إنّ اختيار رئيس المجلس الرئاسي يعني إيجاد رأس للدولة، وأنه قد آن الأوان لأن يخرج الرئيس من زي القائد العسكري إلى هيبة الرئاسة، وبما أن المشروع سائر على قدم السلام وساق الحرب، فمن الإجراءات الأمنية الواجبة أن لا يستجيب الرئيس لدعوات عقد الاجتماعات بوادي "برلي"، وتحت ظلال الأشجار الوارفة لهذه المدينة المكتظة بفلول النظام البائد، وبقايا أجهزة أمنه التي ما زالت تلوذ فراراً بمخابئ أحياء المدينة، إنّ هذه العاصمة الجديدة ليست بذلك القدر الكافي من الأمان، وعلى وزير الداخلية بسط الأمن الكامل (لا الشامل) بأقصى درجات السرعة. الرئيس ينأى بنفسه عن استدرار عطف الجمهور، بسرد رواية الأحداث وما واجهه جيشه من خيانة، إنّ ذلك شأن الإعلام الحربي (المُقصّر)، ومن الأجمل أن يتجلى في الخطاب الاتزان، وأن لا يسمح الرئيس لحس البداوة التلقائي أن يلقي بظلاله، فالمتربصون يتخطفون اطراف الحديث، ويترجمونه حسب أهوائهم، والخروج من جلباب "البشير" واجب ثوري، فخطاب البشير الذي وصفه المريدون بأنه خطاب ملامس لوجدان العامة، في حقيقته كان خطاباً تهريجياً مثيراً للنكتة والضحك، يجب أن لا يشبه خطاب رئيس السودان الجديد المختلف عن رئيس السودان القديم. الرئيس لا يثني ولا يمدح وزيراً ولا مستشاراً ولا مسؤولاً حكومياً أمام الجمهور، ذلك عمل الجهات المنوط بها مراقبة أداء المسؤولين الحكوميين، وليس من هيبة الحكم أن يظهر الحاكم عطفه على المسؤول الحكومي، الذي من أوجب واجباته خدمة الشعب – الظاهرة التي ورثها المعاصرون عن العهد البائد، فالبائدون لا يتناهون عن منكر فعلوه، ويجاهرون بمدح بعضهم بعضا أمام مأساة الجماهير الجائعة، مثلما كان يمُن الطاغية (البشير) على الشرق، ويزعم أنه جاد على الشرق بِرجل (عظيم) اسمه "إيلا". في عهد دولتنا الجديدة لا نريد لهذا الموروث البائس أن يصحبنا. الخطاب السياسي للرئيس لا يكون طويلاً، بل مختصراً من غير ابتسار، والرئيس لا يطيل المكوث بمكان المخاطبة الجماهيرية، رئيس الوزراء والوزراء وحكام الأقاليم يفعلون، والبساطة والتواضع لا تعنيان المجاملة والمنادمة ومحاولة إرضاء كل الناس، فقط المطلوب انزال الرؤية إلى من يلون الرئيس من رئيس وزراء ووزراء وحكام أقاليم وسفراء وممثلي الدولة إقليمياً ودولياً، والمثل يقول: إنّ الهزل يزيل الهيبة، فلا يجب أن يتبع الرئيس سبيل البائدين، الذين لم يقدموا إرثاً سياسياً ولا دبلوماسياً يحتذى، ويكفينا شذوذاً أدائهم الدبلوماسي والأممي المبذول بأندية ومترو أمريكا. الشعب يحب الرئيس، ويعي ويثمّن رحلة كفاحه الطويلة، وكل ما يتمناه الشعب ان يكون الرئيس في مأمن من كيد المتآمرين، والشعب يطلب من رموز "التأسيس" – أعضاء المجلس الرئاسي ورئيس الوزراء والوزراء وحكام أقاليم، إثبات جدارتهم في تحقيق نجاح المشروع، وذات الشعب هو الرقيب، هذه الحكومة لن تكون الأولى ولا الأخيرة (لذلك اعتذر البعض عن الوزارة)، فإن صلحت أصبح استمرارها مشروعاً، وإذا فسدت استبدلت بأخرى، لأنها المعنية بالبناء الوطني التأسيسي، ندعو الرب أن يلهم رئيس وزرائها والوزراء وحكام الأقاليم حسن البصيرة.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة