أفريقيا والغزل الأمريكي.. طلاء بلا جوهر كتبه د. ياسر محجوب الحسين

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 10-17-2025, 02:38 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-01-2025, 12:32 PM

د. ياسر محجوب الحسين
<aد. ياسر محجوب الحسين
تاريخ التسجيل: 07-28-2018
مجموع المشاركات: 391

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
أفريقيا والغزل الأمريكي.. طلاء بلا جوهر كتبه د. ياسر محجوب الحسين

    12:32 PM October, 01 2025

    سودانيز اون لاين
    د. ياسر محجوب الحسين-UK
    مكتبتى
    رابط مختصر



    أمواج ناعمة







    جددت الولايات المتحدة والاتحاد الأفريقي التزامهما بتعزيز شراكتهما في مختلف المجالات، خلال لقاء جمع رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي محمود علي يوسف والمستشار الأميركي الأول لشؤون أفريقيا مسعد بولس في 18 سبتمبر بمقر الاتحاد في أديس أبابا، حيث شدد الجانبان على دعم السلام والاستقرار والازدهار الإقليمي، وفتح آفاق أوسع للاستثمار والتجارة. لكن هذا الإعلان، بما يحمله من وعود متكررة، يعيد إلى الواجهة سؤالًا أعمق حول طبيعة العلاقات الأميركية – الأفريقية؛ فرغم غناها بالموارد الطبيعية وامتلاكها موقعاً استراتيجياً يربط بين المحيطين الأطلسي والهندي، بقيت أفريقيا على هامش السياسة الخارجية الأمريكية لعقود طويلة. فعلى امتداد الحرب الباردة وما بعدها، تعاملت واشنطن مع القارة من منظور أمني وتجاري ضيق، أكثر منه شراكة متكافئة. وبينما ترفع الإدارات الأمريكية المتعاقبة خطاب “الشراكة” و”التنمية المشتركة”، فإن الواقع يكشف عن علاقات غير متوازنة تقوم على التبعية المالية للمانحين، والتبعية الأمنية للوجود العسكري الخارجي. ويزداد هذا التناقض وضوحاً عند تتبع مسار العلاقات من ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأولى، حيث ساد خطاب الازدهار والاستقرار دون سياسات فعلية، وصولاً إلى الديمقراطيين الذين حسّنوا لغة الخطاب من دون تغيير جوهري في الممارسة. وإلى جانب ذلك، يبقى الاتحاد الأفريقي مقيداً بميزانية تعتمد على الخارج، في حين يكرس وجود “أفريكوم” حقيقة أن أمن القارة مرهون بالآخرين. هذه المعطيات مجتمعة تكشف هشاشة الاستقلالية الأفريقية، وسط تنافس دولي محتدم.



    العلاقات الأمريكية – الأفريقية.. حضور متذبذب :



    تعود جذور العلاقات الأمريكية - الأفريقية إلى زمن الحرب الباردة (1947 – 1991)، حين كانت واشنطن تنظر إلى القارة كجزء من صراع النفوذ مع الاتحاد السوفيتي. ورغم استقلال العديد من الدول الأفريقية في ستينيات القرن الماضي، فإن حضور الولايات المتحدة بقي محدوداً، وغالباً ما اقتصر على دعم أنظمة موالية أو مواجهة حركات يسارية. ومع نهاية الحرب الباردة، خفتت الأهمية الاستراتيجية لأفريقيا مقارنةً بالشرق الأوسط الذي ارتبط بأمن الطاقة، وبآسيا التي صعدت كمركز اقتصادي عالمي. غير أن أحداث 11 سبتمبر 2001 أعادت بعض الزخم، حيث باتت واشنطن تنظر إلى مناطق مثل القرن الأفريقي والساحل باعتبارها بؤراً للإرهاب العابر للحدود. إلى جانب ذلك، بقي البعد التجاري حاضراً: أفريقيا تمثل سوقاً واعدة وموطناً لموارد استراتيجية كالنفط والمعادن النادرة. لكن هذا الحضور ظل متذبذباً، محكوماً بضرورات أمنية آنية أكثر من كونه استراتيجية طويلة الأمد. وبالمقارنة مع أولويات أخرى، احتلت القارة موقعاً ثانوياً في أجندة السياسة الخارجية الأمريكية، ما ترك فراغاً استغلته قوى منافسة كالصين وروسيا لتعزيز نفوذها.

    خلال ولاية الرئيس دونالد ترامب الأولى (2017 – 2021)، رفعت الإدارة شعارات “الشراكة” و”تعزيز الاستقرار والازدهار” في تعاملها مع أفريقيا، كما ورد في بيانات رسمية وتقارير استراتيجية. غير أن هذه اللغة لم تُترجم إلى سياسات عملية ذات أثر عميق. بل على العكس، اتسم عهد ترامب بالانكفاء عن الانخراط الدبلوماسي، وتقليص المساعدات التنموية، وإضعاف الحضور السياسي الأمريكي في القارة. ركزت الإدارة بشكل أساسي على مكافحة الإرهاب، ولا سيما في الصومال والساحل، وعلى الفرص التجارية التي قد تخدم الشركات الأمريكية، دون صياغة رؤية شاملة تضع أفريقيا في قلب السياسة الخارجية. هذا الفراغ النسبي أتاح للصين توسيع مشاريعها في البنية التحتية والاستثمار، ولروسيا فتح قنوات نفوذ جديدة عبر صفقات السلاح وشركات الأمن الخاصة. وبذلك، شكّل عهد ترامب محطة عززت صورة الولايات المتحدة كفاعل يطلق وعوداً كبرى لكنه يتراجع عند التنفيذ، تاركاً المجال مفتوحاً أمام منافسين أكثر نشاطاً في القارة.

    وعند وصول الديمقراطيين إلى الحكم، حاولوا استعادة إرث باراك أوباما الذي تحدث عن “أفريقيا الناهضة” وعقد قمة 2014 مع القادة الأفارقة. غير أن التجربة السابقة لم تسفر عن نتائج استراتيجية مستدامة، إذ بقي الحضور الأمريكي محدوداً أمام التحديات الداخلية الأمريكية والأولويات الخارجية الأخرى. الرئيس السابق جو بايدن (2021 – 2025) أعاد إطلاق خطاب الانخراط عبر قمة واشنطن–أفريقيا عام 2022، وأرسل مسؤولين رفيعي المستوى في جولات بالقارة للتأكيد على الشراكة. ومع ذلك، فإن ذلك الانفتاح ظل محكوماً بحدود واضحة: التركيز على مكافحة الإرهاب، وضمان الاستثمارات، وموازنة النفوذ الصيني والروسي, فلم يشهد الأفارقة تحولاً نوعياً في السياسات الأمريكية، بل تحسيناً في اللغة والرمزية الدبلوماسية أكثر من تقديم حلول جذرية لقضايا القارة. وهكذا، تواصلت نزعة واشنطن إلى التعامل مع أفريقيا من منظور أمني–اقتصادي، مع إبقاء القارة في مرتبة ثانوية من أولوياتها.

    مظاهر التبعية الأفريقية للولايات المتحدة:

    في العام 2007 أسست واشنطن القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا (أفريكوم)، لكن مقرها الرئيسي بقي في شتوتغارت بألمانيا نتيجة رفض معظم الدول الأفريقية استضافتها على أراضيها، خشية تكريس صورة الوصاية الأجنبية. وتضطلع أفريكوم بمهام متعددة، أبرزها مكافحة الإرهاب، حماية المصالح الأمريكية، والتنسيق الأمني مع جيوش القارة. وفي هذا الإطار، تشكل أوغندا مثالاً بارزاً، إذ تعد شريكاً أساسياً، تستضيف تدريبات عسكرية وتشارك بقوات في بعثة الاتحاد الأفريقي بالصومال بدعم من واشنطن. ومع أن هذا الوجود يُسوّق باعتباره مساهمة في تعزيز الأمن الإقليمي، فإنه يعكس في جوهره ارتهان القارة للقدرات العسكرية الخارجية. فكما يعتمد الاتحاد الأفريقي مالياً على المانحين، يعتمد أمنه عملياً على شراكات مع أفريكوم. هذه المفارقة تكشف محدودية القدرة الذاتية الأفريقية: من جهة يرفع القادة شعار “الاستقلال الأمني”، ومن جهة أخرى يستندون في تنفيذ السياسات الأمنية إلى أدوات أمريكية. بذلك، يتحول الوجود العسكري الأمريكي إلى أحد أبرز رموز التبعية، ويعمّق الشكوك حول جدوى الحديث عن استقلال القرار الأفريقي في قضايا الأمن والدفاع.

    وتتبدى كذلك مظاهر التبيعية حتى في الإطار المؤسسي الأهم للتنسيق بين دول القارة وهو الاتحاد الأفريقي الذي يواجه معضلة جوهرية تتعلق بميزانيته. إذ يعتمد الاتحاد في أكثر من 60% من ميزانيته التشغيلية والبرامجية على مساهمات مانحين خارجيين، أبرزهم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ومؤسسات مالية غربية. هذا الاعتماد يقيد بشكل كبير استقلالية القرار الأفريقي، ويجعل المنظمة عرضة للضغوط السياسية والاقتصادية. فبينما يرفع الاتحاد شعار “حلول أفريقية لمشكلات أفريقية”، فإن قدرته على التحرك الفعلي تبقى محدودة عندما تتعارض قراراته مع مصالح الممولين. يتجلى ذلك في الأزمات المتكررة بالقارة، مثل الانقلابات العسكرية في منطقة الساحل، أو الصراعات في القرن الأفريقي، حيث غالباً ما بدا الاتحاد عاجزاً عن فرض حلول ناجعة ومستقلة أو حتى عن تمويل بعثاته الخاصة دون دعم خارجي. هذه التبعية المالية تعكس التناقض العميق بين الخطاب الطموح والاستقلالية المعلنة، والواقع الذي يجعل الاتحاد أقرب إلى وسيط بين الإرادات الدولية المختلفة، بدلاً من كونه أداة حقيقية لسيادة القرار الأفريقي.

    التنافس الدولي.. أمريكا في مواجهة الصين وروسيا:

    لا تتحرك الولايات المتحدة في أفريقيا في فراغ، بل ضمن ساحة مكتظة بفاعلين دوليين متنافسين. الصين رسخت وجودها من خلال استثمارات ضخمة في البنية التحتية، والقروض، وتوسيع شبكة التجارة، ما جعلها الشريك الاقتصادي الأول لعدد من الدول الأفريقية. أما روسيا، فركزت على النفوذ الأمني عبر صفقات السلاح وتوظيف شركات عسكرية خاصة مثل “فاغنر”، خصوصاً في دول الساحل وأفريقيا الوسطى. في مواجهة ذلك، تسعى واشنطن إلى تثبيت حضورها عبر مزيج من الشراكات المالية والوجود العسكري المتمثل في أفريكوم، لكنها تبدو أقل جاذبية مقارنةً بالعرض الصيني المبني على مشاريع ملموسة، أو العرض الروسي المبني على دعم الأنظمة الهشة عسكرياً. هذه التوازنات المعقدة تنعكس على الاتحاد الأفريقي، الذي يجد نفسه ممزقاً بين الممولين، وغير قادر على صياغة رؤية مستقلة توازن بين المصالح دون الوقوع في فخ الارتهان الخارجي.

    في أزمة النيجر يوليو 2023، أظهرت واشنطن اهتمامًا بالتدخل العسكري عبر المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، مدفوعة بمخاوفها من تزايد النفوذ الروسي في منطقة الساحل الأفريقي، حيث لوح أنصار المجلس الوطني لحماية الوطن بالأعلام الروسية والنيجرية أثناء تجمعهم لمظاهرة في نيامي العاصمة. ورغم أن إيكواس نفسها بدأت تتراجع عن خيار التدخل العسكري لصالح الحل الدبلوماسي، فإن الولايات المتحدة قدمت دعوة مباشرة لرئيس نيجيريا لمناقشة "التدخل العسكري"، مما يعكس نهجا أمنيا واستراتيجيا ضيقا. وعدّ رد الرئيس النيجيري، بولا تينوبو، إشارة قوية على أن الحلول يجب أن تكون أفريقية المنشأ، وأن بلاده لا تأخذ إشارات من أي دولة أجنبية، مما يؤكد على الصراع بين الرؤية الخارجية والجهود المحلية لحل الأزمات. هذا المثال يُظهر أن واشنطن تتعامل مع الأزمات الأفريقية من منظور "الوجود الأمني" و"مواجهة النفوذ"، وليس من منظور الشراكة المتكافئة أو دعم الحلول التي يفضلها الأفارقة أنفسهم.



    زهور صناعية بلا عبير:



    تكشف مسيرة العلاقات الأمريكية - الأفريقية عن مفارقة أساسية: خطاب متكرر عن “الشراكة” و”الازدهار المشترك”، يقابله واقع من التبعية المالية للمانحين والتبعية الأمنية للوجود العسكري الخارجي. الاتحاد الأفريقي، رغم ما يمثله من أمل لتوحيد الموقف القاري، ما زال أسير تمويل خارجي يقيد استقلاليته، بينما يظل أمن القارة مرتبطاً بعمليات أفريكوم. هذا الوضع يثير تساؤلات جوهرية: هل يمكن للأفارقة أن يبنوا استقلالية حقيقية في القرار السياسي والأمني والاقتصادي؟ أم ستظل القارة ساحة صراع بين القوى الكبرى التي تتنافس على مواردها وأسواقها؟ المؤكد أن السياسة الأمريكية ستبقى محكومة بمصالح واشنطن أولاً، ما لم يغير الأفارقة أنفسهم معادلة التمويل والأمن، ويبتكروا آليات عملية تترجم شعارات “الحلول الأفريقية” إلى واقع ملموس. وفي ضوء ذلك، يبدو اللقاء الأخير بين مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب لشؤون أفريقيا ومسؤول الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا، بما حمله من وعود عن شراكة وازدهار، مجرد غزل أميركي للقارة، غزل أشبه بزهور صناعية بلا عبير.

    بدون شك لا يمكن لأفريقيا أن تحقق استقلالية حقيقية ما لم تبدأ في تغيير معادلة التبعية. يتطلب هذا الأمر تفعيل حلول عملية وشاملة. على المستوى المالي، يجب على الاتحاد الأفريقي ودوله الأعضاء العمل على زيادة المساهمات الداخلية لتمويل ميزانيته التشغيلية وبرامجه، مما يقلل الاعتماد على المانحين الخارجيين. كذلك، يمكن تعزيز التكامل الاقتصادي والتجاري بين الدول الأفريقية، من خلال تنفيذ اتفاقية التجارة الحرة القارية (AfCFTA)، لخلق سوق داخلية قوية تقلل الحاجة إلى المساعدات الخارجية. على المستوى الأمني، يجب على القارة الاستثمار في بناء قدرات أمنية ذاتية، وتدريب جيوشها، وتطوير آليات مشتركة للتدخل السريع والاستجابة للأزمات دون الاعتماد على القوات الأجنبية مثل "أفريكوم". هذه الخطوات، وإن كانت صعبة، هي السبيل الوحيد لترجمة شعارات "الحلول الأفريقية" إلى واقع ملموس، وتحويل الغزل الأمريكي من طلاء بلا جوهر إلى شراكة حقيقية مبنية على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل.

    للاطلاع على مزيد من مقالات الكاتب سلسلة (أمواج ناعمة): https://shorturl.at/YcqOh

























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de