ضحكت وأنا أطالع بيان حزب الأمة حول محاكمة المجرم الجنجويدي علي كوشيب.
. فقد استوقفتني طويلاً العبارات المُنمقة التي وردت في البيان، من شاكلة: " حزب الأمة إذ يرحب بهذا القرار التاريخي ، فإنه يؤكد أنه يمثل انتصاراً للعدالة الدولية وخطوة متقدمة في طريق انصاف ضحايا دارفور الذين عانوا ويلات الانتهاكات والإبادة الجماعية دون محاسبة لعقود طويلة. كما يعبر الحكم عن إدانة واضحة للنظام السابق..."
وسبب ضحكي أنني تذكرت الإمام الصادق المهدي، رحمه الله، وهو يقول أيام حكومة الثورة أو ربما قبل تشكيلها أنهم في حزب الأمة يرحبون بحميدتي متى ما خلع البذة العسكرية! فكيف لحزب رحب بمن شارك في الجرائم أن يتحدث اليوم بهذه النبرة عن العدالة والانصاف؟ المقارنة مضحكة.. حد المرارة
و قد علقت وقتها على هذا الموقف الغريب، لكن ما أضحكني الآن هو السؤال الذي اعتمل في ذهني وأنا أقرأ البيان: هل يستقيم عقلاً أن تكون محكمة (الكفار) - كما يصفها البعض - أرأف بأهلنا في دارفور وبنا كسودانيين من أحزابنا الوطنية؟ فما دمتم تحتفون بقرار محكمة العدل وإدانتها للمجرم كوشيب، فكيف فات عليكم أن حميدتي نفسه مجرم ارتكب في حق السودانيين جرائم يندي لها الجبين.
قد يقول قائل أن الإمام الصادق المهدي سُجن بسبب انتقاده لهذا المجرم، لكن ما ذكرته أعلاه نطق به الإمام بعد سجنه بسنوات عديدة، وهو ما يؤكد حالة التناقض التي يعيشها ساستنا، والمواقف الغريبة لُجل أحزابنا.
. فلا يجوز أن نحتفي بإدانة مجرم، فيما نغض الطرف لأي سبب عن جرائم مجرم آخر. . إلا إذا كانت أحزابنا تراهن على ضعف ذاكرتنا، أو تظن أن كل حدث يستوجب إصدار بيان مزخرف بالعبارات الرنانة، لإقناعنا بجديتهم في النضال ضد الظلم والطغيان.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة