الوعي المأزوم- مثقفو السودان بين الولاء والكتابة#

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 10-09-2025, 08:45 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-07-2025, 05:04 PM

زهير ابو الزهراء
<aزهير ابو الزهراء
تاريخ التسجيل: 08-23-2021
مجموع المشاركات: 12401

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الوعي المأزوم- مثقفو السودان بين الولاء والكتابة#

    05:04 PM October, 07 2025

    سودانيز اون لاين
    زهير ابو الزهراء-السودان
    مكتبتى
    رابط مختصر






    في بلاد السودان يتقاطع الوعي بكل أنواع الولاءات؛ الدينية، والقبلية، والحزبية، والجهوية، لتتشكل صورة مثقف مأزوم يعيش بين نداء الفكر ونداء الانتماء.
    في هذا الفضاء المعقد تصبح الكتابة فعلًا مشحونًا بالتوتر، لا يسعى إلى الفهم بقدر ما يسعى إلى الاصطفاف، ولا يحرر بل يُعيد إنتاج القيود القديمة بأدوات جديدة.
    هكذا يتكلم المثقف السوداني أحيانًا لا بوصفه شاهدًا على الواقع، بل وريثًا لولاءٍ ما، يختبئ خلف اللغة.
    أخطر ما أصاب الوعي السوداني هو خضوعه لمعادلة الولاء قبل الكفاءة، والهوية قبل الفكرة. فكلما حاول الفكر أن يتحرر من أسر الانتماء، سحبته قوى التاريخ إلى حقل القبيلة والطائفة والحزب. هكذا تشكلت عقلية المثقف السوداني
    لا كنتاج لمشروع معرفي مستقل، بل كصدى لصراعات ما قبل الدولة. لهذا تجد من يكتب عن “نزع الشرعية عن الآخر” وآخر يرد عليه بـ“خارطة طريق لإنقاذ الوطن”، وكلاهما ينطلق من موقف مسبق أكثر مما ينطلق من رؤية نقدية حرة.
    الكتابة هنا تتحول إلى ميدان صراع رمزي، لا إلى فضاء بحث عن الحقيقة.
    إن هذه الأزمة ليست طارئة، بل تمتد جذورها في البنية التاريخية والاجتماعية للدولة السودانية منذ فجر الاستقلال.
    فقد خرج السودان من الاستعمار بحدود جغرافية لم تكتمل، وبهويات ثقافية متنافرة لم تندمج.
    لم تنجح الدولة الوطنية في بناء هوية جامعة، فظل الانتماء القبلي والديني هو الأشد رسوخًا في الوعي العام. ثم جاءت المشاريع السياسية المتعاقبة — من التعريب إلى الأسلمة إلى العلمنة الشكلية — لتكرّس هذا الانقسام بدل تجاوزه.
    المثقف، في هذه البيئة، لم يجد مساحة لبناء مشروع وطني نقدي، بل أصبح هو ذاته جزءًا من الجدل الذي غذّى الانقسام.
    النتيجة أن كثيرًا من الكتابات التي تتناول الشأن العام اليوم تعيد إنتاج منطق “النحن والهم”. فبدل مساءلة بنية السلطة أو نقد الخطاب السائد، ينشغل الكاتب بتأكيد نقاء جماعته، أو تبرير سردية ضيقة.
    في الصحف، والمنصات الرقمية، والمنتديات الفكرية، نقرأ نصوصًا مشبعة بلغة الإدانة الأخلاقية أكثر من التحليل الموضوعي، حيث تُختزل القضايا المعقدة إلى أحكام نهائية. وهكذا تتحول الكتابة من فعل وعي إلى أداة اصطفاف.
    تجليات هذا الوعي المأزوم كثيرة. فمن يكتب عن الحرب مثلًا، يفعل ذلك أحيانًا بوصفها “صراعًا بين الخير والشر”، لا بوصفها مأساة وطنية معقدة الجذور.
    ومن يكتب عن التحول الديمقراطي، يفعل ذلك بلسان الانتماء الحزبي لا بلسان الفكرة السياسية.
    حتى من يدّعون الحياد أو الاستقلالية، غالبًا ما يقعون في فخ اللغة المبطنة بالهوى الأيديولوجي.
    إن ما يعانيه المثقف السوداني اليوم ليس نقصًا في الموهبة أو الشجاعة، بل أزمة في “المسافة النقدية” بين الذات والموضوع؛ بين الكاتب والعالم الذي يكتب عنه.
    ومع ذلك، لا يمكن فهم هذه الأزمة بمعزل عن الشروط الاجتماعية التي أنتجتها. فالمثقف السوداني وُلد داخل مجتمع تقليدي لم يمر بمرحلة “تحرر من الأب الرمزي”، أي لم يُنجز قطيعته مع السلطة الأبوية الدينية والقبلية.
    لذلك يظل كثير من الكتّاب أسرى لثنائية الطاعة والتمرد، يبحثون عن شرعية فكرية كما يبحث السياسي عن شرعية الحكم. فحين يكتب أحدهم عن الديمقراطية، يُخضعها لميزان القبيلة أو المذهب؛ وحين يكتب عن التنوير، يربطه بالمركز دون الهامش.
    حتى اللغة التي تُستعمل في النقاش، كثيرًا ما تكون مرآةً للتراتبية الاجتماعية ذاتها التي يُفترض أن الخطاب النقدي يناهضها.
    ومع دخول البلاد مرحلة الحرب الراهنة، ازدادت حدة هذا الانقسام.
    صار النقاش الفكري مرآة للصراع الميداني، وتحولت الكتابة إلى جبهة أخرى من جبهات الحرب الرمزية.
    البعض يكتب بدافع الخوف من الإقصاء، والبعض الآخر بدافع التبشير بصف جديد من الولاء.
    لكن الغائب الأكبر هو السؤال الوجودي: كيف نكتب عن وطنٍ يتفكك دون أن نعيد تفكيكه نحن في خطابنا؟ كيف نحافظ على الوعي النقدي وسط العواصف؟
    لعل أول خطوة نحو استعادة هذا الوعي تبدأ بإدراك أن الكتابة ليست امتدادًا للانتماء، بل مقاومة له.
    الكتابة الحرة لا تبحث عن هوية تحتمي بها، بل عن معنى يُنقذها من الزيف.
    على المثقف السوداني أن يتعلم “الانفصال الرمزي” عن كل ما يُغريه بالانحياز، أن يعيد النظر في أدواته، ومصادره، ولغته.
    فالنقد الحقيقي لا يولد من اليقين، بل من الشك. والمفكر الحقيقي هو من يجرؤ على مساءلة قبيلته الفكرية قبل أن يُسائل خصومه.
    يمكن للكتابة السودانية أن تنهض إذا استعادت قدرتها على مساءلة الذات الجماعية، لا على تكرارها. وإذا تحولت من خطاب المرافعة إلى خطاب الفهم.
    هذا لا يعني الحياد البارد، بل يعني أن تكون الكلمة مسؤولة أمام العقل لا أمام القبيلة. فحين يدرك الكاتب أن الولاء لا يضيف شيئًا إلى القيمة الفكرية، سيتحرر من وهم الانتماء بوصفه ضمانة، ويبدأ في بناء مشروع يخص الإنسان لا الجماعة.
    إن السودان في حاجة إلى مثقفين جدد لا يحملون أعباء التاريخ وحدها، بل يحملون شجاعة نقده.
    مثقفين يكتبون لا ليبرروا، بل ليكشفوا؛ لا ليؤكدوا الولاء، بل ليبحثوا عن الحرية. لأن ما نحتاجه ليس مزيدًا من الانتماء، بل شجاعة التحرر من الانتماء.























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de