الرشيد: الشخص الذي خان الجميع .. ليبقى وحيداً (4-5) كتبه محمد عبدالله ابراهيم

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 10-15-2025, 07:00 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-13-2025, 08:19 PM

محمد عبدالله ابراهيم
<aمحمد عبدالله ابراهيم
تاريخ التسجيل: 12-21-2015
مجموع المشاركات: 104

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الرشيد: الشخص الذي خان الجميع .. ليبقى وحيداً (4-5) كتبه محمد عبدالله ابراهيم

    08:19 PM October, 13 2025

    سودانيز اون لاين
    محمد عبدالله ابراهيم-الخرطوم-السودان
    مكتبتى
    رابط مختصر





    تنويه لا بد منه .. بين الشكر والحقيقة



    أجدني مدفوعاً بواجب الامتنان قبل واجب الحقيقة، إذ أود أن أعبر عن شكري العميق لكل الرفاق الذين راسلوني بعد الأجزاء السابقة، أولئك الذين وجدوا في كلماتي مرآة لخيباتهم، وصدى لوجعٍ ما زال يعبر في أعماقهم كريح لا تعرف السكون. كتبوا إلى بدهشة ممزوجة بالألم، وكأنهم اكتشفوا أن الخيانة حين ترتدي وجه الرفيق، تصبح الطعنة أشد وقعاً وأكثر إيلاماً وخلوداً، والندبة التي تخلفها لا يبرئها الزمن، وأكدوا ان ما طرحته عن المدعو الرشيد أنور، لم يكن سوى ومضة من حقيقة أوسع وأعمق، غائبة عن الأبصار، لكنها حاضرة في وجدان كل من عرف طعم الخذلان.

    أغلب الذين تواصلوا كانوا من الرفاق القدامى في الحركة الشعبية بشطريها، شمالاً وجنوباً، وآخرين من الحركات المسلحة التي وجدت نفسها اليوم تصطف إلى جانب الجيش وسلطة الأمر الواقع في بورتسودان. بل كان من بينهم رفاق من الحركة الشعبية قيادة مالك عقار، ممن حملوا ذات الذاكرة وذات الوجع، وإن اختلفت بهم الدروب، ولم تكن شهاداتهم إلا تأكيداً على أن ما أكتبه ليس سوى غيضا من فيض ما زال يفيض بالخذلان والدهشة والألم، ووميض من نار أعمق؛ نار أحرقت في طريقها ما تبقى من الثقة، والذاكرة، ورفقة كانت يوماً عنواناً للحلم المشترك. لقد جاءت كلماتهم كاعتراف ضمني بأن الوجع كان وما يزال مشتركاً. فالوجع، مثل الخيانة، لا يموت؛ إنه فقط يتبدل وجهاً وصوتاً، ويتحول من ذكرى إلى صمت يثقل القلب، إلى أن يأتي زمن تروى فيه الحكاية بصدق كامل دون خوف، ودون أن تخفي الحقيقة تحت وطأة الأشباح.



    لكن اسمحوا لي أن أضع هنا نقطة فاصلة، لا في نهاية السطر فحسب، بل في مسار الفهم ذاته، خاصة لرفاقي في الحركة الشعبية - قيادة مالك عقار.

    على الرغم من تقديري وامتناني العميق لمشاعركم الصادقة، واعتزازي بوشائج الرفقة التي جمعتنا في زمن كان فيه الحلم أكبر من الخوف، إلا أن على أن أقولها بوضوح لا لبس فيه: ما أكتبه لا يعبر إلا عن رأيي الشخصي .. لست لسان أحد، ولا أكتب نيابة عنكم ولا عن أي جهة، ولا أنطق إلا بما يمليه على ضميري وذاكرتي التي لم تساوم يوماً.

    لذلك، لا أطلب منكم شكراً ولا تعليقاً، بل أتوق إلى أن أرى شجاعتكم تتجسد في كلماتكم أنتم، وأرجو أن تمتلكوا ما هو أثمن من الامتنان .. "شجاعة القول والتعبير"، واكتبوا ما تؤمنون به، وعبروا عن آرائكم ومواقفكم وقصصكم بأقلامكم، لا بأصداء الآخرين، وواجهوا التاريخ بنصوصكم قبل أن يكتب عنكم آخرون ما لم تقولوه.

    أما ما تفضلتم به من معلومات عن الرشيد، فأقولها بطمأنينة لا يملكها إلا من جرب الحقيقة عارية .. لست بحاجة إلى مزيد من القصص، فـما لدي يكفي ويفيض، لقد سمعت ما يكفي لأعرف، ورأيت ما يكفي لأحكم، ومهمتكم اليوم ليست أن تهمسوا في أذني بما تعلمون، بل أن تصرخوا به، وأن تحولوا صمتكم إلى تعبير، وجبنكم إلى شهادة، وتكتبوا ما استطعتم إلى ذلك سبيلاً .. ولن تستطيعوا!! .. لأنني اعلم أن سلوك معظمكم ليس أفضل حالاً من الرشيد؛ فالكذب عندكم صار عادة، والنفاق صار لغة، والحقد يختبئ خلف ابتساماتكم المصطنعة، والغيرة تلبس ثوب الولاء، وتقولون بأفواهكم ما ليس في قلوبكم، وتتزينون بالتظاهر والشعارات فقط لتخفوا خواء الموقف وضياع البوصلة، ولا تجيدون غير المكر والتآمر ضد بعضكم البعض، وتدورون في فلك الخديعة نفسها .. والكتابة يا رفاق، تحتاج إلى شجاعة أكبر من البنادق، وإلى صدق لا يباع في صفقات السياسة.



    ندخل الى الجزء الرابع من المقال: (4-5)

    لا يمكن لمن رفع راية المبادئ والنضال يوماً، دفاعاً عن المظلومين والمهمشين، أن ينحدر إلى هذا الدرك الأخلاقي السحيق الذي وصل إليه الرشيد أنور، الذي تجرد من كل فضيلة، ومن كل ما يجعل الإنسان جديراً بصفته، وخلع عن نفسه آخر ما تبقى من كرامة كان يتزين بها أمام الناس، ليتحول إلى كائن بارع في الخداع ومتقن لفن التآمر، ولا يحترف سوى الانحطاط القيمي والأخلاقي، ولم يبق فيه من النضال سوى الاسم، ولا من الشرف سوى أطلال باهتة لذكرى رجل كان يمكن أن يكون شيئاً، لكنه اختار أن لا يكون شيئاً سوى خائن لنفسه قبل الآخرين.

    أحاديث الرفاق أعادتني إلى أروقة الجامعات، إلى تلك الأزمنة التي ولد فيها السؤال الأول، حيث كانت بذرة الشك تتكون بهدوء في العقول التي آمنت أن النضال مبدأ وفكرة لا تشترى. قال لي الرفاق إن الشكوك حول الرشيد أنور قديمة، ضاربة في جذور تلك المرحلة، حين كان في تنظيم ANF الطلابي للحركة الشعبية؛ ولم يكن سلوكه يوماً بريئاً كما كان يوهم الآخرين، وكانت أحقاده تسير معه حيثما مضى، والوشاية تسبقه، والريبة تلاحقه كالخيط الملتف حول الخطوات.

    رآه كثيرون من الرفاق أقرب إلى مصدر لجهاز أمن النظام، ذلك النظام الذي أطاحت به ثورة ديسمبر المجيدة، وكان يتحرك بخفة في الخفاء، يعيش بين الشك والثقة، ويتقن فن البقاء وحيداً في المنطقة الرمادية التي لا يكشف فيها شيء، ولم تكن لديهم أدلة مادية دامغة، بل استنتاجات راكمها الزمن من خلال مواقفه وسلوكياته المتكررة، وكان ذلك وحده كافياً ليزرع الشك والحذر في نفوسهم، ولهذا السبب ظل الرشيد دائماً على هامش التأثير، ولم يمنح موقعاً حساساً قط، لا في الحركة الطلابية، ولا في الحركة الشعبية بعد اتفاق نيفاشا 2005. أما أنا، فـتجربتي الشخصية معه منذ زمن طويل كانت أكثر وضوحاً من أي دليل، وتؤكد صحة هذا الاستنتاج .. فقد كان زيفه يسبق صوته، وخيانته تكتب نفسها قبل أن ينطق حرفاً.

    لقد مرت الحركة الشعبية لتحرير السودان بعواصف من المؤامرات والانقسامات، كثير منها نسج من الداخل بأيدي عملاء يعملون لصالح أجهزة العدو الأمنية. وكانت أجهزة أمن النظام البائد والمؤتمر الوطني المحلول بعد الحرب الثانية 2011، تعمل بلا كلل لتشويه صورة الحركة الشعبية، وتسعى بكل السبل لاختراقها، وزرع الفتن فيها، واستثمار كل هشاشة لضربها من الداخل.

    وحسب كل القرائن والشهادات، كان الرشيد أنور رأس حربة هذا الاختراق، لكنه لم ينجح في إحداث أثر كبير، لأن الحركة كانت صلبة وصعبة الاختراق، وكانت تدير شؤونها ومعلوماتها الحساسة ضمن دائرة صغيرة جداً، خاصة تلك المتعلقة بالعمل العسكري والعملياتي.

    وبعد انشقاق 2017، حين أصبحت الحركة بقيادة مالك عقار أكثر هشاشة وضعفاً، وجدت الأجهزة الأمنية طريقها إلى قلب الحركة بلا جهد، وكان الرشيد هناك ليس مجرد شاهد، بل صانع الفوضى؛ هو وأمثاله كانوا الوقود الذي أشعل نيران الصراعات الداخلية، وحولوا الحركة إلى شظايا متناثرة، ولم يعد الرشيد مجرد ناقل للمعلومات، بل أصبح لاعباً رئيسياً وأداة داخلية لتفكيك ما تبقى من الحركة وتمزيقها، وتحويلها إلى ساحة صراع داخلي ينهش نفسها، وكأن كل خطوة يقوم بها محسوبة بدقة لتفتيت جسد الحركة وإضعاف روحها.

    في هذه البيئة المسمومة، كان الرشيد أنور الأداة المثالية، خاصة وأن شخصيته الرخيصة أمام بريق المال جعلته يبيع كل شيء. ولم يكن يبيعها للأجهزة الأمنية فحسب، بل لكل من يدفع، وكأن المبادئ أصبحت سلعة تسعر وتعرض في السوق، تباع وتشترى حسب قوة المحفظة.

    هنا أتذكر حديث أحد الرفاق، انضم حديثاً إلى الحركة ويقيم في الولايات المتحدة. ارتبط الرشيد بعلاقة قوية معه لأسباب مالية بحتة، لأنه يملك "دولارات". كان هذا الشخص يتباهى بصحبته للرشيد، ويوهم الرفاق بأنه يعرف كل صغيرة وكبيرة عن الحركة الشعبية والجيش الشعبي، ويدعي أن له علاقة قوية رئيسها مالك عقار، بل يصل به الأمر إلى القول إن مالك عقار نفسه يتصل به أحياناً ويطلب مساعدات مالية، ويؤكد أنه منح عقار عدة آلاف من الدولارات مرات عديدة.

    هذا الشخص، المعروف بين كثير من الرفاق بالاستهبال والتملق، لم أكن أعر له ولا لما يقوله اهتماماً يذكر. إلا أنه ذات يوم، بينما كنت جالساً مع رفيق آخر يعرفه أكثر مني، اتصل هذا الشخص، ودار الحديث حول الترتيبات الأمنية في الحركة، وفجأة فتح رفيقي الذي اجلس معه مكبر الصوت وطلب مني الاستماع، وسمعته يقول بكل ثقة "أنا أعرف كل صغيرة وكبيرة في الحركة الشعبية والجيش الشعبي، وتفاصيل وأسرار مكتب الرئيس مالك عقار اليومية، واتحصل عليها بـ 100 دولار فقط، وقبل قليل اتصل على صحبي وقال لي عندي لك معلومات مهمة جداً بـ 500 دولار"، وتحدث عن تفاصيل عدة لا أود ذكرها، وما ذكرته هنا فقط للتأكيد أن هكذا كانت المبادئ تسعر وتباع، وأن الولاء لا قيمة له إلا بعملة صعبة، وهكذا كان يفعل صاحبنا، يبيع الحقيقة، ويختزل النضال، ويحول كل شيء إلى تجارة رخيصة، بما في ذلك ذمة الإنسان نفسه.

    لقد تسلق الرشيد أنور بسرعة، ووجدت أجهزة الدولة العميقة ضالتها في عميل مفترض، فصنعوا منه جسراً يصل إلى قلب وعقل رئيس الحركة مالك عقار، وفي إطار فرض سيطرتهم عليه بطريقة خفية وممنهجة. أوهم الرشيد عقار، وادعى أن له علاقات واتصالات واسعة مع أفراد ومجموعات كبيرة من قوى الثورة الفاعلة في المشهد السياسي السوداني، تضم سياسيين وإعلاميين وصحفيين وأكاديميين وغيرهم، وأنه مخزن الأسرار ومصدر معلومات لا ينضب، ورسم له سيناريوهات وهمية من العلاقات الزائفة، وأقنعه بأنه يمكن أن يحصل على أي أخبار أو معلومات يريدها.

    بل ورتب لهم الرشيد عدة لقاءات وقدمهم كشخصيات مهمة مؤثرة، ولا سيما أن بعض هؤلاء كان يأتي مرة أو مرتين في الأسبوع لمقابلة مالك عقار، تحت ذرائع مختلفة، مدعين أنهم يحملون أخباراً ومعلومات حساسة ومهمة، وغالبيتهم كانوا من الذين يدعون العمل في الإعلام والصحافة، خاصة من لديهم علاقة أو يعملون مع جهات حكومية، والمؤسف أن معظم ما يقدمونه من أخبار ومعلومات كان كاذباً ومفبركاً ومصطنعاً، صمم خصيصاً لتضليل عقار وإيهامه، بل وإقناعه بوجود شبكة معلوماتية واسعة تعمل معه.

    في الواقع، هؤلاء الأشخاص لم يكن لهم أي علاقة بالحركة الشعبية، ولا يعرفهم أي من الرفاق، وكانت هذه الشبكة مليئة بشخصيات وهمية أو أشخاص مدفوعين، أُعدت بعناية لتضليل عقار وإيهامه بتأثيرها، بينما كانوا في الحقيقة مجرد أدوات في مسرحية كبرى تديرها جهات خارج الحركة لتنفيذ أجندة محكمة الإعداد.

    وكان كل هذا العمل يتم بترتيب من الرشيد أنور وبتخطيط محكم من أجهزة أمن واستخبارات الدولة العميقة، التي كانت أيضاً ترتب اجتماعات ولقاءات وهمية وغير مفيدة، ولا تنتج أي مخرجات حقيقية، سوى صناعة الفوضى وإرهاق مالك عقار بالاجتماعات واللقاءات غير المجدية، وإغراقه في دوامة مشغوليات وتعب لا ينتهي ولا يفضي إلى شيء.

    وهذا سلوك معروف لدى الأجهزة الأمنية، ويمارس مع أي مسؤول، خاصة أولئك الذين لا ينتمون إلى نظامهم، وتم تعيينهم ترضية أو بموجب محاصصات او اتفاقيات، مثل اتفاقيات السلام مع الحركات المسلحة، حيث يصنعون لهم الفوضى ويرهقونهم بالاجتماعات واللقاءات الوهمية، لإغراقهم في دوامة مشغوليات لا نهاية لها.

    هكذا، أصبح الرشيد ليس مجرد عميل، بل مهندس خيانات متسلسلة، وباني أوهام، ادخل رئيسها في دوامة اجتماعات ولقاءات ومشغوليات فارغة المحتوي والمضمون، وتحولت الحركة إلى ساحة وهمية مليئة بالأدوات الزائفة، حيث الحقيقة تستبدل بالمظاهر، والمصداقية تقاس بعدد الأقنعة التي يمكن ارتداؤها، والولاء أصبح سلعة تشترى وتباع في سوق الخداع.

    وكان ياسر عرمان، نائب رئيس الحركة آنذاك، بمثابة الصخرة التي تتحطم عليها مؤامرات المكون العسكري، ذلك المكون الذي لم يكن سوى امتداد لنظام الحركة الإسلامية، يحاول استغلال هشاشة قوى ثورة ديسمبر المجيدة لضرب أهدافها وتخريب مسارها.

    وكان المكون العسكري يرى في مالك عقار لقمة سائغة سهلة الابتلاع، لكنهم كانوا يخشون من عرمان، وسعوا بكافة الأساليب إلى تجريده من أي قوة، وخوفهم لم يكن عبثاً، بل من واقع قدراته وإمكانياته التي تكشف المخططات وتفضح المؤامرات الرامية لإعادة إنتاج نظام استبدادي جديد. لا سيما وأن عرمان من أكثر الذين يدركون جيداً أساليب ومخططات ومؤامرات نظام الحركة الإسلامية وأجهزتها الامنية، ومن أكثر الشخصيات التي تهابها الحركة الإسلامية وأجهزتها الأمنية. وخطر عرمان بالنسبة لهم لم يكن محصوراً داخل الحركة فحسب، خاصة بعد تعيينه مستشاراً سياسياً لرئيس الوزراء الدكتور عبدالله حمدوك، بل يمتد تأثيره إلى التحالفات السياسية وكافة الأطراف الفاعلة، وخصوصاً "قوى الحرية والتغيير"، إضافة إلى علاقاته الإقليمية والدولية المتينة.

    لقد كان وجوده، بوضوحه واستقامته، والتزامه الصارم بأهداف ومبادئ الثورة، ووقوفه بجانب قضايا الشعب السوداني، بمثابة تذكير بأن الثورة لا تخمدها المؤامرات، وأن المبادئ تبقى شامخة حتى وسط أعاصير السلطة والطموحات الشخصية.

    ولإضعاف عرمان وإبعاده عن الحركة الشعبية، قاد الرشيد أنور، ومعه رفاق آخرون "سأتناولهم في مقالات لاحقة"، مؤامرة كبرى مدعومة من أجهزة أمن واستخبارات الدولة العميقة، استهدفت قيم ومبادئ وأهداف الحركة ووحدتها الداخلية، وكانت تحركاتهم أيضاً لتحقيق رغبات ومطامع شخصية؛ البعض للتمسك بمواقع في الحركة أو الحكومة، والآخرون للحصول عليها، واستمرت المؤامرات باستخدام كافة الأساليب القذرة من أكاذيب ونفاق وخداع، مستفيدين من ضعف موقف رئيس الحركة مالك عقار، لا سيما أن الرشيد أنور استطاع إقناع معظم جنرالات الجيش الشعبي، إن لم يكن جميعهم، وفتح بعضهم نفسه لشهية المال والسلطة. فوجد عقار نفسه محاصراً ومهدداً، ولم يكن بمقدوره المواجهة أو فعل شيء سوى الرضوخ لرغباتهم ومخططاتهم، بل وتبنيها وتنفيذها، وهي رغبات ومخططات أجهزة امن واستخبارات الدولة العميقة، وأسفرت هذه المؤامرات في نهاية المطاف عن انقسام الحركة الشعبية، وكان الرشيد ورفاقه من بين أكثر الناس فرحاً واحتفالاً بهذا الانقسام.

    وبعد فترة وجيزة من الانقسام واستكمال المهمة بنجاح، تقدم الرشيد بطلب لترك العمل في مكتب مالك عقار، معلناً رغبته في التفرغ لعمله في جهاز المخابرات العامة. إلا أن عقار رفض طلبه، ليجد نفسه مضطراً للاستمرار في المكتب، لأنه كان يعلم أن دمجه في جهاز المخابرات العامة برتبة "رائد" تم عبر مالك عقار نفسه، الذي منحه رتبة ضابط في الجيش الشعبي على حساب رفاق آخرين مناضلين، دون أن يخضع لأي تدريب ميداني، أو يدخل معسكراً، أو يشارك في أي معركة فعلية للجيش الشعبي، بل دون أن يشهد حتى معركة واحدة خاضها الجيش ضد قوات العدو.

    ومن المؤكد أن جهاز المخابرات نفسه يعلم أن الرشيد غير مؤتمن وغير موثوق فيه، إذ يمكنه أن يبيع أي معلومة أو خبر لأي جهة تدفع له، داخلياً أو خارجياً. وهكذا أصبح ليس مجرد عميل مزدوج، بل رمزاً للخيانة المنظمة، وللولاء المشروط بالمال والمصالح الشخصية، وسط حركة عريقة كان يفترض أن تحميها المبادئ والضمير.

    كان طلب الرشيد أنور بترك العمل في مكتب مالك عقار والتفرغ لعمله في جهاز المخابرات قد أثار موجة من التساؤلات بين الرفاق، إلا أن لا أحد كان يجرؤ على مواجهة الأمر أو الاستفسار عن الدوافع والأسباب، واستمر الرشيد في المكتب، وفي تلك الفترة تم إعداد مجموعة من المراسلات الرسمية والوثائق الموجهة إلى عدد من مؤسسات الدولة، خاصة وزارة المالية وولاية الخرطوم، بعض منها كان بعلم مالك عقار، بينما أُرسلت أخرى دون علمه، بالتعاون مع أفراد وجهات في أجهزة الدولة العميقة، معظمهم من الأجهزة الأمنية والاستخباراتية.

    ولكن، للأسف، لم تكن هذه الخطابات في خدمة الحركة الشعبية أو الجيش الشعبي؛ حتى تلك التي كانت تحمل إشارات للجيش أو للحركة، كانت مجرد تمويه لإخفاء النوايا الحقيقية، وكان المستفيد الأكبر من كل هذه الأوراق والخطابات مجموعة محدودة من الحركة، بالإضافة إلى آخرين من الجهات الحكومية والأمنية والاستخباراتية التابعة للدولة العميقة. وهكذا أصبح صاحبنا أداة مزدوجة، تعمل لصالحه وصالح الأجهزة التي توظفه، على حساب مبادئ الحركة وأهدافها، بل وعلى حساب الرفيقات والرفاق الذين لا حول لهم ولا قوة.



    ونواصل،،

    محمد عبدالله ابراهيم

    [email protected]

























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de