نسخة لإدريس واللعيسر،،،، في ظل الأوضاع المتأزمة التي تعيشها مناطق دارفور، تزداد معاناة المواطنين يومًا بعد يوم، لا بفعل الحرب وحدها، بل أيضًا بسبب تجاوزات قوات مسلحة يُفترض أن تكون في صف المواطن، وتحميه لا أن تروعه. من أبرز هذه القوات ما تُعرف بـمليشيا المشتركة"، بقيادة مني أركو مناوي، ، والتي تورطت مؤخرًا في حادثة جديدة أثارت موجة استنكار واسعة، خاصة بعد تغطية خاصة نشرتها منصة "دارفور24". الحادثة تعود إلى توجيهات صادرة عن رئيس اللجنة الإدارية بالمنطقة، عبد الرحمن عبد الله، الذي طالب أصحاب السيارات، لا سيّما تلك التي تنشط في مجال التعدين، بالكفّ عن غسل سياراتهم قرب نهر النيل، لما تحمله من بقايا مواد كيميائية ومخلفات صناعية خطيرة، تهدد البيئة وتعرض حياة السكان للخطر. ويُعد هذا القرار، في جوهره، خطوة ضرورية لحماية الموارد المائية ومنع تلوث النيل، الذي يُعد شريان حياة رئيسيًا لأهالي المنطقة. لكن ما حدث لاحقًا يُعد انتكاسة لمفاهيم الحكم الرشيد واحترام سلطة القانون. فور صدور هذا التوجيه، قامت قوات مناوى المشتركة، التي تعمل تحت إشراف مباشر من القائد مني أركو مناوي، باقتحام مقر اللجنة الإدارية، مستخدمة القوة والتهديد لإجبار المسؤولين على التراجع عن قرارهم البيئي، بل وقامت بعض عناصرها بتهديد عبد الرحمن عبد الله شخصيًا، مما شكل سابقة خطيرة في انتهاك صلاحيات الإدارات المحلية وفرض القوة فوق القانون. إن هذه التجاوزات لا يمكن فصلها عن نمط متكرر من الممارسات التي تقوم بها هذه القوات، والتي تحولت من أدوات لضبط الأمن، إلى مليشيات ذات أجندات خاصة، تخدم مصالح مجموعات بعينها، وعلى رأسها شركات التعدين التي لا تبالي بالتأثيرات البيئية الكارثية لنشاطها، طالما أن هناك من يحميها بقوة السلاح. ولعل هذا التواطؤ المكشوف بين قوات مناوي وتلك المصالح يفسر العنف المفرط الذي وُجه نحو المسؤولين المحليين الذين حاولوا فقط القيام بواجبهم لحماية البيئة والمواطنين. إن خطورة هذا السلوك لا تقتصر على الجانب القانوني فحسب، بل تمتد إلى ما هو أبعد من ذلك، إذ تؤسس لحالة من الفوضى المؤسسية، وتُضعف ثقة المواطنين في سلطة الامر الواقع لصاحبها ادريس، وتفتح الباب أمام صراعات جديدة في منطقة لم تتعافَ بعد من ويلات الحرب والاحتراب الأهلي. فحين تُخترق السلطات المحلية بهذا الشكل السافر، ويتم إجهاض قراراتها بالقوة المسلحة، يصبح من المشروع أن نتساءل: من يحكم دارفور فعلًا؟ هل هو القانون، أم من يمتلك السلاح؟ مني أركو مناوي، الذي يُفترض أن يكون الضامن لتنفيذ القانون والتنمية المستدامة، يتحمل مسؤولية مباشرة عن هذه التجاوزات. فالقوات التي تتحرك تحت رايته، وتستخدم اسمه كغطاء لانتهاك حرمة القانون، لا يمكن أن تُعفى من المحاسبة. وعلى الرغم من أن مناوي طالما صوّر نفسه كـ"رجل المرحلة" في دارفور، إلا أن تصرفات قواته تضع علامات استفهام كبيرة حول التزامه الفعلي بقيم العدالة والحوكمة الرشيدة. ختامًا، فإن الحادثة التي وقعت نتيجة قرار إداري بسيط لحماية النيل، ليست سوى قمة جبل الجليد في مسلسل من الانتهاكات التي تُمارَس باسم "الأمن"، بينما هي في حقيقتها تهديد مباشر لاستقرار المنطقة وكرامة سكانها. المطلوب الآن ليس فقط إدانة هذه التصرفات، بل فتح تحقيق عاجل وشامل، ومحاسبة كل من تورط في تهديد مؤسسات ادريس، كائنًا من كان، بما في ذلك القادة الكبار. فدارفور لا تحتمل مزيدًا من الإحباط، ولا مزيدًا من الطغيان المقنّع بالشعارات الثورية. اللعيسر لينا تشوف مناوى ما تشوف،، #بيانات_الخوف
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة