محمود علي يوسف بين وعد البدايات وخيبات الأداء: تقييم بعد ٦ أشهر في مفوضية الاتحاد الأفريقي
د. احمد التيجاني سيد احمد
عندما تم انتخاب الدبلوماسي الجيبوتي المخضرم محمود علي يوسف رئيسًا لمفوضية الاتحاد الأفريقي في فبراير 2025، استقبلتُ هذا التعيين بتفاؤل حذر، وكتبتُ مقالًا نُشر في سودانيز أونلاين أشرت فيه إلى أن الرجل ينتمي إلى حزب علماني يساري، هو "التجمع الشعبي من أجل التقدم"، وليس له سوابق في العمل الإسلامي السياسي، بل وجيبوتي نفسها تمنع قيام أحزاب دينية.
انطلق التفاؤل من أن يوسف، بخلفيته الممتدة في العمل الدبلوماسي الإقليمي، قد يكون امتدادًا إيجابيًا لسلفه موسى فكي، وأن بإمكانه أن يلعب دورًا موضوعيًا في ملفات النزاع، خاصة السودان. إلا أن الأشهر الستة الماضية كشفت واقعًا مختلفًا، مؤسفًا، وأقرب إلى السلبية الصامتة منه إلى الحياد المسؤول.
ضعف المفوضية وتواطؤ الاتحاد الأفريقي منذ تولّيه منصبه في مارس ٢٠٢٥، لم يُبدِ محمود علي يوسف، رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، أي مؤشرات جدّية على رغبة في إصلاح دور المفوضية في التعامل مع المأساة السودانية. فبينما ارتُكبت مجازر بشعة في دارفور، وسقطت مدينة الفاشر تحت الحصار والتطهير العرقي، والتجويع المنهجي، اكتفت المفوضية بإصدار بيانات عامة خجولة، خلت من أي مضمون عملي أو تحرك ملموس.
الأخطر من ذلك، أن رئيس المفوضية تغاضى عن فتح أي تحقيقات في التقارير المتواترة حول الدعم العسكري واللوجستي الذي قدمته مصر لحكومة الانقلاب والفلول، بما في ذلك قصف الطيران المصري لجسر شمبات الحيوي في الأيام الأولى للحرب، واستهداف مصانع سودانية مدنية، في ما بدا أنه محاولة لتدمير البنية الاقتصادية الوطنية، وإبقاء السودان تابعًا اقتصاديًا. هذا الصمت، الذي لا يمكن تفسيره بالحياد، يرقى إلى مستوى التواطؤ، ويضع الاتحاد الأفريقي في خانة العجز أو التحيّز.
في مقاله التحليلي الشجاع، كتب نجم الدين دريسة تحت عنوان: "الاتحاد الأفريقي بين ضعف الموقف وانحياز الأجندات"، أن المنظمة القارية باتت تتحرك وفق الأجندة المصرية، وأن دعوة الاتحاد لاجتماع أطراف سودانية في أكتوبر 2025، اقتصرت على جهات غير فاعلة، وبعضها ضالع مباشرة في الحرب.
وقد صدق دريسة في ملاحظته بأن تغييب حكومة تأسيس وتحالفها المدني–العسكري، هو تغييب مقصود لأطراف تمثل المصلحة الوطنية العليا، وأغلبية الشارع السوداني الثائر.
محمود علي يوسف: الحياد السلبي لا يصنع سلامًا ما يلفت الانتباه أن يوسف، الذي تحدث خلال حملته عن "تعزيز قدرات أفريقيا الذاتية لحل نزاعاتها"، لم يتقدم بمبادرة واحدة تخص السودان، رغم حجم الكارثة. لم يزر السودان، لم يُعلّق على جرائم قوات بورتكيزان، ولم يعترض على محاولات مصر والإيقاد فرض "مصالحة فوقية" تخدم المؤسسة العسكرية وتقصي القوى الثورية.
هذا التجاهل إما أنه نتيجة ضغط إقليمي، او مصري مباشر ، أو ارتباك داخلي، أو ببساطة فشل في الفهم. وفي كل الحالات، النتيجة واحدة: الاتحاد الأفريقي يواصل غيابه، بل وتواطؤه، بينما السودان ينزف.
تحالف تأسيس: الرؤية التي يجب أن تُعتمد
في المقابل، يطرح تحالف تأسيس رؤية شاملة لوقف الحرب وإعادة بناء الدولة، تبدأ بدستور مدني علماني فدرالي جديد، وتأسيس جيش وطني بعقيدة جديدة، وفتح البلاد أمام لجان التحقيق الدولية.
إن تجاهل هذا التحالف – رغم أنه يضم قوى شعبية، ومؤسسات مدنية، ومكونات من الجيش والمقاومة – لا يفسَّر إلا كامتداد لمحاولات خنق البدائل الحقيقية.
دعوة للمفوض الجديد: لا تتأخر أكثر
إذا كان محمود علي يوسف قد بدأ ولايته بتفويض معنوي واعد، فإن الوقت لم يفت بعد ليتحول من موقع الحذر إلى موقع القيادة. ويمكنه – إن أراد – أن يبادر بتوجيه دعوة جادة لحكومة تأسيس، ويزور معسكرات النزوح، ويصيغ تقريرًا حقيقيًا عن واقع السودان، بدلاً من البيانات المصقولة.
الحياد لا يعني الصمت، والدبلوماسية لا تعني التواطؤ.
مراجع
- نجم الدين دريسة، "الاتحاد الأفريقي بين ضعف الموقف وانحياز الأجندات"، سودانيز أونلاين، سبتمبر 2025. - وثائق ميثاق ودستور تحالف تأسيس، يوليو 2025. - موقع مفوضية الاتحاد الأفريقي: http://http://www.au.intwww.au.int - ملف محمود علي يوسف الشخصي وتصريحاته خلال ترشحه (2025).
تم إعداد هذا المقال وتوثيقه بالاستعانة بالذكاء الاصطناعي - ChatGPT.
د. أحمد التيجاني سيد أحمد قيادي مؤسس في تحالف تأسيس روما – 23 سبتمبر 2025
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة