هذه سيرتي الذاتية والتي جاءت بعنوان: "سيرة في أروقة سنارية" صدرت بالأمس 26 مارس الجاري عن دار كل العرب بباريس في ورق أنيق مع السلوفان والتنضيد وزينتها لوحة أصلية بعنوان "ذاكرة المكان" للأخ والصديق الفنان السوداني-الفرنسي العالمي حاتم غانم المقيم بفرنسا وبتقديم قشيب بقلم الأخ والصديق الدكتور مصطفي أحمد علي الخبير والمستشار التربوي بمنظمة الايسيكو بالرباط؛ وهي مزج بين السيرة الذاتية والسيرة الغيرية، فلم تكن سوى بعض من أطياف من الذكريات العفوية الغالية والعزيزة على نفسي، يتخللها المرح والمزاح وتكسيها التلقائية، المدفونة في حنايا صدري، اختزنتها منذ الصغر، فشاب بعضها القصور. ولعل الهدف من سردها هو الوقوف عند تراث ثقافي شفاهي غير مادي لمجموعة سكانية محددة، بغية تسجيله، واستذكاره، وحفظه مع بعض شخصيات سنارية وأحداث ارتبطت بها في محيط معرفتي وعلاقاتي الشخصية، ولهذا تظل أمثلة وليست حصراً للحياة في سنار
لقد استهللت الرواية باقتباس عنوانها "سيرة في أروقة سنارية" وإطلاقه على الرواية تيمناً برواق السنارية، تلك المنارة العملية السامقة فقد كانت سنار بالنسبة لي جميعها أروقة علم وإشعاع ثقافي ومعرفي وعطاء إنساني باذخ، ومثلت إضافة ورصيداً رائعاً في حياتي.
وكلمة أروقة جمع رواق والرواق في اللغة العربية المعاصرة هو السقيفة للدراسة او العبادة في مسجد أو معبد أو غيرها. “ورواق السنارية” في الأزهر بالقاهرة أحد الأروقة في الأزهر الشريف وهناك أيضاً ستة عشر من الأروقة الأخرى لطلاب العلم والمعرفة الوافدين للأزهر من كل أركان المعمورة وهي: رواق الحرمين، ورواق اليمنية، ورواق الأكراد، ورواق البغدادية، ورواق السليمانية، ورواق الهنود، ورواق الجاوة، ورواق المغاربة، ورواق الدكارنة، ورواق الأتراك، ورواق دكارنة صليح، ورواق البرابرة، ورواق الجبرا، ورواق البرناوي. و«رواق السنارية» بناه ملوك السلطنة الزرقاء السودانية 1505 1822 لسكنى طلاب العلم السودانيين الوافدون من مملكة سنار ونواحيها الذين يفدون للدراسة في الأزهر في ذلك الوقت.
كانت بداية أحداث الرواية بين دروب وأروقة مدينتي الحالمة الوادعة سنار، موقع طفولتي وصباي وأحلى سنين عمري، فهي قصة حياتي، سار بها قطار الزمن طويلاً، تحمل أطيافاً من الرؤى والأحلام، وفي طياتها بعض النجاحات، وكل ذلك بفضل الله سبحانه وتعالى، ولقد كان لزاماً عليّ التوقف في بعض محطات حياتي مسرعاً، ومبطئاً في الأخرى حسب ما تحويه من تجارب، وأحداث، وصور، وأماكن، وبلدان، وشخوص، وسحن، وألسن، وألوان مختلفة وما ارتبط منها بأحلى الذكريات.
فهي قصة حياتي البسيطة، أضعها بين أيديكم، والتي لا تحمل تعقيداً في طياتها، وذلك ما حوته هذه السطور، دون أن تدّعي نجاحاً كاملاً، وهي سيرة روائية شخصية، جاءت من ذاكرة خربة غطاها غبار الزمن فشابها القصور، فبعض ما كتبت كان سماعياً، وهي رواية شخصية أحادية، سماعية؛ وربما جاءت أحداثها أو شخوصها دون عمد أو تعمّد، ناقصة.
فأسمحوا لي بتقديم شكر خاص، الي الحكايين، الذين أشركتهم في الكتابة معي، فمن بينهم شقيقي موسى والي وابني مهيد والي، ومن أبناء جيلي، من أمدني بكلمة، أو معلومة، أو صحح فكرة، وأخص بالشكر منهم، إخوتي، عبد الرحيم سيد، وحمزة سليمان علوان، وعادل سيد، والراحل حسن عمران، وجمال حسن شريف، وجعفر والتجاني دهيس، والراحل محمد موسى سليمان، وخالي نورين حامد النورين وخالتي مها حامد النورين، وأبنائي عبد اللطيف وقاسم وموسى ونيس والي، كما أشكر أخي سليمان أحمد سليمان الذي التقيته في شتات الدنيا والذي ما انفك يحدثني ويحثني على الكتابة وتسجيل سيرتي.
وأدعو بالرحمة والمغفرة، لشقيقتي الراحلة الدكتورة منى والي، التي أخذت على عاتقها مراجعة نص الرواية والتدقيق اللغوي والحدثي، فسهرت الليالي من أجل إخراج الرواية في صورتها التي بين أيديكم، وأتقدم بشكر خاص، للأخ الكريم البروفيسور تاج السر حمزة الريح، أستاذ اللغة العربية والمدير السابق بمعهد تعليم اللغة العربية بالمعهد الدبلوماسي بوزارة الخارجية الأمريكية، الذي عكف على قراءة ومراجعة وتدقيق الرواية.
وأتقدم كذلك، بالشكر والتقدير، لكل من شجعني وحثني ووقف الي جانبي لكتابة سيرتي ولعلي أخص بعض ممن تواصل معي بعد نشر بعض فصول الرواية على صحفتي بالفيس بك بالدعم والتقريظ، في السودان وتشاد ورواندا وفرنسا والمغرب والسعودية، ومن بينهم زميلة الدراسة الأخت الكريم نعيمة حدو بن ساس، وزملائي السفراء، ومنهم السفير الدكتور والأديب خالد فرح، والسفير أحمد حامد الفكي، و السفير أبوبكر حسين، والسفير صلاح الفاضل، وبعض الدبلوماسيين بوزارة الخارجية والأصدقاء، ومن الروائيين، القاص الصادق عبد الله أبو عيّاشة، والأستاذ عبد الله أحمد الشيخ، والأخ العزيز الأديب الصادق عبيدة، وأشكر كذلك، أستاذ أحمد علي جابر، والدكتور ميسرة العوض الحبوب، والأخ العزيز الإعلامي المعروف فيصل حضرة، والأخ الصديق الأستاذ والدكتور الجامعي والإعلامي طلحة جبريل، والأخ الصديق المصمم طارق جبريل، والأخ العزيز المصمم عمار عبد القيون، وأتقدم كذلك بالشكر الجزيل للأستاذ على المرعبي الذي بفضله أنجزت الرواية، والعتبى لمن لم تسعفني الذاكرة بذكرهم، كما أشكر أصدقائي الكثر على امتداد المعمورة، الذين راسلوني وكاتبوني، وشجعوني على المضي في الكتابة برغم مشقتها وعسرها.
وتبقي كلمة أخيرة، عزيزة على نفسي، وهي أن أهدي هذا العمل الروائي المتواضع لأهلي وأصدقاء الصبا وزملاء الدراسة ولأهل سنار قاطبة، وقد دلفت الي مكنون ذكرياتهم دون استئذان، في محاولة للرجوع معهم الي سنوات وعقود طويلة انطوت بغية الاستجمام لنستدفئ بثوبها القشيب من رهق وتعب الدنيا، وفي الختام، لعلي أحيي بعض من تلك الذكريات المكنونة والعزيزة على نفوسهم.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة