في خُطوةٍ أثارَتْ موجةً عارمةً من الانتقاداتِ والاستياءِ الشعبيّ، أعلنَ والي ولاية الجزيرة، الطاهرُ إبراهيمُ الخير، عن بدءِ إجراءاتِ محاكمةِ خمسةِ آلافِ مواطنٍ بدعوى "التعاونِ مع قواتِ الدعمِ السريع". هذه الخطوةُ، التي وُصِفَتْ من قِبَلِ ناشطين ومحامين بأنّها تُثيرُ القلقَ، تُعيدُ إلى الواجهةِ أسئلةً مشروعةً عن العدالةِ الانتقائيةِ، والمساءلةِ الغائبة، ومسؤوليةِ من سهّلوا الكارثةَ قبلَ أن يُحاكِموا ضحاياها. فبدلًا من التوجّهِ نحوَ التحقيقِ مع القادةِ السياسيين والعسكريين الذين أسهموا بشكلٍ مباشرٍ في تسليمِ ولايةِ الجزيرة، بل وسائرِ البلادِ، إلى قواتِ الهدمِ السريع، نجدُ أن الوالي يُفضِّلُ الطريقَ الأسهلَ: توجيهَ أصابعِ الاتهامِ إلى المواطنين، الذين كانوا في كثيرٍ من الأحيانِ ضحيةً لا شريكًا، محتلّين لا متعاونين. أينَ التحقيقُ مع عبد الفتاح البرهان، القائدِ الأعلى للقواتِ المسلحةِ، الذي انسحبتْ قواتُه من الجزيرةِ دونَ مقاومةٍ تُذكَر؟ أينَ المساءلةُ للقياداتِ الأمنيةِ والإداريةِ التي فرّت وتركتْ المواطنينَ يواجهونَ مصيرَهم وحدَهم؟ وأينَ الوالي نفسُه حينما دقَّتْ طبولُ الهدمِ واقتربتْ طلائعُ الجحيمِ إلى أبوابِ ود مدني؟ ثمّ، بأيّ معاييرِ العدالةِ يُحاسَبُ خمسةُ آلافِ مواطنٍ دفعةً واحدة؟ هل خضعوا لتحقيقٍ فرديّ؟ هل ثبُتَ التعاونُ بالأدلّة؟ أم هي مجرّدُ تهمٍ جماعيّةٍ تعكسُ روحَ الانتقامِ أكثرَ ممّا تُجسِّدُ مبدأَ الإنصافِ والقانون؟ إنّ ما حدثَ في الجزيرةِ كانَ نتيجةَ تراكمِ فشلٍ سياسيٍّ وأمنيٍّ، ساهمتْ فيه أعلى المستوياتِ القياديةِ في اللادولةِ، بدءًا من قائدِ الانقلاب وحتّى الولاةِ المتقاعسين. فكيفَ يُعقَلُ أن يُغضَّ الطرفُ عن من سلّموا البلادَ، ثمّ يُلاحَقُ من عجزوا عن الدفاعِ عن أنفسِهم في ظروفٍ قاهرة؟ نرفضُ بشكلٍ قاطعٍ تحويلَ المواطنينَ إلى أكباشِ فداءٍ لتغطيةِ فشلِ العسكر، ونُطالبُ بلجنةِ تحقيقٍ مستقلةٍ تُحدِّدُ المسؤولينَ الحقيقيينَ عن انهيارِ ولايةِ الجزيرة، وعن الجرائمِ التي ارتُكِبَتْ في حقِّ سكانِها، لا أن تُختزلَ القضيةُ في ملاحقةِ المساكينِ الذين لم يُمسكوا بندقيةً، بل حملوا أطفالَهم وفرّوا من نيرانِ الحربِ. إنّ والي الغفلة، بهذا القرارِ، لا يُجسِّدُ اسمَه، بل يكرِّسُ الظلمَ ويعمِّقُ الجراحَ. والعدالةُ، إن كانت حقيقيةً، تبدأُ من الأعلى لا من الأسفل، من المجرمينَ لا من الضحايا، من المخطِّطين لا من البُسطاء.!!! #الذكاء الاصطناعى _سكرتير هل صارت السكرتارية جريمة أو جنحة أو مخالفة؟ #من يكتب لحمدان وبرهان_ خطاباتهم حتما هو الغباء الطبيعى!!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة