المشروع الوطني بين الإنكسار والوعي: السنن الكونية وسبل النهوض كتبه د. الهادي عبدالله إدريس أبوضفائر

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 10-09-2025, 08:46 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-06-2025, 05:52 PM

د. الهادي عبدالله ادريس ابوضفائر
<aد. الهادي عبدالله ادريس ابوضفائر
تاريخ التسجيل: 09-05-2017
مجموع المشاركات: 86

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
المشروع الوطني بين الإنكسار والوعي: السنن الكونية وسبل النهوض كتبه د. الهادي عبدالله إدريس أبوضفائر

    05:52 PM October, 06 2025

    سودانيز اون لاين
    د. الهادي عبدالله ادريس ابوضفائر-UK
    مكتبتى
    رابط مختصر




    ٦ اكتوبر ٢٠٢٥


    لا مبالغة في القول إنّ فشل المشروع الوطني يمثل أحد أبرز القضايا التي تستولي على وجدان هذا الوطن، لما تراكم حوله من إخفاقاتٍ متلاحقة، وحروبٍ متكررة، وتحولاتٍ مزّقت الجغرافيا وشوّهت وعي الإنسان. فمنذ ولادة الدولة، ظل مشروعها الوطني معلقاً بين التناقضات والمصالح، تتقاذفه الولاءات الضيقة، ويختلط فيه سؤال الانتماء بين العرق والدين والقبيلة، بينما غاب السؤال الأعمق والجوهر. ما هو الوطن الذي نريد أن نحكمه؟ وما هو الدور الذي ينبغي أن يقوم به العقل والإرادة في تشكيله؟.

    لم تكن الحروب التي مرّت بنا مجرد صدامات على الأرض، بل انعكاساً لأزمةٍ جذريّة في الفكرة التي قامت عليها الدولة. فحين تغيب الرؤية الجامعة، ويتحوّل الوطن إلى ميدانٍ للصراع لا للبناء، يصبح الفشل صنيعة البشر لا إرادة السماء. فالقدر لا يوقع الهزيمة على أمةٍ فهمت سنن النهوض، بل على أمةٍ عطّلت عقلها واستبدلت التخطيط بالتواكل، والمعرفة بالتبرير، فغابت فيها الحكمة، وتلاشت فيها القدرة على التقدير السليم للأزمات والمخاطر، فانعكست هذه الهزيمة على مصيرها وعلى مسار التاريخ.

    إنّ الأزمة السودانية، في جوهرها، ليست نقصاً في الموارد ولا قلة في الإمكانات، بل جهلٌ بآليات أقدار الله في الكون. فالله لم يخلق القوانين عبثاً، بل جعلها تسري بعدلٍ مطلق على الجميع، لا تفرّق بين مؤمنٍ وكافر، ولا بين غني وفقير، بل تُجازي من فهمها وعمل بها. كما أنّ الطبيب حين يدرك قانون الجسد يمتلك مفتاح الشفاء، والمهندس حين يعي قوانين المادة يبني عالماً، والسباح حين يعرف قوانين السباحة، ولاعب الكرة حين يتقن فنون اللعبة، كذلك الأمم حين تدرك سنن الله في العمران والسياسة والاجتماع تصنع مصيرها بوعي وإرادة، فتصبح الحياة مرآة لإدراكها، والتاريخ شهادة على فهمها لأسباب النهوض والسقوط.

    كلّما ازداد الإنسان علماً، ازداد إدراكه لأقدار الله، فالعلم ليس تحدياً للقدر، بل أداة لفهمه وتحقيق إرادته في الكون. كما أن القاضي، كلّما تعمّق في دراسة القوانين وأسرارها، صار قضاؤه أعدل وأعمق، ولذلك تختلف الأحكام بين المحكمة الابتدائية والاستئناف والعليا، في عمق النظر وسعة التجربة. وهكذا هي الأمم، تتفاوت في تفاعلها مع مقادير الله بحسب مستوى وعيها. فالأمة التي تحكمها العاطفة تصدر أحكامها من اندفاعٍ لا من بصيرة، فتضيق آفاقها ويقصر أثرها، بينما التي تبلغ مقام الحكمة تتعامل مع أقدارها بعقلٍ مستنيرٍ وبصيرةٍ نافذة، فتتسع رؤيتها وتتعمق مداركها. فتتحول أفعالها امتداداً لإدراكها، وقراراتها ترجمةً لمعرفة السنن الكونية، عبر آلية السمع والبصر والفؤاد كأدوات للعلم والفهم، والمساءلة والتحليق في ملكوت الكون الواسع وكتاب الله المطلق، مفاتيح للنهوض والارتقاء بالإنسانية. ومن أتقنها صار قادراً على صناعة مجده ورفع شأن أمته في مسار الزمن، ليصبح التاريخ شهادةً حية على وعيه وإدراكه لأقدار الله وسنن الكون.

    إنّ أقدار الله، أي قوانين الكون، في جوهرها تتساوى فيها البشرية كلها، فالعدل الإلهي لا يميّز بين إنسان وآخر، لا باللون ولا بالدين ولا بالمكانة الاجتماعية. كما أن H₂O قانون طبيعي يُنتج الماء للجميع، والجاذبية الأرضية تعمل على الكل بلا استثناء، وقوانين الحركة والطاقة لا تُفرّق بين غني وفقير، والضوء والحرارة تنتشر في الكون وفق سنن ثابتة، هكذا السنن الكونية تسري على الكل بلا استثناء. لكن تفاوت الأمم والأفراد ينبع من قدرتهم على قراءة هذه السنن وفهم آلياتها والتفاعل معها بحكمة. فمن أدركها ارتقى، ومن جهلها انحدر، وليس لله في ذلك محاباة لأحد. فالكون مفتوح أمام الجميع، ومن امتلك أدوات الفهم امتلك مفاتيح الارتقاء، وحوّل معرفته إلى قوة حقيقية تغيّر مجرى الحياة وتشكل مصير الأمم.

    إن بناء مشروع وطني لا يبدأ إلا من الداخل، من قلب العلاقة بين الإنسان والعقل، بين الإرادة والعلم. فكل انهيار شهدناه لم يأتِ من قوى خارجة عن إرادتنا، بل هو نتاجٌ طبيعي لجهلٍ طويل، وانقطاعٍ بين الفكر والواقع، وانحرافٍ عن جوهر العدل والمواطنة. نحن بحاجة إلى مشروع يعيد للعقل مكانته العليا، وللعمل قيمته الخالدة، وللإنسان كرامته التي لا تُقاس إلا بالحرية والمسؤولية. مشروعٌ يرى الوطن ليس حقل صراعٍ تُقسم فيه الغنائم، بل فضاءً مفتوحاً تتلاقى فيه العقول، وتُزرع فيه الفرص، وتتجسد فيه العدالة، حيث يتحوّل الإدراك إلى قوة، والفهم إلى فعل يغير مجرى التاريخ، ويعيد بناء الأمة على أسسٍ ثابتة تُقاوم الصدفة والضعف، وتمنح كل فردٍ القدرة على أن يكون شريكاً حقيقياً في صناعة مصيره ومستقبل وطنه.

    لسنا في حاجةٍ إلى معجزةٍ تقلب مجرى التاريخ، بل إلى وعيٍ يقرأ قوانين الوجود بعينٍ نافذة، وأذنٍ تسمع، وفؤادٍ يفقه، وإرادةٍ تتحرر من قيود الخوف لتواجه ذاتها بصراحة وشجاعة. فكلّما ازددنا إدراكاً لسنن الكون، أدركنا أنّ أقدار الله لا تُخاصم أحداً، وأنها تتجلّى بعدلٍ مطلقٍ لا يفرّق بين إنسانٍ وآخر، مهما تباينت ألوانهم وأشكالهم ومعتقداتهم. إنّنا نحن من جعلنا قوانين الوجود تبدو كأنّها حواجز حين جهلناها، ولو أحسنا فهمها لأدركنا أنّ الإنسان ليس كائناً منساقاً في مجرى الحياة، بل روحٌ فاعلة فيها، تُسهم بوعيها وإرادتها في بناء مصيرها، وتشارك في تحقيق المعنى الكامن في سنن الخلق ومسيرة الوجود.
    [email protected]























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de