سودان ما بعد الحرب: من يصوغ ملامح الدولة القادمة؟ كتبه عاطِف عبدالله قسم السيد

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 09-25-2025, 07:42 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
09-21-2025, 04:17 AM

عاطِف عبدالله قسم السيد
<aعاطِف عبدالله قسم السيد
تاريخ التسجيل: 09-13-2022
مجموع المشاركات: 55

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
سودان ما بعد الحرب: من يصوغ ملامح الدولة القادمة؟ كتبه عاطِف عبدالله قسم السيد

    04:17 AM September, 20 2025

    سودانيز اون لاين
    عاطِف عبدالله قسم السيد-UAE
    مكتبتى
    رابط مختصر





    بقلم: عاطف عبدالله



    بعد أعوامٍ من الدم والدمار، أطلّ بيان المجموعة الرباعية (الإمارات، مصر، السعودية، الولايات المتحدة) كنافذة صغيرة يطلّ منها السودانيون على أفق سلام طال انتظاره. فقد أكّد الوزراء، عقب مشاوراتهم الأخيرة، أنّ إنهاء الحرب ووقف المعاناة الإنسانية أولوية لا تحتمل التأجيل، داعين إلى هدنة إنسانية تفتح الطريق لوقف دائم لإطلاق النار، وإلى عملية انتقالية شاملة تقودها سلطة مدنية تعيد للسودان استقراره وتماسكه.

    هذا البيان أعاد بثّ الأمل في صدور أنهكتها الحروب، وأوحى بأن المجتمع الدولي بدأ يلتقط نبض الشارع السوداني الذي يتوق إلى العدالة والحرية والديمقراطية. ومع أنّ طريق السلام ما زال محفوفاً بعقبات الصراع الداخلي وتشابك المصالح الإقليمية، فإنّ تباشير الفجر الجديد تلوح، مؤكدة أنّ السودان قادر على استعادة عافيته متى اجتمعت الإرادة الوطنية مع دعم دولي جاد.
    في الصفحات التالية نقترب من مشهد «سودان ما بعد الحرب»، التي استمرت زهاء ثلاثة أعوام عجاف، ومع تباشير الأمل والسلام اللذين بشّرت بهما الرباعية، يلوح في الأفق صراع من نوع آخر، لا يقل شراسة عن النزاع المسلح، بل يتجاوزه من حيث أثره بعيد المدى. إنّه صراع على شرعية بناء الدولة، وعلى الإجابة الكبرى التي لم تُحسم منذ الاستقلال: من نحن، وكيف نحكم هذا البلد المنكوب؟

    فبينما لا تزال البلاد تئن تحت وطأة النزوح والدمار والانهيار المؤسسي، بدأت ملامح مبكرة لتنازع سياسي يتشكل على أنقاض الدولة، ويُنذر بإعادة إنتاج أزمات ما قبل الحرب، ولكن هذه المرة تحت شعارات جديدة وتحالفات متغيرة. ويمكن فرز المشهد الراهن عبر ثلاث قوى رئيسية تتنافس على صوغ مستقبل السودان:

    قوى السلاح التي تبحث عن غطاء مدني. - "تأسيس".
    قوى مدنية تحاول التشبث بمرجعية الثورة - "صمود".
    وتحالفات انتهازية تسعى لإحياء القديم من بوابة الفوضى. - "دولة الإنقاذ العميقة".
    تتلقى كل من تلك الأطراف الثلاث المنخرطة في الصراع السوداني دعماً داخلياً وخارجياً من محيطها الإقليمي، عدا تحالف (صمود) الذي ربما يحظى بالدعم من قبل دول مثل أمريكا والاتحاد الأوروبي وبعض الحكومات الافريقية الصاعدة. لكنه يظل الأقل حظاً من حيث التأييد والدعم الإقليمي، نظراً لطبيعة الأنظمة السياسية المحيطة بالسودان، والتي يغلب عليها الطابع الشمولي وتُبدي عداءً صريحاً تجاه التحول المدني الديمقراطي والديمقراطية الليبرالية التعددية. وتبرز مصر بوصفها اللاعب الإقليمي الأكثر تأثيراً في المشهد السياسي السوداني، إذ لم تُخفِ دعمها الصريح للمؤسسة العسكرية، كما عبرت الدكتورة أماني الطويل الخبيرة في الشؤون السودانية ومديرة البرنامج الأفريقي في مركز الاهرام في لقائها مع قناة دكتور عزام في 09/05/2025 بأن السودان غير مؤهل أو غير قادر على الديمقراطية، ما يفسر دعم مصر الصريح لانقلاب الفريق عبد الفتاح البرهان في 25 أكتوبر 2021. ووأد الديمقراطية والحكم المدني.

    أولاً: تحالف "تأسيس" - سلطة السلاح بثياب مدنية

    برز «تحالف السودان التأسيسي» (تأسيس) بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) كأحد المشاريع التي تحاول إعادة هندسة الشرعية السياسية عبر تحالف يضم قوات الدعم السريع، والحركة الشعبية - شمال بقيادة عبد العزيز الحلو، وعدداً من التنظيمات السياسية والمهنية والشخصيات المستقلة، من بينهم أعضاء سابقون في مجلس السيادة.

    وقد مضى التحالف خطوة أبعد حين أعلن رسمياً، في نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور، تشكيل حكومة موازية يسعى من خلالها إلى إدارة المرحلة الانتقالية، معتمداً على ما يملكه من نفوذ عسكري وسياسي في الإقليم.

    وقد قوبل هذا الإعلان بانتقادات واسعة من قوى مدنية رأت فيه تكريساً لمنطق السلاح، في حين اعتبره أنصاره خطوة نحو إدارة أكثر تنظيماً للمناطق التي يسيطرون عليها.

    غير أنّ هذا المشروع، على الرغم من شعاراته حول العدالة والمواطنة والعلمانية، يقوم في جوهره على منطق الغلبة لا على منطق التوافق، وعلى شرعية السيطرة لا على شرعية التفويض الشعبي. إنّ ما يقدّمه «تأسيس» لا يتعدى محاولة لإضفاء طابع مدني شكلي على واقع تمليه فوهة البندقية، مع اجتزاء انتقائي من مشروع «السودان الجديد» الذي طرحته الحركة الشعبية في تسعينيات القرن الماضي. وبينما يرفع شعارات التفكيك الهيكلي للمركز، يتجاهل ما يقتضيه ذلك من تنازلات تاريخية، وإعادة توزيع عادل للسلطة والثروة، وتفكيك بنية الدولة الزبائنية التي مثّلت جوهر الأزمة السودانية لعقود.

    ثانياً: تحالف "صمود" - بين شرعية الأخلاق وعجز الرؤية

    في مقابل خطاب القوة، تشكّل "التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة" "صمود" بقيادة رئيس الوزراء السابق د. عبدالله حمدوك، كامتداد مدني للثورة السودانية، وضِمن محاولة لاستعادة الفضاء الأخلاقي الذي أهدرتْه تسويات ما قبل الحرب. يضم التحالف أكثر من ستين كياناً سياسياً ومهنياً، من أبرزها حزب الأمة القومي، التجمع الاتحادي، حزب المؤتمر السوداني، حزب البعث القومي، حركة "حق"، والحركة الشعبية لتحرير السودان - التيار الثوري الديمقراطي.

    نشأ "صمود" في سياق انهيار تنسيقية "تقدّم"، التي أعلنت حل نفسها، وتَقدّم التحالف برؤية ترفض الحرب كلياً، وتعمل على دعم المتضررين، وتوثيق الانتهاكات، ومناشدة المجتمع الدولي من أجل وقف القتال وفتح المسارات الإنسانية.

    لكن رغم ما يتمتع به "صمود" من رصيد أخلاقي وسياسي نابع من تمسكه بالسلمية ومرجعية الثورة، إلا أن غياب برنامج سياسي متماسك لما بعد الحرب، وضعف قدرته على المبادرة، وانقسامات قاعدته الجماهيرية (لا سيما داخل حزب الأمة القومي)، جعلته عاجزاً عن التحول إلى قوة بديلة حقيقية قادرة على فرض شروطها في مشهد يهيمن عليه منطق القوة لا صدقية الموقف.

    يُضاعف من هذا الضعف غياب الحزب الشيوعي السوداني عن التحالف، رغم موقفه المعلن المناهض للحرب والانقلاب. فغياب هذا الفاعل التاريخي قلّص من البعد الفكري والوزن السياسي لـ«صمود»، وأضعف فرصه في بناء جبهة مدنية موحّدة تستند إلى برنامج حدٍّ أدنى للانتقال. وللأسف، لم يكتفِ الحزب الشيوعي بالوقوف بعيدًا عن «صمود»، بل سنّ مختلف أسلحته لمحاربتها وتكسير مجاديفها، بسياسات وبيانات ومواقف تصب - في نهاية المطاف - في مصلحة الطرف الثالث: تحالف الجيش ودولة الإنقاذ العميقة. ولا عجب أن وجدنا كلاهما يرفضا بيان الرباعية، بيان تحالف قوى التغيير الجذري اعتبر بيان الرباعية تدخل غير مستحق وتعدياً على السيادة السودانية، واستقلال قراره الوطني، وبيان ما يسمى بالحركة اٌسلامية توعّد بالويل والثبور كلَّ من يسعى إلى تطبيقه على أرض الواقع، كليهما يخشيا أن يفتح التدخل الخارجي الباب أمام مسار سلام وانتقال ديمقراطي لا يأتِ على هواهم، أو يحد من نفوذهم.

    ثالثاً: تحالف الجيش والإسلاميين وحركات سلام جوبا - إعادة تدوير الأزمة

    في خلفية المشهد، تنشط قوى ما يمكن تسميته بـ"تحالف الدولة العميقة"، وهو تحالف غير معلن يضم الجيش، والمليشيات الإسلاموية وكيانات الكتلة الديمقراطية، وجهاز الأمن وبعض حركات سلام جوبا، التحالف الذي تُهيمن عليه قوى الإسلاميين وفلول المؤتمر الوطني.
    هذا التحالف يمارس انتهازية سياسية عابرة للخطابات، فيرتدي قناع المدنية والرومانسية حيناً (كما في مبادرات "حكومة الأمل")، ويتسلح بالخطاب السلفي حيناً آخر (عبر مجموعات مثل "البراءون" و"جنود الحق" و"أنصار دولة الشريعة").

    يمتاز هذا التيار بقدرة فائقة على تفخيخ التحالفات المدنية، واختراق المبادرات السياسية، وتوظيف الإعلام الديني والسياسي في تشويه أي جهد وطني حقيقي. وبذلك، يُعاد إنتاج آليات القهر ذاتها التي فجّرت ثورات السودان المتعاقبة، ولكن هذه المرة تحت شعارات جديدة وأدوات مرنة.

    وليس من المستغرب أن يشير بيان "الرباعية" إلى أن مستقبل الحكم في السودان لا يمكن أن يخضع لأيٍّ من الأطراف المتحاربة، ولا أن يُملى من قبل الجماعات المتطرفة العنيفة المرتبطة بشكل مباشر أو غير مباشر بجماعة الإخوان المسلمين، التي كان لنفوذها المزعزع دورٌ أساسي في تأجيج العنف وزعزعة الاستقرار في المنطقة بأسرها.

    ومع ذلك، من الإنصاف التأكيد أن هذا الوصف لا ينطبق على كل التيارات الإسلامية. فثمة قوى إسلامية أعلنت رفضها للحرب والانقلاب، وأبدت استعداداً للانخراط في مسار مدني ديمقراطي، وينبغي الترحيب بمساهمتها في أي مشروع وطني جاد، إن التزمت بقيم الثورة، والحرية، والعدالة والديمقراطية والقبول بتفكيك التمكين واسترداد الأموال المنهوبة، والمحاسبة على كل الجرائم التي ارتكبت طوال حكم الإنقاذ، وعدم الإفلات من العقاب.

    الجيش: السلطة كأداة للإفلات من المحاسبة

    رغم الحديث المتكرر من قبل قيادة الجيش عن الزهد في السلطة، فإن تمسّكها بالحكم يكشف عن إدراكها العميق بأن وجودها في السلطة هو الضامن الوحيد للإفلات من المساءلة وحماية الامتيازات المتراكمة عبر العقود. وبذلك يزداد ابتعاد الجيش يوماً بعد يوم عن كونه مؤسسة وطنية تعمل في إطار دستور مدني متوافق عليه. ومن هذه الزاوية، لا يختلف موقعه جوهرياً عن الحركات والمليشيات المسلحة، التي تتعامل مع مستقبل الدولة باعتباره مجالاً لتقاسم النفوذ، لا لبناء عقد اجتماعي جديد..

    أسئلة المرحلة المقبلة: بين التسوية والعدالة
    يُطلّ بيان الرباعية كبادرة تحمل وعوداً بوقف نزيف الدم وإعادة السودان إلى مسار الاستقرار، غير أنّ الطريق إلى سلام دائم ما زال يطرح أسئلة جوهرية لا يمكن تجاوزها:

    هل يُفضي الإنهاك المتبادل وضغوط المجتمع الدولي إلى تسوية عادلة، أم إلى صفقة مؤقتة تعيد إنتاج الأزمة؟

    وإذا نجحت الهدنة الإنسانية وتم تثبيت وقف إطلاق النار، فهل يكون ذلك بداية لسلام حقيقي، أم مجرّد استراحة تخفي تحتها صراعاً مؤجلاً؟

    وكيف يمكن بناء دولة جديدة ما لم يُحسم السؤال العالق منذ الاستقلال: من نحن، وكيف نُدير تنوّعنا وعدالتنا الاجتماعية؟

    إن تباشير السلام التي أطلقها بيان الرباعية لن تتحول إلى واقع إن لم تُواجَه جذور المأساة السودانية:

    غياب التمثيل العادل لجميع المكونات،

    اختلال مبدأ المواطنة المتساوية،

    وبنية الدولة المركزية التي أدت إلى تركّز السلاح والثروة والسلطة في يد فئة محدودة خارج نطاق المساءلة.

    السودان الجديد لن يُولد من صفقات فوقية أو تسويات تُصاغ في العواصم، ولا من فوهة البندقية، بل من مشروع وطني جامع يستلهم روح البيان الدولي، ويعيد الاعتبار للكرامة الإنسانية، ويُخضع الجميع للمساءلة. إنه مشروع يؤسس لشراكة سياسية عادلة، لا تُقصي أحداً إلا من يرفض الديمقراطية وينكر قيم السلام والتداول السلمي للسلطة.

    خاتمة: من يملك المستقبل؟

    لم يعد الرهان الحقيقي في السودان على من يحسم المعارك في الميدان، بل على من يمتلك الشجاعة الأخلاقية والخيال السياسي ليحوّل تباشير السلام، التي حملها بيان الرباعية، إلى واقع يقطع مع دوائر القهر والدم. إنّ السودان لا يحتاج إلى منتصر جديد، بل إلى مشروع وطني جامع، ينفتح على جميع أبنائه، ويؤسس لدولة لا تهددها البنادق ولا تضعفها المساومات الضيقة.

    ورغم أنّ المشهد الراهن يوحي بأن صوت السلاح ما زال حاضراً، إلا أنّ الأفق الذي أطلّ به البيان الأخير يذكّر بأن الحقيقة والعدالة، مهما طال ليلهما، قادرتان على شق طريقهما نحو الضوء. هذا ليس تفاؤلاً ساذجاً، بل قراءة لتجارب التاريخ: فالصراع بين الصواب والخطأ ينتهي دائماً بانتصار من يثابر على الحق، مهما اشتد عود الباطل.

    سينتصر الشارع الواعي، وستثبت القوى المدنية قدرتها على صون مكتسبات الحرية، وستعلو رايات الديمقراطية والتعددية والتعايش السلمي. أما الأنظمة القمعية والأفكار الظلامية، مهما تدثّرت بالشعارات أو بثياب المقدس، فستتراجع أمام إرادة بناء وطن يسع الجميع. ويظل نجاح هذا المسار رهينًا بقدرة السودانيين على توحيد كلمتهم، وبالتزام المجتمع الدولي، وفي مقدمته أطراف الرباعية، بمساندة حل وطني عادل ومستدام.

    فالمستقبل، في نهاية المطاف، ملكٌ لمن يؤمن بأن السلام العادل والعدالة الشاملة هما الثمن الحقيقي لصون الوطن وكرامة شعبه.

    _______________________________________________
    عاطِف عبدالله قسم السيد Atif Abdalla Gassime El-Siyd























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de