد الوطني، لتكشف أن بناء الدولة العادلة لا يبدأ من النصوص، بل من الاعتراف بما أخفاه التاريخ.

    الخوف من العدالة التاريخية: ذاكرة القتلة وبنية الامتياز:
    كتب الفيلسوف الفرنسي بول ريكور، إنّ العدالة هي "الاسم الآخر للذاكرة الأخلاقية للمجتمعات"، فهي ليست فقط مبدأً قانونياً، بل جوهرٌ لكرامة الإنسان وإمكانية العيش المشترك. غير أن النخب السودانية —بيسارها ويمينها، ومابينهما على السواء — تقف أمامها في ارتباكٍ مزمنٍ وريبةٍ وجودية. فكلما اقترب الحديث من العدالة بوصفها مساءلةً للتاريخ، لا مجرد علاجٍ لآثاره، ارتجفت النخب وتذرّعت بخطابات "الانتقال المدني الديمقراطي" و"التسوية والسلام"، و"الواقعية السياسية"...وما اليه

    أولاً: العدالة الانتقالية – "تسويةٌ بلا جذر"
    تعني العدالة الانتقالية، وفقاً لتعريف الأمم المتحدة وهيئة القانونيين الدوليين، "حزمة من الإجراءات القضائية وغير القضائية التي تعتمدها الدول الخارجة من النزاع أو الدكتاتورية لتحقيق المساءلة، وجبر الضرر، وضمان عدم التكرار". حسنا،
إنها كما يقول الفقيه الجنوب إفريقي ريتشارد غولدستون "عدالة اللحظة السياسية"، عدالة تُبنى على توازن القوى أكثر مما تُبنى على الحقيقة. فالعدالة الانتقالية، في تجارب مثل جنوب إفريقيا أو تشيلي، ركزت على المصالحة الوطنية وتخفيف جراح الماضي، لكنها غالباً ما توقفت عند عتبة المساءلة البنيوية: أي محاسبة الأنظمة التي صنعت الجريمة لا الأفراد الذين نفذوها او معالجة تداعياتها. لهذا تميل النخب السودانية إلى تبنّيها، لأنها توفر مخرجاً آمناً من دون تفكيك الامتيازات التاريخية. وكما قال المؤرخ هوارد زن: "إن المصالحة بلا اعتراف هي غفران بلا ذاكرة". فالنخب تريد سلاماً بلا ذاكرة، وعدالةً بلا تاريخ، لأن التاريخ هو مرآة الجريمة البنيوية التي صنعت سلطتها.

    ثانياً: العدالة التاريخية – تفكيك الذاكرة المزيّفة:
    أما العدالة التاريخية، كما طوّرتها الحركة الشعبية لتحرير السودان ثم جسّدها ميثاق تأسيس، فهي مفهوم أوسع وأعمق من العدالة الانتقالية. إنها إعادة كتابة التاريخ من وجهة نظر من لم يُسمع صوتهم قط — من عاشوا في الهامش، في المعسكرات، وتحت القصف، وخارج النص الرسمي للدولة.
هي ليست محاكمات فحسب، بل مشروع أخلاقي– سياسي يعيد بناء الذاكرة الجمعية على أسس المساواة والاعتراف. وكما كتب الفيلسوف الألماني يورغن هابرماس، فإن "العدالة لا تكتمل إلا حين يُستعاد صوت من لم يُسمع في سرد الأمة."

    تتجاوز العدالة التاريخية إذن العدالة الانتقالية في أنها لا تبحث عن تسويةٍ بين الماضي والحاضر وحسب، بل عن تحوّلٍ في الوعي والشرعية. إنها تحاكم البنية التي جعلت القتل ممكناً، لا فقط من أطلق الرصاص. وكما قال والتر بنيامين: "كل وثيقة حضارة هي في الوقت نفسه وثيقة بربرية"، والعدالة التاريخية هي اللحظة التي نُعيد فيها النظر في تلك الوثائق: الدساتير التي حمت المركز، والقوانين التي شرّعت الإقصاء، والمناهج التي أخفت دماء الضحايا تحت اسم “الوحدة الوطنية."

    ثالثاً: نقاط التفوق والتجاوز:
    ١/ من الأفراد إلى البنية: العدالة الانتقالية تعالج الفعل؛ العدالة التاريخية تحاكم النظام الذي أباحه.
    ٢/ من التعويض إلى الاعتراف: الأولى تُقدّر الضرر، الثانية تُعيد الكرامة.
    ٣/ من التهدئة إلى التحوّل: الانتقالية تُسكّن الألم، التاريخية تُغيّر الوعي.
    ٤/ من السياسة إلى الأخلاق: الانتقالية نتاج موازين القوى؛ التاريخية استدعاءٌ للضمير الجمعي.
    ٥/ من الماضي إلى المستقبل: الانتقالية تنهي فصلاً؛ التاريخية تعيد كتابة الكتاب كله.
    ولهذا، كما كتب جون رولز في نظرية العدالة، “لا يمكن لمجتمعٍ أن يدّعي العدالة ما لم يُصحّح ظروف نشأته الأولى”. العدالة التاريخية هي هذا التصحيح الجذري، هي التي تقول إن الحاضر ليس بريئاً من الماضي، وإن الامتياز لا يموت بانتهاء الاستعمار، بل يتحوّل إلى رأس مال رمزي كما وصفه بيير بورديو، يستثمره الأبناء في الجامعات والوظائف والمكانة الاجتماعية.

    رابعاً: الحجة الزائفة عن "الصفحة الجديدة."
    تحتج النخب بأن الجرائم "قديمة"، وأن الأجيال الحالية "غير مسؤولة" عما حدث وان كل المجتمعات عرفت جرائم مثل سرقة موارد المجتمعات الاصيلة واراضيهم، والرق والسلب والسبي وما اليه.... لكن كما يؤكد المؤرخ الأمريكي جورج فريدريكسن، فإن "الظلم التاريخي لا يشيخ، لأنه يعيش في البنية التي ورثناها عنه". فالأجيال التي لم تشارك في الجريمة، ورثت أرباحها: الأرض، والتعليم، ورأس المال الاجتماعي. وكما كتبت هانا آرنت، فإن "المسؤولية ليست شعوراً بالذنب، بل استعدادٌ للاعتراف بأن العالم الذي نعيش فيه صُنع جزئياً على أنقاض آخرين."

    خامساً: الخوف من العدالة كخوف من المرآة:
    الخوف من العدالة التاريخية في السودان ليس خوفاً من المحاسبة فحسب، بل من انكشاف الرواية. فهي تُعيد تعريف الوطنية والعقلانية والإيمان، وتفضح امتزاج الخطاب الديني واليساري مع بنية الامتياز. لذلك تلوذ النخب بمصطلحات مثل “العدالة الانتقالية” أو “المصالحة الوطنية”، لأنها تعرف أن العدالة التاريخية ستسلبها حقها في احتكار التعريف.
    وكما يقول ريكور، فإن “الأمم، مثل الأفراد، تحتاج إلى ذاكرة عادلة، لا ذاكرة مريحة”. وهذه الذاكرة العادلة هي ما يخيف النخب، لأنها تعني أن من صُنّف “همجياً” أو “جاهلاً” أو “تابعاً”، سيصبح هو الشاهد والمؤرخ.

    سادساً: من العدالة إلى التأسيس:
    إن ميثاق تأسيس في السودان لم يطرح العدالة التاريخية كمجرد بندٍ في مفاوضات ستاتي، بل كـ قاعدةٍ لتأسيس دولة جديدة، تُبنى على الاعتراف المتبادل والكرامة والمساواة. وهو بذلك يستكمل، لا ينقض، مسار العدالة الانتقالية، كما تجاوزت لجنة الحقيقة والمصالحة في جنوب إفريقيا مطلب الصفح إلى مساءلة الذاكرة. "ولنا في الذاكرة حديث اخر."
    فالعدالة التاريخية هي شرط السلام المستدام، لأنها لا تطلب الانتقام، بل إعادة التوازن الأخلاقي للمجتمع. والمفارقة أن الهامش الذي خضع طويلاً للعنف لا يسعى للثأر، بل لبناء دولةٍ عادلة. إنه يريد العلمانية لأنها ذاق مرارة التمييز الديني، والعدالة التاريخية لأنه عاش على هامش التاريخ.
    أما النخب، فتخاف من الاثنين معًا: من علمانيةٍ تُسقط قناع القداسة، ومن عدالةٍ تُسقط قناع البراءة. إنها تعرف أن من يخاف من العدالة إنما يخاف من تاريخٍ يعرف اسمه جيداً.

    النضال مستمر والنصر اكيد.

    (أدوات البحث والتحرير التقليدية والإليكترونية الحديثة استخدمت في هذه السلسلة من المقالات)























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de