*سلسلة مقالات : *السم المقدس* *الجذور التاريخية لتنظيم الاخوان المسلمين – من الحشاشين الى التنظيمات العابرة للحدود* بقلم: الطيب الزين – كاتب وباحث في قضايا القيادة والإصلاح المؤسسي
من لا يقرأ سلسلة مقالات السم المقدس لا يفهم طبيعة المعركة لقد كانت أكبر ساحة تعرضت للتشويه هي الدين الإسلامي ذاته منذ عهد الفتنة الكبرى وحتى يومنا هذا كل تلك التجارب التي ادّعت تمثيل الإسلام كانت في جوهرها انحرافًا عن رسالته الأصلية دين جاء لتحرير الإنسان من العبودية والتبعية والانقياد الأعمى وطاعة الحكام الظالمين لقد حاربوا أهم ركائز الإسلام الحرية والشورى وطمسوا جوهر الدين الذي يقوم على كرامة الإنسان وحقه في التفكير والمشاركة والمساءلة إن الذين يؤولون الدين حسب مصالحهم الضيقة المرتبطة بحكم الفرد هم الخطر الحقيقي على الإسلام لقد حاربوا الفلسفة والعلم والمنطق والرياضيات وحصروا المعرفة في تأويلاتهم الخاصة فحوّلوا الدين إلى أداة قمع لا وعي والنتيجة أمة متخلفة عالة على غيرها عاجزة عن بناء دولة مدنية ديمقراطية فاعلة تنظيم الإخوان المسلمين ليس مجرد تجربة سياسية فاشلة بل بنية أيديولوجية مغلقة تعيد إنتاج الاستبداد باسم الدين منذ تأسيسه عام ١٩٢٨ على يد حسن البنا حمل التنظيم مشروعًا توسعيًا سريًا يتجاوز الدعوة إلى الهيمنة على الدولة والمجتمع ويفرغ الإسلام من جوهره التحرري إنه تنظيم يقوم على الطاعة المطلقة وتقديس القيادة ورفض العقل النقدي ويعيد إنتاج منطق الجماعات السرية التي عرفها التاريخ الإسلامي من الحشاشين إلى الماسونية وهو بذلك يشكل خطرًا ثلاثيًا على الدين لأنه يشوّه الإسلام ويحوله إلى أداة طاعة لا تحرر وعلى الدولة لأنه يخترق مؤسساتها ويقوّض مشروعها المدني وعلى المجتمع لأنه يقسّم الناس إلى طوائف وولاءات ويفرغهم من روح المواطنة وفي السودان لم يبدأ تخريب الكيزان عام ١٩٨٩ بل كان ذلك الانقلاب تتويجًا لنشاط تخريبي ممنهج بدأ قبل عقود فمنذ أن تسلل تنظيم الإخوان إلى السودان في منتصف القرن الماضي عبر الطلاب العائدين من مصر بدأ زرع البنية السرية داخل الجامعات والمساجد ومؤسسات التعليم وفي الستينات والسبعينات عبر واجهات مثل جبهة الميثاق الإسلامي بدأ التنظيم في اختراق المجتمع ومصادرة الحريات وانتهاك حقوق الإنسان وتأسيس شبكات ولاء مغلقة قبل أن يصلوا إلى سدة الحكم أعادوا صياغة المجتمع السوداني حسب رؤيتهم الظلامية الانتهازية استخدموا الدين كأداة استقطاب وحوّلوا المساجد إلى ساحات تعبئة حزبية لا دعوية جندوا أبناء الفقراء خاصة طلاب الثانوي والجامعات مستغلين ظروفهم الاقتصادية ووعدوهم بالتمكين والوظائف بينما كانوا يستخدمونهم كوقود لمشروع سلطوي لا أخلاقي انقلاب ١٩٨٩ لم يكن بداية الخراب بل لحظة الإعلان الرسمي له فقد تحولت البنية السرية إلى سلطة حاكمة وأُوكلت مهمة التمكين لعلي عثمان محمد طه الذي أدار المشروع التخريبي بدم بارد وبعقلية مافيوية هذه العصابة المجرمة مارست كل الموبقات ضد الشعب السوداني من القتل والتعذيب إلى النهب والتجويع إلى تدمير التعليم والإعلام والاقتصاد أغلبهم أتوا من بيئات اجتماعية هشة مصابون بعُقد نفسية يشعرون بالنقص فاختاروا الدين لتغطية هشاشتهم الاجتماعية والاقتصادية والنفسية وسعوا للسلطة كتعويض عن فشلهم الشخصي ليس هناك إنسان سوي ينتمي لتنظيم الإخوان المسلمين لأنه تنظيم بلا رؤية علمية ولا قاعدة أخلاقية كل المرتبطين به كانوا مدفوعين بدوافع غير سليمة إما طمعًا في المال أو رغبة في السيطرة أو هروبًا من عقدهم الداخلية اقرأوا عن أسرة عمر البشير وتاريخه وسمعته وسط زملائه الضباط بلقب عمر الكذاب أتى من أسرة فقيرة مجهول الأب بلا حسب ولا نسب وهكذا كان علي عثمان محمد طه ونافع علي نافع وعوض الجاز وحتى شيخهم الراحل حسن عبدالله الترابي الذي علّمهم السحر مجهول الهوية هؤلاء القوم مجهولو الهوية استغلوا الدين في مجتمع جاهل وخلقوا لأنفسهم زعامة بلا أساس هذا التنظيم المشبوه وجد ضالته في هؤلاء مصادر مال التنظيم أغلبها جاءت من نفط الخليج وبالأخص من دولة قطر ومن خلايا سرية في بقية دول الخليج العربي عبر قنوات مالية مثل بنك فيصل الإسلامي الذي تحوّل إلى ذراع اقتصادية للجبهة الإسلامية تموّل به الشركات التابعة وتغسل به الأموال وتشتري به الولاءات لقد استخدموا المال والدين والإعلام والتعليم لتفكيك السودان وتدمير مؤسساته ونهب ثرواته وقهر شعبه باسم مشروع كاذب اسمه التمكين لفهم هذا الانحراف لا بد من العودة إلى مراحل الحكم الإسلامي منذ عهد عثمان بن عفان حيث بدأت بوادر التوريث والاحتكار ثم جاءت الدولة الأموية التي حوّلت الخلافة إلى ملك عضوض ثم الدولة العباسية التي استخدمت الدين كرمز بينما كانت السلطة بيد الجند والوزراء ثم الدول الإقليمية التي كرّرت النموذج الوراثي ثم الدولة المملوكية التي حكمت عبر طبقة عسكرية مغلقة وأخيرًا الدولة العثمانية التي جمعت بين السلطان والخليفة وحوّلت الدين إلى غطاء للاستبداد المطلق كل هذه المراحل كشفت عن انحراف تدريجي عن مبدأ الشورى وتحول الحكم إلى وراثة وقهر باسم الدين وتشير دراسات مقارنة إلى وجود تناظر بنيوي بين الإخوان وحركة الحشاشين الإسماعيلية من حيث التنظيم الهرمي والسرية وتقديس القيادة كما يُلاحظ تشابه في الرمزية المستخدمة مثل البيعة والمرشد والأخوية وهي مفاهيم تتلاقى مع الطقوس الماسونية وتُستخدم لإعادة إنتاج السلطة باسم القداسة وتُخفي الأهداف الحقيقية خلف شعارات أخلاقية زائفة تنظيم الإخوان هو ثمرة مشروع سري لا دعوي يفرغ الإسلام من قيمه ويهدد الدولة والمجتمع إنه امتداد حديث لتاريخ طويل من اختطاف الدين وتوظيفه في خدمة حكم الفرد والطاعة العمياء والاستبداد المقنّع هذا المقال هو افتتاح سلسلة من اثني عشر مقالاً تفضح طبيعة هذا التنظيم المشبوه وتفكك خطابه وتعرّي بنيته وتعيد الاعتبار للعقل العربي والدين الأخلاقي والوطن الحر في المقال القادم سنكشف العلاقة البنيوية بين الإخوان والماسونية العالمية ونُظهر كيف تحوّل التنظيم إلى أداة تخريب عابرة للحدود تخدم مشاريع الهيمنة تحت غطاء ديني الدولة *المدنية قادمة شاء من شاء وأبى من أبى ولا مكان للكيزان في سودان المستقبل*
سلسلة السم المقدس مستمرة في فضح البنية السرية لتنظيم الإخوان وتفكيك خطابه وتحرير الدين من قبضة التأويل السلطوي.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
الطيب الزين
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست