إسمحوا لي كي أشكر عزيزي أمين زوربا الذي ما أن علم برغبتي في إقتناء نسخة من كتاب "أنثى الأنهار" لإشراقة مصطفى حامد إلا وبادر بارساله لي على عنواني بشارع الأصدقاء بميريلاندز. الكتاب يحكي بجرأة وصدق مشوار الكاتبة إشراقة من كوستي إلى فيينا بكل ما فيه من جراح وعثرات وعزيمة لا تفتر من أجل تحقيق تطلعاتها الخاصة والعامة وهو مشوار لصيق بالناس وأحلامهم وهواجسهم وأشواقهم وكوابيسهم. مسيرة مهدتها بالخطوات العنيدة مع الناس الذين كانوا عيدان ثقابها وملحهم، بهم ومعهم حفرت دروبها ومشت برفقتهم، بهروا حياتها وظلوا يحيطونها بدفء الحميمية. ظلت كوستي قابعة في دواحل إشراقة بحكايات الطين وتنهيدات النساء حين يجنح الليل وتنفجر الحكايات وتقمع الأماني البسيطة وهم أكثر عزيمة على تحقيق الحياة التي يتطلعون لتحقيقها. بدأت جراح الكاتبة بتجربة مريرة أشارت إليها بصراحة بحشرجة الموس ولهفة المشرط الغائص في لحمها الغض وصوت المرأة الأجش الذي زمجر: ماتخلي حاجة من "اللالوبة" .. دي فيها رجس الشيطان !!. حكت تجربتها مع المدرسة وكيف أنها اضطرت للجلوس لامتحان الشهادة أكثر من مرة حتى تحقق حلمها بالالتحاق بكلية الإعلام، ووثقت لدور والدها الذي شجعها على القراءاة والاطلاع. تناولت بالتفصيل دور أسرتها التي كافحت معها وسط مؤازرة ومساندة كل من حولها لمواصلة مشوارها المليْ بالأشواك والتقاطعات وهي أكثر إصراراً على السير في طريق الخلاص بالمعرفة التي هي الباب الأعظم المستقبل والعلم الذي هو ضمانة عمرها القادم. حدثتنا عن كيفية انخراطها في العمل السياسي منذ أن شاركت في أول نظاهرة تخرج فيها عندما كانت في أولى ثانوي وقد خرجوا من مدرسة كوستي الثانوية العليا وبدأوا في الهتاف : يابوليس ماهيتك كم ورطل السكر ب كم؟ّ. هكذا دخلت إشراقة في طريق المعرفة فكانت وما زالت تعي ضرورة دحر اليأس في كل مراحل حياتها، وقبل نهاية الامتحانات إشتعلت الإنتفاضة الشعبية وكانت على يقين بان نجاح الانتفاضة سيكون نجاحها الشخصي. حدثتنا عن إنخراطها في العمل السياسي بالجامعة الإسلامية وكيف انها شاركت في إصدار صحيفة حائطية أسموها "الإنتفاضة" تحرير طلائع عزة بكلية البنات. في كل مراحل مشوارها كانت تتعثر وتنهض لتنمو أزهار العزيمة والإرادة وتحدثت عن حالات المرض والإكتئاب التي قاومتها وهي موقنة بان الغد سيكون أفضل. لن أسرد لكم تفاصيل الأحداث المتلاحقة في مشوار إشراقة وأنتقل معكم مباشرة للحظة الفرح بحصولها على القبول في جامعة فيينا وكيف أن ذلك الخبر أدخل البهجة في نفوس كل من حولها. إستعرضت معكم جانباً من مشوار إشراقة مصطفى إلى أن وصلت فيينا التي بدت لها وكأنها ترتدي فستانا أبيض، وأزيز الطائرة يعلوا مع إقترابها من الأرض.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة